يستعد قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لمرحلة جديدة من العمل والنمو خلال السنوات المقبلة، في ضوء توجهات الحكومة الجديدة وبرنامجها للتنمية المستدامة، المرتكزة على تعزيز الخدمات الرقمية وتطوير العمل الحكومي مع توفير بنية تحتية متطورة ومؤمنة لخدمات التحول الرقمي، واجتذاب استثمارات جديدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وتهيئة بيئة العمل للشركات العاملة في القطاع بما يخدم أهداف التنمية ويعزز من أنشطتها المالية والتشغيلية وتوفير فرص عمل نوعية، إلى جانب دعم الشركات الناشئة وتمكينها من توفير حلول تكنولوجية مبتكرة تخدم الأجندة الوطنية للتحول الرقمي.
ويرتكز القطاع في تنفيذ أهدافه المستقبلية على مجموعة من النجاحات خلال السنوات المقبلة التي تعزز من النظرة الإيجابية رغم التحديات التي واجهها، كونه أحد أهم محاور التنمية المستدامة وزيادة الناتج المحلي الإجمالي للدولة المصرية خلال الفترة الماضية، وكونه أيضا جوهر النهوض بالقطاعات الاقتصادية والخدمية التي تتلائم مع رؤية مصر 2030 ، القائمة على التطور الرقمي وتوطين التكنولوجيا، والبناء المعرفي الحديث للأجيال الجديدة.
فقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، نجح بدعم المشروعات الرقمية الكبرى واستقطاب العديد من الشركات العالمية المتخصصة للسوق المصري، وتوطين العديد من التقنيات في تحقيق مؤشرات قوية خلال السنوات الماضية تمثلت أبرزها في بلوغ معدل نمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نحو 16.3% فى العام المالى 2022/2023؛ ليصبح القطاع هو الأعلى نموا بين قطاعات الدولة على مدار 5 سنوات متتالية، كما حقق القطاع إيرادات بلغت 315 مليار جنيه فى العام المالى الحالى بنسبة نمو حوالى 75%، ونمت الصادرات الرقمية لتصل إلى 6.2 مليار دولار خلال عام 2023 صعودا من 4.9 مليار دولار خلال عام 2022 بنسبة نمو 26%.
“الطريق لمستقبل جديد للقطاع يحتاج لمزيد من التمهيد والأدوات الجديدة”.. التي تناسب المرحلة الحالية التي يسيطر عليها التداعيات الاقتصادية العالمية الصعبة، وأيضا تغير رقعة الشطرنج التي تتنافس عليها الحكومات وشركات التكنولوجيا العالمية ، في ضوء سيطرة مجالات تكنولوجية جديدة يتصدرها الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الجيل الخامس وأنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وحوكمة وتصنيف البيانات وغيرها من العنواين، وظهور قوى جديدة عالمية ترغب في تغيير ميزان السيطرة في قطاع التكنولوجيا باعتباره رهان الحقبة المقبلة.
ووفقا للخبراء، ترتكز الجهود بشكل أكبر على وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعد تجديد الثقة في الدكتور عمرو طلعت، ودورها الحيوي في تعزيز السوق المحلي بما يمتلك من شركات وطاقات تشغيلية وموارد بشرية حالية ومستقبلية في ضوء واقع عالمي، يتطلب التحوط بمجموعة من الخطوات الفاعلة والسريعة التي تحقق عوائد من العملة الصعبة وتوفر فرص تشغيل متنامية للقطاع بدعم المشروعات الرقمية الكبرى واستقطاب العديد من الشركات العالمية المتخصصة للسوق المصري، وتوطين العديد من التقنيات، في دعم معدلات النمو وتحقيق مؤشرات تنمية رقمية مناسبة.
الخبراء حددوا مجموعة من العناصر التي يجب أن يرتكز عليها صانعو السياسات لتوسيع ودفع قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر إلى المرحلة التالية من تطوره وتغيير قواعد اللعبة لصالحنا، منها العمل على تذليل كافة العقبات التي تواجه شركات الاتصالات بشكل خاص للانطلاق بها لمستويات جديدة من التشابك في ملفات التحول الرقمي والمدن الذكية والتكنولوجيا المالية، باعتبارها الأكثر جاهزية وقدرة على تنفيذ الإهداف، إلى جانب تصنيف قطاع تكنولوجيا المعلومات ووضع خريطة متكاملة له على مستوى الاستثمار وحجم التمويلات والقوي العاملة ومستويات التدريب، للانطلاق به لمستويات جديدة تعزز من أركان الدولة الرقمية، ومخططاتها الاستراتيجية لتوطين العديد من المجالات كمراكز البيانات والمدن الذكية وغيرها.
