أورنج مصر -موبينيل- سابقًا- هي أول مقدم لخدمات المحمول في السوق المصري عام 1998، وعلى مدار ما يقرب من 22 عاماً شهدت الشركة مراحل نجاح مختلفة وكذلك أزمات كبيرة استطاعت تجاوزها، إلى أن وصلت الشركة في السنوات الاخيرة إلى مرحلة من الاستقرار والتطور أهلّها لأن تحتل مرتبة الصدارة في تقديم خدمات نقل البيانات وفقًا لتقارير الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، ولكن النتائج التي حققتها أورنج مصر على مدار الفترة الأخيرة لا تشير فقط إلى اعتمادها على شبكات قوية أو تكنولوجيا حديثة، بل هناك عنصر رئيسي أكثر أهمية وهو العنصر البشري، حيث تمتلك أورنج مصر نحو 8500 موظف في مختلف الإدارات، لذلك طرحنا على عماد السنباطي- نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الموارد البشرية بأورنج مصر، مجموعة من المحاور ليكشف لنا تفاصيل منظومة العمل داخل الشركة، وخططهم لتطوير العنصر البشري، ومستقبل الصناعة، وكيف يرى العلاقة بين الجامعات وسوق العمل، وما هي المجالات التي تحظى بأهمية كبيرة في هذا القطاع، والوظائف الأعلى أجرًا، ودور المرأة في الشركة،، وتفاصيل أخرى كثيرة نستعرضها في هذا الحوار.
ما هو تقييمك بصفة عامة لمستوى الموارد البشرية العاملة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر؟
الكفاءات البشرية أو المهارات البشرية متواجدة في مصر ولكن بمستويات مختلفة، ويحدد قوتها من عدمه حاجة السوق، اليوم المخرجات من الجامعات المصرية غير مناسبة لتكنولوجيا الغد، والخريجين مستواهم أكاديمي مبتدء لا يلبي تطورات القطاع السريعة، لذلك فإن من يبدئون طريقهم بشكل صحيح بعد التخرج بالتدريب وإثقال المهارات والخبرة تجدهم بعد 4 أو 5 سنوات يسافرون للعمل بالخارج في دول أوروبا، وأمريكا، بسبب الطلب على الخبرات المصرية في هذا المجال، فنجد حالة استقطاب من الأسواق الأوربية مثل فرنسا وانجلترا وألمانيا وأمريكا، وبعدها تأتي الدول العربية، ومن يتبقى في مصر بعد ذلك -الفرز الثاني-، لذلك أؤكد أن الكفاءات النادرة لا تتواجد أكثر من 5 سنوات في مصر، وهناك نوع من الشباب الخريجين يبدأ عمله بتأسيس شركة صغيرة Startup لعمل التطبيقات ولدينا منهم نماذج مشرفة في هذا المجال.
تتطور التكنولوجيات باستمرار وأيضا تجربة العملاء مع الخدمات، فكيف يتم تجهيز الموارد البشرية باستمرار للتلائم مع هذه التطورات؟
أورنج تستقبل كافة المهارات، فنحن مدفوعون بحجم الطلب على الخدمات التي نقدمها، وهذا يدفعنا باستمرار لاستقطاب الكفاءات من أي مكان، ونقوم بإعداد أجيال قادرة على تحمل أعباء الشركة المستقبلية، ولا نجد صعوبة في استقراء المهارات المطلوبة للسوق، ونقوم بشكل دائم بمسح للكفاءات، ونقوم بخطط التدريب مرتكزة بناء على تطور التكنولوجيا، بهدف رفع قدرات الموظفين داخل الشركة، لدينا فرق تدريب داخل الشركة، والتجربة أثبتت لنا أن الموظفين ينقسمون إلى نوعين، الأول من يريد أن يحقق نجاحات ويطور من نفسه ليستمر داخل الشركة حتى أطول فترة ممكنة، والثاني موظف قدراته لا تؤهله للاستمرار سوى 4 أو 5 سنوات، وهذا النوع إما نقوم بتطويره أو إنهاء عمله وتعيين بديلاً عنه لمواكبة التطور، وفلسفتنا في المقام الأول هي التنمية وتطوير البشر، أما التكنولوجيا فنستطيع شرائها في أي قت، لذلك نسعى دائمًا لتحقيق استقرار للموظفين وتدريب لتمكينهم من مواكبة التطور السريع حتى يستمر في الشركة لأطول فترة ممكنة.
