Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

زياد عبد التواب يكتب: مراكز البيانات الغارقة

تشغل قضية مراكز البيانات (Data Centers) حيزا كبيرا ودورا محوريا وبارزا في العالم الرقمي، ومراكز البيانات باختصار هي تجميع لعدد كبير من الحواسب الكبيرة (الخوادم – Servers) مع أجهزة فنية لتأمين الشبكات ضد الاختراق، وبالطبع يتصل بها خطوط ربط لنقل البيانات والمعلومات بين الأنظمة الفنية والتطبيقات المستضافة (Hosted) عليها وبين المستخدمين لها.

وتتباين مراكز البيانات في الحجم، فهي تبدأ من مساحة 3 قدم مربع وصولا إلى أكبر مركز بيانات في العالم والموجود في الصين بمساحة تصل إلى 6.3 مليون قدم مربع، وفي المتوسط فإن مركز البيانات يشغل مساحة حوالي 100 ألف قدم مربعة، أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فإن أكبر مركز بيانات بها تصل مساحته إلى 3.5 مليون قدم مربعة، بالطبع تحتاج تلك المراكز إلى العديد من التجهيزات الأخرى المرتبطة بمصادر التيار الكهربائي المستقرة والمستمرة وأيضا منظومة متقدمة للتبريد.

لمراكز البيانات أيضا أربعة مستويات من التجهيزات والاعتمادية والاستمرارية في العمل، تبدأ بالمستوى الأول Tier1 بمستوى انتظام في العمل واستمرارية لـ 99.671% من الوقت، وصولا إلى المستوى الرابع Tier4 بنسبة استمرارية تصل إلى 99.995% من الوقت.

وفي هذا الإطار تجدر الإشارة إلى الميزة النسبية لموقع مصر في منتصف العالم واحتلالها للمركز الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية في عدد كوابل الألياف الضوئية البحرية التي تمر خلالها وهو ما يؤهلها لتكون الاختيار الأنسب لاستضافة مراكز البيانات الخاصة بالشركات العالمية والمؤسسات الدولية، الموقع المتوسط لمراكز البيانات من الناحية الجغرافية يوفر الكثير من الجهد والمال وايضا يحسن في الظروف المرتبطة بجودة واستمرارية الخدمات المقدمة من خلال تلك المراكز.

أغرب التجارب ما قامت به شركة مايكروسوفت مؤخرا من الإعلان عن انتهاء تجربة فريدة من نوعها تتضمن وضع مركز بيانات خاص بها تحت الماء بالقرب من جزيرة أركاني على الشواطئ الاسكتلندية، التجربة بدأت في عام 2018 وانتهت بنجاح منذ عدة أيام، مركز البيانات المغمور لم يكن كبير الحجم، فهو مكون من 12 كابينة، بالطبع تتصل بمصدر للتيار الكهربي وتتصل بكوابل الألياف الضوئية لاستمرارية تقديم الخدمات وأعمال الصيانة عن بعد، صرحت الشركة بأن الغرض الرئيسي من تلك التجربة هو أن يكون مركز البيانات قريب من المستخدمين له بما يحقق سرعة تبادل المعلومات والبيانات والاستفادة من الأنظمة الفنية الموجودة به، كما أنه يوفر في استهلاك الطاقة المستخدمة في تبريد أي مركز بيانات تقليدي فوق الأرض، بالطبع التجهيزات الخاصة بمراكز البيانات المغمورة يجب أن تكون في غاية الدقة والتعقيد، نظرا لاستحالة القيام بأعمال الدعم الفني أو تغيير المكونات المادية لأي من الخوادم الموجودة به أو أي من ملحقاتها.

بانتهاء هذه التجربة بنجاح والتي تشبه تجربة إطلاق الأقمار الصناعية في الفضاء نستطيع القول بأن البيانات والاتصالات أصبحت بالفعل على الأرض وفوقها وتحتها أيضا.

تجربة جديرة بالدراسة والدمج ضمن استراتيجيات وخطط استخدام مراكز البيانات وربما تفتح المجال للتطبيق في مصر بما لها من موقع جغرافي متميز بين دول العالم وقاراته المختلفة.

تحليل كتبه: م/ زياد عبد التواب

خبير التحول الرقمي والرئيس السابق لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار برئاسة مجلس الوزراء