«صناعة مراكز البيانات الضخمة».. مصر تسعى لاقتناص مقعدًا إقليميًا في عرش الرقمنة
ترتكز استراتيجية مصر لصناعة مراكز البيانات على ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي في مجالات البيانات الضخمة والحوسبة السحابية خلال السنوات المقبلة، وذلك من خلال عدة محاور رئيسية تشمل إنشاء مراكز بيانات حكومية متكاملة، توفير حوافز لدعم الاستثمارات المحلية والدولية، والاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمصر كبوابة ربط بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وذلك لتحقيق أهداف نوعية تشمل دعم التحول الرقمي والخدمات الحكومية والقطاع الخاص، إلى جانب توفير بنية تحتية رقمية قوية وآمنة للمستثمرين وتعظيم صادرات مصر من خدمات تكنولوجيا المعلومات.
المسار الحيوي الذي تتبناه الدولة في هذا الملف الحيوي يخضع للكثير من الاعتبارات على مستوى المنافسة النوعية في المنطقة ، وأيضا لاستكمال عددا من النواقص لمضاعفة حجم الاستثمارات وجذب العلامات التجارية الكبرى في هذا المجال الذي يسيطر عليه أيدلوجيات وأهداف سياسية أيضا نتيجة منافسة الدول العظمي في سباق التكنولوجيا، إلى جانب تحديات فنية تتمثل في الاحتياج لمصادر طاقة قوية ومستدامة لتشغيل مراكز البيانات واستهلاكها كميات كبيرة من الكهرباء، والتطور النوعي الذي يلحق بصناعة هذه المراكز والضغط المتزايد بسبب نمو الذكاء الاصطناعي وقضايا الأمان السيبراني، وتحديات التوسع وإدارة التأثير البيئي.
ويشهد عدد مراكز البيانات في مصر نموا هو الأكبر في أفريقيا، في إطار بناء منظومة وطنية متكاملة لمراكز البيانات ، تشمل مراكز بيانات حكومية بنسبة 100%، وكذا مراكز بيانات بمساهمة حكومية حاكمة، فضلًا عن مراكز بيانات القطاع الخاص وجهات مستقبلة؛ والتي تتضمن مراكز البيانات الخاصة بالقطاعات المصرفية وشركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وغيرها، ذلك وفق استراتيجية الدولة للنهوض بعمليات الربط والتحول الرقمي، وجاء أبرز هذه الخطوات في افتتاح الرئيس السيسي العام الماضي مركز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية بطريق العين السخنة، ومركز البيانات الرئيسي للدولة ومركز البيانات التبادلي بالتعاون مع ما يزيد على 30 شركة عالمية متخصصة، وتوقيع الحكومة مراسم توقيع عقد الأرض الخاصة بإنشاء مركز كيميت للبيانات داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بتكلفة مليار دولار لتقديم خدمات الحلول السحابية وإنترنت الأشياء والتحول الرقمي.
معدل النمو
ومن المتوقع أن يبلغ معدل نموها السنوي المركب أكثر من 12% حتى 2025 مقابل 6.4% في المتوسط عالميا، وأن تصل قيمته السوقية إلى 745.6 مليون دولار بحلول عام 2033، مقارنة بـ 297.8 مليون دولار في عام 2023، حيث تعد مراكز البيانات الركيزة الأساسية للاقتصاد الرقمي الذي يساهم بما يقارب 15% من إجمالي الناتج المحلي العالمي وفقًا لبيانات البنك الدولي، ويتوقع أن يساهم هذا القطاع بنحو 30% من إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2030، وخلق 30 مليون فرصة في ظل التوجه الخاص بتمكين الشركات العالمية المتخصصة في إقامة منظومات تشاركية تمكن عددًا كبيرًا من المستخدمين في أجهزة ومؤسسات مختلفة من استخدام الحاسبات ومعدات التخزين بشكل متزامن.
