اكتملت أخيرا خريطة تقديم خدمات الجيل الخامس (5G) في مصر، بعدما لحقت شركات الاتصالات الثلاث المتبقية بالمصرية للاتصالات “وي” ، حيث وقعت شركات اورنج مصر وفودافون مصر وإي آند مصر عقود تراخيص تقديم وتشغيل خدمات الجيل الخامس أمس، في مؤتمر موسع حضره الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمهندس محمد شمروخ، الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وقيادات شركات الاتصالات الأربعة في مصر.
وأثارت خطوة الشركات ، بحصولهم على رخصة لتشغيل خدمات الجيل الخامس في مصر انتباه الجميع، في توقيت يعزز فيه القطاع مقوماته للنمو لمواجهة ارتفاع التكلفة المتنامية، حيث وجهت الشركات بوصلتهم نحو مساحة جديدة تشكل أساس المستقبل لصناعة الاتصالات على كافة المستويات، في توقيت تشجع فيه الحكومات وصناع السياسات العالميين للاستثمار في تكنولوجيا الجيل الخامس بهدف تعزيز صناعات التكنولوجيا الفائقة ، وفي خطوة تدعم التطور التكنولوجي في البنية الأساسية للاتصالات وتعمل على تعزيز التنافسية في السوق المصري فيما يتعلق بالخدمات الأساسية وخدمات القيمة المضافة.
وبانتهاء مراسم التوقيع، تكون القيمة الإجمالية لعقود تراخيص تقديم خدمات الجيل الخامس في مصر نحو 600 مليون دولار، بواقع 150 مليون دولار لكل شركة، بالإضافة إلى 75 مليون دولار نظير تجديد خدمات سابقة للشركات الأربعة، تتلقاها الحكومة المصرية نظير تراخيص الخدمة، لتنطلق الشركات الأربعة في التجهيز لتشغيل الخدمة تجريبيا خلال 3 أشهر، قبل إطلاقها تجاريا خلال 6 أشهر.
ووفقا للمحللين فإن ضجيج خدمات الجيل الخامس بعد هذا التوقيع سيتزايد يوما بعد يوم في ظل الرهانات الكبيرة التي تمتلكها هذه التكنولوجيا في تطوير كافة القطاعات الاقتصادية وقدرتها على جلب ثورة صناعية جديدة ترتكز على سرعة البيانات وإندماج الجيل الخامس مع تقنيات أخرى مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، لدفع هذه التقنيات للوصول إلى إمكاناتها الكاملة مع فوائد اقتصادية واستراتيجية غير مسبوقة.
ومنذ إعلان المصرية للاتصالات على حصولها على أول رخصة للجيل الخامس مطلع العام الجاري، شكلت حالة من النقاشات حول واقعية طرح هذه التكنولوجيا في التوقيت الحالي بالسوق المصرية والاحتياجات الملحة لنجاحها، وفقا لأليات العرض والطلب وأيضا لحالة النقاش التي بدأت منذ سنوات، ففي حين يرى عدد من الخبراء أن الاستخدامات السائدة الحالية للإنترنت يكفيها تكنولوجيا الجيل الرابع، تقف الشركات في موقف أخر بأن المسألة تتعلق بطرح التكنولوجيا في البداية، وبالتبعية سيأتي المستخدمين وسلسال واسع من التطبيقات والتكنولوجيات الملحقة التي ستقود الطفرة القادمة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
فشبكات الجيل الخامس وفقا للمحللين لن تكون حاسمة فحسب للوصول بشكل أسرع إلى الإنترنت، وتطبيقات المدن الذكية، والمركبات ذاتية القيادة، ولكنها ستعمل أيضًا على توسيع الاتصالات المتنقلة من النظام البيئي الذي يركز على الإنسان إلى إنترنت الأشياء، وما وراء ذلك والذي لايمكن تحديده حاليا في ضوء التطورات الحالية والمتسارعة في المجال التقني.
