وتعتمد شركة “أبل” بالفعل على الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بشكل كبير، إلا أن نجاحها يرجع بالأساس إلى الابتكار وليس الذكاء الاصطناعي؛
وبينما كانت أجهزة الكمبيوتر تشكل جميع أعمال شركة “أبل” تقريبًا منذ 20 عامًا فقط، فإن أجهزة “ماك” لم تشكل سوى 10.4% فقط من إيرادات الشركة العام الماضي.
– اعتمدت منتجات “أبل” ونماذج الأعمال الجديدة على الابتكار والقدرة على رؤية ما لم يُعرف أو لم يتح بعد، وليس على تحليل البيانات أو الذكاء الاصطناعي، فقد كان بإمكان القادة المبتكرين مثل ستيف جوبز وجوني إيف رؤية أوجه القصور في أجهزة مشغلات الموسيقى المحمولة “إم بي ثري”، بينما لم يكن بإمكان أي خوارزمية إخبارهما بكيفية إنشاء طريقة جديدة بالكامل للاستماع إلى الموسيقى.
– ظهرت أجهزة مثل “آيفون” و”آيبود” و”آيباد” بسبب قدرة الاثنين على تصور طرق لتطبيق تقنيات جديدة، وأيضًا بفضل إحساسهما المتميز بالتصميمات التي تركز على المستخدم، كما ظهرت خدمات مثل “آيتونز” و”متجر أبل” بفضل التزام الشركة بتقديم تجارب جديدة وذات قيمة للمستهلكين، وبالتالي فإن الابتكار وليس الذكاء الاصطناعي أو البيانات هو الذي ساهم في وصول قيمة الشركة إلى تريليون دولار.
– من غير المتوقع أن تؤدي البيانات إلى نتائج مماثلة، فالتقنيات الكمية (حتى تلك المتطورة للغاية مثل التعلم العميق) محدودة للغاية، فهي تعتمد بالأساس على بيانات محددة، وتبحث عن أفضل إجابة أو حل من بين مجموعة من الخيارات المحددة مسبقًا.
– إن طبيعة الأدوات المعتمدة على البيانات تجعلها غير مناسبة للتوصل إلى ابتكارات جريئة ومهمة تغير العالم، فالابتكارات الجديدة تمامًا تحدث بسبب أفكار تثيرها محادثة تمت مصادفة، أو بفضل اكتشاف غير متوقع في المختبر أو بفضل القدرة على ربط مجموعة متباينة من المعلومات من مجالات مختلفة معًا.
– حين بدأ المصمم جوني إيف العمل في شركة “أبل” كان قد صمم سابقًا منتجات عديدة من بينها الجوالات، لكنه لم يكن لديه خبرة في مجال صناعة أجهزة الكمبيوتر، ورغم ذلك ساهم في نجاح الشركة على مدى عقدين بتصميم منتجات جديدة، بفضل قدرته على تصور كيف يمكن للتقنيات الجديدة أن تبني عالمًا لم يكن موجودًا بعد.
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يضر أكثر مما ينفع
– يمكن أن يعيق تركيز الشركات المفرط الآن على الذكاء الاصطناعي والأدوات الكمية عملية التوصل إلى ابتكارات تغير العالم، فإذا كان كل قرار تتخذه الشركات مبنياً على البيانات، فمن المستحيل أن تتمكن أي شركة من ابتكار شيء جديد لا يعتمد على البيانات المحددة مسبقًا.
– لا يعني ذلك عدم أهمية الذكاء الاصطناعي أو تحليل البيانات؛ فالاثنان مهمان لتطوير المنتجات الموجودة حاليًا، ومن المهم أن تستخدم الشركات الذكاء الاصطناعي في ابتكاراتها، ففي حين لم تتوصل خوارزمية إلى تصميم جوالات “آيفون”، إلا أن المساعد الذكي “سيري” أضاف قيمة كبيرة لهذه الجوالات.
– تشير كل المؤشرات والحقائق إلى أن الشركات الكبرى مثل “أمازون”و”أبل” و”مايكروسوفت” اعتمدت في نجاحها ليس على الذكاء الاصطناعي أو تحليل البيانات، وإنما على الابتكارات التي غيرت الطريقة التي يعمل ويتسوق الأشخاص بها، وبالتالي يجب ألا تنسى الشركات، في ظل انبهارها بإمكانات الذكاء الاصطناعي، أهمية العمليات البشرية مثل الابتكار والاكتشاف في التوصل لابتكارات جديدة.