تسعى الكثير من الشركات والمؤسسات حول العالم إلى تبني استراتيجات الذكاء الاصطناعي لتعظيم المزايا التنافسية وتطوير أنماط العمل ورفع الكفاءة التشغيلية، فطبقاً لتقرير أصدرته مؤسسة جارتنر العالمية فإنه بنهاية عام 2024 ستتنتقل 75% من المؤسسات العالمية من مرحلة التجربة إلى مرحلة التطبيق الشامل لتكنوجيا الذكاء الاصطناعي.
ومن أهم القطاعات التي استفادت من تطبيقات الذكاء الاصطناعي قطاع التجارة الإلكترونية، حيث يعد قطاع التجارة الإلكترونية من أكثر القطاعات نمواً على مستوى العالم، وبلغت إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية حول العالم 3.5 تريليون دولار في 2019 وحقق معدلات نمو تجاوزت 20%.
ويعد هذا القطاع من أكثر القطاعات استفادة من جائجة كوفيد 19 حيث بلغ إجمالي عدد زيارات مواقع التجارة الإلكترونية حول العالم حوالي 22 مليار زيارة شهرياً.
ومن أهم ما يميز هذا القطاع المنافسة الشديدة بين الشركات العاملة في هذا المجال، مما يدفعها إلى ضخ استثمارات ضخمة في الابتكار واستخدامات التكنولوجيا الحديثة لتقديم أفضل الخدمات للعملاء، ويعد الذكاء الاصطناعي من أهم المجالات التكنولوجية التي تعتمد عليها منصات التجارة الإلكترونية حيث يتم استخدامه في تطبيقات متعددة منها التنبؤ الدقيق بحجم الطلب وتغيرات السوق، ويتم ذلك من خلال قدرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على التعرف على أنماط البيانات المختلفة وفهمها وتحليلها بشكل أكثر شمولاً للخروج بالتنبؤات التي تعتمد عليها الشركات لتقديم أفضل خدمة للعملاء.
وكما نرى أيضا استخدام هذه المنصات لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تطوير الخدمات اللوجيستية وإدارة سلاسل التوريد مما يسهم في تحقيق الكفاءة التشغيلية وتقليل وقت الشحن بالإضافة إلى خفض التكاليف.
وتمتلك مصر جميع المقومات التي تمكنها من تحقيق الريادة في مجال التجارة الإلكترونية من حيث الموقع الجغرافي وحجم السوق -حيث بلغ حجم المبيعات التي تمت على منصات التجارة الإلكترونية في مصر 4.3 مليار دولار وهو يمثل نسبة أقل من 1% من إجمالي حجم التجارة الداخلية مما يوضح وجود فرص كبيرة لنمو هذا القطاع- وتوافر الكفاءات المؤهلة للعمل في مجال التكنولوجيا بالإضافة إلى نجاح الكثير من الشركات الناشئة في جذب الاستثمارات العالمية.
ولتحقيق هذه المكانة يجب أن تتبنى الدولة رؤية واستراتيجية شاملة لترسيخ مكانة مصر كمركز عالمي للتجارة الإلكترونية، تبدأ من توفير بيئة محفزة لجذب الشركات العالمية العاملة في مجال التجارة الإلكترونية وكذلك جذب مراكز البيانات العملاقة، حيث أن اعتماد شركات التجارة الإلكترونية على البيانات يتنامى بشكل يومي.
ومن الضروري أيضا توافر الخدمات اللوجيستية المميزة والاستثمار في تهيئة الكفاءات للعمل في مجالات التكنولوجيا الحديثة ومن أهمها الذكاء الاصطناعي، كما يجب التركيز أيضاً على استخدام منصات التجارة الإلكترونية في تعظيم القيمة المضافة وزيادة الصادرات المصرية للأسواق المختلفة، فمن المؤكد أن وضع وتطبيق هذه الاستراتيجية سيسهم في تسريع وتيرة التحول الرقمي وسيساعد في دفع النمو وذلك من خلال فتح أسواق وفرص تصديرية للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعد قاطرة للنمو الاقتصادي.
تحليل كتبته: مها رشاد
مدير عام «سيمون كوتشنر أند بارتنرز» والرئيس السابق لهيئة إيتيدا