مفاجأة كبيرة فجرها مارك زوكربيرج في حديث له، في شهر يوليو الماضي، حول مستقبل فيسبوك، شركته الأكثر شهرة وانتشارا عالميا كشبكة للتواصل الاجتماعي.
لم يتحدث زوكربيرج عن مستقبل فيسبوك في عالم الإعلانات، والتي توفر الجزء الأكبر من أرباح فيسبوك حاليا، كما لم تكن حول زيادة مستخدمي شبكته الاجتماعية، والتي تضم بالفعل ما يقرب من 3 مليار مستخدم نشط شهريا، بل كانت حول هدف فيسبوك لبناء “ميتاڤيرس” Metaverse!
وميتاڤيرس Metaverse هي كلمة يتم تداولها حاليا في وادي السيليكون، وأصبحت هاجسا لأي شخص يحاول التنبؤ بالعقد القادم من التطور التكنولوجي، وكيفية الاستفادة القصوى منه.
قال زوكربيرج: “أتوقع أن ينتقل الناس من رؤيتنا كشركة تواصل اجتماعي في المقام الأول إلى رؤيتنا كشركة ميتاڤيرس”، وبالفعل أعلن زوكربيرج مؤخرا عن خطة فيسبوك لتعيين 10 آلاف شخص في أوروبا من أجل مساعدتها على بناء “ميتاڤيرس” Metaverse.
ما هو الـ”ميتاڤيرس” Metaverse؟
ميتاڤيرس هو مصطلح يشير بشكل عام إلى بيئات العالم الافتراضي المشتركة، والتي يمكن للناس الوصول إليها عبر الإنترنت، كما يشير إلى العوالم الرقيمة التي أصبحت أكثر واقعية من خلال استخدام تقنيات الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR.
ويمكن وصف عوالم ألعاب الفيديو بالـ”ميتاڤيرس”، حيث يكون لدى المستخدمين شخصية افتراضية يمكنها التجول والتفاعل مع اللاعبين الآخرين، كما يوجد نوع من “ميتاڤيرس” يستخدم تقنية البلوكشين Blockchain، حيث يمكن للمستخدمين شراء الأراضي الافتراضية والأصول الرقمية الأخرى باستخدام العملات المشفرة.
وتصف لعبة الأطفال الشهيرة “روبلوكس” Roblox نفسها بأنها شركة ميتاڤيرس، كما تعتبر لعبة “فورتنايت” Fortnite جزءا من الميتاڤيرس.
وفي عالم الميتاڤيرس، تمكن الموسيقيون من إقامة حفلات موسيقية افتراضية، ففي سبتمبر الماضي، شاهد الملايين المغنية أريانا جراندي وهي تؤدي فعليا عرضا في فورتنايت، أحد أشهر ألعاب شركة Epic Games، كما جربت أكبر شركات الأزياء في العالم صنع ملابس افتراضية، يمكن للأشخاص ارتداؤها في بيئات الميتاڤيرس.
إنها عوالم رقمية بديلة، قادمة من عالم الخيال العلمي، يمكن وصفها بالمرحلة التالية من تطور الإنترنت، تقدم عوالم افتراضية متعددة الأبعاد، يتقابل فيها المستخدمون، ويتفاعلون مع المحتوى الرقمي بدلا من الاقتصار على مشاهدته.
فيسبوك تتحول إلى ميتاڤيرس
بشكل مبدئي، رصدت فيسبوك 50 مليون دولار للاستثمار في بناء “ميتاڤيرس”، بالمشاركة مع المنظمات والمؤسسات المعنية.
تضاف استثمارات ميتاڤيرس إلى استثمارات فيسبوك السابقة في تقنيات الواقع الافتراضي VR والواقع المعزز AR، وتطوير أجهزتها، مثل سماعات الرأس Oculus VR، والعمل على نظارات الواقع المعزز والتقنيات القابلة للارتداء.
وقالت فيسبوك أن برامج XR الجديدة وصندوق الأبحاث سيستثمر الأموال على مستوى العالم، على مدى عامين، من أجل تطوير تقنيات ميتاڤيرس، بصورة شاملة ومتاحة لجميع المستخدمين، مع تشجيع المنافسة في هذه الصناعة الناشئة.
كما كشفت فيسبوك عن خطتها للتعاون مع الباحثين في 4 علوم تقنية، بما في ذلك خصوصية البيانات وأمانها، مع الأخذ في الاعتبار الاهتمام بآراء المستخدمين في تقييم تقنيات ميتاڤيرس، ورصد ملاحظاتهم عليها.
وفي سبيل تركيزها على تطوير الميتاڤيرس، أعلنت فيسبوك مؤخرا تعليق تطوير تطبيق إنستجرام كيدز مؤقتا، وهو تطبيق لتوفير محتوى مناسب لأعمار الأطفال دون سن الـ13.
ويرجح أن تلجأ فيسبوك إلى تغيير اسمها للتركيز على بناء “ميتاڤيرس”، فبحسب موقع “ذي فيرج”، سيكشف الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج النقاب عن الاسم الجديد في مؤتمر “كونكت” Connect السنوي في 28 أكتوبر الجاري.
وتحتوي القائمة الأولية لشركاء فيسبوك في صندوقها الجديد لتطوير ميتاڤيرس، جامعة هوارد في واشنطن العاصمة، التي ستبحث كيفية توليد الفرص الواعدة في ميتاڤيرس، وكذلك جامعة سيول الوطنية وجامعة هونج كونج، واللتان ستبحثان في سلامة وأخلاقيات والتصميم المسؤول للميتاڤيرس.
كيف ستحقق فيسبوك أرباحا من ميتاڤيرس؟
يتبنى مارك زوكربيرج وفريقه الاستثماري صورة واضحة إلى حد كبير لكيفية استفادتهم وجني الأرباح من ميتاڤيرس.
تنوي فيسبوك بيع الأجهزة التقنية الخاصة بعالم ميتاڤيرس بأرخص سعر ممكن، والتركيز على جني الأموال من خلال التجارة وبيع السلع الافتراضية والإعلانات داخل عوالم ميتاڤيرس، فمن المهم جذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين إلى ميتاڤيرس، ومن ثم مضاعفة حجم الاقتصاد الرقمي داخله.
وكما يؤكد زوكربيرج، فسوف تكون الإعلانات جزءا مهما من استراتيجية فيسبوك للربح من ميتاڤيرس، كما أبدى تفاؤله الشديد بشأن التجارة في العالم الرقمي.
وترصد فيسبوك المليارات سنويا لتطوير ميتاڤيرس، وإن لم تعلن الشركة رقما محددا حتى الآن، لكن المحللون يتوقعون ألا يقل هذا الاستثمار عن 5 مليار دولار سنويا.