التحولات الكبرى في صناعة ما، تأتي من فلسفة إدارية ناجزة تكسر تقاليد الماضي وتراعي أبعاد المستقبل، حيث “نقطة توقف” للنظر إلى ما تم إنجازه وما يجب أن نصل إليه، وذلك في ظل تحولات اقتصادية عالمية كبرى لا تراعي أي أبعاد للمتأخرين أو المعتقدين ضمنيا أنهم وصلوا إلى القمة، أو من يستيقظون صباحا ليقلبوا في دفاترهم القديمة ويدورون في دوائر الروتين العقيمة، “فقطار المستقبل يسافر بعدد قليل جدا لكنه يدهس كثيرين تحت عجلاته”.
هكذا يجب أن نفسر مضمون وأبعاد ما قامت به الدولة المصرية في هذا التوقيت بطرحها “وثيقة سياسة ملكية الدولة”، التي تستهدف منها قبل تحديد الأنشطة الاقتصادية التي ستتواجد فيها الحكومة أو تتخارج منها خلال السنوات العشر المقبلة وإفساح المجال للقطاع الخاص، مراعاة التداعيات التي حدثت في الاقتصاد العالمي جراء تداعيات جائحة كورونا والصراع القائم في شرق أوروبا، والتأثير الكبير في معنويات المستثمرين العالميين وما حدث من تغيير في فلفسة اتجاهاتهم لدخول الأسواق، والقواعد الجديدة التي تحكم حركة رؤوس الأموال.
فالدولة تستهدف من هذا التوجه الضروري، زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد إلى 65% خلال الأعوام الثلاث المقبلة، من 30% العام الماضي، كما تخطط لجذب استثمارات جديدة بـ 40 مليار دولار على مدى السنوات الأربعة المقبلة من خلال بيع حصص في أصول مملوكة للدولة إلى مستثمرين محليين ودوليين.
قطاع جدير بالثقة
ولتحقيق هذه المستهدفات، لا تجد الدولة إلا تحديد القطاعات الاستراتيجية التي تراهن عليها في الوقت الحالي وأن تعزز قوتها بسياسات أكثر ملائمة لطبيعتها وتطورها المالي والتشريعي، وعلى رأس القائمة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي أثبت أنه قطاع جدير بالثقة خلال السنوات الماضية في تحقيقه معدلات نمو كبيرة وتأثيره الكبير في عملية التحول الشامل للجمهورية الجديدة، حيث اشتملت “وثيقة سياسة ملكية الدولة” على باب كامل حول اتجاه الحكومة لتكوين شراكات ما بين القطاعين العام والخاص فـي إطار برنامج زيادة كفاءة الأصول المملوكة للدولة لتعزيز فرص استفادة مصر من التحول الرقمي، وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة.
وتنص الوثيقة على أن الحكومة ستسعى لتكوين شراكات بين القطاعين العام والخاص في أكثر من 20 قطاعا تكنولوجيا، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والأمن السيبراني وتخزين وتصدير الطاقة والنقل الذكي، أمن الفضاء الإلكتروني، الحوسبة السحابية، تقنيات الاتصالات للجيلين الخامس والسادس، التقنيات المالية الحديثة، البيانات الضخمة، المدن الذكية وغيرها، من أجل دعم جهود الدولة لتحقيق التحول الرقمي، بالإضافة إلى اشتمالها أيضا على قرارات استراتيجية من نوعية، تأسيس مجلس أعلى يضم ممثلين من الوزارات المعنية والاتحادات ومنظمات الأعمال، والعمل على تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية لدعم التحول نحو الثورة الصناعية الرابعة.
وتتوزع نسب التخارج والتثبيت في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وفقا للوثيقة، كالآتي: “التخارج” بنسبة 11%، “الإبقاء مع تثبيت أو تخفيض الاستثمارات” بنسبة 11%، “الإبقاء مع تثبيت أو زيادة الاستثمارات” بنسبة 77%.
