أناستاسيا جولوفاتينكو تكتب: بين الموظفين والفريلانسرز.. كيف يتم اختيار الفريق المثالي في الشركات الناشئة؟
أحد الأسئلة المتكررة، والتي تطرح نفسها خلال جلساتنا مع الشركات الناشئة، والتي ننظمها مع حاضنات الأعمال، هو: ما هي الاستراتيجية المثلى لبناء فريق؟!
يسأل رواد الأعمال هذا السؤال، بينما تسيطر على أذهانهم ميزانية الرواتب ومزايا الموظفين، وغالبا ما يتساءل المؤسسون عما إذا كان ينبغي عليهم توظيف موظفين بدوام كامل، أو الاستعانة بمصادر خارجية، أو الاعتماد على موظفين مستقلين (فريلانسرز)، خاصة في المراحل المبكرة من مشروعاتهم.
الجواب في كثير من الأحيان سيكون مزيجا من الأبيض والأسود. فلكل شركة منهم نهج مختلف، واعتبارات خاصة، ولا بد أن يتم اتخاذ القرار بناء على احتياجات العمل الخاصة بهم.
التخطيط الجيد أولا
لا تتسرع في التنفيذ دون تخطيط مناسب وتفكير عميق، حتى لا تصنع لنفسك مأزقا لا داعي له!
يجب على رواد الأعمال أن يحددوا مفهوم عملهم، والأسواق والصناعات المستهدفة، وصناع القرار الرئيسيين في هذه القطاعات، كما يجب تحديد الخدمات التي ستقدمها في البداية، ولا داعي للفكرة السائدة والخاطئة: “دعونا نستهدف الجميع”!
حدد أولا القطاعات والصناعات التي تعتقد أن عملك سيجذب العملاء بها سريعا، وعلى الرغم من الإغراء الذي يتضمنه تقديم عدد كبير من الخدمات، يجب عليك التركيز على الخدمات التي تحظى بطلب مرتفع، أو تعد نادرة وفريدة وجاذبة للاهتمام، وبذلك سيمكنك تحديد نوع المواهب الضرورية لنمو عملك.
الموظفون في مقابل الفريلانسرز
خلافا لأي اعتقاد شائع، يجب أن تهتم أولا بالموظفين الذين يقفون وراء ظهور منتجك ونشاطك التجاري عبر الإنترنت، واستثمر بسخاء في التسويق الرقمي، واستعن بمتخصصين في تحسين محركات البحث (SEO)، وبذلك يرتفع تصنيفك أمام العملاء المحتملين، والعملاء هم أهم طرف في منظومة النجاح.
عندما تصل إلى مرحلة التفكير في تعيين فريق عمل عن بعد أو موظفين مستقلين (فريلانسرز)، ضع في اعتبارك دائما طبيعة الدور المنوط بهم، فقد لا تحتاج وظائف مثل التكنولوجيا والتسويق الرقمي إلى موظفين بدوام كامل، ويمكن الاستعانة بمصادر خارجية لتوفير التكاليف دون المساس بالجودة.
بطبيعة الحال، يجب أن يكون فريق خدمة العملاء لديك من الموظفين الدائمين والعاملين من مقر شركتك، فالتجربة العملية أثبتت فائدة أن تكون خدمة العملاء في المدى القريب لاهتمامك ومتابعتك والتواصل الفعلي معهم، مثلما ننصح دائما بأن يكون مقر المدير التنفيذي للشركة من مقرها، لا من بلد أخرى.
إن أبرز إيجابيات الموظفين المستقلين تتمحور حول الخبرة المتخصصة، فهم عادة يمتلكون مهارات متخصصة وخبرة تم صقلها في العديد من المشاريع الكبرى، كما أن الموظفين المستقلين أقل من حيث التكلفة مقارنة بالموظفين الدائمين، كما يبدون تفهما مرنا للتعاقد من أجل العمل في مشاريع قصيرة أو طويلة الأجل، وكثير منهم يعمل بالقطعة!
ومع ذلك، لا ننكر أن الاعتماد على الموظفين المستقلين لا يخلو من سلبيات، أهمها عدم القدرة على التحكم التام في موعد إنجاز المهام المطلوبة، كما أن إدراة الموظفين المستقلين والتنسيق بينهم يكون أمرا ثقيلا وأكثر صعوبة من الناحية الإدارية، كما أن العائد المادي يحدد الأولويات التي يهتم بإنجازها الموظفون المستقلون من بين عدة مشاريع، وقد يتراجع الاهتمام بمشروعك ما لم تدفع سعرا أعلى.
بالتأكيد يكون الموظفون الدائمون بالشركات أكثر اتساقا مع مهمة الشركة وأهدافها، كما أن عملية الاتصال بين أعضاء الفريق الواحد تكون أكثر مباشرة وسلاسة، كما أن المناقشات وردود الأفعال بينهم أكثر قوة، كما يمكن مراقبة الملكية الفكرية لمنتجاتك وخدماتك وعلامتك التجارية والحد من خطر تسرب المعلومات الخاصة بها.
ومع ذلك، فإن الموظفون الدائمون أكثر تكلفة على الشركات، ومزاياهم ونفقاتهم العامة تحتل حيزا كبيرا من الميزانية، كما أن مهارات وخبرة الفريق تكون مقيدة بأعضائه الحاليين، ما لم يتم ضم متخصصين جدد.
ووفقا لاستطلاع رأي حول الاستعانة بالمصادر الخارجية، أجرته ديلويت العالمية في 2022، أكد 70% من المديرين التنفيذيين الذين شملهم الاستطلاع أن التكلفة كانت السبب الرئيسي للاستعانة بمصادر خارجية.
من هنا، أعيد التأكيد على عدم وجود نهج واحد يناسب الجميع، فبعض الشركات الناشئة قد ترى مصلحتها في البدء بموظفين مستقلين، ثم تدمج تدريجيا المواهب الداخلية بالشركة معهم، وهو نهج يراه أكثر التنفيذيين متوازنا، ويحقق أكبر قدر من الإيجابيات.
تحليل كتبته: أناستاسيا جولوفاتينكو
مديرة شركة شيربا للاتصالات