يتطور سوق التكنولوجيا في مصر بقوة رهيبة، ففي العام الماضي، بلغت الاستثمارات في قطاع التكنولوجيا حوالي 600 مليون دولار، أي أكثر من 10 مليار جنيه مصري، وهو رقم كبير، ويتوقع أن ينمو باضطراد خلال الفترة القادمة.
وأتخيل أن تتضاعف قيمة الاستثمارات في سوق التكنولوجيا بمصر 10 مرات على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة، فمساحة النمو كبيرة، خاصة أن نسبته من الناتج المحلي الإجمالي في مصر لا زال منخفضا.
بالنظر إلى سوق التكنولوجيا الحالي في مصر، وللباحثين عن فرصة وظيفة متميزة في هذا القطاع الواعد، نجد ندرة ملحوظة في الكوادر التي يقوم عليها القطاع، سواء مطوري البرمجيات أو مهندسي البيانات والتصميم ومحترفي تطوير الأعمال وقيادة التشغيل والعمليات.
بقدر ما نشيد بفرص النمو السريعة لقطاع التكنولوجيا في مصر، بقدر ما أدى ذلك إلى نقص في كوادره، فطوال سنوات سابقة، فضل أصحاب المهارات في هذه التخصصات التكنولوجية العمل في شركات كبيرة مستقرة أو وظائف حكومية بدلا من الشركات الناشئة والنامية، ولم تشهد الشركات الناشئة إقبالا منهم إلا في السنوات القليلة الماضية.
خلق ذلك التوجه فجوة كبيرة جدا في سوق التخصصات التكنولوجيا، فأصبحنا نرى خبرات كبيرة جدا، أو خبرات حديثة للغاية، ومن هنا تأتي أهمية مبادرة “مستقبلنا رقمي”، التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
إنني أدعم بقوة مبادرة “مستقبلنا رقمي”، التي تحتاج مساندة منا جميعا، ومن القطاع التكنولوجي، وهي منحة مجانية أطلقتها وزارة الاتصالات من خلال هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، بالتعاون مع “يوادسيتي”، لتدريب الشباب في مجالات تكنولوجيا المعلومات المتطورة، وتم إطلاق نسختها الثانية خلال شهر مارس الجاري.
أثق في مبادرة “مستقبلنا رقمي” في سد الفجوة الحالية في تخصصات تكنولوجيا المعلومات، وأن تضع نهاية للجوء الشركات المصرية لخبرات أجنبية أو خدمات خارجية من أجل تعويض هذه الندرة، وأن تنجح في تحقيق دورها كبنية أساسية لمستقبل مصر الرقمي، المشروع الطموح الذي يحظى برعاية السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
وإذ أرى، بحسب خبرة عملية تقترب من 14 عام في مجال ريادة الأعمال والشركات الناشئة، أن التعليم الجامعي لا يمكنه، في أفضل الأحوال، توفير أكثر من 30% مما يحتاجه الخريجين لسوق العمل، فإن مبادرة مثل “مستقبلنا رقمي” يمكنها الأخذ بأيديهم لبدء طريق واعد، وفرص مضمونة، لسوق تكنولوجي يتسع وينمو كل لحظة.
تحليل يكتبه: محمد نجاتي
رائد أعمال ومستثمر في مجال تكنولوجيا المعلومات