فكيف سيكون شكل الاستثمار في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصري وفقا لهذه التوجهات خلال السنوات المقبلة، وهل نأخذ كدولة دورا استباقيا ورياديا في توجيه الحوار حول قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وفقا لخطط هذه الوثيقة، وما هي التحديات التي تنتظرنا؟
نقطة انطلاق
الأرقام تشكل نقطة انطلاق، فوفقا لتقرير لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فإن الدولة المصرية مهتمة بتعزيز مشاركة القطاع الخاص في جهود التنمية من خلال تطوير البنية التحتية من أجل تشجيع الاستثمارات الخاصة، ومنها حرصها على زيادة الاستثمارات العامة في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ، فقد بلغ حجم الاستثمارات العامة خلال السنوات السبعة الماضية في مجال التحول الرقمي 72.4 مليار جنيه أي ما يعادل 4.3 مليار دولار أمريكي، وارتفع معدل نمو القطاع ليصل إلى 16% في 2020/2021 ، كما ارتفعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي من 4.4% في 2019/2020 إلى 5% في العام المالي 2020/2021.
ووفقا للتقرير فالصادرات الرقمية ارتفعت من 4.1 مليار دولار في 2019/2020 إلى 4.5 مليار دولار في 2020/2021 ، وجاءت مصر ضمن أسرع 10 دول نمواً للشمول الرقمي على مستوى العالم، ومن المقرر أن تبلغ حجم الاستثمارات الحكومية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال العام المالي المقبل 2022/2023 حوالي 22.8 مليار جنيه بنسبة نمو 22%.
وبلغت نسبة النمو في استثمارات الشركات الناشئة نحو 157% لتتضاعف من 190 مليون دولار بعدد 117 صفقة في عام 2022، إلى 490 مليون دولار بعدد 147 صفقة خلال عام 2021.
التنوع في الأنشطة
الأرقام تشير إلى واقع ملموس من التطور على مستوى مؤشرات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتحركه خلال السنوات الماضية، إلا أن التنوع في الأنشطة الاستثمارية شرط رئيسي لضمان الاستمرار وتحقيق مستهدفات القطاع العامة، خاصة إذا كان القطاع يمتلك العديد من الأنشطة التي أشارت اليها “الوثيقة” وتبحث عن التطور المتنامي فيها، وذلك وفقا للمهندس خالد إبراهيم رئيس غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات CIT.
وأشار إلى أن الوثيقة تمت باحترافية على كافة المستويات وتشكل نقطة بداية قوية تلائم التطورات المتلاحقة في الاقتصاد العالمي، وهو ما يتطلب مزيد من العمل على عناصرها المتعلقة بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأيضا صناعة الإلكترونيات التي تشكل توجها استراتيجيا للدولة، والذي يحتاج بجانب السياسات العامة المنصوصة في الوثيقة إلى زيادة جهود تفضيل المنتج المحلي لزيادة تعزيز نشاط القطاع الخاص في الصناعات الإلكترونية، مع دعم مظلة قوانين حماية المستهلك وبرامج التصدير.
ونوه خالد إبراهيم إلى أن خروج وثيقة ملكية الدولة بتقييمات واضحة لأداء القطاعين العام والخاص، يشير إلى مدى الشفافية في تعامل الدولة مع قضايا الشراكة مع القطاع الخاص، والإلمام بمختلف تقديرات المؤسسات الدولية للتطورات المختلفة بالاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن الوثيقة تأتي في ظل توزان ملحوظ على مستوى تحركات الدولة لجذب الاستثمارات خاصة في منطقة الخليج، وهو ما سيمنح القطاع استثمارات جديدة في العديد من المجالات كالبينة التحتية والأمن السيبراني والمدن الذكية.
وتركز الدولة في الوقت الحالي على جذب استثمارات أجنبية، في محاولة منها لتقليل الاعتماد على الأموال الساخنة بعدما أدت الاضطرابات العالمية إلى خروج أكثر من 20 مليار دولار من استثمارات أدوات الدين خلال أول 4 أشهر من 2022.
استقرار القطاع
من جانبه قال هشام حمدي، محلل قطاع الاتصالات ببحوث شركة النعيم القابضة، أن أي تحركات من جانب الدولة لزيادة استثمارات القطاع وإعادة تركيب عناصر منظومته الحاكمة ستحظى بفرصة نجاح كبيرة، خاصة وأن الخدمات المقدمة من جانب القطاع أصبحت من الضروريات، مشيرًا إلى أن القطاع استفاد بقوة من أزمة كورونا، كما أنه يستفيد أكثر في الوقت الحالي بسبب توجه الدولة لرقمنة المؤسسات والشركات والاعتماد على التكنولوجيا في شتى مناحي الحياة وهو ما يعزز توقعات نموه في المستقبل على مستوى زيادة الاستثمارات من الشركات القائمة أواستقبال لاعبين جدد.