وأشاروا إلى ضرورة إقرار حوافز تنظيمية وحزم تشريعية شاملة، تتلائم مع تطورات التكنولوجيا وطبيعتها، وبما يوحد الجهة التي تتعامل معها الشركات في هذا القطاع لضمان نفاذ وسرعة جذب الاستثمارات وأيضا توحيد الإجراءات المنظمة لعمل القطاع بكافة مستوياته، إلى جانب العمل على تبني سياسات تشريعية تخفف الضغوط الضريبية على الشركات خاصة المتوسطة والصغيرة والتي تمثل النسبة الأكبر من الشركات المصرية العاملة في هذا مجال التكنولوجيا.
أهداف مختصرة
الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أكد في تصريحات له عقب حلفه لليمين في الحكومة الجديدة، أن أولويات عمل الوزارة خلال المرحلة القادمة تتمثل فى تنفيذ عدد من المشروعات التى تستهدف تطويع التكنولوجيا لخدمة المواطن فى إطار استراتيجية مصر الرقمية، وتحسين خدمات الاتصالات والانترنت المقدمة للمواطنين، والتعاون مع قطاعات الدولة فى إطلاق المزيد من الخدمات الحكومية الرقمية، بالإضافة إلى تنمية صناعة التعهيد، وبناء القدرات الرقمية لكافة فئات المجتمع وتمكين الشباب من الحصول على فرص عمل متميزة.
وأشار إلى أنه سيتم استكمال العمل فى تنفيذ مشروعات دعم البنية التحتية الرقمية بشقيها الإنترنت الثابت والمحمول من خلال إحلال كوابل الألياف الضوئية بدلا من النحاسية، ودعم وتوسيع نطاق شبكة المحمول لاسيما فى القرى والمناطق النائية.
وأضاف طلعت أنه سيتم الاستمرار فى السياسات التي تستهدف جعل مصر مقصدا للتعهيد وتشجيع الشركات العالمية لإقامة مراكز تعهيد لها فى مصر يتم من خلالها توفير فرص عمل للشباب فى مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، موضحا أن هناك 400 شركة عالمية تقدم خدمات التعهيد من مصر لمختلف دول العالم، كما أنه يتم تقديم مجموعة من الخدمات الحكومية للمواطنين بطريقة رقمية من خلال منصة مصر الرقمية.
وأوضح أن هذه السياسات أثمرت عن نمو صادرات التعهيد بنسبة 54% خلال عام واحد؛ موضحا أنه سيتم استكمال العمل فى تنفيذ مستهدفات استراتيجية بناء القدرات الرقمية التي تتضمن العديد من المبادرات والبرامج التى يتم تنفيذها بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة لصقل مهارات كافة فئات المجتمع والمراحل العمرية بدءا من الطلاب فى الصف الرابع الابتدائي، كما تتضمن مجموعة من المبادرات التى تستهدف صقل مهارات العمل الحر للمهنيين المستقلين ، وكذلك بناء قدرات الشباب وتأهيلهم للعمل فى صناعة التعهيد.
وأكد الدكتور عمرو طلعت أنه تم استثمار نحو 2.5 مليار دولار منذ 2018 لتطوير البنية التحتية الرقمية؛ موضحا أن مصر فى المركز الأول على مستوى إفريقيا فى متوسط سرعة الإنترنت الثابت، مشيرًا إلى مشاركة الوزارة فى مشروع حياة كريمة والذى يستفيد منه 60 مليون مواطن فى الريف، مشيرا إلى استمرار التعاون بين القطاعين الحكومى والخاص فى تنفيذ مشروعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مصر.
وأكد الوزير على توسيع قاعدة المهارات في مختلف أطياف الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال الفترة المقبلة، كذلك الاستمرار في عمليات رقمنة الخدمات الحكومية بعدما وصل عدد الخدمات 170 خدمة مرقمنة، والاستمرار في تحسين ودعم البنية الرقمية والتحتية في شقيها الإنترنت الثابت والمحمولة.