التوقعات تشير إلى أن التأثير الاقتصادي الكامل لطرح شبكة الجيل الخامس في جميع أنحاء العالم يمكن أن يتيح ما يصل إلى 13.1 تريليون دولار من السلع والخدمات، ويضيف ما يصل إلى 22.8 مليون وظيفة بحلول عام 2035، وكشفت تقرير التنقل شركة إريكسون لشهر يونيو 2023، عن توقعات بأن تصل اشتراكات شبكة الجيل الخامس إلى 1.5 مليار بحلول نهاية العام الجاري.
في حين توقعت مؤسسة “فيتش سوليوشنز” أن تحدث قفزات كبيرة في أعداد مستخدمي شبكات الجيل الخامس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث توقعت أن يبلغ أعداد المستخدمين في المنطقة نحو 200 مليون مستخدم بحلول عام 2031، ارتفاعاً من 24 مليون مستخدم فقط حالياً.
ووفقا لهذه المعطيات يمثل إعلان طرح الجيل الخامس في مصر، مرحلة جديدة تحمل الكثير من المفاجئات سواءا كونها نقطة فاصلة في كل المجالات الصناعية والصحية والتعليمية والخدمية، وأيضا المدن الذكية التي تقوم على تقنيات الجيل الخامس، أو من ناحية أخرى إحتياجها لإطار قانوني وتشريعي شامل يستوعب تطوراتها، بالإضافة إلى الحاجة للتكامل والتواصل بين مشغلي خدمات الاتصالات والإنترنت مع اتساع دائرة الحاصلين على الرخصة.
وصرح الدكتور عمرو طلعت بأن إتاحة تقنيات الجيل الخامس ستنعكس بالإيجاب على الاقتصاد القومي وعلى ترتيب مصر بالمؤشرات الدولية في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات باعتبارها إحدى الركائز الأساسية في تعزيز البنية الرقمية للدولة.
وأوضح أن تقنيات الجيل الخامس سيكون لها بالغ الأثر على تحقيق التحول الرقمي حيث تُتيح شبكات الجيل الخامس سرعات فائقة من شأنها دفع عملية التحول الرقمي وتحقيق رؤية مصر لأهداف التنمية الشاملة ، التي ترصد في العديد من المشروعات التنموية والكثير من الأنشطة والمبادرات التي تتم على مستوى الجمهورية.
ولفت الدكتور عمرو طلعت إلى أن تقنيات الجيل الخامس تعتبر عاملًا محوريًا في تعزيز وتوسيع خدمات إنترنت الأشياء والذي يعد من أهم ركائز الثورة الصناعية الرابعة حيث يتيح تشغيل منظومات المدن الذكية والخدمات الرقمية بقطاعات الدولة المختلفة.
فيما أكد المهندس محمد شمروخ الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، أن إطلاق خدمات الجيل الخامس في مصر يمثل خطوة هامة لتعزيز قدرات سوق الاتصالات، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس التزام الدولة بتوفير أحدث التقنيات وتقديم خدمات مبتكرة للمستخدمين. وأضاف أن الجهاز يعمل باستمرار على تحسين جودة الخدمات المقدمة، وضمان استفادة المجتمع من التطورات التكنولوجية الحديثة. كما أشار إلى أن الجهاز قد بذل جهودًا كبيرة بالتعاون مع الشركاء لتحقيق هذه الخطوة، التي ستساهم في تقديم حلول مبتكرة تلبي احتياجات مختلف القطاعات، وتوفر تجارب استخدام متقدمة على مستوى الأفراد والشركات، وأكد أن الجهاز سيواصل جهوده لضمان تقديم خدمات اتصالات متطورة تواكب المعايير الدولية، وتعزز مكانة مصر كمركز إقليمي رائد في تقديم التكنولوجيا المتقدمة.
