على مدار 34 عاما استطاعت شركة هواوي الصينية أن تصنع لنفسها امبراطورية كبيرة يشهد لها العالم، خاصة وأنها الشركة الوحيدة تقريبًا التي تخدم ثلث سكان العالم بشبكاتها ومنتجاتها المختلفة، وفي منتصف قصة النجاح الكبيرة التي تحققها الشركة أتت الرياح بما لم تشتهي السفن في 15 مايو 2019 يوم أن قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حظر شركة هواوي الصينية ومنع التعامل معها من جانب الشركات الأمريكية وفي مقدمتهم شركة جوجل، ليظن البعض وقتها أن هذه هي النهاية لشركة هواوي، لكن قيادات الشركة الصينية قرروا أن يكون هذا التضييق بداية لكتابة تاريخ جديد وقصة نجاح جديدة، ليعلنوا بشكل عملي التخلي عن منتجات الشركات الأمريكية مهما بلغت أهميتها وأن يقوموا بإنتاج كل ما يحتاجون إليه.
شركة هواوي في البداية تعاملت مع الأزمة على أنها محرومة من نظام التشغيل الأشهر “أندرويد” المملوك لشركة جوجل، فقامت هواوي بالإعلان عن نظام تشغيلها الجديد “هارموني”، إلا أن السنوات أثبتت أن الأمر لم يكن يتعلق فقط بنظام تشغيل جديد، بل حول صناعة وإطلاق Ecosystem متنوع ومتكامل من hardware وsoftware.
لكن يظل الأمر غامضا.. كيف ستلعب هواوي هذا الدور؟ كيف ستقوم بتوصيل هذا التحول الجديد إلى العملاء؟ ويبقى السؤال الرئيسي هل ستعود هواوي إلى مكانتها الطبيعية التي تستحقها؟
حول كل ما سبق وتفاصيل أخرى تدور بأذهاننا أجرت FollowICT مقابلة خاصة مع “بيك ين” مدير هواوي مصر لأعمال المستهلك Huawei CBG، و”أحمد عبد العال” نائب رئيس الشركة للمبيعات، بحضور “مروة صلاح” مدير إدارة العلاقات العامة بالشركة.
في بداية الزيارة التي استمرت ما يقرب من 3 ساعات، اصطحبنا في البداية أحمد عبد العال رئيس قطاع مبيعات هواوي لأعمال المستهلك للتجول داخل مقر الشركة للتعرف على المنتجات الجديدة التي تشرح المفهوم الجديد الذي تطبقه هواوي الآن حول العالم وجار تطبيقه في مصر أيضا، ما بين شاشات ولابتوبات وأجهزة كمبيوتر مكتبية وهواتف ذكية وسماعات وأجهزة قابلة للارتداء وغيرها، ليزداد حماسنا لمعرفة ما تنوي عليه هواوي في المرحلة المقبلة، ودفعنا لتوجيه عدد من الأسئلة على قيادات شركة هواوي مصر لأعمال المستهلك.. إليكم نص الجلسة الحوارية:
في البداية.. وبالعودة للوراء وتحديدا عقب صدور قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بحظر التعامل مع شركة هواوي، كيف سارت الأمور منذ هذا القرار وحتى الآن؟
هنا يجيب “بيك ين” ويقول: القرار كان صادما للجميع، حيث أن شركة هواوي لديها عدة قطاعات (أقسام) داخلية، منها قطاع أعمال المستهلك وقطاع الشبكات وقطاع الإنتربرايز وقطاع الحوسبة السحابية، وكان قطاع أعمال المستهلك هو الأكثر تأثرًا بسبب حظر خدمات جوجل في الوقت الذي كانت جميع هواتفنا تعمل بنظام أندرويد، ولكن في المجمل لم تتأثر عائدات الشركة رغم الحظر الأمريكي، بل نجحنا في تحقيق نمو في (عوائد الشركة على المستوى العالمي) الأرباح بنسبة 3.2% خلال عام 2020 مقارنة بعام 2019، فشركة هواوي ليست شركة موبايلات فقط، وهذه هي الفكرة الرئيسية التي نسعى للتركيز عليها، فنحن شركة خدمات ومنتجات متكاملة، وكان هذا هو الاتجاه الرئيسي لدى الإدارة منذ قرار الحظر الأمريكي، يجب أن نكون شركة لديها حلول متكاملة وتقليل تقلل نسبة الاعتماد على الأخرين.
لذلك استراتيجية هواوي الجديدة ترتكز على تقديم مجموعة متنوعة من المنتجات الذكية التي تمكن المستخدم من التحكم بها من خلال الهاتف الذكي، حيث تقدم هواوي نظام ecosystem متكامل.