وركز الوزير على أن ملف الذكاء الاصطناعي يعد أوليه قصوى خلال الفترة المقبلة، حيث تم تطبيق استراتيجية منذ 4 أعوام وقفزت مصر نحو 50 مركزا، وجاري الدخول بالمرحلة القادمة الثانية من الاستراتيجية للحاق بركب هذه التكنولوجيا، بالإضافة إلى بناء منظومات تستخدم التكنولوجيا الحديثة لتقديم حلول خلاقة مبتكرة لمواجهة التحديات التي نجابهها مع الاستمرار في توفير برامج تدريب للشباب والأطفال مثل اجيال التدريب الأربعة ” براعم مصر الرقمية”، “أشبال مصر الرقمية” ، ” بناة مصر الرقمية ” ،” شباب مصر الرقمية”.
مطالب شركات الاتصالات
فيما جددت مصادر قيادية بشركات المحمول تهنأتها للدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمناسبة التجديد لولاية جديدة، موضحين أن طلباتهم تتمحور حول إعادة النظر في تسعير الترددات لتحاكي نماذج طرحها عالميا، مع وجود جداول طرح محددة مسبقًا للترددات حتى تتمكن كل شركة من تأهيل نفسه فنيا وماليًا بهذه الطروحات ما يؤدي إلى بناء قرارت استثمارية سليمة تساهم في دعم المناخ الاقتصادي.
وأضافت المصادر التي فضلت عدم ذكر اسمها، أن هناك ضرورة لإعادة النظر في سداد قيمة الترددات والخدمات التي تقدمها الشركات في مصر لتكون بالجنيه المصري، وذلك من منطلق أن العائدات والأرباح للشركات يتم احتسابها في مصر بالجنيه.
وشددوا على ضرورة وجود آليات لتنظيم دخول الهواتف الذكية الواردة إلى مصر حتى تكون متوافقة مع الترددات التي تطرحها الدولة لتعمل بها شركات المحمول، مع السماح بدخول هواتف مستعملة أو معاد صياناتها خاصة المتوافقة مع الجيلين الرابع والخامس، وذلك لكون تلك الهواتف أقل سعرًا من الهواتف الجديدة التي تتجاوز أسعارها 15 ألف جنيه مصري وتصل إلى 70 ألف جنيه للهواتف الفئة العليا، مشترطين أن يكون لتلك الهواتف وكيل واضح ومحدد حتى يتحمل مسئولية تلك الهواتف امام العميل وأما الجهات المختصة.
فيما طالب البعض بضرورة المساواة في تراخيص “الكلاود” بين المصريين والأجانب، مع ضرورة وجود حلول ناجعة لمشاكل انقطاع الكهرباء عن محطات المحمول خاصة الأبراج الرئيسية، موضحين أن الشركات تتكلف نحو 10 مليون يورو نفقات على البطاريات لتفادي التأثير السلبي نتيجة قطع الكهرباء المتكرر، مؤكدين على أن حل مشكلة الكهرباء ينعكس بشكل إيجابي على استثمارات الشركات والأمن القومي والاقتصاد المصري بشكل عام.
أولويات المرحلة
من جانبه قال الدكتور حمدي الليثي، نائب رئيس غرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق: هناك العديد من الملفات التي يجب أن تكون ضمن أولويات وزارة الاتصالات خلال الفترة القادمة، ومنها ملف التدريب والتأهيل، ووضع ميزانيات جيدة لتأهيل وإعداد الكوادر التكنولوجية، وتطوير التعليم الهندسي، وهذا سيعود علينا بالنفع، وثانيا تنمبة الصادرات التكنولوجية، ونحن لدينا كوادر ضخمة يمكن أن تساعدنا على ذلك، بالرغم من وجود جزء كبير منهم خارج مصر، ولكنه أمر إيجابي أن يكون لدينا كوادر بالخارج تساهم في توفير العملة الصعبة.
أضاف أنه يجب التشجيع على التصدير، والاهتمام بالشركات الصغيرة والمتوسطة ودعمها تمويليا بفوائد أقل من البنوك، لأن تلك الشركات هي التي ستعمل على تحسين هذه الصناعة، كما يجب الاهتمام بتوطين الصناعات التكنولوجية فث مصر، بجذب شركات التكنولوجيا من الخارج لتعمل في مصر، بجانب إحضار خبراء يدربون الكوادر لينا، ويكون هناك اتفاقيات شراكة لتوطين الصناعة، فكل ذلك يساهم في زيادة الناتج القومي من خلال التكنولوجيا التي تساهم بنسبة تصل إلى 4%، ويمكن أن تصل إلى 8% خلال الفترة القادمة.
