يشهد قطاع المال تحولاً جذرياً بفضل الذكاء الاصطناعي، لا سيما الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ تزوّد هذه التقنيات المتطورة القطاع بحلول مبتكرة تعزز الكفاءة والدقة ورضا العملاء على نحو غير مسبوق، وفي هذا السياق، تبرز منطقة الشرق الأوسط بوصفها مركزاً رائداً لاعتماد هذه التقنيات، لا سيما في المجال المالي.
تُحدث قدرات الذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في مختلف جوانب القطاع المالي، فمن خلال الخوارزميات المتطورة وطُرق تعلم الآلة، يُمكّن الذكاء الاصطناعي المؤسسات المالية من تحليل البيانات المعقدة، والكشف عن أنماط الاحتيال، وتحسين عمليات اتخاذ القرارات الإستراتيجية، ويُعد دور الذكاء الاصطناعي في التداول الخوارزمي وإدارة المخاطر وخدمة العملاء، أمراً بالغ الأهمية، وتسهم هذه التقنيات في تعزيز الكفاءة التشغيلية، وخفض التكاليف، وتحسين تجربة العملاء من خلال توفير خدمات مالية متخصصة.
أخبار ذات صلة
ومن بين التطبيقات الأكثر تأثيراً للذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، الكشف عن الاحتيال ومنعه، إذ يُمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من بيانات المعاملات في الوقت الفعلي، وتحديد الأنماط غير العادية واحتمالات الاحتيال بدقة أكبر من الطرق التقليدية، وهذا يسهم في حماية العملاء وتعزيز الثقة وسلامة المؤسسات المالية.
ويُمثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو فرع متطور من الذكاء الاصطناعي يركّز على إنشاء محتوى جديد من البيانات الحالية، قفزة نوعية في القطاع المالي، إذ تُمكّن هذه التقنية المتقدمة من توليد تقارير مالية دقيقة، ونماذج مستقبلية متطورة، وإستراتيجيات استثمار متخصصة، ما يُسهم في تعزيز عملية اتخاذ القرارات الإستراتيجية وتحقيق نتائج مالية أفضل.
ويُقدّم الذكاء الاصطناعي التوليدي، في مجال خدمة العملاء، حلولاً مبتكرة من خلال روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين المتطورين، إذ تتولى هذه التقنيات التعامل مع كثير من استفسارات العملاء، ومعاملاتهم المالية بكفاءة عالية، ما يُسهم في تحسين تجربة العملاء وتعزيز رضاهم.
ثورة في الشرق الأوسط
تُعد منطقة الشرق الأوسط، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، في طليعة الدول التي اعتمدت الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي، ووفقاً لتقرير من “غوغل”، يُتوقع أن يُصبح قطاع الخدمات المالية والمصرفية أكبر مُنفق على تقنيات الذكاء الاصطناعي في منطقة الشرق الأوسط وشمالي إفريقيا بحلول عام 2030، كذلك يُتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي إسهاماً كبيراً في الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بحلول نهاية هذا العقد.
تستثمر دولة الإمارات استثماراً إستراتيجياً في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وتطوير المهارات، بهدف أن تصبح رائدة على مستوى العالم في هذه التقنية، وتُؤكد “الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2031” التزام الإمارات بدمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع المالي، وتتضمن هذه الإستراتيجية تطوير أُطر حوكمة للذكاء الاصطناعي، وبناء أسس بيانات قوية، وتعزيز النظام البيئي للذكاء الاصطناعي المحلي لتعزيز القدرة التنافسية العالمية.
أما المملكة العربية السعودية، فإنها تستثمر استثماراً كبيراً في الذكاء الاصطناعي أيضاً، مع خطط لجذب استثمارات أجنبية ومحلية كبيرة في تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات، وتهدف المملكة إلى تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي المتخصصة، لا سيما تلك التي تدعم استخدام اللغة العربية في خوارزميات الذكاء الاصطناعي والبرامج، ما يُسهم إسهاماً كبير في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030.
تحديات وآفاق الذكاء الاصطناعي
على الرغم من التقدم الواعد، فإن تبني القطاع المالي للذكاء الاصطناعي يواجه كثيراً من التحديات، من بين تلك التحديات، مخاوف الخصوصية المتعلقة بالبيانات، والحاجة إلى أُطر تنظيمية قوية، وتطوير المهارات تطويراً مستمراً، وستكون معالجة هذه التحديات أمراً حاسماً لاندماج الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي بنجاح ومسؤولية.
أمّا بالنسبة إلى الآفاق المستقبلية، فإن إمكانات الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع المالي هائلة، فمع تطور هذه التقنيات، ستُسهم في دفع الابتكار والكفاءة والنمو في القطاع المالي، ويُعد نهج الشرق الأوسط الاستباقي في تبني الذكاء الاصطناعي، مؤشراً إيجابياً على قدرته على الاستفادة من هذه الفرص، ما يُمهد الطريق لمستقبل يُصبح فيه الذكاء الاصطناعي القوة الدافعة للقطاع المالي.
يسهم الاستخدام الإستراتيجي للذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع المالي في تعزيز الكفاءة التشغيلية، وتحسين تجربة العملاء، ما يُمكّن المؤسسات المالية من النجاح في بيئة الأعمال الرقمية التنافسية.
ويُعد الشرق الأوسط، من خلال الاستفادة من هذه التقنيات، مرشحاً لأن يصبح في طليعة التحول في القطاع المالي الذي يقوده الذكاء الاصطناعي، ما يُسهم في دفع النمو الاقتصادي والتقدم التكنولوجي في المنطقة.
مدير الخدمات المالية في شركة كلاوديرا