هل هذا هو السبب الذي دفع الشركة لإطلاق نظام HarmonyOS من أجل الاستغناء عن نظام تشغل جوجل وكذلك خدمات جوجل نهائيا؟
“بيك ين” يواصل إجابته قائلا: نظام التشغيل HarmonyOS يعتبر جزء من الخطة المتكاملة التي وضعتها إدارة هواوي، نحن أصبحنا شركة متكاملة لديها كل ما يحتاجه المستخدم، والطبيعي أن يكون لدينا نظام تشغيل خاص بنا، قمنا بتطويره وبات الآن متاحا على جميع أجهزتنا، وهو من أنظمة التشغيل المميزة للغاية من حيث تجربة المستخدم، فهو يتسم بالسرعة والتأمين والسهولة في الاستخدام، وبالتأكيد كان يجب العمل مع مطوري التطبيقات من أجل إتاحة أكبر عدد ممكن من التطبيقات المتوافقة مع نظام هارموني وهو ما قمنا به بالفعل، ونعتقد أن غالبية التطبيقات التي يريدها المستخدم باتت متاحة عبر متجر هواوي AppGallery.
ما سبق ذكره يتطلب انفاق كبير في عمليات البحث والتطوير.. فأين تقف هواوي في هذا القطاع؟
يستكمل بيك ين حديثه: هواوي شركة عملاقة لديها ما يزيد عن 194 ألف موظف حول العالم، منهم 96 ألف موظف –النصف تقريبا- يعملون بمراكز البحث والتطوير، حيث نمتلك 14 مركزا للأبحاث والتطوير لخدمة أعمالنا المنتشرة داخل أكثر من 170 دولة، وأكثر من 15% من إيراداتنا يتم إعادة استثمارها في أعمال البحث والتطوير، نريد أن تكون تقنيات هواوي هي الأكثر حداثة مقارنة بالمنافسين، ولو كانت الأمور سارت كما كانت قبل الحظر الأمريكي لاستمرت شركة هواوي في صدارة شركات الأجهزة المحمولة، والدليل أننا ما زلنا في الصدارة داخل الصين، لكن خارجها الأمر مختلف بسبب الحظر الأمريكي.
ماذا تغير في هيكل الشركة لتصبح هواوي لأعمال المستهلك CBG، وماذا يعني ذلك؟
هنا يجيب “أحمد عبد العال” باستعراض التحول الذي طرأ على سياسة وأهداف الشركة، موضحًا أن أعمال المستهلك حاليا تضم 6 قطاعات رئيسية:
القطاع الأول هو الهواتف الذكية، وفي هذا الإطار يجب أن نشير إلى حجم الصعوبات التي واجهناها على مدار الأشهر الماضية بسبب الحظر الأمريكي، بل وصل الأمر إلى تعليمات الحكومة الأمريكية بحظر توريد الرقائق الإلكترونية لأجهزتنا مما كان له أثر كبير على حجم التصنيع، لكن خلال الفترة المقبلة سنعود بقوة في هذا المجال وسوف نطرح سلسلة جديدة من موديلات الهواتف الذكية لنغزو العالم مجددا بهواتف إبداعية راقية كما اعتاد المستهلكين، و ستكون البداية بهاتف من سلسلة Nova الذي سنقوم بالكشف عنه قريبا ويعمل بنظام هارموني، بجانب أجهزة الفولد الشهيرة التي كان لنا الريادة في طرحها بالأسواق قبل أن يقوم الآخرون بتقليد الفكرة.
القطاع الثاني هو الأجهزة الذكية الأخرى غير الهواتفNon-Smartphone Products، وهنا لدينا 8 منتجات ذكية رئيسية وهي (الكمبيوتر، التابلت، الشاشات، الأجهزة القابلة للارتداء، شاشات العرض، الراوتر، السماعات، اجهزة المنزل الذكية)، وهذه المنتجات لدينا بها حصة سوقية عملاقة بعدة بلدان، حيث تتميز منتجاتنا بمنح قيمة عالية مقابل سعر مناسب بشهادة الجميع، ولدينا حوالي 6 منتجات من الثمانية متاحة داخل مصر حاليا.
القطاع الثالث هو خدمات هواوي ونظام التشغيل HarmonyOS، وهو من القطاعات الهامة التي نركز عليها بشكل كبير بالتعاون مع عدة شركاء، ونأمل بنهاية العام أن تكون كافة التطبيقات التي يبحث عنها المستهلك المصري متاحة عبر متجر تطبيقات هواوي، ولدينا قصص نجاح كبيرة في هذا المجال.
