Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

هل تستعين مصر بالذكاء الاصطناعي لوضع قواعد اشتباك جديدة مع الاقتصاد الرقمي العالمي؟

تحولات عميقة يشهدها الاقتصاد الرقمي العالمي على كافة المستويات، نتيجة الحراك والتدافع بين الدول الكبرى وأيضا الناشئة على جني أرباح التكنولوجيا على مستوى الإيرادات المالية وأيضا النفوذ السياسي وفرض الهيمنة ومحاولات الصدارة على كافة قوائم التصنيف العالمية، حيث بسط الاقتصاد الرقمي في السنوات القليلة الماضيه شكله وقوض المفاهيم التقليدية حول عمل الحكومات والشركات، وأيضا كيفية حصول المستهلكون على الخدمات والمعلومات والسلع.

وتصدر الذكاء الاصطناعي، التوجهات التي ستغير قواعد الاقتصاد الرقمي خلال العام الجاري والسنوات المقبلة وفقا للعديد من التقارير الدولية، وذلك في ضوء قدرته على توفير فرصة قيمة لكل دولة تطمح في نمو اقتصاد رقمي شامل ومستدام، وتشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي  سيحقق قيمة سوقية بمقدار 207 مليارات دولار بحلول 2030، وهذا التوقع مبني على توجه القطاعين العام والخاص إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات وتعزيز الكفاءة، بينما سجل حجم الاقتصاد الرقمي 11.5 تريليون دولار في عام 2023 ، ومن المتوقع وصوله إلى 16.5 تريليون دولارحلول عام 2028.

وفي ضوء هذا التوجه أعلنت الهيئة العامة للاستثمار أنها تتعاون حاليا مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتحديث منصة تقديم خدماتها لتأهيل الهيئة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المنشآت الاقتصادية العاملة تحت مظلة الهيئة، بغرض المساهمة في إنتاج حلول واستراتيجيات قصيرة وطويلة المدى تدعم بيئة الاستثمار في مصر، حيث تعمل نحو 400 ألف منشأة اقتصادية تحت مظلة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، من أصل نحو 6 ملايين منشأة اقتصادية عاملة في مصر.

ويشكل هذا القرار محور استراتيجي يمكن البناء عليه لمزيد من الاستحقاقات في طريق الاقتصاد الرقمي وفقا للخبراء، مشيرين إلى أن الاقتصاد الرقمي مزدهر عالميا في الفترة الحالية نتيجة الطلب المتزايد على نقل البيانات ومعالجتها وتخزينها للتكنولوجيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وشبكات الهاتف المحمول من الجيل الخامس وإنترنت الأشياء.

وأشاروا إلى أن القيادة السياسية داعمة بقوة للتحول نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وظهر ذلك جلياً في خطاب تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اعتبر أن قطاع تكنولوجيا المعلومات واحدة من 4 قطاعات رئيسية تحظى باهتمام الدولة حتى 2030 بجانب الصناعة والزراعة والسياحة، منوهين إلى أن المطلوب حاليا إعادة صياغة استراتيجية واضحة وأليات تنفيذ مبتكرة لها للاشتباك بقوة مع القواعد الحاكمة للاقتصاد الرقمة العالمي.

فكيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي دعم بيئة الاستثمار في مصر؟ وماهي المتطلبات للاستفادة من هذه الخطوة بالشكل المطلوب؟
وماهي الأليات المطلوبة للتحول للاقتصاد الرقمي الكامل؟

قال الدكتور حمدي الليثي، نائب رئيس غرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، أن خطوة تعاون هيئة الاستثمار مع وزارة الاتصالات لتحديث منصة لتقديم خدماتها لتأهيل الهيئة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات المنشآت الاقتصادية، تدعم الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي وهي خطوة إيجابية، ولكن الأهم هو كيفية تغذية الذكاء الاصطناعي بالمعلومات المطلوبة وبجودة عالية، حتى يقدم تحليلات تساعد على إتخاذ قرارات صحيحة، وتدعم المستثمرين بمعلومات صحيحة، ونحتاج إلى تشريعات تسهل الاستثمار في هذه التقنيات.

