Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

ثورة المدفوعات الرقمية.. قواعد البنك المركزي الجديدة تُرسخ الأمن وتُحفز النمو

في خضم ثورة المدفوعات الرقمية التي تجتاح العالم، والتي تشهد تطورات متسارعة لم يسبق لها مثيل، يأتي دور البنوك المركزية حاسمًا لضمان بيئة آمنة ومنظمة تدعم هذا النمو وتحفز الابتكار، مع الحفاظ على استقرار النظام المالي، لذا أقر البنك المركزي القواعد الجديدة بخصوص ترخيص وتسجيل مشغلي نظم الدفع ومقدمي خدمات الدفع، كخطوة استراتيجية تهدف إلى مواكبة هذه التطورات السريعة، خاصة في ظل وصول حجم المعاملات الإلكترونية لمصر لأكثر من 22 ل22 تريليون جنيه بنهاية 2024.

وأوضح البنك المركزي أن تلك القواعد تشمل شروط وإجراءات الترخيص لمؤسسات الدفع داخل أو خارج مصر، والتي تقدم خدمات الدفع أو تقوم بتشغيل نظم الدفع للعملاء داخل مصر، حيث تضمنت القواعد جميع الأنشطة المرتبطة بخدمات الدفع، مثل الإيداع والسحب النقدي من حساب الدفع، وتنفيذ معاملات الدفع وتحويل الأموال، وإصدار أدوات الدفع وقنوات القبول الإلكترونية، إرسال وصرف الحوالات بالجنيه المصري، خدمات إنشاء أوامر الدفع، وخدمات معلومات حسابات الدفع.

وحددت القواعد المتطلبات الخاصة بالحصول على الموافقة المسبقة والترخيص لمؤسسات الدفع، والمستندات المطلوبة، وشروط الترخيص ومنها الحد الأدنى لرأس المال، قواعد تعديل الترخيص، الضمان المالي المطلوب، ورسوم الفحص والمعاينة والرقابة.

وفي هذا الإطار، منح البنك المركزي مؤسسات الدفع القائمة فترة انتقالية لمدة 12 شهراً من تاريخ إصدار هذه القواعد، يتعين خلالها قيام مؤسسات الدفع القائمة التقدم بطلب الحصول على الترخيص من البنك المركزي، مع السماح لها بمزاولة أنشطتها حتى صدور قرار بشأن توفيق أوضاعها وفق ما يحدده مجلس إدارة البنك المركزي.

كما شملت القواعد أيضاً شروط منح الترخيص لمؤسسات الدفع من خارج جمهورية مصر العربية والتي تقدم خدماتها للعملاء داخل مصر، شريطة أن تكون مرخصاً لها من السلطة الرقابية المناظرة في بلد المنشأ، وكذا تحديد البنود المنظمة لهذه المؤسسات لمزاولة أنشطتها.

منصة «Followict» تستعرض في هذا التقرير، أهم المتطلبات التي شملتها قواعد البنك المركزي لمشغلي نظم الدفع، مع استطلاع أراء الخبراء حول انعكاس هذه القواعد على تعزيز تقديم خدمات مالية آمنة وفعالة، وكيف ستؤثر على بيئة عمل سوق المدفوعات الإلكترونية على المديين المتوسط والبعيد.

خطة عمل لمدة لا تقل عن 3 سنوات

أكد البنك المركزي على ضرورة الموافقة المسبقة على تأسيس مؤسسة دفع أو تعديل النشاط بالسجل التجاري، ويتعين التقدم بطلب إلى البنك المركزي للحصول على موافقة مسبقة في أي الحالات سواء البدء في إجراءات تأسيس مؤسسة دفع، والقيام بقيد أو إضافة نشاط تقديم خدمات الدفع أو تشغيل نظم الدفع بالسجل التجاري والنظام الأساسي وذلك بالنسبة للمؤسسات القائمة.

ويتم عرض الطلب على البنك المركزي لإصدار قرار في شأنه ويخطر مقدم الطلب بقرار البنك المركزي خلال مدة لا تجاوز الـ 90 يوما من تاريخ تقديمه مستوفيا المستندات المطلوبة، ويجوز للبنك المركزي مد هذه المهملة لمدة أخرى مماثلة.

ويخطر مقدم الطلب بالموافقة على طلبه وتسري هذه الموافقة لمدة  6 أشهر من تاريخ صدورها ، ويتعين خلال تلك المدة التقدم بطلب للحصول على الترخيص وإلا اعتبرت الموافقة كأن لم تكن، ويجوز التقدم بطلب لمد تلك المدة لمدة أخرى مماثلة قبل 30 يوما من تاريخ انتهاء صلاحية الموافقة.

ولا يجوز بموجب هذه الموافقة مزاولة تشغل نظم دفع أو تقديم خدمات دفع دون استكمال باقي إجراءات الترخيص، ويحق لمجلس إدارة البنك المركزي رفض طلب الحصول على الترخيص حتى وإن كان قد تم إصدار الموافقة المسبقة.

