Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

لماذا تضع القيادة السياسية الذكاء الاصطناعي مساراً رئيسياً للمستقبل؟

مع توجيهات القيادة السياسية المستمرة بدعم استراتيجيات الذكاء الاصطناعي والتوسع في تطبيقاته بالسوق المصرية، باعتباره مسار رئيسي للتحول الرقمي والبناء المستدام للتنمية، واقتراب إطلاق النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، يبدو أن حركة السوق في هذا الاتجاه تشهد زخما كبير لتوظيف هذه التقنيات لإيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه المجتمع في مختلف المجالات، والاستمرار في توفير بنية تحتية ملائمة للجهات الحكومية والخاصة والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة لدمج هذه التقنيات، بما يدعم برامج التنمية الاقتصادية الوطنية وأهدافها.

وتناول الرئيس السيسي في اجتماع موسع أول أمس مع وزير الاتصالات، اخر المستجدات الخاصة بإطلاق النسخة الثانية من استراتيجية الذكاء الاصطناعي بما يتواكب مع التطورات التكنولوجية العالمية لاسيما مع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعى التوليدي وخاصة نماذج البيانات الكبيرة وتطبيقاتها المختلفة، ووفقا للمحللين فإن النسخة الثانية ستتضمن إطلاق المزيد من البرامج التدريبية لإعداد الكوادر المتخصصة في هذا المجال، وطرح مبادرات لجذب استثمارات في هذا المجال، إلى جانب أجراء خطوات واسعة لحوكمة البيانات وتحقيق التوازن بين إتاحة البيانات، وحماية خصوصية أصحاب هذه البيانات لتعظيم الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعى والتحوط من مخاطره.

ووفقا لبيانات وزارة الاتصالات فإن مدة المرحلة الثانية من الاستراتيجية تصل إلى 3 سنوات وتضمنت مجهودات إعدادها؛ دراسة مقارنة لتجربة تطوير الذكاء الاصطناعى فى 6 دول رائدة ومماثلة، وتحليل تطوير الذكاء الاصطناعى الوطنى فى ضوء الوضع التنفيذى للمرحلة الأولى من الاستراتيجية الوطنية حيث تم تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعى لإيجاد حلول لعدد من التحديات التى تواجه المجتمع المصرى فى عدة مجالات حيوية مثل الكشف المبكر عن الأورام واعتلال الشبكية السكرى فى قطاع الرعاية الصحية، وفى دعم اتخاذ القرار فى التخطيط الحضرى والزراعى، بالإضافة الى معالجة اللغة العربية العامية المصرية.

الذكاء الاصطناعي

وقد ساهمت هذه الجهود فى تقدم ترتيب مصر مؤخراً 7 مراكز فى المؤشر العالمى للذكاء الاصطناعى الصادر عن شركة تورتواز ميديا المتخصصة.

ووفقا للعديد من التقارير الدولية تصدر الذكاء الاصطناعي، التوجهات التي ستغير قواعد الاقتصاد خلال العام الجاري والسنوات المقبلة ، وذلك في ضوء قدرته على توفير فرصة قيمة لكل دولة تطمح في نمو اقتصاد رقمي شامل ومستدام، وتشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيحقق قيمة سوقية بمقدار 207 مليارات دولار بحلول 2030، وهذا التوقع مبني على توجه القطاعين العام والخاص إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين العمليات وتعزيز الكفاءة، بينما سجل حجم الاقتصاد الرقمي 11.5 تريليون دولار في عام 2023 ، ومن المتوقع وصوله إلى 16.5 تريليون دولارحلول عام 2028.

المحللون أشاروا إلى أن القيادة السياسية داعمة بقوة للتحول نحو تقنيات الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وظهر ذلك جلياً في خطاب تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي اعتبر أن قطاع تكنولوجيا المعلومات واحدة من 4 قطاعات رئيسية تحظى باهتمام الدولة حتى 2030 بجانب الصناعة والزراعة والسياحة، منوهين إلى أن الخطوات الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى الاستراتيجية في مرحلتيها الأولى والثانية وإقرار العديد من التشريعات ذات الصلة ، إلى جانب إنشاء المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى يشكلون محاور استراتيجية يمكن البناء عليه لمزيد من الاستحقاقات في دمج الذكاء الاصطناعي في بيئة الأعمال والاستثمار في مصر.

الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ورئيس المجلس الوطنى للذكاء الاصطناعى أكد في تصريحات سابقة أن المرحلة الثانية من الاستراتيجية تستهدف تحسين مؤشر الذكاء الاصطناعى الوطنى من خلال تنفيذ عدة  مبادرات عبر 6 ركائز محورية هى الحوكمة، والنظام البيئى، والبنية المعلوماتية، والبيانات، والموارد البشرية، والتكنولوجيا؛ مشيرا إلى اعتماد المرحلة الثانية من الاستراتيجية لعدد من المبادرات ذات الأولوية ضمن هذه المحاور وهى تعزيز نطاق الاستثمار، ورفع مستوى الوعى العام بالذكاء الاصطناعى، وجذب الاستثمارات فى مجال مراكز البيانات، وتمكين إدارة مراحل دورة حياة البيانات المحلية، والاستمرار فى تنمية القدرات فى مجال الذكاء الاصطناعى، وبناء منصة تكنولوجية اعتماداً على تطوير تكنولوجيا نماذج البيانات الكبيرة.

الدكتور عمرو طلعت
الدكتور عمرو طلعت

وأضاف الدكتور عمرو طلعت أن الاهتمام بتقنيات الذكاء الاصطناعى لم يعد مقتصرا فقط على المعنيين بتكنولوجيا المعلومات بل تجاوز ذلك واتسعت دائرة الاهتمام به لتشمل مختلف القطاعات فى كافة أنحاء العالم، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعى ليس علما جديدا ولكن الجديد هو القدرات الحوسبية التى حولت هذه اللوغاريتمات من علم نظرى إلى واقع وابتكارات فى كافة المجالات، مضيفا أن هناك تزايد ملحوظ فى الاهتمام بمناقشة القضايا المرتبطة بتقنيات الذكاء الاصطناعى نتيجة للانتشار السريع لاستخدام هذه التقنيات وقدرتها على إحداث تحول كبير شامل، بالإضافة إلى ما تفرضه من عدة تحديات من أبرزها حيادية البيانات المستخدمة فى منظومات الذكاء الاصطناعي، وتأثير الانتشار الواسع لاستخدام هذه التقنيات على الوظائف وسوق العمل مما يستدعى تطوير برامج التدريب لتواكب المتطلبات الجديدة لسوق العمل.

وأوضح الدكتور  عمرو طلعت أن التنامى المتسارع الذى تشهده تقنيات الذكاء الاصطناعى يأتى مدفوعا بالتطورات السريعة فى صناعة الحوسبة، وتزايد حجم البيانات التى تعد قوام الذكاء الاصطناعي، لافتا إلى معيار 50 مليون مستخدم الذى يقيس سرعة تبنى المجتمعات للتكنولوجيا الحديثة، موضحا أنه بينما استغرق العالم 50 عاما للوصول إلى 50 مليون مستخدم للتليفزيون، و14 عاما للحاسب الشخصى، و 19 يوما لأحد الألعاب الإلكترونية، فإن تطبيقات الذكاء الاصطناعى التوليدى استطاعت جذب 100 مليون مستخدم خلال أسبوع واحد فقط.

من جانبها أكدت الدكتورة نيفين مكرم، نائب رئيس الجمعية المصرية لنظم المعلومات، أن الدولة المصرية تمتلك رؤية واضحة لإعداد كوادر شبابية قادرة على تنفيذ إستراتيجية مصر الرقمية، وهي رؤية تهدف إلى تعزيز التحول الرقمي في مختلف المجالات.

الدكتورة نيفين مكرم
الدكتورة نيفين مكرم

وأوضحت مكرم أن الدولة المصرية تولي اهتمامًا بالغًا بالتحول إلى مجتمع رقمي، حيث تبذل جهودًا ضخمة في هذا المجال بهدف تسهيل حياة المواطنين وتقديم الخدمات الرقمية بشكل يواكب التطورات العالمية. كما أكدت على أهمية زيادة الوعي لدى المواطنين حول كيفية استخدام هذه التكنولوجيا الحديثة بشكل فعال لتحسين حياتهم اليومية.

