كانت مصر من الدول التي استحدثت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عام 1999 وكان الدكتور أحمد نظيف أول وزير لها، وخلفه الدكتور طارق كامل، وجميع العاملين بقطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعرفون جيدا كيف أضاف كلاهما للقطاعين ووضعوا الكثير من السياسات والخطط ونفذوها إلى أن تبوئت مصر وصناعة تكنولوجيا المعلومات مكانة مرموقة في عام 2010، ويمكنكم مراجعة تقارير ماكينزي وجارتنر، والأهم يمكن مراجعة العاملين بالمجتمع المدني في قطاعي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
هذه المقدمة مهمة قبل استعراض موقف حالي لما يتم بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بداية كل المؤشرات المحلية أو الدولية المرتبطة بزيادة الاستخدام للإنترنت والهاتف المحمول أو زيادة نسبة القطاع من الناتج المحلي إيجابية وفي زيادة سنوية وهو أمر طبيعي لزيادة السكان عاما بعد عام وارتفاع تكلفة استخدام المحمول بدءا من سعر الجهاز نفسه حتى استخدامه للاتصال أو استخدام التطبيقات عبر الإنترنت وكذلك واجهة الحاسب الشخصية أو للشركات والجهاز الحكومي، أما غير الطبيعي هو زيادة أعداد الشركات التي تم الإعلان عنها في حصاد الوزارة عام 2019 في مؤشر تسجيل الشركات الجديدة حيث تم الإعلان عن تسجيل العام الماضي على سبيل المثال 1199 شركة و العام 2018 تم تسجيل 970 شركة أي بمعدل تقريبا ألف شركة سنويا، مما يطرح سؤالا لماذا 1600 شركة فقط مسجلة بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات وحوالي 700 شركة فقط (أولا عن آخر ومعدل الزيادة السنوية لا يكاد يكون 50 شركة) في منظمات المجتمع المدني مثل اتصال أو غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات أو شعبة الاقتصاد الرقمي!
وقبل أن نترك منطقة المؤشرات الإيجابية بادرت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بتقديم منصة تعليمية مجانية عبر الانترنت للمصريين في مجالات تحليل البيانات والتسويق الإلكتروني Egypt Farward وهي محاولة جيدة لمن يبحثون عن ترقية أنفسهم في مجال تكنولوجيا المعلومات.
لكن نستطيع أن ندلل من التقارير الدولية على تراجع مصر في مؤشرات تنمية الحكومة الإلكترونية بالأمم المتحدة وترتيب مصر كواجهة لخدمات التعهيد كما بتقرير AtKerny السنوي لكننا لن نستعرض بحثا علميا حتى لا يضيق صدر القراء بكثرة الأرقام فالهدف من المقال أن معظم التطور أو التقدم هو في الحقيقة مرتبط بقطاع الاتصالات الأغنى والأكبر والأشهر (على الرغم من سوء الخدمة التي يعلمها القاصي والداني من شهور) وبالتالي الأكثر اهتماما من الوزارة أما مجال تكنولوجيا المعلومات المتمثل في الصناعة البرمجيات أو التدريب أو خدمات التعهيد للبرمجيات أو مراكز الاتصال أو مقدمي الخدمات المتكاملة أو التجارة الإلكترونية أو صناعة الإلكترونيات فحدث ولا حرج مثل هذه الصناعات و تكنولوجيا المعلومات هي من تقود في العالم وأرجع إلى أكبر وأغنى الشركات العالمية هي أمازون وجوجل ومايكروسوفت وعلي بابا والكثير ممن يعرفهم الزملاء والقراء.
وانحسرت معظم إنجازات هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (ايتيدا) الفترة الماضية في بناء 4 مدن تكنولوجية جديدة لا نعلم حتى الآن من هم المستثمرون الأجانب الذين تواجدوا بها مع استمرار الشكوى من ارتفاع التكلفة للتواجد فيها.
وهاجمت جائحة كورونا العالم واستفادت وساعدت صناعة تكنولوجيا المعلومات في العالم في التغلب على آثار الجائحة إلا في مصر، فقد تهاوت الشركات واحدة تلو الأخرى وانكمشت بشدة نتيجة عدم علمهم بتطبيقات الاجتماعات الإلكترونية، وتأثر مبيعاتهم بشدة لانحسار السوق الصغير أصلا واهتزاز السوق الخليجي، كل هذه الأسباب لعدم الإطالة وإن كان لنا جولات أخرى عن التدريب في تكنولوجيا المعلومات ووضع مشروع التحول الرقمي الحالي يدعونا لطرح السؤال الذي يدور في أذهان أهل الصناعة وهو: لماذا لا يكون هناك وزارة مستقلة لتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي؟ وتكون مسؤولة عن ملف التحول الرقمي والبنية التحتية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني ومراكز البيانات الوطنية وصناعة التعهيد وكل الملفات غير المرتبطة بالاتصالات بتحقيق أهداف الدولة المصرية وتوجيهات السيد الرئيس ورؤية 2030.
نلتقي مرة أخرى لاستكمال تساؤلاتنا ومحاولة الإجابة عليها وطرح المبادرات لتقدم صناعتنا الهامة وطننا الحبيب.
تحليل كتبه: أ.د.م عصام الجوهري
خبير نظم المعلومات وإدارة التحول الرقمي بالهيئة والاستشارية لمعهد التخطيط القومي بوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية.
عضو مجلس إدارة ومدير وحدة الأنشطة العلمية التعاقدية بمعهد التخطيط القومي.
رئيس مجلس إدارة ميني ماكس للبرمجيات وتكنولوجيا المعلومات.