وتوقع أن ينمو القطاع إلى رقم يلامس الـ 15% خلال العام الجاري، مدعومًا بهذه التحركات التنظيمية وأيضا نمو خدمات استهلاك البيانات والإنترنت، بالإضافة إلى الاستثمار في البنية التحتية للاتصالات، وتنفيذ العديد من المشروعات وعلى رأسها مبادرة «حياة كريمة»، والاتجاه للرقمنة بشكل عام، إلى جانب قدرة الشركات على التوسع بسبب ملاءتها المالية القوية لتنفيذ توسعاتها.
الاستثمار المحلي
وأشار هشام حمدي، إلى أن هناك فرص كبيرة للقطاع الخاص للاستثمار في المجالات الناشئة كخدمات التكنولوجيا المالية والداتا والتأمين، خاصة وأن الاستثمار في قطاع المحمول لا يحتمل دخول شركات جديدة للسوق في هذا التوقيت، منوها إلى أن الاستثمار المحلي في القطاع وهو “عنصر رئيسي” يجب أن يركز على تعزيز قدرته على التنافس عن طريق الابتكار، وهو يتضمن رواد أعمال وشركات كبيرة وصغيرة، وأصحاب رؤوس أموال استثمارية، وممولي مشاريع ناشئة، وأيضا وسطاء حكوميين.
ووفقًا لدراسة تحليلية، فإن الاستثمارات المحلية في الاقتصاد الرقمي في العالم العربي ومنها مصر أقل من الهند بـ 10 أضعاف، وأضعف من الصين بـ15 مرة، وتزداد الفجوة اتساعًا وعمقًا عند مقارنتها مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تسبقها بـ200 ضعف ، وهو مايتطلب وفقا لهذه المؤشرات تعزيز وثيقة ملكية الدولة بطرح خريطة كاملة للعديد من المشروعات التكنولوجية التي تستهدف التحول الرقمي الكامل.
وقال الدكتور خالد شريف مستشار وزير السياحة والآثار للتحول الرقمي، والمستشار الأسبق لوزير الاتصالات، في تصريح سابق لنشرة “FollowICT”، إن السياسات الاستثمارية الحاكمة للقطاع يجب أن تتغير بحيث لا يقتصر الاستثمار في قطاع الاتصالات على رجال الأعمال أو المؤسسات الكبرى، مشيرا إلى أنه يجب أن يفتح الاستثمار لقطاع عريض من الشعب عبر الطرح في البورصة، فدولة مثل السعودية تجبر الشركات على طرح نسبة منها في البورصة، لذا يجب تعديل قانون الاستثمار أو الشركات، على أن يكون هناك نص بأن تدرج شركات الاتصالات والتكنولوجيا في البورصة بنسبة لا تقل عن 30%.
وأشار إلى أنه يجب على الدولة المصرية أن تسعى لتعزيز كافة أنماط التمويل وآلياته وتشمل تمويل الديون، وإنشاء أسواق رأس مال أولية وثانوية، إلى جانب تفعيل دور القطاع المصرفي وإنشاء شبكات لممولي المشاريع الناشئة وبرامج دعم حكومية.
اقتراحات مباشرة
المهندس هشام العلايلي، الرئيس التنفيذي السابق للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، أكد على أنه قدم خلال الجلسة التي ناقشت وثيقة سياسة ملكية الدولة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وخريطة تواجد أو تخارج الدولة على مستوى الأنشطة بهذا القطاع ، مجموعة من الاقتراحات تمثل أبرزها، في عمل قانون خاص بحوافز جاذبة للكيانات الكبرى لمراكز البيانات، للحفاظ على مركز دولي في هذا المجال وتحقيق مستهدفات مصر بأن تكون مركز عالمي للكابلات البحرية.
وكان رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، في يونيو الماضي قد أصدر عدة تكليفات إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تضمنت دراسة وطرح مراكز البيانات للصناديق السيادية أو لمستثمر، وجذب الاستثمار في أبراج الاتصالات سواء بحق الانتفاع أو المشاركة كما شملت التكليفات طرح المراكز التكنولوجية والجامعات التكنولوجية للاستثمار.
