بعد جمعها 228 مليون دولار.. هل يكون عام 2025 كريمًا على الشركات المصرية الناشئة؟
بعد فترة من الصعود والهبوط والركود أحيانا، عادت الشركات المصرية الناشئة إلى جذب المستثمرين بشكل قوي خلال النصف الأول من العام الجاري ، فقد أعلنت المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، أن منظومة الشركات الناشئة في مصر شهدت تطورًا على صعيد جذب استثمارات رأس المال المخاطر، والتمويل بالدين، في الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، لتبلغ 228 مليون دولار.
وتم تنفيذ 16 صفقة في الفترة من يناير إلى مايو 2025، من بينها 11 صفقة تم الإعلان عن حجم استثماراتها بقيمة 156 مليون دولار، وتُمثل تلك الاستثمارات زيادة بنسبة 130% مقارنة بحجم الاستثمارات خلال نفس الفترة من العام الماضي 2024، وهو المؤشر الذي يشير إلى استعادة الشركات الناشئة المصرية الزخم اللازم بعد فترة من التشكك نتيجة التغيرات الإقليمية والعالمية التي أثرت على بيئة التمويل الخاصة بالشركات الناشئة، والمصاعب التي انعكست بشكل مباشر على الشركات الناشئة نتيجة تباطؤ قطاع التكنولوجيا.
كما ساهمت المعدلات التاريخية في ارتفاع معدلات التضخم العالمية خلال العام الماضي في انهاء مرحلة سابقة من الاحتفاء غير المحدود بالشركات الناشئة، وتسارع معها ارتفاع معدلات الفائدة وهو ما أثر سلبًا على أداء الشركات الناشئة على كافة المستويات، نظرًا لما صاحبه من ارتفاع مخاطر الاستثمار في هذا النوع المتقلب من الأصول، وهو الأمر الذي وضع بشكل إجباري تحسين نماذج الأعمال الخاصة بها على رأس سلم الأولويات وذلك لضمان ربحيتها والتخلي عن النماذج القديمة التي كانت تعتمد على التوسع مهما كان الثمن نظرًا لندرة فرص التمويل.

الخبراء أشاروا إلى أن عودة جذب الاستثمارات للشركات الناشئة المصرية خلال هذه الفترة تعود بشكل رئيسي إلى الإصلاحات التنظيمية التي جرى تطبيقها خلال الأعوام القليلة الماضية خاصة في مجال التكنولوجيا المالية إلى جانب وضع الحكومة القطاع على رأس أولياتها بالكثير من السياسات والمحفزات، مصحوبة بزيادة في إجمالي عدد المستثمرين الذين بدأوا الاستثمار في مصر، إلى جانب الحجم الكبير للسوق المصرية المهيأة لهذا النوع من الاستثمارات بسبب حجم السكان والمخزون الهائل من المواهب الشابة والبارعين في قطاع التكنولوجيا.
وتدعم مبادرات كبرى نمو مجال الشركات الناشئة خاصة في محور التكنولوجيا المالية الذي يستحوذ على النسبة الأكبر من المجالات التي تعمل بها، وهي المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية التابع للبنك المركزي وصندوق إنكلود للتكنولوجيا المالية، ومركز التكنولوجيا المالية (GRID) التابع للبنك المركزي .
بنظرة على الجولات الاستثمارية التي حصدتها الشركات المصرية نجد أنها حصلت على أكثر من 150 مليون دولار استثمارات وتمويل بالدين خلال شهر مايو فقط، بالرغم من الحصول على 1.5 مليون دولار فقط في أبريل جمعتها 4 شركات، وكانت الشركات المصرية قد جمعت 400 مليون دولار استثمارات في العام الماضي، وتصدر المشهد قطاع التكنولوجيا العقارية من حيث حجم استثمارات رأس مال المخاطر خلال الخمسة أشهر الأولي من العام، مُستحوذًا على 33% من إجمالي الاستثمارات، في حين قاد قطاع التكنولوجيا المالية عدد الصفقات بـنحو 5 صفقات، وبلغت القيمة المعلنة لها 32% من إجمالي حجم الاستثمار خلال نفس الفترة.