وأكد البنك المركزي، على أنه يتعين أن يتضمن طلب الحصول على الموافقة بيان بالاسم المقترح أو الحالي للشركة باللغتين العربية والأجنبية مرفقا به شهادة عدم الالتباس، ونموذج الأعمال، وخطة العمل لمدة لا تقل عن 3 سنوات، متضمنة دراسة الجدوى المالية والاقتصادية، ما يفيد سداد رسم الفحص، وكافة المستندات والمعلومات التي يطلبها البنك المركزي.

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

شروط الترخيص

واشترط البنك المركزي على مقدم الطلب، استيفاء شروط منح الترخيص، والتي تتضمن؛ أن يتخذ مقدم الطلب شكل شركة مساهمة مصرية جميع أسهمها اسمية، وأن يكون الغرض الوحيـد للشـــركـة هو مزاولـة نشـــاط تشـــغيـل نظم الـدفع أو تقديم خدمات الدفع ويسمح فقط للشـركات التي تزاول الأنشـطة ذات الصـلة بـالخـدمـات التكنولوجيـة والبنيـة التحتيـة الـداعمـة والقيمـة المضــــافـة بمزاولـة أنشـــطة تقديم خدمات تشـــغيل نظم الدفع أو تقديم خدمات الدفع إلى جانب أنشطتها وفق ما يقرره مجلس إدارة البنك المركزي.

كما تضمنت الشروط أن يكون الحد الأدنى لرأس المال المصــدر والمدفوع أو رأس المال المخصــص للنشاط، 30 مليون جنيه لمقدم الخدمة فئة “أ”، و10 ملايين جنيه لفئة “ب”، و20 مليون جنيه لمقدم خدمة معلومات الحساب أو خدمة إنشاء أوامر الدفع، و500 مليون جنيه لمشغل نظام الدفع.

وشملت الشروط، استخدام أنظمة إلكترونية في كافة المعاملات التي تجريها مؤســســة الدفع مع الالتزام بتأمين كافة الأنظمة والأجهزة المسـتخدمة من جانب المؤسـسـة وإتباع الضـوابط اللازمة لتأمين وضـمان سـرية البيانات وأمن المعلومات، والتأكد من تزويد الأجهزة ببرامج الحماية اللازمة ضـد الفيروسـات وملفات التجسـس والبرمجيات الخبيثة، على أن تُجرى التحديثات على هذه البرامج بصفة دورية.

وفيما يخص أبرز مستندات الترخيص، قال البنك المركزي، إنه يتعين على المؤســســات الراغبة في الحصــول على ترخيص تشــغيل نظام دفع أو تقديم خـدمـات دفع، تقـديم طلـب إلى البنـك المركزي، يشمل نموذج التشغيل متضمنًا كل خدمة دفع أو نظام دفع بشكل مفصل، وخطط توعية العاملين والعملاء بأمن المعلومات ومخاطر الأمن السيبراني، وسياسة التعامل مع شكاوى العملاء، وسياسات مكافحة الاحتيال وغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وسياسة وخطة التعهيد.

الخبراء أكدوا على أن القواعد الجديدة لترخيص مشغلي نظم الدفع ومقدمي خدمات الدفع، تعد بمثابة استجابة استباقية وضرورية لمواكبة التطورات المتسارعة في قطاع المدفوعات الإلكترونية، حيث أنها تقدم إطارًا تنظيميًا يُمكنه استيعاب الابتكارات المستقبلية.

سهر الدماطي
سهر الدماطي

التركيز على المخاطر

وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية ونائب رئيس بنك مصر السابق، أن هذه القواعد تركز على مبادئ أساسية مثل الشمولية التنظيمية لكافة أشكال المدفوعات الرقمية والتي تضم محافظ الهاتف المحمول، ونقاط البيع الإلكترونية، وعمليات التحويلات اللحظية، فضلاً عن التركيز على المخاطر بدلاً من الحلول التقنية المحددة، مما يمنح الشركات مساحة للابتكار ضمن إطار آمن.

وفيما يخص تأثيرها على السوق، أشارت إلى أنه من المتوقع أن تُحدث هذه القواعد تحولًا جذريًا، ففي المدى القصير، قد تشهد السوق بعض التحديات مع سعي الكيانات القائمة للتوافق، لكن على المدى الطويل، ستُعزز من مصداقية السوق وثقة المتعاملين، مما سيجذب استثمارات جديدة ويحفز التوسع.

وأضافت أن هذه القواعد ستسهم في ترسيخ مبادئ المنافسة العادلة من خلال وضع معايير واضحة للجميع، والقضاء على الممارسات غير المنظمة، مما يُتيح للمشغلين الجدد دخول السوق بثقة أكبر، فضلاً عن تسريع وتيرة التحول الرقمي وتعميم استخدام المدفوعات الإلكترونية عبر توفير بيئة عمل مستقرة وموثوقة.