حمدي الليثي
حمدي الليثي

وأشار إلى أننا لدينا مشوار طويل حتى نصل إلى اقتصاد رقمي كامل بجانب تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، فنحن رفعنا شعار التحول الرقمي منذ فترة ولكننا في حاجة إلى مجهودات أكبر، وكفاءت وخبرات، ولكن تلك الخبرات قليلة حاليا بسبب وجود معظمها خارج مصر، ويجب العمل على استقطابها، ويصبحون في أماكن قيادية ليخوضوا عملية التحول الرقمي بصورة صحيحة.

ولفت الدكتور حمدي الليثي، إلى أن هناك دول حولنا استطاعت أن تمهد الطريق الصحيح للتحول الرقمي واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي ومنها السعودية والإمارات، من خلال تسهيل الإجراءات والاستثمار في تلك التقنيات واستقطاب الكفاءات ومنها كفاءات مصرية، فإذا كنا جادين في هذا التحول فيجب أن نقوم بتلك الخطوات، لأن التحول الرقمي ليس رفاهية، ولكنه شيئا لابد منه، والدولة التي ستبتعد عن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي ستعود للوراء كثيرا.

من جانبه قال المهندس محمد الحارثي، إن فكرة الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات والمعلومات وتعظيمها في اتخاذ القرار خطوة هامة تحقق استفادة كبيرة في ظل وجود كم كبير ومتراكم من البيانات والمعلومات.

وأشار إلى أنه تم ربط كافة قواعد البيانات وأصبح هناك تبادل بيني بين البيانات والمعلومات في كافة الهيئات والمؤسسات الخاصة بالدولة، مضيفاً أن فكرة تحليل هذه البيانات يساعد في توجيه الدولة نحو إتخاذ قرارات سليمة والبحث عن الفرص الإيجابية فيما يتعلق بالنطاقات المختلفة وخاصة في الموضوعات الاستثمارية وتحليل الفجوات والهدر في الموارد الأساسية وتعظيم الاستفادة من الموارد الموجودة في القطاع الاستثماري داخل الدولة المصرية وهو شيء مهم ومتميز ويجب اتباعه في قطاعات مختلفة.

محمد الحارثي
محمد الحارثي

وجدد الحارثي، تأكيده على أن الاعتماد على تحليل البيانات يحقق استفادة كبيرة عند اتخاذ القرارات اعتمادًا على النتائج التي تنتج عن تحليل البيانات، لافتاً إلى أن بعض الدول اعتمدت على تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الخاصة بالقطاعات المختلفة للدولة وتمكنت من اتخاذ قرارات مناسبة في هذا السياق يعظم الاستفادة بشكل كبير.

وفي السياق ذاته، قال محمد عزام، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن الذكاء الاصطناعي متوقع أن يغير العالم أجمع ويضيف قيمة استثمارية ضخمة تصل إلى 15 تريليون دولار في 2030 للاقتصاد العالمي أي 15% من الاقتصاد العالمي.

ولفت إلى أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بات أمر ضروري، بل أصبح من الخطر عدم الاستثمار فيه، مضيفاً أن الاستثمار في تلك التقنية يتطلب امتلاك التكنولوجيات ونماذج تعلم البيانات، فالعالم ينفق نحو 100 مليار استثمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي سنوياً، لذا الدولة مطالبة بتشجيع الشركات الناشئة والاستثمار فيها خاصة تلك التي يمكنها تجذب استثمارات في هذا المجال.

وأضاف أن الدولة يجب أن تعمل على الاستثمار داخلياً في الشركات الناشئة المصرية التي تعمل في هذه النوعية من التطبيقات المتقدمة، حتى يمكن لتلك الشركات جذب استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في هذا القطاع.