وأشار الليثي، إلى أهمية الاستمرار في تقديم خدمات التعهيد، والاهتمام بالصناعات الإلكترونية، فلابد من وضع استراتيجية واضحة للصناعات الإلكترونية والتنسيق بين الوزارات المعنية، وجذب شركات كبرى تساعدنا على توفير فرص حقيقية للتصنيع الإلكتروني، وفي مجال الاتصالات يجب العمل على إدخال الجيل الخامس وتوفير الترددات والمعدات لتشغيله، بجانب أهمية تحسين التشريعات التي تحكم هذا الأمر، فكل ذلك يحتاج إلى استثمارات كبيرة، والشركات تحتاج إلى تشريعات ملاءمة تسهل من عملية الاستثمار.
وأكد على أهمية تعميق الصناعات التكنولوجية المتخصصة من خلال توفير التسهيلات والحوافز للشركات الأجنبية لتصنيع هواتف المحمول الذكية وأجهزة الحاسب اللوحي وصناعة السيارات الكهربائية وإنشاء مراكز تميز بشبكات عالمية متخصصة واحتضان العديد من الشركات الناشئة.
ويقول الدكتور عصام الجوهري، أستاذ نظم المعلومات والتحول الرقمي والمستشار بمركز دعم اتخاذ القرار: “ركز خطاب تكليف الحكومة من الرئيس السيسي على ضرورة العمل من أجل تطوير محور رأس المال البشري في مجال تكنولوجيا المعلومات بمستوياته الثلاثة المتقدمة، مثل البرمجيات والذكاء الاصطناعي، والمتوسطة مثل إدارة وعمليات مراكز الاتصالات والتسويق الالكتروني والتجارة الإلكترونية ومهارات الأعمال، وأخيرا المهارات الأولية مثل برامج الأوفيس المكتبية ومهارات إدارة الذات، ويفضل بالتعاون مع وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم.”
ويضيف الجوهري أن ثاني أولوية هي دعم وتمكين الصناعة المحلية بالبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، عن طريق زيادة الطلب المحلي الحكومي لهم، والتدريب المستمر للعاملين خاصة القيادات الوسطى، ودعم المعارض الدولية، واستصدار قرارات من البنك المركزي بتسهيل الائتمان لهذا القطاع، وأخيرا جذب استثمارت أجنبية للقطاع تنقل الخبرة وتوفر فرص عمل للمصريين.
ويتوقع الجوهري أن تظل معدلات نمو القطاع في ارتفاع، مستقرة أعلى من 16% سنويا، ويتمنى أن تكسر حاجز 7% من الناتج المحلي الاجمالي، ويشير إلى أن الحوافز المطلوبة من الحكومة لدعم القطاع، هي تسهيل الائتمان بشكل حقيقي، لأن الواقع غير تصريحات البنوك التي ترى قطاع تكنولوجيا المعلومات قطاع ذو مخاطر عالية، ولم يستفد من مبادرة دعم الصناعة التي كانت بـ 8% فائدة ائتمان، وثانيا تفعيل بند تفضيل المنتج المحلط ونسبة 5% من المشروع للشركات الصغيرة والمتوسطة، وأخيرا عودة إيتيدا لدورها في تنمية الصناعة عبر مبادرات وسياسات بالاشتراك مع المجتمع المدني والخبراء ورجال الصناعة.
أما الدكتورة ريهام أنسي عبد العزيز، أستاذ إدارة الأعمال ومدير الحوكمة بشركة مينى ماكس للبرمجيات وعضو الفريق البحثي لحوكمة قطاع تكنولوجيا المعلومات، فتقول: “من أهم الأولويات التي يتعين على الوزارة أخذها في الاعتبار خلال الفترة القادمة هو جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية وتنمية الطلب المحلي داخل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على العودة إلى أداء دورها المحوري في المجتمع، وتطوير البنية التحتية التكنولوجية والتحول الرقمي ضرورة، وذلك من خلال إعداد السياسات العامة والإشراف على تنفيذ الخطط والبرامج لتطوير البنية التحتية التكنولوجية للدولة، واقتراح التشريعات والسياسات والإجراءات التنظيمية الخاصة بالهوية الرقمية بالتنسيق مع الجهات المعنية، واقتراح تشريعات والسياسات للذكاء والاصطناعي، وتنمية المناخ العام لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من خلال إدارة محفظة مشروعات البنية التحتية التكنولوجية لخلق فرص أعمال لأكبر شريحة ممكنة من الشركات المتخصصة فى مجال البنية التحتية التكنولوجية.”