وأعرب المهندس ياسر شاكر، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة اورنچ مصر، عن تقديره للجهود التي تبذلها الدولة المصرية في إتاحة رخصة خدمات الجيل الخامس بالتزامن مع التحسن المستمر في المؤشرات الاقتصادية وهو ما يعتبر خطوة استراتيجية نحو تمكين مصر من مواكبة الركب العالمي في مجال الاتصالات.
وأضاف شاكر أن تكنولوجيا الجيل الخامس ستساهم في تحسين سرعة الإنترنت، والقدرة الاستيعابية لشبكة اورنچ وهو أمر حيوي لتعزيز تنافسية الشركة وقدرتها على تقديم خدمات متميزة لعملائها. كما أشار شاكر إلي أن الجيل الخامس سيفتح آفاقًا جديدة في المستقبل لاستخدامات مبتكرة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
وأكد أن هذه التقنيات ستلعب دورًا محوريًا في تسريع مشاريع التحول الرقمي، التي باتت جزءًا أساسيًا من رؤية مصر المستقبلية. واختتم شاكر تصريحه بالتأكيد على التزام شركة اورنچ مصر بالاستثمار المستدام في تطوير بنيتها التحتية، لضمان تقديم خدمات الاتصالات المتطورة التي تلبي تطلعات عملائها، مع المساهمة الفعالة في دعم جهود الدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
وصرح المهندس محمد كمال عبد الله الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة ڤودافون مصر، بأننا فخورون وسعداء بالحصول على ترخيص الجيل الخامس لنقود، كما اعتدنا، ركب التطور التكنولوجي والرقمي في مصر، باعتبارنا الشركة الرائدة عالميًا في هذه التكنولوجيا المتطورة. نعتبرها خطوة محورية في مسيرتنا الطموحة لبناء مستقبل رقمي أكثر تطورًا، حيث أصبحت التكنولوجيا جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية لكل المصريين.
و أضاف بأن الخبرة العالمية لڤودافون تمثل الركيزة الأساسية في إطلاق تكنولوجيا الجيل الخامس في 34 دولة حول العالم، ونحن الآن سعداء بنقل هذه الخبرات إلى السوق المصري، مما يمثل نقلة نوعية لخدماتنا في هذا السوق المهم، لضمان تقديم خدمات عالية الجودة لعملائنا. كما سيفتح الجيل الخامس آفاقًا غير مسبوقة أمام العديد من القطاعات الحيوية في البلاد، بالإضافة إلى تلبية احتياجات السوق المتغيرة، وهو ما ينعكس بشكل واضح على الاستثمارات الضخمة التي تضخها ڤودافون مصر لتطوير البنية التحتية والشبكات.
وصرح المهندس حازم متولي الرئيس التنفيذي لشركة “إي آند مصر” ، بأن حصول شركة إي آند مصر على رخصة الجيل الخامس للمحمول، يعد بمثابة تأكيد على مكانتنا في السوق المصري وحرصنا الدائم على تقديم أحدث الحلول التكنولوجية لعملائنا، ما يتماشى مع ريادة الشركة منذ بداية عملها في السوق لأحدث التكنولوجيا بدايًة من الجيل الثالث والرابع وأخيرًا الجيل الخامس.
وأضاف متولي أن هذه الخطوة الهامة جاءت بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، وتأكيدًا على مكانة الشركة في السوق المصري والتزامها بضخ الاستثمارات المطلوبة لتقديم أعلى مستوى من الخدمات لعملائها، والذي أيضًا يسهم في تعزيز خطط وجهود الدولة المصرية للتحول الرقمي طبقًا لرؤية مصر2030، كما يتماشى مع تحول الشركة إلى مجموعة تكنولوجية متكاملة تقدم العديد من الحلول والخدمات التكنولوجية المبتكرة لعملائها في مصر في مجالات عديدة إضافًة لقطاع الاتصالات.