وأشار العلايلي إلى أنه دعا لدمج جهاز تنظيم الاتصالات وإيتيدا ليصبح جهاز لتنظيم الخدمات الرقمية، كما طالب بتخارجهما عن وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منوها إلى أن أغلب الدول وتحديدًا الدول المتقدمة تتبع هذا المنهج في الفصل.
وشدد على سرعة تعديل قانون الاتصالات ليشمل جميع الخدمات الرقمية، كما طالب بضرورة إعادة النظر في ترخيص مراكز البيانات وتشجيع الشركات بالعمل به وليس العكس، مؤكدًا ضرورة أن يكون لدى الدولة المصرية كل مقومات تأمين الأمن السيبرانى، وأن يكون 100% محلى وغير معتمد على أي مصدر أجنبي وطرف ثالث.
وطالب المهندس هشام العلايلي، بتشجيع حقيقي للمستثمر المحلي والأجنبي على السواء في هذ القطاع الحيوي والهام خاصة مع تأكيد منصوص وثيقة ملكية الدولة على توجه مصر لعقـد شراكات مـع القطاع الخاص،لتأسيس مشروعات رائدة فـي عدد من مجالات الثورة الصناعية الرابعة المختلفة؛ بهـدف زيـادة فـرص اسـتفادة القطاعات الاقتصاديـة، وأيضا سعيها إلـى تطوير البيئة التشريعية والتنظيمية لدعم التحول نحو الثورة الصناعية الرابعة، وذلك من خلال تكاتف جهود الجهات المعنية كافـة؛ لضمان توفر وإنفاذ التشريعات والأطر التنظيمية الخاصة بضمان السلامة السيبرانية، والأمن الرقمي، وحماية البيانات الشخصية، وحقوق الملكية الفكرية، والنماذج الصناعية، وحوكمـة أنظمة الذكاء الاصطناعي.
في حين أوضح أيمن عصام، رئيس قطاع الشؤون الخارجية والقانونية في شركة فودافون، أن الدولة تحتاج إلى أن تُبقي على استثماراتها في الاتصالات الأرضية مع تثبيت حجم هذه الاستثمارات، مشيرا إلى أن الوثيقة تحمل الكثير من الأفكار الجيدة المتعلقة بالقطاع ومايمكن للقطاع الخاص القيام به خلال الفترة المقبلة، خاصة مع التوسعات التي تقوم به الشركات والثقة في مستقبل القطاع.
إتاحة خدمات الفايبر
وأشار إلى ضرورة تحقيق التوازن بزيادة الحوافز الممنوحة لجميع شركات الاتصالات خلال سياسات العمل التي ستخرج من هذه الوثيقة وما ستترجمه من أليات، مع إتاحة خدمات الفايبر للشركات الخاصة أيضاً مما يساهم في تسريع وتيرة التحول إلى العمل بالألياف الضوئية لتعزيز سرعات الإنترنت مع الاتجاه للرقمنة والتعاملات الإلكترونية في كافة القطاعات.
وأعلنت الحكومة ممثلة في وزارتي الاتصالات والإسكان في إبريل المقبل ، تفعيل عمل الكود المصري لأسس التصميم واشتراطات تنفيذ شبكات الألياف الضوئية للاتصالات في المباني والمنشآت، لتحسين خدمات الإنترنت فائق السرعة، حيث تعطي تلك الكابلات إتاحة وكفاءة أكبر لخدمات نقل البيانات.
وذكر أيمن عصام، أن قطاع الاتصالات شهد نمواً ملحوظًاًّ خلال الفترة الماضية رغم جائحة كورونا وذلك بسبب التطور السريع في البنية التحتية الرقمية، والذي نتج عنه توقيع اتفاقيات حصول شركات الاتصالات على ترددات جديدة، مؤكدا على أن الجائحة أثبتت أهمية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وضرورة الاستثمار في دعم التحول الرقمي.
توصيات الجلسة الحوارية
ونلخص هنا أبرز مقترحات الجلسة الحوارية التي عقدت لخبراء التكنولوجيا حول وثيقة ملكية الدولة والتي شارك بها العديد من الخبرات.
حيث أشارت المهندسة أسماء حسني، رئيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا” السابق خلال الجلسة، إلى أن وثيقة سياسة ملكية الدولة فرصة لتخرج شركات الدولة في قطاع الاتصالات من عباءة العمل الحكومي إلى عباءة القطاع الخاص على المستوى العالمي وأن شركةٌ مثل المصرية للاتصالات لديها الفرصة لذلك.