وكيف يتم تصنيف الموظفين العاملين في الصناعة مقارنة بغيرهم في دول شبيهة من واقع تجربة قيادتك لقطاع الموارد البشرية في الشركة؟
بالنسبة لشركة أورنج العالمية، تعد مصر من حيث عدد العاملين الدولة رقم 4 بعد فرنسا وإسبانيا وبولندا، وهذا دليل على اهتمام أورنج بالعنصر البشري المصري، أما على مستوى العالم خارج الشركة، فليس هناك معاير ثابتة، والمستويات في هذا القطاع بداية من المبتدئين وحتى الخبراء الكبار، ولكن يمكن تصنيف خبرات المهارات المصرية في منتصف هرم الخبرات، فالقاعدة الأكبر ليست كلها مبتدئين ولم تصل إلى مرحلة الخبراء، فكلما اهتمت الدولة بتنمية هذه الصناعة حققت عوائد اقتصادية كبيرة مثل الهند التي تخرج خبرات كثيرة في هذا المجال وبعدها البرازيل، وروسيا، سلوفيكيا، رومانيا، وسنرى قريبًا المغرب، موريشيوس، الأمر مربوط بالعرض والطلب، ومصر لديها ميزة نسبية بأن العمالة رخيصة، لذلك نحن بحاجة إلى أن نكون على خريطة الصناعة بالموارد البشرية وهنا يجب تحديد نقاط قوتنا وماذا نريد للمستقبل.
وما هي البرامج النوعية التي تطبقها الشركة لتطوير موظفيها، وتجهيز بعضهم للقيادة؟
لدينا برامج للمتميزين على كل المستويات، حيث مرت أورنج بأكثر من شكل للتحول، ونسير في الوقت الحالي إلى أن تكون المستويات الإدارية متقاربة، وهذا يتطلب رفع للمهارات من أسفل الهرم الوظيفي إلى أعلاه، وهذا يعد جزءا من ثقافة أورنج العالمية ويجب علينا أن نذوب فيها، لذلك لدينا برامج لتطوير المهارات لجميع المستويات، بالإضافة لبرامج أخرى محدده وفقًا للقطاعات على سبيل المثال التكنولوجيا التي تتطور بشكل سريع وكيف أطلع الموظفين على ذلك، الآن أصبح للموظفين القدرة على الحصول على دورة تدريبية على تطبيق أورنج العالمية المخصص لموظفي الشركة في 10 دقائق فقط، ولم يعد الأمر يتطلب التزام بوقت أو مكان محدد، فعلى سبيل المثال خدمات الحوسبة السحابية متجددة ويمكن للموظف الدخول على التطبيق ويطلع على ما هو جديد عالميًا، ويتميز التطبيق بالذكاء والقدرة على تحديد اهتمامات كل موظف وبالتالي يرشح إليه المواد المخصصة لاهتماماته حيث يضم التطبيق أكثر من 12 ألف برنامج تطوير للموظفين بمختلف الإدارات.
وكيف يتم قياس فعالية تدريب الموظف حيث تواجه معظم القطاعات صعوبة في قياس فعالية التدريب؟
يجب أن يكون هناك عائد على الاستثمار من التدريب، والموظف أصبح لديه الدافع للتطور لأن ذلك سيحقق له فائدة في التقييم الدوري للشركة، والموظف يدرك أن الدنيا من حوله تتغير، وإذا لم يطوّر من نفسه سيجد من حوله يتحدثون بلغة مختلفة لا يستطيع مواكبتهم، لذلك أرى أن الأمر أصبح في يد الموظف أكثر من الإدارة.
