تمكنت وزارة الموارد المائية والري بالتعاون مع إحدى الجامعات البحثية، من تصنيع أجهزة ذكية للري باستخدام الموبايل. أحدهما يقيس درجة رطوبة التربة ومدى حاجتها للمياه، والثاني مسؤول عن إرسال هذه البيانات إلى جهاز الهاتف المحمول الخاص بالمزارع، في رسائل نصية، كما يقوم بالري عن بعد.
ومازالت عمليات التجارب مستمرة في عدة محافظات على هذين الجهازين، لكن النتائج الأولية تشير إلى النجاح في توفير كميات كبيرة من المياه، وزيادة الإنتاج، وتوفير جودة عالية للمحصول.
قالت الدكتور إيمان سيد، رئيس قطاع التخطيط بوزارة الموارد المائية والري، أن اعتماد المزارع على خبرته في الري والزراعة له أضرار متعددة، منها الإسراف في المياه، مشيرة إلى اتجاه الوزارة لتغيير هذه العمليات من خلال التعاون مع الجامعات والمراكز البحثية وخبراء وزارة الري، وعلى رأسهم الدكتور رجب رجب رئيس اللجنة الدولية للري والصرف.
وتلغي هذه الأجهزة فكرة الري بالخبرة حسب ما أكدت إيمان سيد، مشيرا إلى أن عمل هذه الأجهزة يتمثل في قياس رطوبة التربة للتعرف على مدى حاجتها للمياه، وإخطار المزارع بذلك عبر جهاز آخر جاري تطويره بالتعاون مع إحدى الجامعات البحثية.
وطور هذين الجهازين قطاع الرصد والاتصالات بوزارة الموارد المائية والري، بالتعاون مع جامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، فالجهاز الأول يعمل على قياس درجة رطوبة التربة، والثاني عبارة عن نظام اتصال يتيح نقل بيانات مقياس الرطوبة إلى جهاز الهاتف المحمول الخاص بالمزارع، حسب ما أوضحت المسئولة المصرية.
أكدت أن الوزارة عملت على توفير هذه الأجهزة بأسعار مناسبة لجميع المزارعين، فالجهاز الأول سعره يبلغ 100 جنيه فقط، بينما تعمل الوزارة مع الجهات المصنعة للجهاز الثاني على ألا يزيد سعره عن ألف جنيه.
مدراس حقلية لتجربة الجهازين
أشارت إلى أن الوزارة وفرت حتى الآن 200 جهاز مسؤول عن قياس الرطوبة، وتم بالفعل تنفيذ مدارس حقلية لتجربته في محافظة المنيا شمال صعيد مصر، بينما كانت تجربة الجهاز الثاني الخاص بإبلاغ المزارع بدرجة الرطوبة في محافظة الوادي الجديد جنوب غرب مصر.
وتضيف أن الوزارة تعمل حاليا على التجريب والتعاون مع كافة الجهات البحثية ليتم تصنيع الجهاز الثاني بشكل أقل في التكلفة، بالإضافة إلى توطين الميكنة الذكية للري والزراعة في مصر، بجانب عمل الدولة على تطوير البنية التحتية والتي على رأسها مشروع تبطين الترع والمصارف لتوفير حوالي 5 مليارات متر مكعب من المياه.
أشارت إلى أن احتياجات مصر من المياه تصل إلى 80 مليار، بينما مجموع المياه العذبة المتاح في مصر يبلغ 60 مليار متر مكعب منها 55.5 مليار مليار متر مكعب و1.3 مليار متر مكعب مياه أمطار، وكيمات أخرى من المياه الجوفية العميقة غير المتجددة، مشيرة إلى أن مصر تعتمد بنسبة 97 بالمئة على نهر النيل.
قالت إن هذا العجز يتم تعويضه من خلال إعادة تدوير ومعالجة المياه وتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه، مؤكدة أن الوضع المستقبلي مع الزيادة السكانية وبناء مجتمعات جديدة ستزيد هذه الفجوة.
وفي سياق متصل، يقول الدكتور أيمن السيد، رئيس قطاع شؤون الرصد والاتصالات والمعلومات بوزارة الموارد المائية والري، والمسؤول عن تصنيع الجهاز، إن الجهاز الأول يدوي متحرك يضعه المزارع في أرضه ويعرف من خلاله إذا كانت الأرض جافة أو رطبة أو مشبعة، موضحا أن الدكتور رجب رجب أحد علماء مصر في الخارج جلب هذا الجهاز من إنجلترا وعرضه على الوزارة، لتبدأ في تصنيع جهاز منه ليكون الأول من نوعه في مصر.
وأوضح أن فريق من باحثي ومهندسي الوزارة يصل إلى 6 أفراد نجحوا في تصنيع الجهاز وهو عبارة “أنبوبة نحاس وبها قطعة زنك في الطرف لقياس رطوبة التربة، وهو ما يُطلق عليه علميا “الخلية الجلفانية”، بطريقة تفي متطلبات المزارع المصري، وتُسهم في وضع الكمية المناسبة من المياه للزرع في الوقت المناسب ما تسبب في زيادة الإنتاجية وتوفير المياه والأسمدة والمبيدات.
وأضاف السيد أن الجهاز الثاني نتيجة تعاون بين الوزارة وجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، وهو تكلمة لمقياس الرطوبة، حيث إنه يتيح نقل بيانات مقياس الرطوبة إلى جهاز الهاتف المحمول الخاص بالفلاح “الزرع يقول للآلة إنه عطشان وبحاجة للمياه دون تدخل عنصر بشري”.
وعلى الجانب الآخر، يقول الدكتور سعيد عبد المنعم مبروك المدير التنفيذي لمركز التميز العلمي وريادة الأعمال بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة والآداب، إن فريق من باحثي الجامعة نجحوا في تطوير جهاز عبارة عن نظام اتصال يتيح نقل بيانات مقياس الرطوبة إلى جهاز الهاتف المحمول الخاص بالمزارع العادي عبر رسائل نصية.
لكنه أشار إلى أن المستثمر الزراعي ومزارع الأراضي الجديدة لها نظام متكامل يقيس رطوبة وحرارة وملوحة وحامضية التربة عبر مستشعرات، ويتم ربطه بتطبيق على الهاتف المحمول، موضحا أن التطبيق لديه القدرة على حساب معامل البخر والنتح الخاص بكل محصول على حده على حسب عمر النبات، ومن هذا المنطلق يحسب التطبيق الذكي جدولة الري ويُرشد المزارع بالري في الوقت المناسب.
ولم تنته قدرات النظام الذكي عند هذا الحد، بل امتدت وفقا لعبد المنعم إلى القدرة على تحديد كمية المياه والوقود والكهرباء المستهلكة، وبالتالي يستطيع الفلاح أو المستثمر الزراعي حساب التكلفة الإجمالية للزراعة.
واختتم عبد المنعم حديثه بأنه في حالة المساحات الكبيرة يتم وضع أكثر من مستشعر وربطهم بنقطة مركزية تقوم بدورها بالاتصال بالتطبيق الذكي، وتُرسل بيانات المزرعة إليه، موضحا أن هناك أفكار إضافية لإمكانية ربط آلية الري بطريقة مميكنة من خلال هذا الجهاز.