وفي سياق متصل، قال عاصم وهبي، نائب رئيس جمعية اتصال:” ننتظر من الدولة وضع تصنيف واضح لحجم ونشاط شركات البرمجيات والمبرمجين؛ للتعرف على فرص القطاع الخاص في هذا النشاط، مطالباً بإضافة النظم إلى أنشطة البرمجيات واستشارات الحاسب.
فيما أوضح المهندس وليد جاد، الرئيس السابق لغرفة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باتحاد الصناعات، أننا نتطلع إلى أن تساعدنا وثيقة سياسة ملكية الدولة في حل بعض مشكلات القطاع مثل: رصد احتياجات سوق العمل في القطاع، والتنسيق مع الدولة لتغذية السوق بالكوادر التي يحتاج إليها للنهوض بالقطاع.
استغلال الأصول
بينما طالب المهندس محمد أمين، سفير الصناعة لجمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونيات بأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، الدولة بأن تُبقي على استثماراتها في شركة المصرية للاتصالات، وفي الوقت نفسه تعمل على تحقيق استغلال أفضل لأصول الشركة ومقارها الموزعة على مستوى الجمهورية، مشيداً بالجهد المبذول في إعداد هذه الوثيقة، مطالباً بأن يكون لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وللدولة المصرية بشكل عام دور مهم في الثورة الصناعية الرابعة، من جهتها.
وقالت الدكتورة هدى بركة، مستشار وزير الاتصالات لتنمية المهارات التكنولوجية، إننا نحتاج إلى إضافة تصنيف واضح ومحدد لنشاط شركات خدمات الأمن السيبراني؛ لأنه قطاع مهم، وينمو بشكل كبير، ويقدم خدماته للدولة والقطاع الخاص؛ مع إبقاء الدولة على استثماراتها في هذا النشاط، مع إدماج أنشطة “النشر- البث الإذاعي والتليفزيوني- خدمات المعلومات- نشر وإنتاج برامج التليفزيون والفيديو والأفلام السينمائية” في نشاط واحد.
وخلال ورشة العمل، لفتت المهندسة ميرنا عارف، مدير عام مايكروسوفت مصر، إلى أهمية وثيقة سياسة ملكية الدولة، مؤكدة أنها خطوة نحو دعم مشاركة القطاع الخاص للدولة في التحول الرقمي الشامل الذي يتم تنفيذه حاليًّا، من خلال رقمنة جميع الخدمات الجماهيرية.
فصل الملكية عن الإدارة
في حين أشار المهندس أحمد السبكي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إلى أن الدولة ليست في حاجة إلى التخارج بنسبة 100% من القطاع، ولكنها تحتاج إلى فصل الملكية عن الإدارة، طبقًا لما جاء في وثيقة سياسة ملكية الدولة.
وأضاف أن مجتمع القطاع ينتظر التعرف على خطوات تخارج الدولة من بعض المجالات المتعلقة بالقطاع خلال الـ 3 سنوات المحددة في الوثيقة، مؤكدا على أن القطاع يحظى
وتابع المهندس شهير بشري، عضو مجلس إدارة اتصال، قائلًا: ندعم توجه وثيقة سياسة ملكية الدولة، لتدعيم تنافسية قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ونتفق بشكل كبير مع ما يخص دور جهاز تنظيم الاتصالات بفصله عن وزارة الاتصالات؛ لضمان الحياد التنافسي.
الصناعات الإلكترونية
وأشاد اللواء أحمد عبد العزيز، رئيس مجلس إدارة مصنع الإلكترونيات بالهيئة العربية للتصنيع، بوثيقة سياسة ملكية الدولة باعتبارها تستهدف فتح المجال أمام القطاع الخاص لزيادة المشاركة في الصناعات الإلكترونية، خاصة في ظل نجاح مشاركة القطاع الخاص للهيئة العربية للتصنيع في عدد من مشروعات التعاون لإنتاج اللاب توب والهاتف المحمول وأجهزة التابلت والشاشات، بالإضافة إلى مشروعات شراكة أخرى بين الطرفين في مجال تصنيع كابلات الفايبر.
