Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

تامر إمام يكتب: لماذا أهدرت الفرصة يا محمد وأنت في حضرة «الرئيس»؟

يا له من مشهد عظيم، حيث يقف الشاب محمد محسن، مؤسس شركة SI Vision المصرية الناشئة المتخصصة في تصميم الدوائر الإلكترونية، ليشرح فكرة عمل الشركة أمام فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على هامش إطلاق مجموعة من مشروعات مصر الرقمية.

محمد محسن شاب محترف ومهذب ولبق، بدأ حديثه بشرح قصة نجاحه وزملائه الذين رافقوه في بداية تدشين الشركة، ونجاحهم في أن يصبحوا أكبر شركة تمتلك محفظة من تصميمات الدوائر الإلكترونية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي الصناعة التي تسيطر عليها أمريكا عالميا، ونأمل أن تأخذ مصر مكانتها إقليميا وعالميا في السنوات القادمة.

وبينما يفتخر محمد محسن بأن شركته بدأت في السوق وسط 3 أو 4 شركات أخرى، في حين يوجد في مصر الآن ما يقرب من 30 شركة، وإذا بفخامة الرئيس السيسي يلتقط الميكروفون ليوجه سؤالا إلى محمد بشأن المطلوب من الدولة تقديمه لزيادة عدد الشركات المتخصصة في مجال تصميم الإلكترونيات، بل قال له حرفيا: “إيه اللي تطلبه أو تؤمرنا إننا نعمله وإحنا هنعمله!”

الرد من جانب محمد كان: التدريب والتعليم! ليستكمل حديثه حول ضرورة اهتمام الدولة بتدريب وتعليم الكوادر الشابة لكي يتمكنوا من الالتحاق بتلك الصناعة، لكن بذكاء معتاد من جانب الرئيس، وجه سؤاله مجددا لمحمد: “أنا برضه معرفتش أمسك منك حاجة.. عاوز أعرف مطالبكم. ممكن تاخدوا فرصة وتقدمولي ورقة مطالب علشان نشتغل على تنفيذها”، ثم مال الرئيس بوجهه تجاه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء ليطالبه بمتابعة هذا الملف.

يا محمد، لم تتاح لي الفرصة من قبل لكي أتعرف عليك، لكن اسمح لي أن أعاتبك، بسبب إهدار تلك الفرصة العظيمة لكي تعرض على الرئيس كافة العقبات والمشاكل التي تواجه الشركات الناشئة المتخصصة في التكنولوجيا.

لماذا أهدرت الفرصة يا محمد؟!.. لماذا لم تخبر الرئيس بأن قطاع الشركات الناشئة ما زال يبحث عن أب شرعي له داخل مصر؟.

هل نسيت يا محمد حينما فوجئنا بدولة الإمارات الشقيقة تحتفي بالشاب المصري مصطفى قنديل مؤسس شركة سويفل، التي قاموا بتعريفها على أنها شركة إماراتية، برغم أننا شهدنا نشأتها في مصر! ليقوم بعدها مجموعة من الوزراء والمسؤولين بعقد لقاءات مع قنديل وشركائه في محاولة لإصلاح الموقف!

هل رأينا بعدها، مثلا، قرارا جريئا من الدكتور مصطفى مدبولي بتدشين وزارة لريادة الأعمال والشركات الناشئة؟ وإذا كان الأمر صعبا، فهل رأينا قرارا بإسناد هذا الملف وتخصيص تمويل كافي لإحدى الوزارات لتكون مسؤولة عن رعاية كاملة لتلك الشركات ودعمهم وتذليل أي عقبات تواجههم؟

لماذا أهدرت الفرصة يا محمد؟! لماذا لم تخبر الرئيس بأن هناك عقبات كبيرة تواجه الشركات الناشئة، وتحديدا المتعلقة بالقوانين؟

هل تدري يا محمد كم من الأفكار التي حُكم عليها بالموت بسبب إحباط أصحابها الذين اصطدموا بالبيروقراطية! هل تدري يا محمد كم الشركات التي تنتظر لسنوات من أجل الحصول على موافقات أو تراخيص أو غيرها من المستندات الداعمة لأعمالهم!

لماذا أهدرت الفرصة يا محمد؟! لماذا لم تطلب من فخامة الرئيس ضرورة تفعيل القرارات الرئاسية الداعمة لبيئة رواد الأعمال، والتي تم إقرارها قبل أشهر قليلة؟ ولعلك تعلم جيدا بأن تلك القرارات ستعيد الأمل لعدد كبير من الشركات الناشئة حال تنفيذها.

لن أقسو عليك يا محمد بكلماتي هذه، لكنها من باب العشم، فالعديد من رواد الأعمال يحلمون بمثل تلك الفرصة التي يقفون فيها أمام السيد الرئيس لكي يطلبوا منه أي شيء يدعم أعمالهم، وعلى كل حال ما زالت الفرصة سانحة لكي تقوم وزملائك بوضع مطالبكم داخل ورقة يتم عرضها على الرئيس كما طلب هو منك، أرجوك ضع كل المطالب حتى لو كانت صعبة التنفيذ، فالرئيس يدرك جيدا أهمية قطاع رواد الأعمال والشركات الناشئة وسيستجيب لمطالبكم.

ولن أختم حديثي لك يا محمد قبل أن أحييك على نجاح شركتكم، فأنا أعلم جيدا حجم صعوبة مجال تصميم الدوائر الإلكترونية والتنافسية العالية التي تواجهوننها، لكنكم فخر لنا جميعا كمصريين.

رسائل قصيرة

* في نفس الاحتفالية، التي حضرها الرئيس لإطلاق مشروعات مصر الرقمية، أشاد فخامته خلال حديثه ببعض البرامج الإعلامية الداعمة لاكتشاف المواهب ورواد الأعمال، ومن هنا نعدك سيادة الرئيس بأن نواصل جهودنا لمساندتها عبر منصتنا المتواضعة FollowICT، التي تعد من المنابر الإعلامية الداعمة للاقتصاد الرقمي المصري، وسوف نواصل مسيرتنا في إلقاء الضوء على نماذج الشركات الناشئة الناجحة، ونفخر بدورنا هذا حتى لو كان بسيطا، لكننا سنجتهد قدر المستطاع من أجل الحفاظ عليه.

* ما زلت أصر على موقفي بأن فشل صفقة استحواذ إيلون ماسك على تويتر لن يكون لأسباب مادية، وإنما لأسباب تتعلق بطريقة تفكير “الملياردير المجنون”، فمن البداية كان ينتابني الشك حول وجود رغبة حقيقية من جانب “ماسك” لشراء تويتر، أعتقد أن هناك شيئا آخر يدور بأذهانه، والأيام ستكشف ذلك.

* أنتظر بفارغ الصبر ما ستعلن عنه شركات الموبايلات بشأن خطتهم للتصنيع داخل مصر، خاصة مع اضطراب سلاسل التوريد العالمية وتوقف عملية الاستيراد، أتمنى أن تنمو تلك الصناعة داخل مصر، ولا ننسى التهكم الذي واجه تيم كوك رئيس شركة أبل وهو يتحدث عن سبب اختيار الصين لتكون مقرا لمصانع أبل.

قد يواجه القائمون على تلك الصناعة بعض السخرية الآن، ولكن نأمل أن يستكملوا مسيرتهم بإصرار وعزيمة من أجل وضع اسم مصر على الخريطة العالمية لتصنيع الإلكترونيات.

تحليل كتبه: تامر إمام

صحفي متخصص في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وشريك مؤسس لموقع FollowICT

deel