وأشار الخبراء، إلى أن المبادرات الهادفة إلى تبسيط تسجيل الأعمال، وتقديم حوافز ضريبية، وتعزيز فرص الحصول على التمويل، ستعمل على خفض حواجز دخول الشركات الناشئة وزيادة جاذبيتها للمستثمرين، منوهين إلى ضرورة مواصلة هذه الإصلاحات خاصة في ظل إضطرابات الأسواق العالمية المتكررة والتي تحتاج للتعامل معها بيئة مستدامة للشركات الناشئة ومرونة في النظام البيئي خاصة وأن مستويات الاستثمار الحالية مُشجعة، إلا أنها تُمثل اتجاهًا أوسع نحو التنمية المُستدامة والاندماج في اقتصاد الشركات الناشئة العالمية.
في هذا الشهر جمعت شركة ناوي للتقنية العقارية 52 مليون دولار في جولة استثمارية (Series A)، جاءت الجولة بقيادة صندوق Partech Africa، مع مشاركة عدة مستثمرين من ضمنهم Nclude Fund و e& capital وShorooq وVentureSouq وغيرهم. كما شملت الجولة تمويلاً بالدين بقيمة 23 مليون دولار من بنوك مصرية كبرى، ليصل إجمالي التمويل إلى 75 مليون دولار.
وجمعت شركة Valu المتخصصة في التقنية المالية تمويلاً بقيمة 27 مليون دولار من مستثمرين سعوديين، بما في ذلك البنك السعودي للاستثمار وشركة سنابل للاستثمارات، مما يعزز وضعها المالي قبيل إدراجها المرتقب في البورصة المصرية.
وأعلنت ثاندر، المنصة المتخصصة في استثمارات التجزئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، عن نجاحها في جمع تمويل قدره 15.7 مليون دولار أمريكي خلال جولتها الاستثمارية الرئيسية الثانية، ليصل إجمالي رأس مالها الحالي إلى 37.76 مليون دولار. وتولت قيادة هذه الجولة شركة بروسوس فينتشرز، بمشاركة كل من صندوق بيكو كابيتال وشركة عبد اللطيف جميل لإدارة الاستثمار وصندوق إنديفور كاتاليست ومسرعة الأعمال واي كومبينيتر، بالإضافة إلى وقفٍ جامعي أمريكي بارز وغيرها من مؤسسات الاستثمار العالمية الجديدة.
كما أغلقت شركة سيلندر Sylndr، منصة بيع وشراء السيارات المستعملة، اليوم جولة تمويل الفئة A بقيمة 15.7 مليون دولار، بقيادة شركاء التنمية الدوليون عبر صندوق نكلود ، وبمشاركة الجبيرا فينشرز، ونوا كابيتال، وريد فينشرز و الشركة المصرية الخليجية القابضة وUncovered Fund، وبلتون فينشر كابيتال ، وكاميل فينشرز
وتمكنت شركة ماني فيللوز، التطبيق الرقمي المتخصص في مجال التكنولوجيا المالية على مستوى أفريقيا، من جمع 13 مليون دولار في جولة تمويلية جديدة، ليصل إجمالي الاستثمارات في الشركة منذ تأسيسها إلى أكثر من 60 مليون دولار. قاد جولة الاستثمار الجديدة كل من شركة المدى فينتشرز(AMV) ، وشركة DPI عبر صندوق Nclude، بمشاركة عدد من المستثمرين البارزين مثل Partech وCommerzVentures، والذين يؤمنون بأهمية دعم الابتكار في الأسواق الناشئة وتمكين رواد الأعمال في إفريقيا.
ووقّعت شركة “بُكرة”، المتخصصة في تقديم الحلول الاستثمارية والتمويلية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، شراكة استراتيجية مع شركة “آي سابلاي”، المنصة التكنولوجية الرائدة في توزيع الأدوية والمستلزمات الصحية محليًا وإقليميًا. حيث قدمت “بُكرة” تمويلًا استثماريًا بقيمة 3 ملايين دولار في إطار نموذج التمويل القائم على الإيرادات.
