Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

هل اقتربت مصر من وجهتها للتحول لمركز إقليمي لصناعة مراكز البيانات؟

تشهد الدولة المصرية تحركات استراتيجية على كافة المستويات لتحقيق مستهدفاتها الخاصة بتوطين صناعة مراكز البيانات، والوصول لوجهتها للتحول لمركزا إقليميا لنقل البيانات في ظل موقعها الاستراتيجي للهيمنة على هذا المجال الحيوي، حيث تتضمن استراتيجية الدولة زيادة أعداد هذه المراكز عبر جذب المزيد من الاستثمارات واستقطاب المزيد من مراكز البيانات العالمية، لتعظيم الاستفادة من مرور 17 كابلاً بحرياً عبر مصر ينقل 90% من البيانات بين الشرق والغرب ودخول الدولة في تحالفات دولية كبيرة لإنشاء 5 كابلات جديدة.

هذا التحول قاد الرؤية الاستراتيجية لهذه الصناعة، لإعلان إنشاء العديد من مراكز البيانات النوعية على مستوى الدولة والقطاع الخاص خلال الفترة الماضية، وأخرها اعلان شركة وورلد هيلث مانجمنت الإسبانية إقامة مركز بيانات للخدمات الطبية يخدم المنطقة العربية من مصر باستثمارات تقدر بنحو 1.8 مليار دولار، والتي تأتي بعد خطوات استراتيجية كان أبرزها افتتاح الرئيس السيسي العام الماضي مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية بطريق العين السخنة، ومركز البيانات الرئيسي للدولة ومركز البيانات التبادلي بالتعاون مع ما يزيد على 30 شركة عالمية متخصصة، وتوقيع الحكومة مراسم توقيع عقد الأرض الخاصة بإنشاء مركز كيميت للبيانات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بتكلفة مليار دولار لتقديم خدمات الحلول السحابية وإنترنت الأشياء والتحول الرقمي.

كما تعد المبادرات الرئيسية للنسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي في مصر، التي صدرت الشهر الماضي تعبيرا عن عزم الحكومة نحو تحويل البلاد إلى وجهة إقليمية لمراكز البيانات المتطورة في إطار السعي لتطوير البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في مصر وتقديم خدمات الاستضافة والحوسبة السحابية خاصة مع تسارع وتيرة التحول الرقمى في مصر.

ويشهد عدد مراكز البيانات في مصر نموا هو الأكبر في أفريقيا، والتي يتوقع أن يبلغ معدل نموها السنوي المركب أكثر من 12% حتى 2025 مقابل 6.4% في المتوسط عالميا، وأن تصل قيمته السوقية إلى 745.6 مليون دولار  بحلول عام 2033، مقارنة بـ 297.8 مليون دولار في عام 2023، حيث تعد مراكز البيانات الركيزة الأساسية للاقتصاد الرقمي الذي يساهم بما يقارب 15% من إجمالي الناتج المحلي العالمي وفقًا لبيانات البنك الدولي، ويتوقع أن يساهم هذا القطاع بنحو 30% من إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2030، وخلق 30 مليون فرصة.

الخبراء أشاورا إلى أن النظرة الإيجابية لهذه الصناعة في محلها تماما في ظل موقعها الاستراتيجي والذي يمر خلاله العديد من الكابلات البحرية التي تربط بين الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا بالإضافة إلى مبادرات التحول الرقمي الأخيرة المدعومة بالموارد البشرية التي تتمتع بالكفاءة اللازمة وأيضا اعتماد المؤسسات العامة والخاصة على الحلول السحابية لتحسين خدمات تكنولوجيا المعلومات ، بالإضافة إلى توقعات زيادة القدرة على تقديم تطبيقات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء في القطاع الحكومي ما يؤدي إلى جذب فرص استثمارية من مراكز البيانات الدولية والتي أصبح دخولها إلى السوق المصري مسألة وقت.

وأكدوا على أن ضرورة العمل على ابتكار حوافز جديدة، لتسريع  تحول مصر إلى مركز إقليمي للبيانات، عبر تقديم امتيازات ضريبية واستثماريه للشركات الكبرى، إضافة إلى تقديم حلول لتحديات استهلاك  تكاليف الكهرباء من خلال التوسع في استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل مراكز البيانات، مما يجعلها أكثر استدامة وتنافسية مشيرين إلى أن مصر أصبحت مركزا جذابا لمراكز البيانات الخضراء بسبب تدشين العديد من مشروعات مصادر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء حيث تتميز هذه المراكز ببصمة كربونية أقل من مراكز البيانات التقليدية.