من جانبه قال المهندس محمد نصر، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمصرية للاتصالات: “تحرص المصرية للاتصالات دوماً على أن تكون في طليعة الشركات التي تتبنى أحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، بما يضمن تلبية احتياجات عملائها المتطورة، فخور بحصول الشركة على أول رخصة لتقديم خدمات الجيل الخامس التي تعد هي حجر الأساس للتطور التكنولوجي مستقبلاً، بما يحقق لنا الاستدامة ويمنحنا القدرة على مواصلة تلبية احتياجات عملائنا وتعظيم ثروة مساهمينا” وأضاف: “قطعنا شوطاً كبيراً خلال الفترة الماضية فيما يتعلق تجهيز شبكتنا لإطلاق خدمات الجيل الخامس ولدينا القدرة على تقديم الخدمات في أي وقتً”
ما الذي يستفيده العملاء من الجيل الخامس؟
تمثل شبكات الجيل الخامس (5G) قفزة نوعية في عالم الاتصالات، حيث تقدم سرعات فائقة على مستوى شبكات المحمول وسرعات الإنترنت، وقدرات جديدة لم تكن ممكنة مع الأجيال السابقة.
وتقدم شبكات الجيل الخامس سرعات تحميل وتنزيل تصل إلى 20 جيجابت في الثانية، وهي سرعة هائلة مقارنة بسرعة الجيل الرابع (4G) التي تصل إلى 1 جيجابت في الثانية على الأكثر، ويعني ذلك أن تحميل الأفلام والملفات الكبيرة يمكن أن يتم في ثوان معدودة.
كما تتميز شبكات الجيل الخامس بزمن استجابة منخفض للغاية، يصل إلى 1 ملي ثانية، مما يجعلها مثالية للتطبيقات التي تتطلب استجابة فورية، مثل الألعاب عبر الإنترنت، والخدمات السحابية، والجراحات عن بعد، والسيارات ذاتية القيادة، وأجهزة إنترنت الأشياء (IoT)، إلى جانب تحسين جودة المكالمات، مما يتيح تجربة مستخدم أفضل.
عبر هذه الإمكانيات الهائلة، تتيح شبكات الجيل الخامس (5G) الاتصال بعدد كبير من الأجهزة في وقت واحد بكفاءة عالية، مما يعزز من تطوير تقنيات وأجهزة إنترنت الأشياء (IoT) وتحقيق إمكاناتها الكاملة.
ويعني ذلك أن الأجهزة المنزلية الذكية، والسيارات المتصلة، والأجهزة الصناعية، سيمكنها التواصل وتبادل البيانات بسرعة وكفاءة أعلى بكثير من قبل.
وبفضل السرعات العالية وزمن الاستجابة المنخفض، يمكن للمستخدمين الاستمتاع بتجربة تصفح وبث فيديوهات عالية الجودة دون تقطيع أو تأخير، كما يمكن تحسين جودة المكالمات الصوتية والفيديو بشكل كبير، كما يعزز من كفاءة الاتصال ويتيح تطبيقات جديدة مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز.
الجيل الخامس.. تأثيرات اجتماعية واقتصادية
من المؤكد أن تقنية الجيل الخامس (5G) ستحدث ثورة في العديد من القطاعات، مثل تحسين خدمات الرعاية الصحية من خلال الجراحات عن بعد، والتشخيص الطبي اللحظي، وتغيير قطاع النقل بالكامل من خلال دعم السيارات ذاتية القيادة، إلى جانب إسهامها الرئيسي في تسريع تطورات تطبيقات وأجهزة الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، مما سيؤدي إلى تأثيرات اجتماعية واقتصادية كبيرة على الاقتصاد العالمي وأنماط الحياة اليومية.
