Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

في ظل التنافس الأمريكي.. الرئيس الصيني يلتقي أباطرة التكنولوجيا في بلاده لأول مرة منذ 2018

في حدث يُعد علامة فارقة في سياسة الصين الاقتصادية، ترأس الرئيس الصيني شي جين بينغ اجتماعاً مع عدد من كبار رواد الأعمال في البلاد، من بينهم جاك ما، الشريك المؤسس لمجموعة علي بابا، وذلك في إشارة قوية إلى دعم بكين المتجدد للقطاع الخاص بعد سنوات من التشديد التنظيمي.

هذا الاجتماع، الذي حضره أيضاً رئيس الوزراء لي تشيانج، يأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد الصيني تحديات كبيرة، بما في ذلك تباطؤ النمو، المنافسة التكنولوجية مع الولايات المتحدة، وضغوط اقتصادية داخلية.

شارك في الاجتماع نخبة من أبرز الشخصيات في عالم الأعمال الصيني، بما في ذلك لي جون، الرئيس التنفيذي لشركة شاومي، ووانج شينج، مؤسس شركة ميتوان، ووانج شينشينج، مؤسس شركة الروبوتات يوني تري، ورن تشنج فاي، مؤسس هواوي تكنولوجيز، الذي يُعتبر أحد أبرز الأسماء في مساعي الصين لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الأمريكية.

ألقى الرئيس شي جين بينج كلمة عقب استماعه إلى ممثلي الشركات الخاصة، مؤكداً على أهمية الابتكار ودور القطاع الخاص في دفع عجلة النمو الاقتصادي. كما ناقش الحضور سبل تعزيز التعاون بين القطاع الخاص والحكومة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا الخضراء، والاكتفاء الذاتي التكنولوجي.

تحول في السياسة: من التشديد إلى الدعم

يأتي هذا الاجتماع بعد سنوات من الحملات التنظيمية الصارمة التي أطلقتها الحكومة الصينية ضد القطاع الخاص، وخاصة في قطاع التكنولوجيا.

وكان جاك ما، الذي اختفى عن الأنظار لفترة طويلة بعد انتقاده العلني للجهات التنظيمية، أحد أبرز المتأثرين بهذه الحملات، ففي عام 2020، أوقفت السلطات الصينية الطرح العام الأولي لشركة آنت غروب التابعة لـ”علي بابا”، مما أثار موجة من القلق بين المستثمرين.

ومع ذلك، يبدو أن السلطات الصينية قد بدأت في تبني نهج أقل تشدداً في الآونة الأخيرة، وذلك في محاولة لتعزيز الثقة المجتمعية وتحفيز النمو الاقتصادي.

يقول يو تشوانمان، كبير المحاضرين في كلية الحقوق بجامعة سنغافورة للعلوم الاجتماعية: “هذه أقوى إشارة يمكن أن ترسلها الصين لتعزيز الثقة المجتمعية. يبرز حضور شي جين بينغ بنفسه للقاء رواد الأعمال الأهمية السياسية لهذا الاجتماع.”

التركيز على الذكاء الاصطناعي: محور النقاش

أحد الموضوعات الرئيسية التي تمت مناقشتها خلال الاجتماع هو الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الصين إلى تعزيز مكانتها في هذا المجال الحيوي.

وأشار المحللون إلى أن نجاح شركات مثل علي بابا في تطوير نماذج ذكاء اصطناعي متقدمة، مثل نموذج “كوين”، يعكس تنامي قدرات الصين التكنولوجية، كما أن مشاركة شركات مثل ديب سيك في الاجتماع يؤكد على أهمية الذكاء الاصطناعي في الاستراتيجية الاقتصادية الصينية.

وكتبت غولدمان ساكس في تقرير حديث: “أسفر ظهور نماذج الذكاء الاصطناعي الصينية التي تتميز بتنافسيتها العالمية وفعاليتها من حيث التكلفة عن تغيير السردية بشأن التكنولوجيا الصينية، وأعاد تقييم تفاؤل المستثمرين بشأن نمو الذكاء الاصطناعي وفوائده الاقتصادية.”

ردود الفعل: ماذا قال الخبراء؟

وصف يو تشوانمان الاجتماع بأنه “أقوى إشارة يمكن أن ترسلها الصين لتعزيز الثقة المجتمعية.”، وأضاف أن حضور شي جين بينغ شخصياً للقاء رواد الأعمال يبرز الأهمية السياسية لهذا الاجتماع، ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن هذا التحول في السياسة قد لا يكون جذرياً تماماً، بل هو جزء من استراتيجية أوسع لتحفيز الاقتصاد في ظل التحديات الحالية.

من جهته، قال جوناثان فينبي، الخبير الاقتصادي في جامعة أكسفورد: “تدرك الصين أن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للابتكار والنمو. هذا الاجتماع يعكس رغبة بكين في إعادة بناء الجسور مع رواد الأعمال بعد سنوات من التوتر.”

تأثيرات على الأسواق: موجة تفاؤل

عزز الاجتماع التفاؤل في أسواق الأسهم الصينية، حيث شهدت أسهم شركات مثل علي بابا وشاومي ارتفاعاً ملحوظاً، ويعكس هذا التفاؤل توقعات المستثمرين بأن الحكومة الصينية قد تتبنى سياسات أكثر دعمًا للقطاع الخاص في المستقبل القريب.

كما ارتفع مؤشر هانغ سنغ للشركات الصينية بنسبة 5% خلال الأسبوع الماضي، مما يعكس ثقة المستثمرين المتجددة في الاقتصاد الصيني.

توقعات مستقبلية: ماذا بعد؟

يتوقع المراقبون أن تعمل الحكومة الصينية على إطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية لدعم القطاع الخاص، بما في ذلك تخفيف القيود التنظيمية على الشركات التكنولوجية، وزيادة الاستثمارات في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص والحكومة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للبلاد.

ومع ذلك، يبقى من غير الواضح إلى أي مدى ستترجم هذه الإشارات الإيجابية إلى إجراءات ملموسة. يقول لي وي، المحلل الاقتصادي في شنغهاي: “الاجتماع خطوة إيجابية، لكن نجاحها سيعتمد على مدى تنفيذ السلطات لإصلاحات حقيقية.”

قصص نجاح: علي بابا وهواوي نموذجاً

لا يمكن الحديث عن القطاع الخاص في الصين دون ذكر علي بابا وهواوي، ففي عام 1999، أسس جاك ما شركة علي بابا من شقته الصغيرة، لتصبح اليوم واحدة من أكبر الشركات التكنولوجية في العالم، أما هواوي، التي أسسها رن تشنغ فاي، فقد نجحت في أن تصبح لاعباً رئيسياً في مجال الاتصالات والتكنولوجيا، رغم العقوبات الأمريكية.

خطوة نحو المستقبل

يمثل اجتماع شي جين بينغ مع رواد الأعمال الصينيين يمثل تحولاً مهماً في سياسة الصين تجاه القطاع الخاص، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والتكنولوجية التي تواجهها البلاد، بينما يبقى من غير الواضح إلى أي مدى ستترجم هذه الإشارات الإيجابية إلى إجراءات ملموسة، إلا أن الاجتماع يعد خطوة مهمة نحو تعزيز الثقة ودعم الابتكار في الاقتصاد الصيني.