وأرجعوا النمو المتسارع في قطاع مراكز البيانات في مصر إلى عدة عوامل، من بينها الزيادة المطردة في الطلب على البيانات، خاصة مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في مختلف القطاعات، والتي يقابلها زيادة في الطلب على سعة التخزين ومعالجة البيانات كما تعمل الحكومة المصرية على توفير بيئة جاذبة للاستثمار في قطاع تكنولوجيا المعلومات، مما يشجع الشركات على الاستثمار في مراكز البيانات، ويتميز السوق المصري بتوفر بنية تحتية متطورة للاتصالات، مما يسهل عملية إنشاء وتشغيل مراكز البيانات.

ومن المتوقع أن يستمر قطاع مراكز البيانات في مصر في النمو خلال السنوات المقبلة، مدفوعاً بالتحول الرقمي المتسارع وزيادة الاستثمارات في هذا القطاع، كما يتوقع أن يشهد القطاع ظهور تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، مما سيساهم في فتح آفاق جديدة للنمو.

محمد الحارثي
محمد الحارثي

قال الدكتور محمد الحارثي، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن مصر تسعى إلى ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي لنقل البيانات، مدعومة باستثمارات كبرى مثل مشروع شركة “وورلد هيلث مانجمنت” الإسبانية، التي أعلنت عن إنشاء مركز بيانات طبي بقيمة 1.8 مليار دولار لخدمة المنطقة العربية من مصر.

وأشار الحارثي، إلى امتلاك مصر مقومات قوية تؤهلها لتكون مركز إقليمي لنقل البيانات؛ بما في ذلك الموقع الجغرافي الاستراتيجي، والتوسع في كابلات الألياف الضوئية، والاقتصاد الرقمي المتنامي.

وعن التحديات التي تواجه مصر في هذا الإطار، قال خبير تكنولوجيا المعلومات: لا تزال هناك تحديات رئيسية، أبرزها ارتفاع تكاليف الطاقة، والحاجة إلى تعزيز قوانين حماية البيانات، والمنافسة القوية من دول الخليج التي تقدم حوافز استثمارية مغرية.

ولتسريع تحول مصر إلى مركز إقليمي للبيانات، شدد الدكتور محمد الحارثي على ضرورة تحفيز الاستثمار عبر تقديم امتيازات ضريبية واستثماريه للشركات الكبرى، إضافة إلى تقديم حلول لتحديات استهلاك  تكاليف الكهرباء من خلال التوسع في استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل مراكز البيانات، مما يجعلها أكثر استدامة وتنافسية.

وأضاف: كما يمكن لمصر تعزيز مكانتها من خلال إنشاء مراكز بيانات متخصصة لكل قطاع، مثل الخدمات المالية، والرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية، بدلاً من الاعتماد فقط على مراكز البيانات الضخمة.”

كما أكد على أهمية الاستمرار في  تطوير المهارات المحلية من خلال برامج تدريبية متخصصة، مما يتيح توفير كوادر قادرة على دعم هذا النمو، إلى جانب تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية لنقل التكنولوجيا والخبرات.

وتابع قائلا أنه على الرغم من أن مصر حققت خطوات مهمة نحو التحول إلى مركز بيانات إقليمي، إلا أن نجاحها في هذا المجال يعتمد على تحسين البنية التحتية، وتحديث التشريعات، وجذب الاستثمارات لضمان قدرتها على المنافسة في سوق عالمي سريع التطور.

وكذلك تمكين الشركات المحلية من دخول والمشاركة في نطاق تعهيد خدمات مراكز البيانات وكذلك المنافسة في الخدمات الطبية الذكية والتطبيب عن بعد والبحث والتطوير في ذات المجالات التي يتجه العالم في تشجيع ضخ استثمارات فيها بشكل كبير.

الدكتور أشرف درويش
الدكتور أشرف درويش

من جانبه قال الدكتور أشرف درويش، أستاذ الاتصالات بجامعة حلوان: اهتمام مصر بإنشاء العديد من مراكز البيانات وتنفيذ ذلك بالتحركات الأخيرة هي خطوات هامة جدا تضع مصر على الطريق الصحيح لتكون مركزا مهما لنقل البيانات، حيث إن هذه المراكز تعزز استراتيجية الدولة من أجل تحقيق رؤية مصر 2030 وجزء منها التحول الرقمي، خصوصا أن هذا التحول الرقمي يحتاج إلى كم كبير من البيانات، ولذلك فنحن في حاجة إلى أدوات تخزين مواكبة.\

تابع،”لذلك العمل على إنشاء مراكز بيانات يدعم تلك الاستراتيجية، مع إمكانية توسيع هذه المراكز لخدمة العديد من المجالات، وخصوصا أن معالجة تلك البيانات يساعد بشكل كبير في عملية اتخاذ القرار في الكثير من المجالات مثل مجال الصحة، مما سيطور الأداء الحكومي، وينتج عنه قرارات مناسبة، وهذا ما يحدث في دول العالم من حولنا، ولذلك كان علينا أن نواكب التطور الذي يحدث على مستوى التكنولوجيا، بجانب أهمية تلك المراكز في عملية البحث العلمي، فهناك جوانب عملية نقوم بها والأجهزة العادية بإمكانياتها المحدودة لم تعد كافية للتعامل مع حجم البيانات الضخم، ولذلك كانت هناك حاجة لهذه المراكز التي تقدم إمكانيات عالية ومعالجة البيانات بشكل أسرع.

