Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«ثورة الترميز».. البنك المركزي يواصل اقتناص فرص الرقمنة الثمينة لإنهاء عصر الكاش

يواصل البنك المركزي المصري جهوده الحثيثة لدفع عجلة التحول الرقمي في القطاع المالي والمصرفي، وذلك في إطار رؤية مصر 2030 التي تهدف إلى بناء اقتصاد رقمي شامل ومستدام، حيث يركز على تعزيز التكامل بين الأنظمة المحلية والدولية، وتطوير منظومة دفع رقمية آمنة وفعالة، إذ تشمل التحركات الاستراتيجية للبنك المركزي، إصدار ضوابط تنظيمية لخدمات الدفع الإلكتروني، وتوسيع شبكة المحافظ الإلكترونية، ودعم شركات التكنولوجيا المالية، إضافةً إلى تعزيز ثقة العملاء في المدفوعات الرقمية من خلال توفير حلول مبتكرة تتوافق مع المعايير العالمية.

وفي هذا الإطار قام البنك المركزي المصري بإطلاق خدمة ترميز البطاقات كجزء من هذه الرؤية، حيث تتيح الخدمة إتمام المعاملات بسرعة وأمان عبر تطبيقات مثل أبل باي، وجوجل باي، وسامسونج باي، والتي لا تعزز فقط تجربة العملاء، بل تساهم في جذب استثمارات جديدة وزيادة حجم المعاملات المالية، مما يدعم النمو الاقتصادي.

وخدمة ترميز البطاقات (Tokenization) إحدى المبادرات الرئيسية التي أطلقها البنك المركزي لتعزيز الدفع الإلكتروني وتقليل الاعتماد على النقد، مما يسهم في تحقيق الشمول المالي وتطوير البنية التحتية للخدمات المالية.

وتتيح هذه الخدمة استبدال بيانات البطاقات البنكية برمز رقمي فريد يُستخدم في المعاملات اللاتلامسية عبر الهواتف الذكية، مما يعزز الأمان ويسهل إجراء المدفوعات الإلكترونية، لذا أطلق البنك المركزي المصري الخدمة تجريبيًا في الربع الثاني من عام 2024، بالتعاون مع شركات عالمية مثل فيزا وماستركارد، ومنظومة الدفع الوطنية “ميزة”، وشركات التكنولوجيا المالية، ويجري حاليًا العمل على إطلاق الخدمة عبر نظام أندرويد بالتنسيق مع البنوك، ومن المُتوقع أن تتاح هذه الخدمة قريبًا.

ومنذ إطلاق مبادرات الشمول المالى فى أبريل 2017، تبنى المركزى المصرى عددًا من السياسات والضوابط الحديثة، من بينها التوسع فى تقديم الخدمات البنكية الرقمية، وإتاحة المحافظ الإلكترونية، وتفعيل الإقراض والإدخار الرقمي، إلى جانب إصدار الإطار التنظيمي لرخص البنوك الرقمية، وأخيرًا إدخال آليات متقدمة مثل ترميز البطاقات، التى تُعد شرطًا أساسيًا لتكامل أنظمة الدفع العالمية داخل السوق المصرية.

هذا التحول في عمليات الرقمنة التي يتبناها البنك المركزي والأجهزة المختلفة في الدولة، انعكس بشكل ملحوظ على معدلات الشمول المالى فى مصر والتي شهدت نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، مدفوعةً بسلسلة من السياسات والإجراءات التى تبناها البنك المركزى المصري، بهدف دمج أكبر عدد ممكن من المواطنين فى النظام المالى الرسمى، حيث ساهمت هذه الجهود فى تسهيل الوصول إلى الخدمات المصرفية والمالية، خاصة للفئات غير المشمولة سابقا.

ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي، ارتفع معدل الشمول المالى فى مصر إلى 76.3٪ من إجمالى المواطنين الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا فأكثر حتى نهاية يونيو 2025، مقارنةً بـ 74.8٪ فى ديسمبر 2024، ويعكس هذا الارتفاع المستمر مدى النجاح فى توسيع قاعدة المستفيدين من الخدمات المالية الرسمية.

