في خطوة متوقعة، قرر بنكا الأهلى المصرى ومصر تخفيض أسعار العائد على الشهادات الدولارية، وذلك تزامنًا مع خفض الاحتياطى الفيدرالى (البنك المركزى الأمريكى) أسعار الفائدة على الدولار، إضافة إلى تباطؤ معدلات التضخم الأساسى فى مصر خلال شهر سبتمبر الماضى مقارنة بشهر أغسطس السابق عليه.
مما يدفعنا إلى التساؤل حول إمكانية توجه البنك المركزى إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية الخميس المقبل.
واستبعد الخبراء توجه البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، على أن يتجه إلى تثبيت أسعار الفائدة خلال هذا الاجتماع خاصة وأن معدلات التضخم مازالت بعيدة عن مستهدفات البنك المركزى المصرى.
وأعلن البنك الأهلى المصرى عن تعديل عائد الشهادات الدولارية “الأهلى فورا” و”الأهلى بلس” ليصبح عائد شهادة الأهلى فورًا لمدة 3 سنوات، 25.5% بدلاً من 27% ويصرف العائد مقدمًا بالمعادل بالجنيه المصري، وعائد شهادة الأهلى بلس ومدتها 3 سنوات، 6.5% بدلاً من 7% ويصرف العائد ربع سنويا بالدولار، وذلك اعتباراً من يوم 9 أكتوبر الجارى.
وأوضح الخبراء أنه على الرغم من اتجاه البنك الفيدرالى الأمريكى لخفض سعر الفائدة بمعدل 0.5% لأول مرة منذ أربع سنوات وزيادة التوقعات باتجاه الفيدرالى للخفض خلال اجتماعاته المقبلة، إلا أن البنك المركزى يحرص على السيطرة على معدلات التضخم والتى تشير التوقعات لتراجعه خلال النصف الأول من 2025؛ لذا فإن السيناريو الأقرب هو اتجاه البنك المركزى لتثبيت أسعار الفائدة فى اجتماعه المقبل.
وسجل معدل التغير الشهرى فى الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذى أعلنه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء 2.1% فى سبتمبر 2024 مقابل 2% فى سبتمبر 2023 و2.1% فى أغسطس 2024.
وعلى أساس سنوي، سجل معدل التضخم العام للحضر 26.4% فى سبتمبر 2024 مقابل 26.2% فى أغسطس 2024، فيما سجل معدل التغير الشهرى فى الرقم القياسى الأساسى لأسعار المستهلكين، الذى يعده البنك المركزي، 1% فى سبتمبر 2024 مقابل 1.1% فى سبتمبر 2023 و0.9% فى أغسطس 2024، فيما سجل معدل التضخم الأساسى 25% فى سبتمبر 2024 مقابل 25.1% فى أغسطس 2024.
وتوقع تقرير صادر عن “فيتش سوليوشنز”، بدء البنك المركزى خفض أسعار الفائدة بنحو 12% على مدار عام 2025 بشكل تراكمى، بجانب تراجع التضخم إلى أقل من 20%، مستبعدا إجراء أي تحرك في الفائدة خلال العام الجاري.
فيما توقعت إدارة البحوث المالية بشركة اتش سى للأوراق المالية والاستثمار أن تبقى لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى المصرى على سعر الفائدة دون تغيير فى اجتماعها الخميس المقبل.
وقالت نعمت شكرى، رئيس البحوث المالية بشركة إتش سى، إنه على الرغم من الحاجة لخفض أسعار الفائدة لتحفيز نمو الناتج المحلى الإجمالى، إلا أننا نتوقع من لجنة السياسات النقدية أن تؤجل هذا الخفض حتى وقت لاحق من العام.