بالإضافة إلى ذلك أعلنت شركة الجمعية المنصة المصرية المتخصصة في رقمنة نموذج “الجمعية” التقليدي للادخار الجماعي، عن نجاحها في إغلاق جولة تمويل استثمارية جديدة بسبعة أرقام بالدولار الأمريكي. قاد جولة التمويل شركة أيادي للاستثمار والتنمية، بمشاركة مجموعة من المستثمرين البارزين، تضم كلاً من جدار كابيتال وكيوبت فينتشرز، وفينتشر نوتس وشركة بي مايسترو بالإضافة إلى مجموعة من المستثمرين الملائكيين المحليين والدوليين.
كما أعلنت منصة كارير 180، إحدى أبرز منصات تكنولوجيا التعليم في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، عن حصولها على استثمار جديد من ستة أرقام من شركة Den VC، مما يعزز مكانتها الرائدة في مجال تطوير المسارات المهنية وتكنولوجيا التعليم.
وأعلنت شركة THE WHITEGUARD ، وهي شركة مصرية ناشئة في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، عن إغلاق ناجح لجولة استثمارها ما قبل البذرة، حيث جمعت مبلغًا من ستة أرقام بالدولار الأمريكي، بقيادة شركة رأس المال الاستثماري DEN VC.

وفي هذا السياق، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، رئيس المجموعة الوزارية لريادة الأعمال خلال اجتماع المجموعة أمس برئاسة الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء، أن تلك المؤشرات تعكس النشاط المُستمر في سوق الشركات الناشئة في مصر، خاصةً مع الإجراءات التي تقوم بها الدولة لتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، لتُصبح أكثر ملائمة وجذبًا للشركات بمختلف أنواعها، فضلًا عن جهود الاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لضمان استدامة استقرار الاقتصاد الكلي.
وأوضحت ، أن الشركات الناشئة ومناخ الاستثمار بشكل عام يحظى باهتمام بالغ من الدولة المصرية بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، ومختلف الجهات المعنية، لافتةً إلى أن المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، تعمل على الانتهاء من ميثاق الشركات الناشئة، والمبادرات التمويلية والتيسيرات التي تُحفز جهود جذب استثمارات رأس المال المخاطر.
وأشارت الدكتورة رانيا المشاط، إلى أن الحكومة المصرية اتخذت خطوات كبيرة لتمكين الشركات الناشئة وتعزيز قدرتها على جذب استثمارات أكبر، من أبرزها التيسيرات الضريبية للشركات التي يقل حجم إيراداتها عن 20 مليون جنيه، موضحةً أن المجموعة الوزارية لريادة الأعمال تتبنى نهجًا شاملاً ومتكاملاً لدعم الشباب المصري في مجال ريادة الأعمال، ويتمثل الهدف الرئيسي من إنشاء المجموعة الوزارية لريادة الأعمال في تعزيز قدرة الشركات الناشئة وبيئة ريادة الأعمال على تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتسارع قائم على التنافسية والمعرفة، وذلك ضمن خطة الدولة لوضع مصر على الخريطة العالمية لريادة الأعمال.
و عرضت الوزيرة أبرز محاور ميثاق الشركات الناشئة في مصر، المزمع إطلاقه قريباً، مشيرة إلى أن صياغته جرت بمنهجية تشاركية للأطراف المعنية، ويستهدف تعزيز الثقة بين الشركات الناشئة والحكومة من خلال التزام واضح بأولويات المنظومة، مع وضع سياسات وتشريعات واضحة تدعم استمرارية النمو للشركات الناشئة، إلى جانب تنسيق الجهود بين الجهات الحكومية لايجاد بيئة أكثر كفاءة وشفافية ودعماً للابتكار، مع تحسين استغلال الموارد المتاحة من تمويل، وبنية تحتية، وكفاءات بشرية؛ لخدمة بيئة ريادة الأعمال.
ولفتت الدكتورة رانيا المشاط إلى أنه سيتم تلقى ملاحظات أعضاء اللجنة على الميثاق، مشيرة إلى أن إطلاق الميثاق يصاحبه الإعلان عن إجراءات وخطة عمل واضحة تتضمن تعريفا دقيقا للشركات الناشئة، وإطلاق حزمة مُتكاملة من الحوافز، تستهدف تيسير الإجراءات الحكومية للشركات الناشئة، وتمكين تلك الشركات من المشاركة في المشروعات الحكومية، مع طرح حوافز غير ضريبية تدفع لتوسع تلك الشركات.