الخبراء أشاورا إلى أن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة إلى قفزات نوعية لا تدريجية إذا أرادت أن تصبح مركز بيانات إقليميًا منافسًا، عبر الاعتماد على مزيج من العوامل الأساسية، التي تشمل ( تشريعات جاذبة للاستثمار، استقرار في منظومة الكهرباء والطاقة ، توسع في الربط الدولي ،تنمية الكفاءات الوطنية المتخصصة) لافتين إلي أن النظرة الإيجابية لهذه الصناعة في محلها تماما في ظل موقعها الاستراتيجي والذي يمر خلاله العديد من الكابلات البحرية التي تربط بين الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأوروبا وأيضا اعتماد المؤسسات العامة والخاصة على الحلول السحابية لتحسين الخدمات، بالإضافة إلى توقعات زيادة القدرة على تقديم تطبيقات مرتبطة بالذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة وإنترنت الأشياء ما يؤدي إلى جذب فرص استثمارية من مراكز البيانات الدولية .
ابتكار حوافز جديدة
وأكدوا على أن ضرورة العمل على ابتكار حوافز جديدة، لتسريع تحول مصر إلى مركز إقليمي للبيانات، عبر تقديم امتيازات ضريبية واستثمارية للشركات الكبرى، إضافة إلى تقديم حلول لتحديات استهلاك تكاليف الكهرباء من خلال التوسع في استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل مراكز البيانات، مما يجعلها أكثر استدامة وتنافسية مشيرين إلى أن مصر أصبحت مركزا جذابا لمراكز البيانات الخضراء بسبب تدشين العديد من مشروعات مصادر الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء حيث تتميز هذه المراكز ببصمة كربونية أقل من مراكز البيانات التقليدية.
ولفتوا إلى أن وجود مراكز بيانات في مصر خطوة مهمة تساعد في وضع الكثير من الاستراتيجيات في مختلف المجالات سواء الصحة أو التعليم أو الخدمات الحكومية والشركات الصغيرة والمتوسطة، مؤكدين على ضرورة تأهيل الكفاءات البشرية باستمرار، حيث إن هذه المراكز تحتاج بشكل دائم لكوادر بشرية مدربة في مجالات التكنولوجيا وتطوير التطبيقات وأمن المعلومات.
في اجتماع عقده أمس الاثنين الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة الموقف التنفيذي لمراكز البيانات الحكومية، بحضور وزيري الاتصالات والتخطيط، أكد رئيس الوزراء على أن الحكومة تعمل على مواصلة تكثيف الجهود لتعزيز قدرات الدولة في مجال زيادة الاستثمارات في مراكز البيانات والسحب الحاسوبية، تعظيمًا للمزايا التي تتمتع بها مصر في هذا المجال؛ سواء من حيث توافر البنية التحتية اللازمة التي تم تشييدها على مدار السنوات الماضية، أو من حيث الموقع الجغرافي لمصر.
تمكين الشركات العالمية
وأكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن العالم يتجه بقوة نحو إنشاء مراكز البيانات العملاقة التي تقام بخصائص فنية وتقنية على أعلى مستوى، بهدف القدرة على استيعاب عدد ضخم من أجهزة الحاسبات ومعدات التخزين، ولذا نعمل على تمكين الشركات العالمية المتخصصة في إقامة منظومات تشاركية تُمكّن عددًا كبيرًا من المستخدمين في أجهزة ومؤسسات مختلفة من أنها تستخدم هذه الحاسبات ومعدات التخزين بشكل متزامن، وهو ما نسميه “السحابة الحوسبية” في صناعة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كما تستضيف مراكز البيانات العملاقة تطبيقات الحكومة وما تنتجه من بيانات لمختلف جهات الدولة.
من جانبها أكدت المهندسة هالة الجوهري، الرئيس التنفيذي الأسبق لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، أن مصر قطعت خطوات ملموسة خلال السنوات الأخيرة في مجال مراكز البيانات، الذي يُعد أحد أعمدة التحول الرقمي الحقيقي، من خلال إنشاء مراكز بيانات حكومية وخاصة على مستوى متقدم من المعايير التقنية.