القطاع الرابع هو حلول السيارات، ونقصد هنا نظام القيادة الآلية للسيارات، ونجحنا في قطع شوط كبير بهذا المجال عالميا وتخطينا شركات أخرى عملاقة في هذا المجال، وقريبا سنقوم بتقديم تلك الحلول داخل السوق المصري بالتعاون مع إحدى شركات تصنيع السيارات، ونتوقع أن يحدث ذلك في النصف الثاني لعام 2022.
القطاع الخامس هو حلول المنازل الذكية، وهو من القطاعات الهامة التي نجحنا في تقديم حلول متنوعة لها، ولدينا خبرات جيدة في هذا المجال، وبالفعل نركز على السوق المصري خاصة المشروعات العمرانية الجديدة التي تعتمد على الحلول التقنية بشكل رئيسي.
القطاع السادس هو حلول القطاع التجاري وكبار العملاء، نقصد به تقديم الحلول والمنتجات التي تتوافق مع اهتمامات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
نحن أمام خطة متكاملة وخدمات وحلول مختلفة تراهن عليها هواوي لأول مرة بقطاع أعمال المستهلك داخل مصر، لكن هذه الخطة تحتاج لجهود ضخمة وآليات تنفيذ عملاقة، فماذا تخبئ هواوي في جعبتها؟
هنا تحمس جميع الممثلين للشركة بالإجابة كل في قطاعه، فبدأ “بيك ين” الحديث قائلاً: الخطة تم وضعها بالفعل منذ عدة أشهر وبدأنا تنفيذها، واستلزم هذا الأمر ضخ استثمارات قوية داخل السوق المصري، أبرزها زيادة عدد الموظفين بنسبة 40% على مدار الأشهر الماضية، ليصبح لدينا ما يقرب من 1000 موظف، 95% منهم مصريين، نظرًا لأن سياسة شركة هواوي تعزز فكرة الاعتماد على الموظف المحلي، أما الـ 5% الصينيين فهذا لبعض التخصصات والخبرات المحددة ومن أجل دعم الموظفين المصريين، بجانب اهتمامنا بتعيين خريجي الجامعات المصرية.
بعدها التقط أحمد عبد العال طرف الحديث حول خطط هواوي لتنمية أعمال المستهلك من حيث التواصل مع العملاء، وقال: لدينا علاقات قوية بمجموعة من كبار العملاء، قمنا بعقد عدة اجتماعات معهم ولدينا أوامر توريدات ضخمة نقوم بتنفيذها وفقا لجدول زمني محدد، وقمنا باستغلال مراكز خدمة العملاء البالغ عددها 18 مركزا و 70 نقطة تجميع على مستوى الجمهورية بحيث تقوم تلك المراكز بخدمة عملاء الكمبيوتر والأجهزة القابلة للارتداء مثلما كانت تخدم عملاء قطاع الهواتف الذكية، ونركز حاليا على مبيعات اللابتوبات وشاشات العرض، حيث نقدم أحدث تكنولوجيا بأفضل سعر تنافسي مدعوما بخدمات ما بعد البيع التي تتميز هواوي بتقديمها، حيث نمتلك مركز خدمه عملاء يضم 96 موظفا يقوم بخدمة عملاء هواوي بمنطقة الشرق الأوسط بالكامل من قلب القاهرة، كذلك نركز في خطتنا على العروض الترويجية التي ينتظرها المستهلكون دائما.
ومتى يشعر بنتائج تلك الجهود، أو كما يقال بلغة السوق “متى تعود هواوي لمضمار المنافسة مرة أخرى”؟
“بيك ين” أكد بنبرة واضحة أن هواوي عادت بالفعل للمنافسة، لافتا إلى أن بداية عام 2022 ستشهد جني ثمار تلك الجهود الكبيرة، حيث يتم التركيز خلال الربعين الثالث والرابع لعام 2021 على بعض المنتجات، في حين ستتوافر مختلف المنتجات بنهاية العام الجاري، لتبدأ هواوي في غزو السوق المصري مرة أخرى بدءا من يناير 2022، ونعد الجميع أن تكون نتائجنا إيجابية للغاية خلال الفترة المقبلة، النمو سيكون هو السمة الأبرز في نتائج أعمالنا داخل مصر بدءا من الربع الرابع لعام 2021.
رغم تأثر مبيعات هواتف هواوي حول العالم وتحديدا في مصر، لكن ما زالت الأجهزة الذكية الأخرى تحقق أرقاما جيدة، فماذا عن تلك الأرقام؟
يقول أحمد عبد العال: وفقا لدراسات السوق العالمية الصادرة عن جهات موثوقة فإن هواتف هواوي تحتل المرتبة 3 عالميا في 2020، في حين نحتل الصدارة في السوق الصيني، أما على مستوى السوق المصري فالأمر مختلف بعض الشيء ولكن نعد الجميع بالعودة بقوة، أما عن الأجهزة القابلة للارتداء فهواوي حاليا في صدارة السوق المصري وبفارق كبير عن أقرب المنافسين.