وشدد على ضرورة توفير بيئة داعمة لتلك الشركات من حيث تفعيل القوانين الخاصة بحوافز الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى توفير البيئة الخاصة فيما يتعلق بالتشريعات وخاصة حوكمة البيانات، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى معدل كبير من البيانات حتى يتعلم ويخرج لنا بناءً على التعلم القرارات الخاصة به، لذا نحتاج في هذا السياق إلى تشريع تجاه حوكمة البيانات وهو ما تعمل عليه الدولة المصرية.

الدكتور محمد عزام
الدكتور محمد عزام

كما أشار إلى ضرورة توفير البنية الأساسية للمواهب والتعلم المستمر من خلال مبادرات أمثال “اشبال مصر الرقمية، وبناة مصر الرقمية”، ويوجد برامج متخصصة للتدريب المستمر في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

كما وجه بالعمل على ربط هذه الشركات بالمشروعات داخل مصر، فأي شركة لديها تطبيق جيد في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن الاستفادة منه وتطبيقه في أحد القطاعات، علي سبيل المثال القطاع الصحي أو اللوجيستيات أو القطاع الصناعي.

وتابع أنه من خلال الذكاء الاصطناعي يتم رفع القدرة التنافسية للقطاع وهو ما يساعد تلك القطاعات على أن تكون أكثر جاذبية للاستثمارات لأنها تصبح قطاعات متواكبة مع العصر تتمتع بقدرات تنافسية وإنتاجية عالية، بالتالي نحتاج للعمل على أكثر من محور.

وفيما يتعلق بالتحول للاقتصاد الرقمي الكامل، قال دكتور محمد عزام: أصبحنا نرى الكثير من التطبيقات في الشمول المالي، ونسب الشمول المالي ارتفعت بشكل كبير وصلت إلى 70% بعدما كانت 30% خلال الأربع سنوات الماضية، كما وصلت المدفوعات اللانقدية إلى 40% وهي نسب قريبة من النسب العالمية.

ونوه إلى أن الاقتصاد القائم على المعرفة يضم الاقتصاد القائم على قطاع تكنولوجيا المعلومات وهو قطاع ينمو بصورة كبيرة وقدرته التقنية عالية في حالة الاهتمام به يمكن معه زيادة الصادرات التي تشكل الآن 6.5 مليار دولار هذا الرقم قد يصل إلى 50 مليار دولار في حال اختيار قطاعات واعدة يتم تنمية القدرات بها ويكون لدينا شركات قادرة على التصدير وجذب الاستثمارات. ، بالإضافة إلى تشجيع استهلاك المواقع للتكنولوجيا.

وأكمل حديثه قائلاً إن كل هذه العوامل تحتاج إلى تشجيع وتدريب كوادر وشكل من أشكال التحفيز من خلال المعاملات الضريبية والمساعدة الفنية وتمكين القطاعات من امتلاك التكنولوجيا بطريقة سهلة وأسعار تنافسية، وتوفير سبل تمويل لهم لامتلاك التكنولوجيا وتوطينها في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وأكد أنها منظومة متكاملة جزء منها تشريع وآخر تحفيز وقدرات وتدريب مستمر وجزء آخر للمعاملات الضريبية.

وعن إمكانية الاستفادة من التجارب العالمية، أشار إلى التجربة الصينية في اقتناء الذكاء الاصطناعي ووصفها بالتجربة المميزة والملهمة لكنها في المقابل أنفقت في مجال الذكاء الاصطناعي في غضون 10 سنوات 2 تريليون دولار.

وأردف أن البداية دائماً تكون بالبحث العلمي وهنا لفت إلى دور القطاع الخاص قائلاً إن النسب العالمية لمشاركة القطاع الخاص في البحث العلمي تصل إلى 75%، و25% فقط مشاركة حكومية، مضيفاً أن عدم مشاركة القطاع الخاص في البحث العلمي يفقد معها قدرته التنافسية.

واستكمل: لابد من وجود استراتيجية للدولة وتركيز في قطاعات معينة منها قطاع الذكاء الاصطناعي يصاحب ذلك دور القطاع الخاص لتحقيق تكامل الرؤى والجهود.

