يعكف العلماء في سويسرا الآن، على اكتشاف علمي قد يساعد في إنقاذ البشرية من الانقراض ذات يوم، وذلك من خلال تجميد عينات البراز.
مدفن الميكروبات
تم تسليم عينات من البراز المجمدة من أماكن مثل إثيوبيا وبورتوريكو، إلى مختبر أدريان إجلي في جامعة زوريخ، حيث يقول إجلي، مدير معهد الأحياء الدقيقة الطبية، إنه يصنع مدفنًا من الميكروبات، مشيرًا إلى أن أكثر الكائنات الحية المهددة بالانقراض تعيش في أحشاء البشر، لذا يجب أن نسعى للحفاظ عليها.
ويوجد حوالي 30 تريليون خلية في جسم الإنسان، لكن الميكروبيوم البشري يتكون من حوالي 39 تريليون خلية ميكروبية تشمل البكتيريا والفيروسات والفطريات، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في تحطيم الأطعمة التي نتناولها، ما يساعدنا على امتصاص العناصر الغذائية الأساسية مثل الفيتامينات والمعادن. ويمكنها أيضا تجديد بطانة الأمعاء والجلد، وإصلاح الخلايا التالفة واستبدال الخلايا الميتة بخلايا جديدة.
ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، صقل العلماء مدى أهميتها لرفاهيتنا، وتم ربط هذه الميكروبات بالاكتئاب والاستجابة المناعية وفقدان الذاكرة ومتوسط العمر المتوقع.
انقراض بكتيريا الأمعاء
يُعرف مجتمع الكائنات الحية الدقيقة باسم “ميكروبيوتا الأمعاء”، لكن تركيبته الدقيقة تعتمد على طعامنا وأدويتنا وممارسة الرياضة ومستويات التوتر والنوم.
وتغيرت الطريقة التي كنا نعيش بها في القرن الماضي، فنحن اليوم نأكل الأطعمة المصنعة، ونظهر نظافة أفضل ونصِف مضادات الحيوية لمكافحة الأمراض وهذه تقضي على البكتيريا. ونتيجة لذلك، أظهرت الدراسات أن التنوع داخل الكائنات الحية الدقيقة لدى البشرية آخذ في التناقص.
وقال إجلي: الناس على دراية تامة بالتنوع البيولوجي، والتناقص في النباتات والحيوانات. إذا انقرض الفيل، فأنت لا تواجه مشكلة فيما يتعلق بصحتك. وإذا كان الميكروبيوم لديك مضطربا بطريقة معينة، فقد يكون لذلك عواقب وخيمة”.
بنك عينات البراز
وللمساعدة في التخفيف من هذه الخسارة، بدأ إجلي، مع زملائه من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، ما يسمى بـ”Microbiota Vault”. وهذا بنك من عينات البراز المجمدة مع مجموعة متنوعة من الميكروبات التي يمكن إعادة زراعتها، إذا ثبت أنها مفيدة لجسم الإنسان.
وتم استلهامها من Svalbard Global Seed Vault، الذي يخزن “نسخا احتياطية” من بذور النباتات القيمة في حالة فقد الأصول.
ونُشر الأساس المنطقي لـ Microbiota Vault لأول مرة في عام 2018، وتم تأسيسه كمنظمة غير ربحية في العام التالي.
ومنذ ذلك الحين، بدأ مشروع تجريبي في اختبار إمكانية إحياء الميكروبات من بضعة غرامات من البراز بشكل فعال، بالإضافة إلى اكتشاف أفضل تقنيات التجميد، وقد جمع الفريق الدولي حوالي 3000 عينة براز حتى الآن، معظمها نشأ في غرب سويسرا.
ومع ذلك، يريد إجلي تضمين عينات من أشخاص لديهم أنماط حياة مختلفة لتوسيع التنوع الميكروبي في مجموعته، بما في ذلك المجموعات الريفية.
وقال: نحن لا نبحث فقط عن الأشخاص الذين يعيشون في الغابة – بل يمكن أيضا أن يكونوا أشخاصا يعتمدون على المزارع بشكل أكبر، ويختلفوا تماما عن الغرب. وبالإضافة إلى البراز، يحتفظ العلماء بعينات من الأطعمة المخمرة التي يمكن أن تحتوي على بكتيريا مفيدة.
وحاليا، تُحفظ العينات في مجمد معمل عند درجة حرارة ثابتة تبلغ 112 درجة فهرنهايت (-80 درجة مئوية). ولكن مع نمو المجموعة إلى الـ 100.000 عينة المتوقعة، يعلم إجلي أنه سيتعين عليه البحث عن منشأة تخزين أكبر.
ومن المقرر إذابة الدفعة الأولى من العينات بعد عامين، وقد حصل المشروع على تمويل بقيمة 825 ألف جنيه إسترليني (مليون دولار) لإبقائها مجمدة حتى ذلك الحين.