وقالت الجوهري إن من أبرز هذه المشروعات مركز البيانات الموحد بالعاصمة الإدارية الجديدة، والذي يُعد الأكبر حكوميًا، إلى جانب توسعات شركات الاتصالات مثل المصرية للاتصالات وڤودافون واتصالات مصر في إنشاء مراكز بيانات معتمدة بمعايير Tier III وTier IV.
وأضافت أن هناك اهتمامًا متزايدًا بربط هذه المراكز بشبكة الألياف الضوئية الممتدة على مستوى الجمهورية، وهي خطوة أساسية لتعزيز الأداء والاستقرار، ما يدل على أن مصر تمتلك بنية تحتية رقمية متنامية تدعم أهداف التحول الرقمي.

مركز للطاقة المتجددة
وأوضحت الجوهري أن هناك توافقًا استراتيجيًا بين الطموحين الوطنيين في أن تكون مصر مركزًا للطاقة المتجددة ومركزًا لمراكز البيانات، مشيرةً إلى أن ذلك يتجلى في المشروعات الضخمة للطاقة الشمسية والرياح التي أطلقتها الحكومة، مثل مشروع بنبان، إلى جانب إتمام صفقات تمويلية هامة لرفع نسبة الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة الكلي.
وتابعت: هذا التوجه يوفّر الأساس اللازم لربط مراكز البيانات بمصادر طاقة نظيفة، إلا أن التنفيذ الفعلي ما زال يواجه بعض التحديات، فمصر لا تزال تعتمد بدرجة كبيرة على الغاز الطبيعي، كما أن توفير طاقة متجددة مضمونة ومستقرة على مدار العام يحتاج إلى استثمارات إضافية في مشروعات تخزين الطاقة أو تطوير مرونة الشبكة الكهربائية أو عقود شراء طاقة طويلة الأجل، وهي عوامل حاسمة لجذب شركات «الهايبرسكيلرز» والمشغلين العالميين”.
ولفتت الجوهري إلى أن مصر اتخذت خلال السنوات الماضية عدة خطوات مهمة في هذا المجال، منها إطلاق مشروعات كبرى للطاقة المتجددة، وتوقيع بدايات لعقود تعاون مع شركات دولية، إلى جانب إنشاء مراكز بيانات وطنية وحكومية كبرى، مثل المركز الإقليمي على طريق العين السخنة، فضلًا عن إعلان الحكومة سياسة “Cloud First” التي تعكس توجه الدولة نحو الخدمات السحابية.
وحول التحديات، أشارت الجوهري إلى أن هناك جوانب تشريعية وتنظيمية تحتاج إلى مزيد من الوضوح، أهمها آليات تطبيق قانون حماية البيانات وإصدار لوائح تنفيذية دقيقة فيما يخص الاستضافة المحلية والبيانات السيادية، مؤكدة أن غياب الوضوح التنظيمي قد يثني بعض المستثمرين الدوليين.
وأضافت أن السوق بحاجة أيضًا إلى حوافز استثمارية طويلة الأمد تشمل الكهرباء، والضرائب، وتخصيص الأراضي، وتسهيلات استيراد المعدات. أما على المستوى الفني، فأوضحت الجوهري أن تكلفة واستقرار الطاقة يمثلان تحديًا رئيسيًا، لاسيما مع تزايد أحمال الذكاء الاصطناعي، ما يتطلب تعزيز مرونة الشبكات وتوفير حلول تخزين الطاقة. كما دعت إلى توسيع نقاط تبادل الإنترنت المحلي وتحسين الربط الداخلي، مشيرة إلى نقص الكفاءات المتخصصة في مجالات إدارة مراكز البيانات عالية الأداء، وهندسة التبريد المتقدمة، وصيانة الأنظمة.

تعزيز المنافسة
وأكدت الجوهري أن المصرية للاتصالات تمتلك بنية تحتية استراتيجية قوية من الكابلات البحرية والألياف الضوئية، وخبرة واسعة في إنشاء وتشغيل مراكز البيانات، ما يجعلها مؤهلة لتكون الذراع الحكومية الرئيسية في هذا القطاع، وفي الوقت نفسه، شددت على أهمية تنويع اللاعبين في السوق لضمان المنافسة وجذب مزيد من الاستثمارات الدولية.
