في مثل هذا اليوم، 24 يناير من عام 1984، أطلقت شركة أبل للكمبيوتر جهاز الكمبيوتر الشخصي “ماكينتوش” Macintosh، في حدث تاريخي غيّر مسار صناعة الحواسيب.
تم الكشف عن الجهاز خلال اجتماع للجمعية العامة لمساهمي أبل، حيث قدمه المؤسس المشارك للشركة، ستيف جوبز، أمام حشد كبير من حوالي 3000 شخص، وكان الحدث بمثابة لحظة فارقة في تاريخ التكنولوجيا، حيث قدم “ماكينتوش” مفهوماً جديداً للحوسبة الشخصية من خلال واجهة مستخدم رسومية سهلة الاستخدام.
قبل إطلاق ماكينتوش، كانت أجهزة الكمبيوتر تعتمد بشكل كبير على واجهات سطر الأوامر، مما جعلها معقدة بالنسبة للمستخدمين العاديين. ومع ذلك، كانت أبل تعمل على تطوير واجهات مستخدم رسومية (GUI) منذ أواخر السبعينيات.
في عام 1983، أطلقت الشركة جهاز “أبل ليزا” Apple Lisa، الذي كان أول جهاز كمبيوتر تجاري مزود بواجهة رسومية، لكنه كان باهظ الثمن ولم يحقق نجاحاً تجارياً كبيراً، وجاء ماكينتوش ليكون الجهاز الذي يجلب الحوسبة الرسومية إلى الجماهير.
خلال الحدث، أظهر ستيف جوبز قدرات ماكينتوش بشكل دراماتيكي. قام الجهاز بتشغيل مقطع فيديو تم إعداده مسبقاً، حيث قدم نفسه بصوت اصطناعي قائلاً: “مرحباً، أنا ماكينتوش. من الرائع أن أخرج من هذا الصندوق!” كانت هذه اللحظة بمثابة صدمة للجمهور، حيث أظهرت مدى سهولة استخدام الجهاز مقارنة بالأجهزة الأخرى في ذلك الوقت.
واجهة المستخدم الرسومية (GUI) سمحت للمستخدمين التفاعل مع ماكينتوش باستخدام الفأرة والنقر على الرموز بدلاً من كتابة الأوامر النصية، كما كان ماكينتوش جهازاً صغيراً ومحمولاً مقارنة بالأجهزة الأخرى، مع شاشة مدمجة، وتضمن الجهاز برامج مثل MacPaint وMacWrite، التي أظهرت إمكانيات الواجهة الرسومية.
على الرغم من أن ماكينتوش لم يحقق نجاحاً تجارياً فورياً مقارنة بنظام DOS من مايكروسوفت، إلا أنه وضع معايير جديدة للحوسبة الشخصية. كانت واجهته الرسومية مصدر إلهام لنظام تشغيل مايكروسوفت ويندوز Microsoft Windows، الذي أصبح لاحقاً النظام التشغيل الأكثر انتشاراً في العالم، كما أثبت ماكينتوش أن الحوسبة يمكن أن تكون في متناول الجميع، وليس فقط للمتخصصين في التكنولوجيا.
لا يزال إرث ماكينتوش مستمراً حتى اليوم، ولا زالت سلسلة أجهزة أبل ماك Apple Mac، جنباً إلى جنب مع نظام التشغيل “ماك أو إس” macOS، مستمرة في دفع حدود الابتكار في صناعة الحواسيب، كما أن فلسفة التصميم التي بدأها ماكينتوش، والتي تركز على سهولة الاستخدام والجمالية، أصبحت سمة مميزة لمنتجات أبل.