في عالم ريادة الأعمال، قد تفتح لك الكاريزما والقدرة على الإقناع كل الأبواب. لكن حين يُبنى النجاح على الوهم، فمصيره الانهيار مهما طال الزمن. وقصة إليزابيث هولمز، مؤسسة شركة “ثيرانوس”، هي الدليل الأوضح على أن الكذب لا يصنع إنجازًا حقيقيًا.
وُلدت إليزابيث هولمز عام 1984 في واشنطن، ونشأت في أسرة ميسورة. التحقت بجامعة ستانفورد لدراسة الهندسة الكيميائية، لكنها كانت تحلم منذ البداية بأن تصبح مثل ستيف جوبز. وفي سن التاسعة عشرة، قررت ترك الجامعة لتؤسس شركتها الخاصة.
كان حلمها بسيطًا في شكله، لكنه ثوري في مضمونه: جهاز صغير يستطيع إجراء مئات الفحوصات الطبية من نقطة دم واحدة فقط. لو تحقق هذا الحلم، لأحدث ثورة في عالم الطب، حيث تصبح التحاليل أسرع وأسهل وأكثر دقة.
في عام 2003، أسست إليزابيث شركة “ثيرانوس”. ارتدت القميص الأسود الشهير الذي كان يميز ستيف جوبز، وتحدثت بثقة لافتة، واستطاعت أن تسيطر على كل غرفة تدخلها. أقنعت كبار المستثمرين بفكرتها، وجمعت أكثر من 700 مليون دولار، وبلغت قيمة شركتها 9 مليارات دولار.
ظهرت على أغلفة مجلات شهيرة مثل Forbes وFortune، ووُصفت بأنها “ستيف جوبز الجديدة”، وأصبحت أصغر مليارديرة عصامية في العالم.
لكن خلف هذا النجاح الباهر، كانت الحقيقة مختلفة تمامًا. الجهاز الذي وعدت به لم يكن يعمل كما ادّعت، وكانت نتائجه غير دقيقة، بل قد تُعرض حياة المرضى للخطر. والأسوأ أن الشركة كانت تستخدم أجهزة تقليدية من شركات أخرى، وتقدّم نتائجها على أنها من ابتكار “ثيرانوس”.
وفي عام 2015، نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تحقيقًا كشف المستور، وبدأت الأمور تنهار بسرعة. فتحت الحكومة الأمريكية تحقيقًا، واكتشف المستثمرون أنهم وقعوا ضحية خداع ممنهج.
في عام 2018، وُجهت إلى إليزابيث هولمز ومدير العمليات في شركتها تهم بالاحتيال وخداع المستثمرين. وفي عام 2022، صدر الحكم بسجنها 11 عامًا. وهكذا تحولت من رمز للنجاح إلى واحدة من أشهر المحتالين في تاريخ وادي السيليكون.