واختتمت المهندسة هالة الجوهري تصريحاتها مؤكدة أن “مصر تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها بحاجة إلى قفزات نوعية لا تدريجية إذا أرادت أن تصبح مركز بيانات إقليميًا منافسًا، مضيفة أن النجاح في تحقيق هذا الهدف يعتمد على مزيج من العوامل الأساسية، تشمل:تشريعات جاذبة للاستثمار،استقرار في منظومة الكهرباء والطاقة، توسع في الربط الدولي ، تنمية الكفاءات الوطنية المتخصصة
قال المهندس محمد الحارثي، خبير تكنولوجيا المعلومات، إن الخطوات التي تنتهجها الدولة المصرية فيما يتعلق بتشحيع الاستثمار في مراكز البيانات تسير في الطريق الصحيح، وتعكس إيمان الدولة بأن الاستثمار في هذا القطاع الحيوي يمثل ضرورة استراتيجية لضمان أمن البيانات وتعزيز التنافسية الإقليمية.
ولفت إلى أن مصر تمتلك مقومات فريدة تؤهلها لتكون مركزًا إقليميًا جاذبًا للاستثمارات في قطاع مراكز البيانات منها؛ موقع مصر جعرافيًا وهو ما يمنحها ميزة استراتيجية باعتبارها بوابة طبيعية للأسواق الأفريقية والعربية، فضلًا عن قربها من أوروبا وآسيا، وهو ما يجعلها نقطة ارتكاز مثالية لخدمات مراكز البيانات العابرة للحدود.

أسعار تنافسية
وأضاف المهندس محمد الحارثي، أن مصر تمتلك القدرة على تقديم الخدمات بأسعار تنافسية مقارنة بدول أخرى وهو يمنحها تنافسية كبيرة في استقطاب المستثمرين، خاصة وأن مراكز البيانات تحتاج إلى مصاريف تشغيلية مرتفعة.
وتابع خبير تكنولوجيا المعلومات، أن تزايد الطلب على مراكز البيانات سواء محليًا أو إقليميًا يدعم بقوة توجه مصر لتوسيع استثماراتها في هذا القطاع، ومراكز البيانات لم تعد مجرد بنية تحتية تقنية، بل أصبحت العمود الفقري للاقتصاد الرقمي، حيث تعتمد عليها تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ومنظومات الأعمال الرقمية الحديثة، وأن وجود مراكز بيانات من أجيال متطورة يعد شرطًا أساسيًا لتسريع التحول الرقمي وتوسيع الخدمات الرقمية للشركات والمؤسسات في المنطقة.
ورأى أن فكرة إتاحة هذا للاستثمار الأجنبي مهم جداً، ومصر نجحت بالفعل في استقطاب شركات عالمية مثل هواوي التي قامت ببناء مركز بيانات في مصر وتلتزم فيها باستضافة ما هو في النطاق الأفريقي وهو المستهدف الرئيسي وهو ما يعزز مكانة مصر ويعزز من قيمة مدخلات الاقتصاد الرقمي والعملة الأجنبية.
وعن التحديات في هذا القطاع، قال الحارثي إن أكثر ما تطلبه الشركات الأجنبية العالمية فكرة البنية المعلوماتية والاستقرار وهو ما نمضي فيه بخطى سريعة وقطعنا فيه شوطًا كبيرًا ،كما نتطلع دائماً إلى رفع الكفاءة بشكل مستمر وهو أمر مهم وهو ما يحتاجه المستثمر الأجنبي في هذا القطاع الحيوي.
تابع: لكن لا تزال هناك تحديات رئيسية، أبرزها ارتفاع تكاليف الطاقة، والحاجة إلى تعزيز قوانين حماية البيانات، والمنافسة القوية من دول الخليج التي تقدم حوافز استثمارية مغرية.