ولفت إلى أن القيادة السياسية داعمة بقوة للتحول نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وظهر ذلك جلياً في خطاب تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اعتبر أن قطاع تكنولوجيا المعلومات واحدة من 4 قطاعات رئيسية تحظى باهتمام الدولة حتى 2030 بجانب الصناعة والزراعة والسياحة..

واختتم حديثه قائلاً: نحتاج الىه استراتيجية واضحة وتمويل كافي وتنفيذ مبتكر للاستراتيجية وتشجيع القطاع الخاص لأن يكون جزء من بناء الاستراتيجية، وتكامل الجهود، وتغيير نماذج الأعمال باستمرار، فالموضوع ليس مسئولية جهة واحدة في الدولة وانما جزء منها مسئولية وزارة الصحة لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في المنظومة الطبية وهكذا، علاوة على نقل الخبرات من الدول العالمية امثال الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية والدول التي تمتلك تقنيات عالية في هذا الاتجاه.

أشرف دوريش
أشرف دوريش

واتفق معهم في الرأي الدكتور أشرف دوريش، أستاذ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث قال إن الذكاء الاصطناعي موجود منذ الخمسينات لكن انتشر بصورة كبيرة خلال تلك الآونة نتيجة توافر البيانات في قطاعات كبيرة بالدولة، ودور الذكاء الاصطناعي بالأساس تحليل هذه البيانات، فطالما تواجدت بيانات تواجد دور الذكاء الاصطناعي.

وأضاف أن تعاون هيئة الاستثمار مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يخدم الاقتصاد المصري، موضحاً أن من ضمن الأدوار التي يلعبها الذكاء الاصطناعي على مستوى التنمية المستدامة هو المساعدة في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة فيما يتعلق  بالاقتصاد والمساواة والحد من الفقر وهو دور مهم في تحليل البيانات ودعم الاقتصاد المصري.

واعطى مثالاً على دور الذكاء الاصطناعي في القطاع الزراعي قائلاً: يلعب دور في التعرف على الأمراض والآفات التي تصيب النباتات على سبيل المثال، وتحليل سمات التربة، ويتكامل دور الذكاء الاصطناعي مع إنترنت الأشياء في عملية الري الذاتي وتوفير المياه وجميعها عناصر تدعم الاقتصاد المصري.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يلعب دور كذلك في مجال الرعاية الصحية وتحليل البيانات الطبية وعملية التنبؤ واكتشاف الأمراض،ةكان له دور كبير في أزمة كوفيد 19 والتعرف على الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس إلى غير ذلك من استخدام للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.

الاقتصاد الرقمي
الاقتصاد الرقمي

ونوه إلى أن التوسع في تقنيات الذكاء الاصطناعي يتطلب تشريعات ملزمة للقطاع الخاص والعام بالاعتماد على تلك التقنيات خاصة أنه ما زال الموضوع يخضع للرؤية الشخصية للمؤسسة أو القطاع لذا يجب إلزام القطاعات بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

ولفت إلى أن الدولة لديها خطة استراتيجية للذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في قطاعات مختلفة، وكل دول العالم بات لديها هذه الاستراتيجية، يجب الالتزام بهذه الخطط، والالتزام بتنفيذ مقترحات هذه الخطط للاستفادة من هذه التقنيات التي لها دور هائل في دعم اقتصادات الشعوب.

وأوضح أن الاقتصاد الرقمي هو الاقتصاد الذي يعتمد على التكنولوجيا، لذا مصر تحتاج إلى توطين التكنولوجيا البازغة واهمها الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والتوأمة الرقمية، لابد من الاعتماد على هذه التقنيات لدعم الاقتصاد الرقمي أو ما يسمى الاقتصاد الأخضر الذي يعتمد على التقنيات الحديثة.

ونوه إلى أن مصر بدأت بالاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، يعقبه المجال الزراعي والصناعي، لكن الأمر يحتاج إلى مزيد من الدعم للاعتماد على الذكاء الاصطناعي خلال الفترة المقبلة.

وأشار إلى أنه في حال تطبيق تقنيات حديثة ينعكس ذلك بالايجاب على بيئة الاستثمار في مصر باعتبارها طرق غير تقليدية