وتضيف الدكتورة ريهام أنسي عبد العزيز أن من الأولويات أيضا توطين تكنولوجيات البنية التحتية الحديثة لشبكات الألياف الضوئية وشبكات الجيل الخامس للمحمول، وبما يحقق الاستدامة لإمكانية التحديث والتطوير فى تطبيق النظم الذكية والذكاء الاصطناعي، ووضع خطة استحداث وتطوير وحدات التحول الرقمى على مستوى الجهاز الإدارى للدولة من خلال (دورات العمل التفصيلية، والأدلة الإجرائية، وبرامج تدريب وتأهيل العاملين) بالتنسيق مع الجهات المعنية، وضرورة نشر وتعزيز الثقافة الرقمية، وإعداد خطط وبرامج التدريب الأساسي لرفع قدرة وكفاءة الجهاز الإداري للدولة في التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، ووضع قوانين وتشريعات للذكاء الاصطناعي.
وتتوقع عبد العزيز أن ينمو سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر بمعدل نمو سنوي مركب قدره 10.9٪ خلال فترة التوقعات، وتؤكد أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مصر يعد أحد أسرع القطاعات الاقتصادية نموا في البلاد، حيث حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إيرادات بلغت 315 مليار جنيه في العام المالط الحالي.
كما تشير إلى أن الدعم الحكومي المطلوب هو تحفيز عملية تطوير صناعة تكنولوجيا المعلومات المحلية وتنظيمها وقيادتها، إلى جانب تعزيز الاستثمار ودفع نمو الاقتصاد وخلق فرص العمل جديدة، وتوفير مساحات عمل مجهزة ببنية تحتية متقدمة تشمل إنترنت فائق السرعة بأسعار تنافسية، وإتاحة برنامج لدعم الحصول على تراخيص البرمجيات المطلوبة، وإضافة الخدمات التصديرية المقدمة من الشركات لبرنامج رد الأعباء التصديرية المقدم من وزارة التجارة والصناعة، وإعطاء منتجات هذه الشركات الأولوية في المشروعات القومية من أجل بناء نماذج ناجحة.
استثمارات ضخمة
من جانبه قال خالد نجم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق،أن انتقال قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمستويات جديدة من النمو يتطلب ضخ استثمارات ضخمة في مجالات التكنولوجيا الحديثة وعدم الوقوف على التكنولوجيا النمطية، لافتا إلى أن أبرز هذه التقنيات الواعدة يتمثل في مجالات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والبيانات ووهو ماسيعزز من مسارات نمو القطاع في مصر ويرفع من أعداد الشركات المحلية العاملة في هذه المجالات.
وأشار، إلى أن تحقيق طفرة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يتطلب من الدولة أيضا العمل على تحويل المدن سواء الجديدة أو القديمة إلى مدن ذكية، لافتاً إلى أن أحدث التقارير تشير إلى أن القاهرة تحل في المرتبة 114 على مستوى العالم في تحولها لمدينة ذكية وهو ترتيب غير مرضي ومن ثم لابد من العمل في هذا السياق بصورة مكثفة من جانب الدولة، والامتداد به لجميع المحافظات.
وتابع أن أولى خطوات التحويل للمدن الذكية هي تعديل البنية التحتية وهنا يبرز دور الشركة المصرية للاتصالات والمتوقع أن يزيد حجم عملها بصورة كبيرة، كما أنها ستكون فرصة للشركات الخاصة لتنفيذ تطبيقات تستفيد منها الدولة والمواطن والمدينة نفسها، إضافة إلى أنها ستساهم بصورة كبيرة في خلق المزيد من فرص العمل.
ولفت خالد نجم، إلى أن تنفيذ تلك المخططات تحتاج إلى استثمارات وهنا ننوه إلى الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه شركات المحمول وشركات الاتصالات بصفة عامة، والقطاع الخاص، موضحاً أن كل مدينة ستحتاج إلى بنية تحتية وتطبيقات تخدم المواطن، مؤكدا على أن الدولة مطالبة بخلق مشروعات يشترك فيها القطاع الخاص لتطوير وتحويل المدن إلى مدن ذكية.