وأشارت مكرم إلى أن قطاعي التعليم والصحة يعدان من أولويات الدولة في عملية التحول الرقمي، لافتة إلى دور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة التعليم. وقالت إن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في تقديم خدمات التعليم لكل شخص عبر برامج تعلم ذكية تستطيع تحليل بيانات الطلاب وتقديم أساليب التعلم الأنسب لهم، بالإضافة إلى مساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبات تعلم وذوي الاحتياجات الخاصة في تحسين تجربتهم التعليمية.

فيما يتعلق بقطاع الصحة، أكدت مكرم أن الذكاء الاصطناعي يساهم بشكل كبير في تحليل البيانات الطبية واكتشاف الأمراض، وكذلك وضع بروتوكولات علاجية مناسبة. كما أشارت إلى التعاون القائم بين وزارة الاتصالات ومستشفى بهية للكشف المبكر عن سرطان الثدي، وهو مثال على استخدام التكنولوجيا لتحسين الرعاية الصحية وتقديم خدمات طبية متطورة للمواطنين.

وأضافت أن الدولة تسعى من خلال هذه المشاريع إلى تحقيق نقلة نوعية في تقديم الخدمات للمواطنين وتحسين مستوى الحياة بشكل عام، وتستهدف تعزيز الكفاءة والفاعلية في كل من قطاعات التعليم والصحة عبر دمج التكنولوجيا الحديثة في هذه المجالات الحيوية.

وفي السياق ذاته، قال محمد عزام، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن الذكاء الاصطناعي متوقع أن يغير العالم أجمع ويضيف قيمة استثمارية ضخمة تصل إلى 15 تريليون دولار في 2030 للاقتصاد العالمي أي 15% من الاقتصاد العالمي.

الدكتور محمد عزام
الدكتور محمد عزام

ولفت إلى أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي بات أمر ضروري، بل أصبح من الخطر عدم الاستثمار فيه، مضيفاً أن الاستثمار في تلك التقنية يتطلب امتلاك التكنولوجيات ونماذج تعلم البيانات، فالعالم ينفق نحو 100 مليار استثمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي سنوياً، لذا الدولة مطالبة بتشجيع الشركات الناشئة والاستثمار فيها خاصة تلك التي يمكنها تجذب استثمارات في هذا المجال.

وأضاف أن الدولة يجب أن تعمل على الاستثمار داخلياً في الشركات الناشئة المصرية التي تعمل في هذه النوعية من التطبيقات المتقدمة، حتى يمكن لتلك الشركات جذب استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات في هذا القطاع.

وشدد على ضرورة توفير بيئة داعمة لتلك الشركات من حيث تفعيل القوانين الخاصة بحوافز الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى توفير البيئة الخاصة فيما يتعلق بالتشريعات وخاصة حوكمة البيانات، موضحاً أن الذكاء الاصطناعي يحتاج إلى معدل كبير من البيانات حتى يتعلم ويخرج لنا بناءً على التعلم القرارات الخاصة به، لذا نحتاج في هذا السياق إلى تشريع تجاه حوكمة البيانات وهو ما تعمل عليه الدولة المصرية.

كما أشار إلى ضرورة توفير البنية الأساسية للمواهب والتعلم المستمر من خلال مبادرات أمثال “اشبال مصر الرقمية، وبناة مصر الرقمية”، ويوجد برامج متخصصة للتدريب المستمر في مجال تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

كما وجه بالعمل على ربط هذه الشركات بالمشروعات داخل مصر، فأي شركة لديها تطبيق جيد في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن الاستفادة منه وتطبيقه في أحد القطاعات، علي سبيل المثال القطاع الصحي أو اللوجيستيات أو القطاع الصناعي.

وتابع أنه من خلال الذكاء الاصطناعي يتم رفع القدرة التنافسية للقطاع وهو ما يساعد تلك القطاعات على أن تكون أكثر جاذبية للاستثمارات لأنها تصبح قطاعات متواكبة مع العصر تتمتع بقدرات تنافسية وإنتاجية عالية، بالتالي نحتاج للعمل على أكثر من محور.

وفيما يتعلق بالتحول للاقتصاد الرقمي الكامل، قال دكتور محمد عزام: أصبحنا نرى الكثير من التطبيقات في الشمول المالي، ونسب الشمول المالي ارتفعت بشكل كبير وصلت إلى 70% بعدما كانت 30% خلال الأربع سنوات الماضية، كما وصلت المدفوعات اللانقدية إلى 40% وهي نسب قريبة من النسب العالمية.