ما هي خطة نشر أجهزة هواوي داخل السوق المصري خلال الفترة المقبلة؟
يرد أحمد عبد العال على هذا التساؤل: من المعلوم أن السوق المصري من الأسواق الواعدة في المنطقة نظرًا للمشروعات الكبيرة والنمو الاقتصادي غير المسبوق الذي تحققه الحكومة المصرية مما يجعلنا متحمسين بشدة للفرص الاستثمارية الواعدة في القطاعات المختلفة وكذلك المدن المختلفة خارج العاصمة، ولدينا خطة متكاملة من أجل طرح الأجهزة الجديدة داخل متاجر الشركة المنتشرة بمختلف أنحاء الجمهورية، كذلك هناك تعاون كبير مع مشغلي المحمول بالفعل من أجل إتاحة أجهزة هواوي داخل متاجرهم وفروعهم، كما سيتم الإعلان قريبا عن تعاون مشترك يتعلق بهذا الأمر، فهذا التعاون يكون مفيد للطرفين بالتأكيد، فضلاَ عن وجود تعاون ضخم مع منصات التجارة الإلكترونية الرائدة في مصر، وأيضا الموزعين الكبار داخل السوق.
بالانتقال إلى الحديث عن خطة هواوي المتعلقة بقطاع الأعمال وتحديدا الشركات الصغيرة والمتوسطة، ماذا لديكم لتقدموه؟
يشير أحمد عبد العال إلى أن هواوي لديها منتجات مبتكرة ومتنوعة تتوافق مع متطلبات قطاع الأعمال بمختلف أحجامه وتساعد في زيادة الإنتاجية بشكل كبير، ونسعى للتركيز على قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث نقوم بتقديم منتجات تتوافق مع قطاع الأعمال ممزوجة بطابع هواوي المعتاد في أجهزتها من (خفة الوزن، براعة التصميم، التواصل الآمن بين أجهزة هواوي من خلال تقنيه Super Device، بجانب الشاشات ذات الحواف الرقيقة جدا، بالإضافة للأداء المبهر مع بطاريات تعتبر الأطول والأسرع في الشحن، يأتي ذلك مع كاميرات هواوي المدمجة Recessed Camera والتي تعطي حماية أفضل لتجنب اختراق الخصوصية.
ونقدم في الوقت الحالي موديلات جديدة من اللابتوبات التي تناسب الأعمال المكتبية، مدعومة بمميزات عالية الكفاءة، على سبيل المثال فلدينا سلسلة حواسب Huawei MateBook التي تأتي بمزايا العرض على عدة شاشات Huawei Share للتعاون السلس بين الهواتف الذكية وأجهزة الحواسيب، فبمجرد توصيل الهاتف الذكي بالحاسب الشخصي يتم دمج شاشة الهاتف الذكي في الحاسب الشخصي مع نافذة صورة داخل صورة.
بجانب وجود طابعات سيتم إتاحتها قريبا، بجانب الأجهزة اللوحية الموجهة للقطاع التجاري منها أجهزة التابلت التي سيتم دعمها بمزايا تأمين عالية يحتاج إليها مجتمع الأعمال في مصر.
وما هي قطاعات الأعمال التي تعتزمون التركيز عليها؟
يجيب أحمد عبد العال، قائلا: سنركز على عدد من القطاعات في مقدمتها البترول وقطاع الخدمات المالية وقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، وسوف تكون شركات الحلول المتكاملة هي سبيلنا الرئيسي للوصول لتلك القطاعات عبر المناقصات الكبيرة.
في النهاية نريد أن نعرف الطريقة التي تنظر بها الشركة الأم تجاه السوق المصري؟
بيك ين يرد على هذا السؤال بحماس شديد، مؤكدًا أن السوق المصري هام للغاية مما يدفع الشركة الأم ل تعيين مزيد من الموظفين فيه، وذلك لأنه سوق يتمتع بعدد كبير من المستهلكين، بجانب كونهم عملاء على درجة عالية من الوعي، يبحث المصريون دائما عن تلبية احتياجاتهم بشكل عملي من خلال منتج ذو قيمة عالية مقابل سعر مناسب لإمكانياتهم وهو ما تقدمه هواوي بالفعل، لذا لدينا رهان كبير بالعودة بقوة للمنافسة مجددا داخل السوق المصري، معتمدين في ذلك على ولاء المستخدمين، خاصة وأننا نمتلك قاعدة عريضة من العملاء داخل مصر، نعلم جيدا أنهم ينتظرون منا المزيد لكي نقدمه لهم وهو ما نعد أن نقوم به بالفعل قريبا.