من جانبه قال محمد عزام، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن رؤية القيادة السياسية كانت واضحة تماماً في خطاب التنصيب فيما يخص القطاعات التي ستركز عليها الدولة سواء الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والسياحة، لافتاً إلى أن أي اقتصاد قادر على التنمية المستدامة لابد أن ينطوي على منظومة لإنتاج التكنولوجيا كونها قادرة على صناعة الفارق، منوها بأن إنتاج التكنولوجيا يستلزم معه البحوث والتطوير.
وضرب المثل بالاقتصادين الأمريكي والصيني حيث تقود شركات التكنولوجيا الاقتصاد، ومن ثم تحقيق الطفرة في القطاع يتطلب منظومة لإنتاج التكنولوجيا وهنا نسلط الضوء على دور الشركات الناشئة، مشيرا إلى أن مصر لديها الكثير من الشركات الناشئة المتميزة، حيث شهد ملف الشركات الناشئة عمليات تطوير واسعة النطاق على مدار السنوات التسع الماضية، فأصبحت هذه الشركات قادرة على جذب مئات الملايين من الدولارات، مع نسب تزيد سنويا بمعدلات تصل إلى 40%.
وأضاف عزام: “أرجو من الدكتور عمرو طلعت زيادة الاهتمام باستقطاب استثمارات خارجية في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، فتلك الصناعة ستغير منحنى الصناعة التكنولوجيا في مصر بجذب نوعية مختلفة من الصناعة هي الأهم حاليا في العالم، حيث يكلف المصنع حوالي من 10 إلى 20 مليار دولار.”
وأعرب عن تطلعه لوضع ملف ريادة الأعمال ضمن أولويات الوزارة، وتوفير مناخ أكثر سهولة وبيئة جاذبة لرواد الأعمال والشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، كما يضيف: “ولا ننسى التشريعات، ففي ظل سباق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي التوليدي، نأمل في تفعيل قوانين قابلة للتنفيذ والتعامل مع التطور الحالي، مثل قانون حماية البيانات الشخصية، وحوكمة البيانات، حيث سينعكس ذلك على جميع الصناعات التكنولوجية، بوجود بيئة تشريعية جاذبة تشجع على الاستثمار وجذب الكوادر المؤهلة والكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي.”
وحول توقعاته لمعدل نمو القطاع والمجالات التي ستقود هذا النمو، يقول عزام أن معدل النمو الطبيعي في مجال تكنولوجيا الاتصالات يبلغ 16%، ولكن نأمل أن تصبح نسبة النمو 30% فيما أعلى، في ظل التطورات التكنولوجيا وامتلاكها، كما يحتاج قطاع الاتصالات والتكنولوجيا إلى تشريعات مرنة تتلائم مع التغيرات والتطورات السريعة في ذلك المجال، ولكن الأهم حاليا زيادة الحوافز وتوفير بيئة مناسبة للإبقاء على العقول النابغة، فالعالم حاليا يشهد حرب على العقول والمواهب، والدول الفقيرة في العقول والمواهب النابغة، دائما ما تغيري الشباب المصري ماديا ومعنويا لاستقطابهم والاستفادة منهم.
وأشار محمد عزام إلى حاجة القطاع لحوار مجتمعي جديد بين القيادات (الحكومة – القطاع الخاص) للوصول لمستويات أقوى من العمل والاستثمار، وذلك ما تفعله وزارة الاتصالات دائما، من خلال عقد اجتماعات موسعة للاستعانة بجميع قيادات القطاع سواء القطاع الخاص أو العام أو حتى منظمات المجتمع المدني، للخروج باستراتيجية تشمل جميع الأقطاب وتناسب التطورات الجارية.
وأكد محمد عزام، على ضرورة وجود منظومة تعليم داعمة لتدريب الكوادر، لأن التعليم وحده لن يقدم المهارات المتجددة باستمرار لذلك من المهم الاهتمام بالتدريب في ظل ظهور تكنولوجيات جديدة بصفة يومية.
ولتحقيق الطفرة في قطاع تكنولوجيا المعلومات شدد على ضرورة التركيز على مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية وأمن المعلومات وتطبيقاتها، لافتاً إلى أن التكنولوجيا في حد ذاتها لا تدر عائد كبير إنما تطبيق التكنولوجيا في مجالات تهم الناس هذا هو الهدف.