وأكد على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الصناعات الإلكترونية، بما يسهم في توطين التكنولوجيات المطلوبة للارتقاء بالصناعة، وزيادة قدرات إنتاج التصميمات التكنولوجية بجانب قدرات التجميع لتعظيم العائد من تلك الصناعة، مضيفًا أن صناعة أشباه الموصلات أصبح تحظى باهتمام دولي في ظل التنافس الشديد بشأنها بين الولايات المتحدة والصين، وما ترتب عليه من مشكلات تتعلق بسلاسل الإمداد أعقاب أزمة كورونا، وهو ما يحتم دخول الدولة لذلك المجال وزيادة استثماراتها فيه لتفادي أي أزمات عالمية.
من جانبها قالت الدكتورة شيرين عبد القادر، رئيس مجلس إدارة معهد بحوث الإلكترونيات، إنه لابد من الإبقاء على تواجد الدولة في مجال صناعة أشباه الموصلات، مشيرة إلى عدد من المشروعات التي تبنتها الدولة في ذلك الإطار، وتحتاج إلى استمرار تواجدها وزيادة استثماراتها فيها خلال الفترة المقبلة، مثل: مشروع المدينة العلمية للأبحاث وصناعة الإلكترونيات، والذي قالت إنه بمثابة حاضنة علمية لرواد الأعمال في صناعة الإلكترونيات، تتبناه الدولة لتمكين شباب ريادة الأعمال من الحصول على الخدمات والاستشارات التي تؤهلهم لبدء النشاط بالسوق.
وأضافت، أن الدولة أيضاً تتبنى مشروعات أخرى في مجال أشباه الموصلات، تتطلب استمرار تواجدها في ذلك المجال، مثل مشروعات دعم مراحل ما بعد التصميم للمنتجات الإلكترونية، والتي تدخل فيها الدولة في تحالف مع جهات من شرق آسيا وأوروبا، لدراسة أبرز مجالات إنتاج الرقائق الإلكترونية الأكثر تحقيقًا للعوائد الاقتصادية، مؤكدة أن كافة تلك المشروعات تشير إلى أهمية المشاركة بين القطاعين العام والخاص في مجال أشباه الموصلات ضمن وثيقة “ملكية الدولة”.
واقترحت الدكتورة عايدة الصبان، مستشار وزير الإنتاج الحربي لتصنيع الإلكترونيات، زيادة تفصيلات الأنشطة الفرعية لقطاع الصناعات الإلكترونية داخل خريطة تواجد أو تخارج الدولة ضمن الوثيقة، مؤكدة على أهمية دعم التصنيع الإلكتروني القائم على ابتكارات التصميم وفق تشريعات محددة تساعد على النهوض بأداء القطاع، مضيفة أن جلسات وورش العمل ضمن الحوار المجتمعي لوثيقة “ملكية الدولة” تثري النقاش المطلوب لزيادة نسب مساهمة التصنيع الإلكتروني في الاقتصاد المصري.
توطين تكنولوجيات الصناعة
وقال محمد سالم، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لصناعة السيليكون “سيكو مصر”، إن جذب المستثمر الأجنبي يعد أمرًا هامًا للقطاع لزيادة نسب توطين تكنولوجيات الصناعة، مطالبًا بمجموعة من الخطوات لزيادة فعالية الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن بينها زيادة برامج دعم الصادرات الموجهة للمصنعين ودعم توفير المكونات المغذية للإلكترونيات وتوحيد جهة الاختصاص فيما يخص الصناعات الإلكترونية.
وطالب خليل حسن، رئيس شعبة الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا بالاتحاد العام للغرف التجارية، بزيادة المزايا التي يوفرها قانون الاستثمار في مجال التصنيع الإلكتروني، لزيادة تمكين القطاع الخاص ولدعم سياسات الحياد التنافسي التي تنتهجها الدولة ضمن مستهدفات وثيقة “ملكية الدولة”.
واتفق معه أحمد السبكي، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والذي طالب بزيادة الحوافز للقطاع الخاص في تصنيع أشباه الموصلات، وتهيئة البيئة التشريعية لتصنيع الإلكترونيات بشكل عام، لتشمل قواعد عمل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وإنشاء مناطق اقتصادية لدعم صناعة السوفت وير في مصر، مشيرًا إلى أهمية تبني آليات المشاركة في التمويل والإدارة بين القطاعين العام والخاص في تلك المشروعات.