هناك العديد من المجالات في مجال الاتصالات طاردة للموظفين مع مرور الوقت مثل الكول سنتر وغيرها، فما هي الأسباب؟ وكيف تحققون التوازن بين الادارات الطاردة والجاذبة؟
في قطاع الاتصالات هناك وظيفتين تحديدًا تتجدد فيهم الدماء بسرعة، الكول سنتر والمبيعات في الفروع، وظيفة الكول سنتر حساسة جدًا والخطأ فيها يؤثر بشكل كبير على سمعة الشركة، والعميل الذي تحاول أن تستقطبه في شهور يمكن أن تفقده في ثواني بسبب موظف يمثل الشركة، لذلك فهم خط الدفاع الأول لنا ومهمتهم صعبة جدًا، وللأسف المفهوم عنها أنها أصبحت «وظيفة من لا وظيفة له»، وبالتالي أصبح بعض الشباب يتعامل معها على أنها محطة، ولكن خارج مصر يتعاملون مع هذه الوظيفة أنها مستمرة لسنوات لوجود ثقافة الاستقرار والتعلم، لذلك نحن نعاني مثل باقي الشركات في قطاع الكول سنتر من ترك الموظفين لها بسرعة، لكننا نعد أقل شركة يتركها موظفون في الكول سنتر، أما مبيعات الفروع فإن معدل دوران العمالة فيها 96% عالميًا، وأورنج مصر أقل من هذا المعدل بكثير فالمعيار الأساسي لنا هو ألا نتجاوز المعدل العالمي.
وهل نحتاج لتكامل أكبر بين القطاع الخاص من ناحية والحكومة من ناحية أخرى لتجهيز وتنمية الموارد البشرية في فترات ما قبل الالتحاق بالعمل؟
سوق العمل بوجه عام يحتاج إلى تنظيم، من ناحية التنافس بين الشركات وبعضها، نقدر أن الدولة تريد استثمارات جديدة، ولكن المستثمر الجديد يدخل إلى السوق ثم يستقطب العمالة الجاهزة من الشركات المنافسة لأنه يقدم عروض أسعار لهم، وهنا يجب أن يكون للدولة تدخل ودور كمنظم للسوق، ويجب أن يكون هناك تنسيق مع وزارة التعلم العالي لاستقراء القادم في سوق العمل مثلا خلال 5 سنوات قادمة سيتطلب السوق مهارات بشكل معين فتبدأ الجامعات تأهيل الطلبة على تلك الاحتياجات، كذلك يجب أن تتغير مفاهيم الطلبة في الجامعات، وأن يتم القضاء على مفهوم كليات القمة وكليات القاع حتى لا يتعالى الطلاب على بعضهم، لكي يعي الطالب أنه دخل تلك الكلية من أجل التعلّم وليس من أجل اقتناص لقب يميزه عن غيره فقط.
ما هي المجالات التي تلقى إقبال كبير في الوقت الحالي والمستقبل القريب؟
أكبر 3 قطاعات عليهم طلب، الأمن السيبراني، الحوسبة السحابية، صناعة التطبيقات، والعاملون فيها يحصلون على السعر الأعلى مقارنة بباقي القطاعات في عالم الاتصالات والتكنولوجيا.
مع تزايد المنافسة بين شركات الاتصالات هل مازلنا نشهد حرب استقطاب للكفاءات؟ وماذا عن حقيقة عقود – اتفاق ملزمة لمنع انتقال موظف من شركة لأخرى منافسة؟
الاستقطاب ما زال أزمة كبيرة وتحديدًا في المهارات النادرة، وأورنج ليست من الشركات التي تتبع توقيع عقود ملزمة للموظفين، لأننا نعتبر أن تأهيل الموظفين وإثقالهم بالمهارات جزء من المسئولية المجتمعية لدعم الأسواق بخبرات جديدة، لكن من المنطقي ألا يتم محاربتي بهؤلاء الموظفين بعد فترة، كما أن هناك نقطة هامة أنني لن أجبر موظف على البقاء في الشركة طالما مقدم إليه عرض أفضل، لذلك الأمر يحتاج إلى تنظيم ورؤية من الدولة، وأعتقد أن جهاز تنظيم الاتصالات يستطيع التدخل لو تم وضع هذا الأمر من ضمن المهام الخاصة به ولتكن بشكل توجيهي، وذلك بهدف إنقاذ السوق وترتفع أسعار الموظفين بشكل مبالغ وسيخسر الجميع وقتها.