ولتسريع تحول مصر إلى مركز إقليمي للبيانات، لفت إلى أهمية تحفيز الاستثمار عبر تقديم امتيازات ضريبية واستثماريه للشركات الكبرى، إضافة إلى تقديم حلول لتحديات استهلاك تكاليف الكهرباء من خلال التوسع في استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل مراكز البيانات، مما يجعلها أكثر استدامة وتنافسية، كما أكد على أهمية الاستمرار في تطوير المهارات المحلية من خلال برامج تدريبية متخصصة، مما يتيح توفير كوادر قادرة على دعم هذا النمو، إلى جانب تعزيز الشراكات مع الشركات العالمية لنقل التكنولوجيا والخبرات.
وتابع قائلا أنه على الرغم من أن مصر حققت خطوات مهمة نحو التحول إلى مركز بيانات إقليمي، إلا أن نجاحها في هذا المجال يعتمد على تحسين البنية التحتية، وتحديث التشريعات، وجذب الاستثمارات لضمان قدرتها على المنافسة في سوق عالمي سريع التطور
مكانة مصر الرقمية
قال المهندس محمد عبد الفتاح، خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات، إن اهتمام مصر بمراكز البيانات خطوة نوعية متقدمة فى سبيل الحفاظ على مكانة مصر كدولة رائدة فى مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث تقوم بدور رائد فى عملية التحول الرقمى وميكنة خدمات الدولة فى سبيل تحقيق خطة مصر 2030، واستضافة معظم المشاريع ضمن خطة التحول الرقمى.
وأضاف أن مركز البيانات والحوسبة السحابية الذي أطلقته مصر يساهم فى رفع مكانتها الاستراتيجية بالمنطقة كدولة رائدة فى عملية التحول الرقمى، حيث إنه أنشئ لضمان تطبيق المعايير الدولية فى حوكمة البيانات، كما أن المركز تم إنشاؤه على أحدث النظم والمعايير الهندسية الدولية ليتوافق مع مراكز البيانات العالمية بأيادٍ مصرية وخبرات دولية، للحفاظ على بيانات المواطنين المصريين، وتم إنشاء المركز وفق أحدث المعايير الدولية الخاصة بتأمين المعلومات والاتصالات توافقاً مع عملية التحول فى فكر أمن المعلومات والأمن السيبرانى طبقاً للمعايير الدولية لضمان استمرار الأعمال على مدار الساعة.
ولفت عبد الفتاح أن الانطلاق في هذا الاتجاه يساعد في تحقيق رؤية الجمهورية الجديدة ومصر الرقمية، ويتم من خلال تلك المراكز توفير البيانات والمعلومات والنواحي الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية الأحدث والأكثر شمولية لمختلف القطاعات وأصحاب الاهتمام وصانعى القرار في القطاعين العام والخاص، بما يساعد على إعداد وتنفيذ ومتابعة وتقييم وتطوير الخطط والبرامج والسياسات في شتى المجالات، ويرفع مستوى الكفاءة والفاعلية الإدارية والتنظيمية والأنشطة العلمية والإنتاجية بمختلف أنواعها ومجالاتها.
وأشار إلى أن العائد الاقتصادى كبير للغاية ولا يمكن إغفاله، فبنظرة إلى إنشاء المركز واستخدام أحدث تكنولوجيات الحوسبة سنجد أنه يساهم في الحفاظ على توفير قدر كبير من الدولارات التي كانت تذهب خارج مصر، كما أن وجود المركز داخل مصر يساهم في الحفاظ على أمن البيانات والمعلومات الخاصة بالمواطن المصري كتوجه استراتيجي للدولة، ويساهم في خلق فرص عمل تكنولوجية أكثر
تسارع التحول الرقمي
من جانبه يقول الدكتور محمد عزام خبير تكنولوجيا المعلومات: نحن نعيش في عصر قائم على البيانات، وله أدواته وطريقته، ومصر خطت خطوات جيدة في هذا الاتجاه، فالاهتمام بمراكز البيانات، فدول محدودة تمتلك بنية معلوماتية، ووجود اهتمام بمراكز البيانات يعني أننا لدينا قدرة كبيرة على التخطيط والتنبؤ بالتحديات واتخاذ القرارات ووضع سيناريوهات للتعامل مع مواقف مختلفة، بجانب الاحتفاظ بالبيانات التي تعتبر جزءا من الأمن القومي المصري، وتمنحنا الفرصة لتقديم خدمات أفضل وأسرع، وهذا يمنحنا القدرة أيضا على السير بشكل أسرع في اتجاه التحول الرقمي، وزيادة الصادرات التكنولوجية.