وتُظهِر الاستخدامات المبتكرة لتقنيات الجيل الخامس (5G) نتائج واعدة في مجموعة واسعة من القطاعات، ومنها المستشفيات المجهزة بأجهزة الجيل الخامس التي تتيح مراقبة المرضى عن بعد، وسيارات الإسعاف الذكية التي تتواصل مع الأطباء في الوقت الفعلي، والمحافظ الرقمية التي تربط الهواتف والأجهزة الأخرى لإنشاء معاملات مالية سلسة، والمصانع التي تدعم تقنية الجيل الخامس والتي يمكن من خلالها الحفاظ على الاتصالات بين أجهزة استشعار أكثر من أي وقت مضى، هذا إلى جانب تقديم ما يصل إلى 100 ضعف للسرعة، و1000 ضعف من سعة شبكات الهاتف المحمول الحالية.
علاوة على ذلك، وعندما يتم استخدام الجيل الخامس بالاشتراك مع الذكاء الاصطناعي والواقع الممتد (XR) والحوسبة الطرفية وإنترنت الأشياء (IoT)، فإنها ستمكن قطاع الأعمال والمجتمع من تحقيق الفوائد الكاملة لهذه التطورات التكنولوجية الأخرى.
من جانبه قال خالد نجم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق، أن طرح الدولة رخصة الجيل الخامس لكافة الشركات خطوة مهمة جدا في هذا التوقيت، وتمنح مساحة أكبر للتحرك على مستوى الاتصالات أو الإنترنت، ودعم البنية التحتية التي تدعم التكنولوجيات المتطورة القائمة على انترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات التي تشهد نموا مطردا خلال الفترة الحالية .
وأشار إلى أنه في كل الأحوال يجب أن يكون هناك التطبيقات اللازمة لتشغيل الجيل الخامس حتى يكون هناك استفادة كبيرة منه، فالبنية التحتية موجودة بالفعل، والدولة استثمرت مبالغ كبيرة فيها، من أجل الوصول بالاتصالات والإنترنت إلى كل بيت في مصر، ولكن ليس هناك الخدمات والتطبيقات الكافية لتشغيل الجيل الخامس حتى يتم صناعة طلب واضح عليه.، هذا بجانب أهمية إتاحة استغلال الجيل الخامس للقطاع الخاص بسعر مناسب.
ونوه خالد نجم أن سرعات الإنترنت التي سيحدثها الجيل الخامس ستفيد الكثيرين خاصة من يريدون تأسيس مشروعاتهم من المنازل، فقد جربنا العمل عن بعد في فترة الكورونا، والتي أثبتت أننا لدينا بنية تحتية محترمة، مؤكدا على ضرورة العمل على تعظيم الاستفادة من الجيل الخامس حيث تحتاج إلى نطاق ترددي أعلى بكثير مما يتطلب في الكثير من الأحيان لإنشاء بنية تحتية جديدة تماما خاصة للشركات التي لم تكن في اعتباراتها الاستثمارية والفنية تشغيل هذه التكنولوجيا على المدى القريب.
ولفت إلى أن تقنية الجيل الخامس توفر سرعات بيانات فائقة السرعة، دون أي تأخير تقريبًا، كما أن لديها القدرة على التعامل مع عدد مذهل من الأجهزة في وقت واحد، وهذا ليس مجرد تحسن تدريجي بل قفزة نوعية في الاتصال، حيث قوتها ببساطة للمستخدمين العاديين تتمثل في تنزيل ملفات ضخمة في غمضة عين، وتشغيل مقاطع فيديو بدقة 4K دون تخزين مؤقت، والانخراط في الألعاب عبر الإنترنت دون حدوث أي تأخيرات.
تابع نجم “بالنظرة الشمولية الأهم، تتمثل قوة الجيل الخامس في قدرته على إحداث ثورة في إنترنت الأشياء والرعاية الصحية والتطبيب عن بعد، وتدشين المدن الذكية الكاملة، وعلوم الفضاء، والرعاية الصحية عن بعد، وتشجيع تطوير تطبيقات جديدة وخدمات مبتكرة ، حيث إن زمن الوصول المنخفض لشبكة الجيل الخامس وقدرتها المذهلة يجعلها الخيار المثالي ، حيث يمكن تخيل عالما يتواصل فيه عدد لا يحصى من الأجهزة الذكية، وهذا يعني منازل ومدن وصناعات أكثر كفاءة.