هذا التطور يعنى أن نحو 53.8 مليون مواطن أصبح لديهم حسابات مصرفية أو محافظ إلكترونية أو بطاقات دفع، من إجمالى 70.5 مليون مواطن بالغ فى مصر، بحسب بيانات البنك المركزي، ويُظهر هذا التقدم اللافت أن هناك تحوّلًا حقيقيًا فى سلوك الأفراد والمؤسسات تجاه التعاملات المالية الرقمية.

الأكثر لفتا للنظر أن نسبة النمو فى الشمول المالى منذ عام 2016 وحتى منتصف 2025 قد بلغت 214٪، وهو ما يعكس توسعًا غير مسبوق فى تبنى الخدمات المالية الرسمية، ويؤكد نجاح السياسات التحفيزية التى تبناها المركزى المصرى، من إتاحة محافظ الهاتف المحمول، إلى التوسع فى الإنترنت البنكى، ووصولاً إلى الخدمات المصرفية الرقمية المتكاملة.

هذا الانفتاح المالى والتوسع فى الشمول المالى مهد الطريق لخطوات استراتيجية فى مجال الدفع الإلكتروني، أبرزها الاستعداد لإطلاق خدمات الدفع العالمية مثل Google Pay على أجهزة الأندرويد فى مصر، حيث يُعد ترميز بطاقات الدفع (Tokenization) أحد المحاور الأساسية لتمكين هذه الخدمات وتعزيز أمان المعاملات.

ومع ارتفاع معدلات الشمول المالى، تزداد فرص نجاح هذه الخدمات الجديدة، حيث يتوافر جمهور عريض من المستخدمين المستعدين لاستخدام حلول الدفع الإلكترونى، ويساهم ذلك فى تقليص الاعتماد على الكاش، وتشجيع الإنفاق الرقمى، وتنشيط حركة التجارة الإلكترونية، مما ينعكس بشكل إيجابى على الاقتصاد الكلى والاستثمار فى قطاع التكنولوجيا المالية.

ومع وصول حجم المعاملات الإلكترونية فى مصر إلى أرقام قياسية -تجاوزت 22 تريليون جنيه بنهاية 2024- مقارنة بنحو 7 تريليونات جنيه فى 2021 (بزيادة تفوق 200٪)، وزيادة عدد المعاملات السنوية الإلكترونية إلى 6 مليارات، مقارنة بنحو مليار معاملة فقط قبل 3 سنوات، فإن هذا يعكس تحولًا حقيقيًا نحو الاقتصاد الرقمى وتقليل التعامل بالنقد.

ترميز البطاقات على أندرويد يعزز خفض تداول الكاش

وأجمع مصرفيون على أن إطلاق خدمة ترميز البطاقات يمثل خطوة محورية في مسيرة التحول الرقمي للقطاع المصرفي المصري، حيث تتيح الخدمة تكاملًا سلسًا مع منصات الدفع العالمية، وأن هذا التكامل يعزز الثقة في المعاملات الرقمية، حيث يتم استبدال بيانات البطاقة برمز فريد يُخزن بأمان في شريحة Secure Element، مما يقلل من مخاطر الاحتيال، كما يسهم التكامل مع منظومة “ميزة” الوطنية وشركات التكنولوجيا المالية في توسيع نطاق الخدمات الرقمية، مما يشجع المزيد من الأفراد على الانضمام إلى النظام المصرفي.

أكدوا لـ«Followict»، أن الخدمة تساهم في تحفيز النمو الرقمي من خلال تعزيز الأمان والسرعة في المعاملات الإلكترونية، مما يشجع التجارة الإلكترونية وزيادة حجم المعاملات عبر نقاط البيع. الخدمة تدعم الدفع اللاتلامسي عبر الهواتف الذكية باستخدام الخصائص البيومترية مثل بصمة الوجه أو الإصبع، مما يحسن تجربة العملاء ويقلل الحاجة إلى النقد، كما أنها تجذب استثمارات جديدة إلى القطاع المصرفي، وتزيد من أرباح البنوك من خلال جذب عملاء جدد وزيادة حجم المعاملات.