وأضاف درويش أن تلك المراكز تحتاج أيضا إلى استثمارات كبيرة، ولذلك فعلى الدولة تهيئة المناخ لجذب الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال، من أجل الاستثمار في تلك المراكز، بجانب دعم القطاع الخاص ليتعاون مع القطاع الحكومي، فلدينا شركات خاصة متخصصة يمكن أن يكون لها دور مهم بالشراكة مع القطاع العام، ويكون هناك آليات للدخول بهذه المنظومة، لأنها أحد أشكال الاستثمار، ويجب تحفيز هذا القطاع من قبل الحكومة لدفعه للاستثمار وتهيئة البيئة التشريعية والاستثمارية لذلك، بالإضافة إلى الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وسط التحولات الكبيرة الذي يشهده هذا المجال.

وأشار إلى أن الحكومة توفر مسارات من كابلات الألياف الضوئية داخل الحدود لخدمة مرور البيانات الدولية عبر الأراضي المصرية بأمان، إضافة إلى إتاحة إمكانية تقديم خدمات متطورة مثل الحوسبة السحابية وغيرها من خدمات الاتصالات، وهو مايدعم عملية التحول لمركز إقليمي لخدمات البيانات ، بالإضافة إلى أن مصر تعالج كمية هائلة من البيانات الحكومية والمصرفية وأنظمة الدفع الإلكترونية، وشريحة كبيرة من مستخدمي الهواتف الذكية.

الدكتور حمدي الليثي
الدكتور حمدي الليثي

من جانبه قال حمدي الليثي الرئيس التنفيذي لشركة ليناتل لحلول شبكات الاتصالات أن مراكز البيانات تتصدر مشهد الابتكار التكنولوجي المتقدم على مستوى العالم مع التوسع المتنامي في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي «AI» في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية، وإحداثه تحولات جذرية في كافة مناحي الحياة، وهو مايرتكز في الأساس على مراكز بيانات عملاقة مسؤولة عن معالجة كميات ضخمة من البيانات وإتاحة قدرات حوسبة قوية لتشغيل تطبيقات الذكاء الإصطناعي، مايمثل فرص هائلة على مستوى التطور التقني لهذه التكنولوجيا، وأيضا تحدي رئيسي في الاستهلاك المحموم لهذه المراكز للطاقة واحتياجاتها المستمرة لكميات هائلة منها للتوافق مع متطلبات تشغيل تقنيات الـ«AI» التي تشهد طلبا غير مسبوق.

ونوه إلى أنه ظل التوسع المتزايد في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، أصبحت مراكز البيانات الذكية حجر الأساس لدعم التحولات الرقمية العالمية، وهو مايحتاج معه لتحليل متطلبات هذه المراكز للوصول إلى أفاق جديدة تلبي متطلبات مراكز البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي، سواءا للدول الكبرى التي تمتلك قدرات كبيرة في هذا المجال أو الدول الباحثة عن مكان لها على الخريطة كالدولة المصرية وترغب في امتلاك مفاتيح بناء مراكز بيانات مستقبلية.

ولفت حمدي الليثي، إلى أن الشراكات الناجحة بين الشركات المحلية والإقليمية والعالمية من شأنها تحقيق نتائج هائلة في مجال التحول لمركز إقليمي لمراكز البيانات، إلى جانب حوافز الاستثمار التي توفرها الحكومة والاستفادة من موقع مصر الجغرافي بما يسمح لها بتحقيق نتائج مذهلة في مجال مراكز البيانات،  مشيرا إلى أن وتيرة تبني المؤسسات المصرية في القطاعين العام والخاص لتقنيات الذكاء الاصطناعي وخدمات مراكز البيانات تزايدت بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية، مما يعكس رغبتها في تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز القدرة التنافسية في السوق العالمية.

وأكد على أن مصر بدأت الاستثمار في مراكز البيانات منذ عام 2018، وشهدت توسعًا كبيرًا بفضل رؤية استراتيجية ودعم قوي من الجهات المسؤولة، مما يعزز من مكانتها كمركز إقليمي لهذه الصناعة.