من جانبه قال علاء عدلي، رئيس شركة “كاراد” للاتصالات، أن طرح تكنولوجيا الجيل الخامس تأخر كثيرا، خاصة أن العديد من دول المنطقة وخاصة الخليج يعمل لديها شبكات الجيل الخامس منذ سنوات، بجانب الدول الأوروبية، منوها إلى أن الطرح الحالي إيجابي للغاية ويدعم تطور السوق ويضمن استدامة نموه خاصة مع الانتقال لتقديم خدمات تكنولوجيا فائقة.
ولفت علاء عدلي إلى ضرورة توعية المجتمع بأهمية الجيل الخامس وأهمية تعزيزه لسرعات الإنترنت وإنجاز الأعمال بشكل أسرع، بسرعات تصل إلى 10 جيجابايت في الثانية، بجانب زمن الانتقال المنخفض، كما يعمل الجيل الخامس بآليات حماية أكثر أمانًا من المستخدمة في الأجيال السابقة، حيث يتم تأمين جميع مكونات الشبكة فيها بشكل منفصل باستخدام تقنيات تشفير حديثة، كما تدعم شبكة الجيل الخامس اتصال عدد كبير من الأجهزة، حيث تكون قادرة على دعم اتصال حوالي مليون جهاز في كل كيلومتر مربع.
ونوه إلى ضرورة توعية المستخدمين بالتطبيقات التي يمكن أن تعمل مع الجيل الخامس، وتشجيع الشركات على العمل بتلك التطبيقات، وبذلك سيكون هناك فرص كبيرة لنجاح تطبيق الجيل الخامس خاصة في حال طرحها بأسعار مناسبة، في ظل اعتماد الأجيال الجديدة على التكنولوجيا بطريقة مدهشة.
تابع علاء عدلي، نحن نعيش حاليًا في عالم حيث البيانات هي القوة الحقيقة، وبالتالي التحكم في شبكة الجيل الخامس الأساسية يمنح الشركة أو الدولة المسؤولة ميزة كبيرة على الآخرين، ونتيجة لذلك، احتلت تكنولوجيا الجيل الخامس مكانة متقدمة في منافسة القوى العظمى المستمرة بين الولايات المتحدة والصين، ففي حين أنه لا توجد شركة أمريكية لديها القدرة على بناء شبكة الجيل الخامس ، فإن شركة هواوي الصينية لديها هذه القدرة وهي تهيمن حاليًا على السوق.
من جانبه أكد الدكتور حمدي الليثي، رئيس مجلس إدارة شركة« ليانتل» لحلول الاتصالات، على أن جدوى إطلاق خدمات الجيل الخامس في مصر والعديد من الدول الناشئة يتمثل بشكل رئيسي في الجدوى الاقتصادية لتطبيقه واختيار التوقيت المناسب، وأيضا توافر المقومات الفنية والتشغلية لإطلاق الخدمة خاصة وأن تكلفتها مرتفعة جدا من كافة الجوانب سواءا في استخراج الرخص أو حتى استكمال البنية التحتية للشبكات خاصة مع الارتفاع الكبير في التكلفة في الوقت الحالي.
وشدد على أنه يجب توافر مقومات استهلاكية لهذه الخدمة لتحقيق الجدوي الاقتصادية المطلوبة ، وهو مايحتاج معه إلى دخول انترنت الأشياء والتقنيات المتطورة بشكل أكبر في الصناعات والخدمات ، لخلق حالة طلب ، ولتعزيز أيضا النمو الاقتصادي بالشكل الأمثل ، حيث أنها دائرة محسوبة ومتوقفة على الاحتياج لهذه التقنية من عدمه.