وأضافوا أن الخدمة تدعم أهداف الشمول المالي من خلال توفير حلول دفع ميسرة وآمنة لكافة فئات المجتمع، مما يعزز الثقة في النظام المصرفي ويشجع على استخدام الخدمات الرقمية، ومع استمرار البنك المركزي في توسيع نطاق الخدمة وتكاملها مع منصات دولية ومحلية، من المتوقع أن يشهد القطاع المالي طفرة في النمو الرقمي، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي للتكنولوجيا المالية.

وكان حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، أشار إلى أن الخدمة تمثل استجابة للتطورات التكنولوجية المتسارعة، وتتيح للمواطنين إجراء معاملاتهم المالية بسهولة وبتكلفة مناسبة في أي وقت ومكان، فيما أكد رامي أبو النجا، نائب المحافظ، أن الخدمة تعزز البنية التحتية للخدمات المالية الرقمية، وتوفر حلولًا مبتكرة تتماشى مع متطلبات العملاء والمعايير العالمية.

محمد بدرة
محمد بدرة

وقال محمد بدرة، الخبير المصرفى، إن إطلاق خدمة ترميز بطاقات الدفع فى مصر، خاصة مع قرب تفعيلها على أجهزة الأندرويد، يُمثل نقلة نوعية فى مسيرة التحول الرقمى، وسيسهم بشكل مباشر فى تقليص الاعتماد على «الكاش»، وزيادة استخدام وسائل الدفع الإلكترونى.

وأوضح أن ترميز البطاقات يُعد من أكثر الأدوات تطورًا وأمانًا فى قطاع المدفوعات، حيث يتم استبدال بيانات البطاقة الفعلية برمز رقمى مؤقت وآمن (Token)، مما يقلل من احتمالات الاحتيال أو اختراق البيانات، مؤكدًا أن الخدمة لا تُطلق إلا بعد التأكد الكامل من درجة الأمان، وهو ما يزيد من ثقة المستخدمين.

وأشار بدرة، إلى أن تفعيل الخدمة على هواتف أندرويد، التى تستحوذ على النسبة الأكبر من سوق الهواتف المحمولة فى مصر، سيوسع من قاعدة العملاء المتعاملين عبر القنوات الرقمية، خاصة بين فئة الشباب، الذين يفضلون السرعة وسهولة الاستخدام فى معاملاتهم المالية اليومية.

وأكد على أن خطوة إكمال خدمة ترميز بطاقات البنوك على نظام أندرويد، تعد جزءًا أساسيًا ومُكملًا للتحركات الاستراتيجية للبنك المركزي المصري لخفض تداول النقد وتعزيز التحول نحو مجتمع أقل اعتمادًا على الكاش، كما أنها تتناسب مع جهود المجلس القومي للمدفوعات برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تهدف إلى توسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية الآمنة واللاتلامسية، مما يقلل من الحاجة إلى النقد الورقي ويحقق الشمول المالي.

أضاف أن ترميز البطاقات سيقلل الضغط على ماكينات الصراف الآلى، خصوصًا فى المواسم التى تشهد سحبًا مكثفًا للنقد، وهو ما يخفف العبء على البنية التحتية التقليدية للبنوك، كما أن الاعتماد المتزايد على المحافظ الرقمية والهواتف فى الدفع، سيقلل تدريجيًا من الاعتماد على أجهزة الـPOS  داخل المتاجر، مما يخفض تكلفة المعاملات على المواطن، ويمنح التجار مرونة أكبر.

ونوه بأن هذه التطورات ستؤدى إلى تنشيط حركة البيع والشراء، وتعزيز الإنفاق الإلكترونى، وبالتالى جذب مزيد من الاستثمارات وتنشيط السوق، فى إطار منظومة مالية رقمية أكثر كفاءة وأمانًا.

 

سهر الدماطي
سهر الدماطي

ومن جانبها قالت سهر الدماطي، الخبيرة المصرفية والنائب السابق لرئيس بنك مصر، إن ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية يساعد في إجراء المعاملات اللاتلامسية عبر الهواتف الذكية دون استخدام الكارت البنكي، ويتيح تفعيل خدمات مثل Apple Pay وSamsung Pay .

