في مثل هذا اليوم، 3 مايو من عام 1984، أسس الشاب الأمريكي مايكل دل، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 19 عامًا فقط، شركة صغيرة لبيع أجهزة الكمبيوتر من غرفته الجامعية في جامعة تكساس في أوستن.
كانت الفكرة بسيطة لكنها ثورية: بيع أجهزة الكمبيوتر مباشرة إلى العملاء دون وسطاء، مما يقلل التكاليف ويوفر تجربة مخصصة للمستخدمين.
بدأت الشركة تحت اسم “بي سيز ليمتد” (PC’s Limited)، وكانت تعتمد على مبدأ التصنيع حسب الطلب (Build-to-Order)، حيث يقوم العملاء بطلب مواصفات أجهزتهم، وتقوم الشركة بتجميعها وشحنها مباشرةً إليهم.
في عام 1988، تغير اسم الشركة إلى “دل كمبيوتر” (Dell Computer Corporation)، وتم إدراجها في البورصة، لتصبح واحدة من أسرع الشركات نموًا في التاريخ، وبحلول عام 2001، أصبحت دل أكبر مُصنّع لأجهزة الكمبيوتر في العالم، متجاوزةً منافسيها مثل “هيوليت باكارد” (HP) و”آي بي إم” (IBM).
اعتمدت دل على نموذج البيع المباشر عبر الهاتف ثم الإنترنت، مما جعلها رائدة في مجال التجارة الإلكترونية قبل أن يصبح ذلك شائعًا، وواجهت الشركة تحديات كبيرة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، خاصة مع صعود منافسين مثل “هيوليت باكارد” و”لينوفو” و”أبل”، واضطرارها إلى التنويع في منتجات أخرى مثل الخوادم والتخزين والشبكات، وفي 2013، قرر مايكل دل خصخصة الشركة مرة أخرى لتعزيز مرونتها في المنافسة.
يُعتبر مايكل دل أحد أبرز رواد الأعمال في العالم، حيث حوّل فكرة بسيطة من غرفة جامعية إلى إمبراطورية تقنية بقيمة تريليونات الدولارات، مع تركيز دائم على الابتكار والكفاءة.
وفي 3 مايو من عام 1978، كتب جاري ثورك، ممثل التسويق في شركة “ديجيتال إكويبمنت” (DEC)، صفحةً جديدةً في تاريخ الاتصالات الرقمية بإرساله أول بريد إلكتروني تجاري غير مرغوب فيه – أو ما نعرفه اليوم بـ”السبام” – عبر شبكة “أربانت” (ARPANET)، التي كانت النواة الأولى للإنترنت الحديث.
أراد ثورك الترويج لفعالية “يوم مفتوح” لعرض أحدث أنظمة الكمبيوتر من DEC، فاختار طريقة غير مسبوقة: إرسال رسالة جماعية إلى 393 مستخدمًا على ARPANET، وهم جميع المستخدمين المسجلين على الساحل الغربي للولايات المتحدة آنذاك.
استاء الكثير من المستخدمين من هذه الرسالة غير المطلوبة، معتبرين أنها انتهكت قواعد “اللياقة الرقمية” السائدة في مجتمع ARPANET، الذي كان يضم في الغالب أكاديميين وباحثين، حتى أن مسؤولي الشبكة حذروا ثورك من تكرار هذه الممارسة.
رغم الانتقادات، حقق اليوم المفتوح نجاحًا كبيرًا، حيث جنت DEC مبيعات تجاوزت 12 مليون دولار، مما أثبت فعالية البريد الإلكتروني كأداة تسويقية.
وضعت هذه الرسالة أساسًا لما أصبح لاحقًا صناعة التسويق الرقمي، لكنها أيضًا فتحت الباب أمام موجة من الرسائل غير المرغوب فيها التي تطورت لاحقًا إلى عمليات احتيال وفيروسات.
يُعتبر ثورك اليوم “أبو السبام”، رغم أنه لم يكن يقصد إثارة الضرر، بل كان يسعى لابتكار طريقة تسويقية جديدة، وفي مقابلات لاحقة، قال مازحًا: “كان عليّ طلب المغفرة بدلًا من الإذن!”.
بعد أكثر من 45 عامًا، لا يزال السبام يشكل من 30% إلى 50% من حركة البريد الإلكتروني العالمية، لكن التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتشفير ساعدت في تقليص تأثيره.