وأكد على أهمية الاستثمار في البنية المعلوماتية قائلا إنه كلما زادت سرعات الإنترنت كلما ساعد على طرح تطبيقات تستفيد من السرعات الجديدة، لافتاً إلى أن الشركة المصرية للاتصالات بعد حصولها على رخصة الجيل الخامس عليها أن تبدأ في تطبيقها بسرعة وهو ما سيساهم في فتح مجال لتطبيقات تحتاج سرعات كبيرة وخاصة في مجالات مثل إنترنت الأشياء، ومنظومة النقل الذكي والمدن الذكية.
وأوضح، أن تلك التطبيقات تحتاج استثمارات عالية ومن ثم فإن الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية واستمرار الإنفاق عليها وتحديثها باستمرار لأن التكنولوجيا تتقادم هو أمر في غاية الأهمية، لاستخدام التكنولوجيا طبقا لأعلى المعايير الدولية.
ولفت محمد عزام، إلى أن تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات يحتاج إلى تخصيص مبالغ أكبر للبحوث والتطوير في هذا المجال، وربط المراكز البحثية والجامعات بمنظومة البحوث والتطوير، لافتاً إلى أن الدول التي حققت طفرات هي دول استثمرت مئات المليارات من الدولارات سنوياً على البحث، لذا فهي منظومة كاملة تحتاج العمل في أكثر من اتجاه.
الذكاء الاصطناعي.
من جانبه قال ياسر البنداري، المستثمر في الذكاء الاصطناعي، إن هناك العديد من الحوافز المطلوبة لتعزيز نمو هذه التكنولوجيا في مصر ودمجها في مجتمعات الأعمال، ومنها وجود منظومة مشجعة على نمو هذه التكنولوجيا وتعزيز حضورها في القطاعات الاقتصادية والخدمية الرئيسية وجود بنية تحتية قوية من ناحية انتشار الإنترنت واتاحته بسرعات عالية واستخدامات IOT، مشيرا ضرورة توفير ميزانية محددة ومناسبة للذكاء الاصطناعي حيث أن ميزانية البحث العلمي في مصر 600 مليون جنيه فقط، والذكاء الاصطناعي أحد عناصر البحث العلمي ،”مايمثل رقم محدود”.
تابع، نحن لدينا الكفاءات التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي وتقدم حلول مختلفة ولدينا براءات اختراع أيضا، والشركات التكنولوجية بالمنطقة قائمة على المواهب المصرية، مما يحتاج معه إلى دعم الدولة بشكل أكبر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مثلما أصبح هناك اتجاه للكثيرين للاستثمار العقاري، فالدولة يجب أن تدفع هذه الصناعة للأمام، من خلال وضع القوانين التي تنظم ذلك، بداية من وضع تعريف لريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي، والاستماع للمتخصصين لمعرفة ما يحتاجه هذا القطاع، وتشجيع المستثمرين، بتقديم تسهيلات لهم، ويكون هناك رؤية مستقبلية للقطاع ككل، لأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن من القرارات في الكثير من المجالات.
ولفت ياسر البندراي، إلى أن احتمالات الوصول لكامل الأهداف فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي مازالت بعيدة، في ظل توجه الكثير من الشركات الناشئة المصرية ورواد الأعمال للتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي بعيدا عن المؤسسات الكبرى التي تمتلك الإماكنيات المالية الكبيرة، إلى جانب استراتيجية الدولة للذكاء الاصطناعي التي تستهدف إنشاء صناعة متكاملة بدءا من الموارد البشرية المؤهلة وبناء القدرات المؤسسية،إلى جانب ابتكار المنصات والتكنولوجيات المطلوبة ، ووضع الأطر القانونية التي تضمن مسار هذه التكنولوجيا ومستقبلها وتأثيراتها، وهو مايحتاج لتنفيذها بالشكل المطلوب الوقت والكثير من الاستثمارات الحكومية والخاصة.
وأكد ياسر البندراي ، إلى أن هناك حاجة إلى إقرار مزيد من التشريعات لتشجيع الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بشكل موسع ومنظم ، وتوفير حوافز خاصة للشركات للاستثمار في هذا المجال والتوسع في تمويله من جانب المؤسسات المالية، مع بناء روابط قوية مع المؤسسات التعليمية في هذه المجال لامتلاك العديد من البحوث التطبيقية في هذه الصناعة والاعتماد بشكل أكبر على المشاريع التجريبية التي تعد نواه لتحولات كبرى في هذا المجال.