التخطيط الاستراتيجي للمؤسسة يتطلب الحفاظ على القيادات في الشركة، فما هي السياسات التي تتبعها الشركة للحفاظ على قياداتها وتأهيل قيادات الصف الثاني؟
لدينا خطة متبعة للحفاظ على القيادات ولكل مستوى من الموظفين بديل.
العنصر النسائي مهم جدا لأى شركة فما هي نسبة السيدات في الشركة من الطاقة الوظيفية وهل لهم برامج تدريب خاصة؟
للعام الثالث على التوالي يتم اعتماد أورنج مصر بالشهادة الأوروبية الدولية للمساواة بين الجنسين (GEEIS) وهي من أعلى المنظمات العالمية لتأكيد المسواة بين الجنسين، أما الاهتمام بالمرأة بشكل عام وتوجه الشركة فهو أمر واضح بداية من القيادات للشركة الذين تصل نسبتهم 35% كنواب للرئيس التنفيذي، وهذا أمر ينسحب على كافة المستويات بالشركة، ونستطيع أن نقول أن 27 % من الموظفين بأورنج مصر سيدات، وبطبيعة الحال معلوم أن هذا القطاع يغلب عليه المهندسين وفيها يسيطر الرجال على النسبة الأكبر.
هل يمكن أن تقود شركة أورنج مصر في يوم من الأيام امرأة؟
وارد جدًا، ما الذي يمنع ذلك، خاصة وأن 3 من نواب الرئيس التنفيذي للشركة سيدات.
حجم العمالة الأجنبية داخل الشركة؟
لدينا 10 موظفين أجانب، وجودهم مفيد لنا، لأننا في المقابل نصدر مصريين للعمل بفروع الشركة بالخارج.
الحديث يتزايد عن أهمية الروبوت في الفترات الأخيرة، فهل يمكن لأورنج مصر الاستعانة به مستقبلا في بعض الوظائف التي يقدمها بشر الآن؟ وما هي توقعاتك للروبوتات في هذه الصناعة؟
ندرك ونرى أنه بحلول عام 2025 سيكون عالم الروبوت، بعد الجيل الخامس، لذلك ليس هناك حل غير أننا نتحول إلى الاعتماد على الروبوتات كأورنج عالمياً وفي مصر، وهذا لا يعني التأثير على عمالة البشر، ولكن سيحدث تحول للعمالة، كما حدث في الشهور الأخيرة وأعلنت شركات التحليل العالمية أن 70% من سوق العمل الأمريكي سيعتمد على العمالة المتحررة في عام 2026 وأعتقد أن ظهور كورونا سيرفع من تلك النسبة.
عماد السنباطي في سطور:
عُين عماد السنباطي كنائب الرئيس التنفيذي لقطاع الموارد البشرية في فبراير 2018. ويشرف على وظائف الموارد البشرية للشركة، والتي تقوم على إكساب المهارات وتنمية المهارات القيادية والتعلم والتعويضات والامتيازات الموظفين والتنظيم الإداري وأيضاً تحقيق التناغم الوظيفي لأكثر من 5000 موظف بالشركة.
يُعد السنباطي قيادياً بارزاً لدى مجموعة اورنچ العالمية منذ عام 2004، وقبل انضمامه إلى اورنچ مصر كان يشغل منصب المدير الإقليمي للموارد البشرية للشرق الأوسط وأفريقيا لقطاع المبيعات بالأسواق الناشئة والغير مباشرة واورنچ لخدمات لأعمال، وقد كان مسؤولاً عن دعم الأعمال التجارية من خلال تقديم التوصيات وتطوير استراتيجيات الموارد البشرية اللازمة بالإضافة إلى توفير خدمات الموارد البشرية المتكاملة للشركات متعددة الوظائف مع الخدمات المشتركة والموظفين التشغيليين في مواقع المكاتب المختلفة داخل منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ومسؤوليات أخرى عديدة على الصعيد العالمي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وأسيا وفرنسا.
وتقدم سنباطي من خلال تقلده عدة مناصب قيادية وتنفيذية في قطاعات الاتصالات والصناعات الغذائية والبيع بالتجزئة والسياحة. ولديه أكثر من ثلاثين عاماً من الخبرة بمجال منصبه الحالي.