وأشار الليثي إلى أن التداعيات الاقتصادية الحالية التى يتعرض لها العالم سيكون لها تأثيرا كبيرا على مستقبل تشغيل شبكات الجيل الخامس في العديد من الأسواق سواءا المتطورة او الناشئة ، في ظل ارتفاع التكاليف وعدم توافر العملة الصعبة، منوها إلى أن الكثير من الدول لم تستفيد بالشكل المطلوب من الجيل الرابع ومايوفره من خدمات ، او أن بعضها لايزال في طور تحسين البنية التحتية للاتصالات وتطوير الخدمات المقدمة للمستخدمين.
الجيل الخامس.. إقليميا وعالميا
أوضح تقرير تحليلي، أصدره مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء في فبراير من العام الجاري، أنه اعتبارا من أبريل 2023، كان الوصول إلى شبكات الجيل الخامس متاحا في 2497 مدينة في 92 دولة حول العالم؛ حيث سجلت أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا نحو 1015 مدينة بها شبكات الجيل الخامس، تليهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ بـ 782 مدينة، ثم الأمريكتان بـ 700 مدينة، وعلى مستوى العالم، فقد تصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة الدول في الوصول إلى شبكات الجيل الخامس بـ 503 مدينة، تليها الصين بـ 356 مدينة، ثم فنلندا بـ 137 مدينة.
وأشار التحليل إلى ما أظهرته البيانات بأن الإمارات العربية المتحدة تقود الطريق في تقديم خدمات الجيل الخامس؛ حيث قدمت شركة “إي آند الإمارات” أول خدمة تجارية كاملة للهاتف المحمول (5G) في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في مايو 2019، وبحلول فبراير 2023، خدمت شبكة الجيل الخامس بدولة الإمارات العربية المتحدة، جميع المناطق الحضرية والطرق السريعة المتصلة، بتغطية سكانية بلغت 97%.
هذا بالإضافة إلى وجود موجة من إطلاق شبكات الجيل الخامس في أفريقيا عام 2022، حيث تم تقديم الخدمات إلى بوتسوانا وزيمبابوي في فبراير، وريونيون في يونيو، ونيجيريا وتنزانيا في سبتمبر، وزامبيا في نوفمبر.
وقد أبرز التحليل أن عدد مستخدمي شبكات الجيل الخامس في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، قد بلغ نحو 31.4 مليون مستخدم، وأظهرت البيانات أن المملكة العربية السعودية تضم أكبر عدد من مستخدمي الجيل الخامس بأكثر من 11.2 مليون مشترك في نهاية عام 2022، وتليها جنوب أفريقيا التي احتلت المركز الثاني بما يقدر بـ 5 مليون مشترك ثم الإمارات بـ 3.5 مليون مشترك.
كما أنه وفقًا لأحدث البيانات من قاعدة بيانات (GlobalComms) التابعة لشركة (TeleGeography)، واعتبارا من مارس 2023، يتم تقديم خدمات الجيل الخامس التجارية لـ 18 دولة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، وهذا يشمل 8 دول في الشرق الأوسط و10 دول في أفريقيا.
وتشير التقارير العالمية إلى أن عدد المشتركين في خدمات الجيل الخامس سيصل إلى 1.2 مليار مشترك عالميا بحلول عام 2025، مع تزايد الطلب على هذه التقنية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هل شركات الاتصالات مستعدة للتحول إلى 5G؟
رغم الفوائد الكبيرة، تواجه شبكات الجيل الخامس بعض التحديات، مثل الحاجة إلى بنية تحتية أكثر كثافة لتوفير التغطية في المناطق الريفية والأقل كثافة سكانية، بالإضافة إلى المخاوف المتعلقة بالأمان والخصوصية والتكلفة العالية لنشر هذه التكنولوجيا.
وتمتلك الشركات الكبرى مثل فودافون واورنج وإي آند ووي، الخبرات الفنية اللازمة لتشغيل شبكات الجيل الخامس بكفاءة، لكن هذه التقنية تتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية.
