Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

محمد الصالح سقان يكتب: كيف تُحوّل تقنية «التوأم الرقمي» مستقبل البناء وإدارة المرافق؟

تكنولوجيا التوأم الرقمي تحولت من النظرية إلى التطبيق العملي، معيدةً تعريف طريقة عمل قطاعي البناء وإدارة المرافق. فالتوأم الرقمي، وهو نسخة افتراضية من الأصل المادي تعكس الظروف الواقعية من خلال تدفقات بيانات مستمرة، يُحوّل طريقة تصميم المباني وبنائها وصيانتها. ومع تسريع الشرق الأوسط للتحول الرقمي في ظل أطر مثل خطة دبي الحضرية 2040، ورؤية السعودية 2030، ومبادرات المدن الذكية في الإمارات، أصبح التوأم الرقمي عنصراً أساسياً لتحقيق الكفاءة، والاستدامة، وبنية تحتية أكثر ذكاءً.

من التصميم الثابت إلى الأنظمة الحية

في مشهد التصميم التقليدي، تنتهي مرحلة التصميم بمجرد اعتماد الرسومات. تُوسّع التوائم الرقمية هذا المشهد فهي تشكّل جسراً ديناميكياً بين مستهدفات التصميم والواقع التشغيلي. تتطور هذه النماذج باستمرار، حيث يتم بناؤها على أسس نمذجة معلومات المباني المُحسّنة من خلال إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الفورية، ما يعكس أداء الأصول بمرور الوقت. من خلال محاكاة التجارب الواقعية مثل استهلاك الطاقة، وتدفق السكان، وتأثير ضوء النهار، يمكن لفريق التصميم اتخاذ قرارات أسرع قائمة على الأدلة، ما يقلل من التكلفة التي قد تتطلّبها المراجعات في وقت لاحق.

تُشير الدراسات العالمية إلى أن المؤسسات التي تستخدم تقنيات الصناعة 4.0، مثل التوائم الرقمية، تحقق انخفاضاً بنسبة 30-50% في معدل توقف الآلات، وترتقي بإنتاجية العمال بنسبة 15-30%. أصبحت هذه الكفاءات ضرورة تنافسية في سوق البناء والتشييد في الإمارات العربية المتحدة، حيث من المتوقع أن يصل حجمه إلى 96.06 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030.

تعزيز كفاءة البناء والارتقاء بالمساءلة

أثناء البناء، يعمل التوأم الرقمي كمصدر وحيد يعكس الظروف الحقيقية. تُمكّن مزامنة النماذج الافتراضية مع الأنشطة في موقع العمل من الكشف المبكر عن أي تضارب، وتتبع التقدم في الوقت الفعلي، وإدارة المخاطر التنبؤية. وعند دمج التوأم الرقمي مع الطائرات بدون طيار، وتتبع تحديد الهوية باستخدام موجات الراديو (RFID)، ولوحات المعلومات الآلية، يُمكن للمقاولين تصوّر الانحرافات واتخاذ الإجراءات اللازمة قبل تفاقمها إلى تأخيرات أو أي أخطاء قد تتطلّب إعادة العمل.

تستخدم شركات الاستشارات المعمارية والهندسية، هذا النهج القائم على البيانات لتعزيز المساءلة وتمكين اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً طوال مرحلة البناء.

بعد التسليم.. حيث تتضاعف القيمة

تتجلى الإمكانات الحقيقية للتوائم الرقمية بعد انتهاء أعمال البناء. بالنسبة لمديري المرافق، يتيح تكامل إنترنت الأشياء مراقبةً مستمرةً للأنظمة، بدءاً من أداء أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء إلى استهلاك الطاقة واستغلال المساحات. تساعد التحليلات التنبؤية على اكتشاف المشاكل قبل أن تتحول إلى أعطال، ما يُحسّن زمن التشغيل ويساهم بإطالة عمر الأصول. يدعم هذا الانتقال من الصيانة التفاعلية إلى العمليات التنبؤية أهداف الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة وتحقيق الحياد المناخي، والتحول العالمي نحو المباني الخالية من الانبعاثات الكربونية.

من خلال إنشاء سلسلة من الحلقات لمتابعة الأداء الفعلي والرؤى الرقمية، يحصل أصحاب المباني على أنظمة معيشية متطورة لتلبية احتياجات المستخدمين لتكون النتيجة استهلاك مُحسّن للطاقة، وراحة أكبر للسكان، وخفض تكاليف النظام ككل.

التغلب على تحديات تبني التوائم الرقمية

على الرغم من المزايا الواضحة المضمنة في التوائم الرقمية، إلا أن هناك تحديات قائمة لا تزال تقف عائقاً في وجه التطبيق الكامل لها. يتطلب دمج الأنظمة القديمة، وضمان توافق البيانات، وإدارة كميات كبيرة من البيانات خبرات تقنية واستثمارات هادفة. ومع ذلك، ومع توقعات وصول سوق التوأم الرقمي في الشرق الأوسط وإفريقيا إلى 5.89 مليار دولار أميركي بحلول عام 2031، يواصل مشهد تبني التوائم الرقمية في المنطقة نموه السريع. يتضح عائد الاستثمار عند مراعاة وفورات دورة الحياة، والمرونة التشغيلية، والاستدامة طويلة الأجل.

بالنظر إلى المستقبل

يواصل قطاع البناء مساره التصاعدي في التحول من قطاع تفاعلي إلى قطاع تنبؤي، ومن مشهده المجزأ إلى مشهد مترابط. تُعدّ تقنية التوأم الرقمي محوريةً في تسريع هذا التغيير، إذ تُمكّن من التعاون بين المهندسين المعماريين والمهندسين والمقاولين والمشغلين عبر سلسلة رقمية متواصلة. يستند كل قرار الآن، بدءاً من الرسم التخطيطي الأول إلى سنوات تشغيل المنشأة، إلى بيانات دقيقة بدلاً من الافتراضات. في نهاية المطاف، تُجسّد التوائم الرقمية طريقة تفكير جديدة تربط بين التصميم والبيانات والأفراد، ما يؤدي إلى بيئة بناء أكثر ذكاءً واستدامة.

محمد الصالح سقان

الرئيس التنفيذي لشركة «أكسيس كونسلت» 

The short URL of the present article is: https://followict.news/y8il