رجلٌ قرّر أن يسير عكس التيار، وأن يثبت أن الأفكار الجريئة قد تكون أقوى من أي مهارة تقنية. ذلك الرجل هو بيتر ثيل، المستثمر الذي أصبح أحد أكثر العقول تأثيراً في وادي السيليكون، والذي لم يكن مهندسا بارعا أو مبرمجا استثنائيا، في عالم تُكتب فيه معظم قصص النجاح التكنولوجي على يد مثل هؤلاء!
وُلد ثيل في عام 1967، وقضى طفولته متنقلاً بين دولٍ عدة بحكم عمل والده، وزرع هذا الترحال المستمر فيه شعوراً دائماً بأنه خارج الإطار، وغير مندمج، وغير مقتنع بالمسلمات التي يتعامل معها الآخرون كحقائق ثابتة.
عندما التحق ثيل بجامعة ستانفورد، لم يختر علوم الحاسوب كما يفعل معظم الطامحين للعمل في التكنولوجيا، بل اختار الفلسفة، فقد كان مشغولاً بسؤال واحد: كيف تصنع الأفكار شكل العالم؟
هناك، لاحظ ثيل شيئاً لافتاً: رغم كثرة العقول الذكية في وادي السيليكون، إلا أن معظمها يفكر بالطريقة نفسها.. أهداف متشابهة، وأحلام متطابقة، ونسخ متكررة من بعضها البعض.
عمل ثيل لفترة قصيرة في المحاماة والاستثمار والبنوك، لكن التجربة لم تُرضِ طموحه، فقد اكتشف أن النظام التقليدي يكافئ الأمان، بينما كان يرى أن الأمان هو العدو الأول للابتكار.
مع صعود الإنترنت في أواخر التسعينيات، أدرك أن هناك فرصة ضخمة في مجال الدفع الإلكتروني، رغم أن فكرة تحويل الأموال عبر الإنترنت كانت تُعد مخاطرة مخيفة في ذلك الوقت.
ففي عام 1998، شارك ثيل في تأسيس شركة صغيرة تحمل اسم “بايبال” (PayPal)، التي تميزت بفريق عمل فريد من الشخصيات المتمردة والعنيدة التي لا تؤمن بالقواعد التقليدية، من بينهم إيلون ماسك وريد هوفمان.
واجهت “بايبال” تحديات هائلة، من بينها الاحتيال، والهجمات الإلكترونية، والمنافسة الشرسة، والضغوط الشديدة من شركات عملاقة أرادت إغلاقها، لكن هذه التجربة لم تصنع نجاح “بايبال” فقط، بل كوّنت شبكة علاقات أصبحت تُعرف لاحقاً باسم “مافيا بايبال” (PayPal Mafia)، التي خرج منها نصف أساطير وادي السيليكون.