من جانبه قال صبري البنداري الخبير المصرفي، إن القواعد الجديدة ستعمل على تعزيز تقديم خدمات مالية آمنة وفعالة من خلال عدة محاور رئيسية، أبرزها التشديد على متطلبات الحوكمة وإدارة المخاطر، مما يُلزم الشركات بتبني هياكل تنظيمية قوية وإجراء تقييمات دورية للمخاطر، مما يُقلل من احتمالات الاحتيال وسوء الاستخدام.

أضاف أن هذه القواعد ستلزم الشركات بالتركيز على أمن البيانات وحماية المستهلك، وذلك من خلال وضع معايير صارمة لتشفير البيانات وحفظها، وآليات التعامل مع الشكاوى، مما يُعزز من ثقة المستخدمين في هذه الخدمات، كم أنها تساهم في تحديد المسؤوليات بشكل واضح بين الأطراف المختلفة في نظام الدفع، مما يقلل من الالتباس ويُسرع من حل النزاعات.

صبري البنداري
صبري البنداري

تعزيز الثقة في السوق المصري للمدفوعات الرقمية

وحول تأثير القواعد الجديدة على بيئة عمل سوق المدفوعات الإلكترونية على المديين المتوسط والبعيد، قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن القواعد الجديدة ستُحدث تحولات هيكلية في بيئة عمل سوق المدفوعات الإلكترونية، حيث أنها ستعزز الثقة في السوق المصري للمدفوعات الرقمية، مما يجعله وجهة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين الراغبين في دخول هذا القطاع الواعد.

وأوضح أنه من خلال تنظيم السوق وتوفير بيئة موثوقة، ستزداد أعداد المستخدمين الجدد الذين لم يكونوا ضمن النظام المصرفي التقليدي، مما يُسهم في تعزيز الشمول المالي، مضيفًا أن هذه القواعد ستعمل على إزالة الحواجز أمام الكيانات الجادة وتُكافح الممارسات غير المشروعة، مما يُعزز من المنافسة القائمة على الابتكار وجودة الخدمات بدلاً من الممارسات الاحتكارية.

ولفت “عبدالعال” إلى أن القواعد ستُحفز أيضًا الشركات على الاستثمار في تحديث بنيتها التحتية التقنية لتتوافق مع المعايير الأمنية والتشغيلية المطلوبة، مما يُحسن من كفاءة النظام ككل، كما أنها ستؤدي لظهور لاعبين جدد متخصصين يتمتعون بالمرونة والابتكار، قادرين على التوافق مع القواعد الجديدة وتقديم حلول مبتكرة للجمهور.

محمد عبد العال
محمد عبد العال

من جانبه قال الرئيس التنفيذي لإحدى شركات الدفع الإلكتروني -رفض ذكر اسمه-، إن مدة الـ 12 شهرًا المحددة لمؤسسات الدفع القائمة للتوافق مع المعايير الجديدة تمثل تحديًا كبيرًا، ولكنه قابل للتحقيق للشركات المنظمة جيدًا، موضحًا أن هذه المدة تعتبر قياسية في العديد من الأطر التنظيمية العالمية المماثلة، وتُشير إلى حرص البنك المركزي على تسريع وتيرة الإصلاح دون إرباك السوق.

وأضاف أنه بالنسبة للمؤسسات الكبيرة والراسخة، والتي غالبًا ما تمتلك بنى تحتية قوية وفِرقًا قانونية وتقنية متخصصة، قد تكون المدة كافية إذا بدأت العمل فورًا وبتركيز، أما بالنسبة للمؤسسات الأصغر أو التي تفتقر إلى البنية التحتية القوية أو الخبرات اللازمة، فقد تواجه تحديات أكبر في تلبية كافة المتطلبات خلال هذه الفترة.

وذكر أن التوافق مع هذه المعايير يتطلب مراجعة شاملة للعمليات، وتحديث الأنظمة التقنية، وتطوير أطر الحوكمة وإدارة المخاطر، وتدريب الموظفين، موضحًا أن كفاية المدة تعتمد بشكل كبير على درجة استعداد المؤسسة، ومدى تعقيد عملياتها، ومدى قدرتها على تخصيص الموارد اللازمة لهذه العملية التحويلية.

ونوه بأن مستقبل سوق المدفوعات الإلكترونية في مصر، في ضوء هذه القواعد والإتاحة التي يوفرها البنك المركزي، يبدو واعدًا للغاية ويُبشر بنمو كبير، متوقعًا نمو مضاعف في حجم المعاملات الإلكترونية مع زيادة الثقة والانتشار، لتصبح المدفوعات الإلكترونية جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للأفراد والشركات.

وأشار إلى أن ضمان استدامة نمو سوق المدفوعات الإلكترونية في مصر، يتطلب الاستثمار المستمر في البنية التحتية التقنية، مع العمل على نشر برامج توعية مكثفة للمواطنين حول فوائد المدفوعات الإلكترونية، وكيفية استخدامها بأمان، و تطوير مهارات الكوادر البشرية في مجالات الأمن السيبراني، وتحليل البيانات، والابتكار في مجال المدفوعات الرقمية لمواكبة التطورات.

 

The short URL of the present article is: https://followict.news/kt85