وأشارت إلى أن الهدف من ترميز بطاقات الدفع على تطبيقات الأجهزة الإلكترونية، هو تأمين العمليات التي تتم من خلال هذه البطاقات، وهو ما يسهم بدوره في الرقابة والاطلاع على معاملات الأفراد ويحد من عمليات غسيل الأموال.

ولفتت إلى سعي البنك المركزي المستمر لتشجيع استخدام البطاقات وتعزيز ثقافة الدفع الإلكتروني، موضحةً أن البنية التحتية للبنوك جاهزة لاستقبال مثل هذه الخدمات.

فى ذات السياق قال أحمد طلعت، الخبير المصرفى، إن إطلاق خدمة ترميز بطاقات الدفع على نظام أندرويد فى مصر خطوة بالغة الأهمية فى التحول الرقمى، ويمثل نقلة نوعية فى أساليب الدفع والتعاملات البنكية، لا سيما فى ظل التوجه العالمى نحو نظم الدفع الإلكترونية الأكثر تطورًا.

وأوضح أن الاعتماد على ترميز البطاقات، الذى يتيح تحميل بيانات البطاقة البنكية على الهاتف المحمول بشكل آمن، يُشبه إلى حد كبير ما حدث مع تقنية الـeSIM   التى أتاحت استخدام شريحة الهاتف دون الحاجة إلى وجودها فعليًا، مشيرًا إلى أن هذا المفهوم سيوفر على المدى الطويل تكلفة طباعة وإصدار البطاقات البنكية التقليدية، كما سيلغى الحاجة لحملها فى كل الأوقات.

وأشار طلعت، إلى أن وجود البطاقة بشكل مشفر وآمن على الهاتف، وعدم تفعيلها إلا من خلال بصمة صاحب الهاتف أو رمز التحقق، يضيف طبقة عالية من الأمان، تمنع الاستخدام غير المصرح به، وتحمى بيانات العملاء من السرقة أو التزوير، وهو ما يُعد تطورًا كبيرًا مقارنةً باستخدام البطاقات البلاستيكية التقليدية.

أكد أن هذه الخطوة ستُسهم فى تقليص الاعتماد على «الكاش»، وزيادة حجم المعاملات الإلكترونية، مما يضع مصر على طريق مواكبة الأسواق العالمية التى باتت تعتمد بشكل شبه كامل على نظم الدفع الرقمية، مضيفًا أن ترميز البطاقات سيُشجع فئات جديدة من المواطنين، خاصة الشباب، على استخدام الخدمات البنكية عبر هواتفهم المحمولة، بفضل السهولة والسرعة والأمان.

وشدد طلعت، على أن هذا التطور لن يقتصر تأثيره على الأفراد فقط، بل سيمتد ليشمل تنشيط حركة المبيعات، وتسهيل عمليات الدفع لدى التجار، وتقليل التلاعب أو الفساد فى التعاملات النقدية، كما سيوفر بيئة أكثر شفافية، تسهم فى تعزيز ثقة المستثمرين، وتنشيط سوق الاستثمار بشكل عام.

وأكد على أن هذه الخطوة تمثل تقدمًا عمليًا نحو التحول لمجتمع غير نقدى، وتسهم فى تسريع الدمج المالى، ورفع كفاءة القطاع المصرفى، بما يخدم الاقتصاد الوطنى ويواكب التطورات العالمية.

وأشار الخبير المصرفي، إلى أن هذا التحول انعكس على مؤشرات الشمول المالي التي وصلت إلى 76.3% بنهاية يونيو الماضي، والتي ترجع بشكل أساسي إلى الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي التي أطلقها البنك المركزي المصري وتهدف إلى دمج جميع فئات المجتمع في النظام المالي الرسمي، والتوسع في التقنيات الجديدة مثل محافظ الهاتف المحمول، المدفوعات الرقمية، والبطاقات مسبقة الدفع.

لفت إلى أن التنسيق بين البنك المركزي والجهات الحكومية الأخرى، مثل هيئة البريد، لتوسيع نطاق الخدمات المالية، إضافةً إلى تبسيط شروط فتح الحسابات، مثل السماح للشباب من سن 15 عامًا بفتح حسابات مصرفية، كل هذه العوامل لعبت دورًا في تعزيز معدلات الشمول المالي.

The short URL of the present article is: https://followict.news/xsff