تتضمن المكونات المادية الرئيسية للبنية الأساسية لتقنية الجيل الخامس البنية الأساسية للخلايا الصغيرة 5G وأبراج RAN، ومحطات القاعدة الخلوية الصغيرة، وهي سمة رئيسية لشبكات الجيل الخامس، مصممة لتندمج مع المشهد الحالي، وتشغل مساحة صغيرة، وتوزع في مجموعات في مناطق كثيفة الأجهزة لتوفير اتصال مستمر واستكمال الشبكة الكلية التي توفر تغطية واسعة النطاق.
تستخدم شبكات الجيل الخامس موجات المليمتر (mmWave)، والتي يمكنها حمل المزيد من البيانات بشكل أسرع، ولكن فقط ضمن نطاق اتصال قصير جدا وغير معوق، وهوائيات الخلايا الصغيرة قادرة على إرسال واستقبال ترددات الراديو ذات النطاق الأعلى.
تستخدم خلايا الجيل الخامس الكبيرة هوائيات متعددة المدخلات والمخرجات (MIMO)، والتي يتم نشرها بأعداد كبيرة وتمكن المزيد من الأشخاص من الاتصال بالشبكة في وقت واحد والحفاظ على إنتاجية عالية للقطاع، وتستخدم شبكات الهاتف المحمول اللاسلكية 5G خلايا صغيرة بالإضافة إلى كمية هائلة من شبكات الألياف تحت الأرض.
يتم إعادة تصميم البنية التحتية لشبكة 5G الأساسية، التي تدير جميع الاتصالات الصوتية والبيانات والاتصالات عبر الإنترنت، للتكامل بكفاءة مع خدمات 5G المستندة إلى الإنترنت والسحابة، وتشمل خوادم موزعة عبر الشبكة لتقليل زمن الوصول.
وفي تقرير “سوق البنية التحتية العالمية للجيل الخامس، وهو تقرير البنية التحتية للجيل الخامس الصادر عن شركة Research and Markets والذي يوفر تحليلا كميا ونوعيا للفترة من 2017 إلى 2025، يتوقع أن سوق البنية التحتية العالمية لـ 5G ستنمو بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 64.1٪ بين عامي 2019 و 2025، ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة الاستثمار في ترقيات البنية التحتية لـ 5G عالميا حوالي تريليون دولار.
وهناك خمسة تحديات رئيسية تواجه تطوير البنية التحتية لتقنية الجيل الخامس، أولها التردد، حيث يجب على شركات الاتصالات اللاسلكية تقديم عطاءات للحصول على نطاقات طيف أعلى في مزادات الطيف أثناء بناء شبكات الجيل الخامس الخاصة بها.
وهناك النشر، ففي حين تنقل الترددات الأعلى المزيد من البيانات، إلا أنها معرضة بشدة للتداخل المادي؛ وبالتالي يجب تثبيت عدد أكبر من الهوائيات ومحطات القاعدة من أجل إنشاء تغطية كافية.
كما أن إرساء الأساس المادي للأجهزة التي تدعم تقنية الجيل الخامس، والمركبات ذاتية القيادة، والأجهزة، والروبوتات، والبنية الأساسية للمدن سوف يتطلب ترقيات كبيرة ومكلفة، تقدر بتريليونات الدولارات.
يضاف إلى ذلك اللوائح، حيث يجب على الهيئات التنظيمية الحكومية وضع لوائح شاملة للأمن السيبراني، والإشعاع الكهرومغناطيسي، وتوافر الطيف، ومشاركة البنية الأساسية، وهناك تحدي الأمان، حيث يجب على شركات الاتصالات وتحالفات الشبكات ضمان أن الخدمات السحابية وخدمات المحاكاة الافتراضية للبيانات آمنة للغاية من أجل التعامل مع زيادة الاتصال المرتبطة بطرح تقنية الجيل الخامس وتهديدات الأمن السيبراني المعقدة.
.