وأشارت إلى أن مصر شهدت تحسنًا كبيرًا فى وضعها المالى الخارجى، نتيجة زيادة فائض ميزان المدفوعات للربع الرابع من السنة المالية 2023-2024، واحتفاظ القطاع المصرفى بمركز صافى أصول من العملة الأجنبية عند 9.73 مليار دولار فى أغسطس، إلا أنه انخفض بمقدار 3.54 مليار دولار على أساس شهرى متحولاً بذلك من صافى التزامات للقطاع المصرفى من العملة الأجنبية قدره 25.9 مليار دولار فى نفس الوقت من العام الماضي.
ولفتت إلى ارتفاع صافى احتياطى النقد الأجنبى بقيمة 140 مليون دولار فى سبتمبر إلى 46.737 مليار دولار من 46.597 مليار دولار فى أغسطس، وانخفاض مؤشر قيمة مبادلة مخاطر الائتمان فى مصر لمدة عام واحد إلى 407 نقطة أساس من 857 نقطة أساس فى يناير.
وأضافت أن النمو الاقتصادى فى مصر لا يزال محدودا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة التى تؤثر على استثمارات القطاع الخاص، لافتةً إلى انخفاض مؤشر مديرى المشتريات فى مصر لشهر سبتمبر إلى ما دون حد الـ 50 نقطة أى إلى 48.8 بعد أن كان قد تجاوزه فى أغسطس، مما يشير إلى تراجع جديد فى نشاط القطاع الخاص المصرى غير النفطي.
وفى سعيها لمواجهة هذه التحديات، أعلنت الحكومة عن حوافز استثمارية وحزمة إعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية لتحفيز النمو الاقتصادي.
وتوقعت نعمت شكرى، أن يتسارع التضخم بنسبة 1% على أساس شهرى إلى 26.5% على أساس سنوى فى أكتوبر بسبب الزيادات فى أسعار الكهرباء للقطاعات المنزلية والتجارية والصناعية فى سبتمبر وارتفاع محتمل فى أسعار الطاقة فى أكتوبر مع اجتماع اللجنة الحكومية المسؤولة عن تسعير البنزين والسولار المقرر فى أكتوبر لمناقشة أسعار البنزين والسولار للربع الرابع من عام 2024.
وفى السياق نفسه، توقعت منى بدير محللة الاقتصاد الكلى، أن يتجه البنك المركزى المصرى لتثبيت سعرى عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، خلال اجتماعه المقبل.
أشارت إلى أن تعديل البنك الأهلى المصرى وبنك مصر لسعر العائد على الشهادات الدولارية لن يؤثر على قرار المركزى خلال اجتماعه المقبل فى ظل بلوغ معدلات التضخم لمستويات أعلى من المستهدف.
ويستهدف البنك المركزى خفض معدلات التضخم خلال العام الجارى إلى 7% فى الربع الرابع بزيادة أو نقصان 2%، على أن يسجل 5% فى المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2026، وذلك قبل أن يتم تعديلها لأقل من 10% مطلع العام 2025.
بينما توقعت آية زهير، رئيس قسم البحوث بشركة زيلا كابيتال، أن يتجه البنك المركزى لتثبيت الفائدة خلال اجتماعه المقبل على أن يتجه للخفض بداية من الربع الأول من 2025، وذلك بالتزامن مع انحسار معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة واستمرار خفض الفائدة من قبل الفيدرالى الأميركى.
أضافت أنه على الرغم من اتجاه البنك الفيدرالى الأمريكى لخفض سعر الفائدة بمعدل 0.5% وزيادة التوقعات باتجاه الفيدرالى للخفض خلال اجتماعاته المقبلة، إلا أن البنك المركزى يحرص على السيطرة على معدلات التضخم والتى تشير التوقعات لخفضه خلال النصف الأول من 2025.
واستبعد محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، اتجاه البنك المركزى لخفض سعر الفائدة خلال اجتماعه المقبل، نظرًا لارتفاع أسعار بعض السلع والمنتجات خلال الفترة الماضية، قائلاً «إن الحفاظ على معدلات الفائدة الحالية ضروريًا لحين ترقب التأثيرات الناتجة من تصاعد الأحداث الجيوسياسية بالمنطقة».