ونوه إلى أن الاقتصاد القائم على المعرفة يضم الاقتصاد القائم على قطاع تكنولوجيا المعلومات وهو قطاع ينمو بصورة كبيرة وقدرته التقنية عالية في حالة الاهتمام به يمكن معه زيادة الصادرات التي تشكل الآن 6.5 مليار دولار هذا الرقم قد يصل إلى 50 مليار دولار في حال اختيار قطاعات واعدة يتم تنمية القدرات بها ويكون لدينا شركات قادرة على التصدير وجذب الاستثمارات. ، بالإضافة إلى تشجيع استهلاك المواقع للتكنولوجيا.

ياسر البندراي
ياسر البندراي

ياسر البنداري، المستثمر في الذكاء الاصطناعي، لفت إلى أن هناك العديد من الحوافز المطلوبة لتعزيز نمو هذه التكنولوجيا في مصر ودمجها في مجتمعات الأعمال، ومنها وجود منظومة مشجعة على نمو هذه التكنولوجيا وتعزيز حضورها في القطاعات الاقتصادية والخدمية الرئيسية، مشيرا إلى أن تحديد وزارة خاصة للذكاء الاصطناعي أو تغيير مسمى وزارة الاتصالات ستدعم بشكل رئيسي الصناعة بدءا من توفير ميزانية محددة ومناسبة للذكاء الاصطناعي حيث أن ميزانية البحث العلمي في مصر 600 مليون جنيه فقط، والذكاء الاصطناعي أحد عناصر البحث العلمي ،”مايمثل رقم محدود”.

تابع، نحن لدينا الكفاءات التي تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي وتقدم حلول مختلفة ولدينا براءات اختراع أيضا، والشركات التكنولوجية بالمنطقة قائمة على المواهب المصرية، مما يحتاج معه إلى دعم الدولة بشكل أكبر الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، مثلما أصبح هناك اتجاه للكثيرين للاستثمار العقاري، فالدولة يجب أن تدفع هذه الصناعة للأمام، من خلال وضع القوانين التي تنظم ذلك، بداية من وضع تعريف لريادة الأعمال والذكاء الاصطناعي، والاستماع للمتخصصين لمعرفة ما يحتاجه هذا القطاع، وتشجيع المستثمرين، بتقديم تسهيلات لهم، ويكون هناك رؤية مستقبلية للقطاع ككل، لأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن من القرارات في الكثير من المجالات.

وأشار ياسر البنداري، إلى أن احتمالات الوصول لكامل الأهداف فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي مازالت بعيدة، في ظل توجه الكثير من الشركات الناشئة المصرية ورواد الأعمال للتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي بعيدا عن المؤسسات الكبرى التي تمتلك الإماكنيات المالية الكبيرة، إلى جانب استراتيجية الدولة للذكاء الاصطناعي التي تستهدف إنشاء صناعة متكاملة بدءا من الموارد البشرية المؤهلة وبناء القدرات المؤسسية،إلى جانب ابتكار المنصات والتكنولوجيات المطلوبة ، ووضع الأطر القانونية التي تضمن مسار هذه التكنولوجيا ومستقبلها وتأثيراتها، وهو مايحتاج لتنفيذها بالشكل المطلوب الوقت والكثير من الاستثمارات الحكومية والخاصة.

ووفقا لتقديرات حجم سوق الذكاء الاصطناعي في العالم فإن قيمة هذا السوق بلغت في العام 2023 قرابة 208 مليارات دولار لترتفع إلى 298.2 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وما يصل إلى 420.4 مليار دولار بنهاية 2025.

وتوقع تقرير “ستاتيستا” المنصة الدولية المختصة بالإحصاءات والبيانات، أن يتجاوز سوق الذكاء الاصطناعي حاجز التريليون دولار في العام 2028، مسجلاً ما قيمته 1.068 تريليون دولار، وحوالي 1.415 تريليون دولار في العام 2029.

وقال تقرير “ستاتيستا”:”يغطي سوق الذكاء الاصطناعي عدداً كبيراً من الصناعات. كل شيء بدءاً من سلاسل التوريد والتسويق وصناعة المنتجات والبحث والتحليل والمزيد هي المجالات التي ستتبنى الذكاء الاصطناعي في بعض الجوانب ضمن هياكل أعمالها”.