ويؤكد أن وجود مراكز بيانات في مصر خطوة مهمة تساعد في وضع الكثير من الاستراتيجيات في مختلف المجالات سواء الصحة أو التعليم أو الخدمات الحكومية، مشيرا إلى أن مراكز البيانات تساهم في تقديم خدمات الاستضافة للشركات الصغيرة والمتوسطة وقطاعات الأعمال والشركات الدولية، لخلق نوع من توزيع البيانات حول العالم بصورة أسرع وأكثر جودة.

ويشير عزام إلى أننا في حاجة إلى مواكبة التطور التكنولوجي الذي يحدث حول العالم، بالإضافة إلى تأهيل الكفاءات البشرية باستمرار، حيث إن هذه المراكز تحتاج بشكل دائم لكوادر بشرية مدربة في مجالات التكنولوجيا وتطوير التطبيقات وأمن المعلومات، وبالتالي سيعزز من توفير فرص عمل سنوية في هذا القطاع لتحقيق رؤية الجمهورية الجديدة ومصر الرقمية، إذ يجب الاستثمار في المواهب المتميزة وإلحاقهم بالجامعات الأمريكية والعالمية، للحصول على الخبرة الكافية، ومن ثم العودة بأفكار مبتكرة وإطلاق شركات ناشئة تدعم الصادرات التكنولوجية، بالإضافة إلى منح الشركات الناشئة الكثير من الفرص والتسهيلات للاعتماد عليها في هذا الاتجاه.
وأضاف أن ان أحد أهم مستهدفات مراكز البيانات والحوسبة السحابية الحكومية الربط بين المؤسسات الحكومية والخدمات العامة وبين مراكز المعلومات فى العديد من القطاعات والتنسيق فيما بينها ضمن شبكة وطنية موحدة، يتم عبر مساراتها توفير البيانات والمعلومات والنواحى الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية الأحدث والأكثر شمولية لمختلف القطاعات وأصحاب الاهتمام وصانعى القرار فى القطاعين العام والخاص، بما يساعد على إعداد وتنفيذ ومتابعة وتقييم وتطوير الخطط والبرامج والسياسات فى شتى المجالات، ويرفع مستوى الكفاءة والفاعلية الإدارية والتنظيمية والأنشطة العلمية والإنتاجية.
تصدير التكنولوجيا
وأشار إلى أن الدولة تمتلك القدرة على التحول لوجهة إقليمية لتصدير التكنولوجيات عالية القيمة خاصة في ظل الدعم اللامحدود من القيادة السياسية وتوجيهاتها للحكومة بتوفير حزمة من الحوافز الاستثمارية لجذب الشركات العالمية والمحلية للعمل في مصر، بهدف تحسين مستوى الخدمات المقدمة وزيادة القدرة التنافسية لصناعة التعهيد، وذلك في إطار استراتيجية مصر الرقمية، وهو ما يساهم فيه الاهتمام بمراكز البيانات أيضا.
وأضاف أنه يجب الاهتمام بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي أيضا مثلما يحدث بدول مجاورة، حيث إن الاستثمار في تلك التقنية يتطلب امتلاك التكنولوجيات ونماذج تعلم البيانات، فالعالم ينفق نحو 100 مليار استثمارات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي سنوياً، لذا الدولة مطالبة بتشجيع الشركات الناشئة والاستثمار فيها خاصة تلك التي يمكنها تجذب استثمارات في هذا المجال