كما عرضت وزيرة التخطيط والتعاون الدولي أبرز ملامح برنامج مقترح لدعم الشركات سريعة النمو، والذي يستهدف توليد فرص عمل حقيقية وتحقيق نمو اقتصادي، لافتة إلى أن آليات تنفيذ البرنامج تشمل تحديد الشركات التي سيتم تضمينها في هذه المبادرة التمويلية، في ضوء قدرتها على جذب الاستثمارات الكبيرة، حيث تُمثل تلك الشركات أمثلة ناجحة تُعزز من ثقة أي مستثمر جديد في السوق المصرية، إلى جانب إنشاء فريق من الخبراء الحكوميين لتقديم التوجيه اللازم لتلك الشركات، ويهدف هذا الفريق إلى تزويد الشركات الناشئة بالمعرفة والخبرات اللازمة لتعزيز قُدراتها، فضلاً عن توفير شراكات حكومية استراتيجية مع تلك الشركات لدعم التوسع والنمو، بما يساعد الشركات على تحقيق أهدافها بكفاءة وفعالية.
وأضافت الوزيرة أن آليات برنامج دعم الشركات سريعة النمو تشمل أيضاً ربط الشركات الناشئة بالمُستثمرين الدوليين لفتح أفاق جديدة للشركات، بما يزيد من فرصها في النجاح والنمو، بالإضافة إلى تنظيم لقاءات وفعاليات تمكن الشركات من تقديم مشاريعها للمستثمرين المحتملين والشركاء الاستراتيجيين، ومشاركة تلك الشركات في مجالس ومنتديات الأعمال المصرية والدولية، مع تسليط الضوء لعرض إنجازات الشركات الناشئة المُتضمنة في البرنامج والمساهمة في بناء سمعة إيجابية للبرنامج، والعمل على جذب المزيد من رواد الأعمال والمستثمرين، وتعزيز رؤية مصر كوجهة جاذبة للاستثمار من خلال قصص النجاح.
شهية المستثمرين المنفتحة على ضخ الأموال في الشركات المصرية الناشئة لا تقتصر على المستثمرين بالخارج فقط، ولكن هناك دورا مهما أيضا من المستثمرين المصريين، فقد أكد محمد عكاشة، الشريك المؤسس لصندوق ديسربتيك لرأس المال المخاطر، أن الصندوق يركز خلال عامي 2025 و2026 على مواصلة دعم نمو الشركات الناشئة ضمن محفظته الاستثمارية، والاستثمار في شركات جديدة. حتى الآن، قام الصندوق باستثمار حوالي ثلثي المبلغ المخصص وسيتم ضخها في فرص جديدة حتى نهاية عام 2026.

يشير عكاشة إلى أن هذه الفترة امتداد لمرحلة البناء وتعزيز القيمة بينما يخطط الصندوق لبدء التخارجات اعتبارا من عام 2027، في ظل نضوج بعض الشركات وتحقيقها لنقاط تحول استراتيجية تفتح المجال لفرص خروج ناجحة.
وأضاف عكاشة “نؤمن أن مصر ليست فقط سوق كبير بل أيضا خزان ضخم المواهب في مجالات التكنولوجيا والابتكار، وقد أثبت العديد من رواد الأعمال المصريين قدرتهم على قيادة حلول ابتكارية تنافس إقليميا وعالميا. ولهذا نرى أن دعم هذه الكفاءات في مصر وخارجها هو محور أساسي لاستراتيجيتنا الاستثمارية خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف أن بيئة ريادة الأعمال في مصر شهدت تطور لافتا خلال السنوات الأخيرة، مع ظهور فرص ضخمة للنمو، خصوصا في القطاعات التكنولوجية والخدمات الرقمية. ورغم العثرات التي واجهها السوق، فإنها كانت بمثابة جرس إنذار بضرورة تعزيز الحوكمة، والتركيز على نماذج أعمال أكثر استدامة.
وأشار إلى أن بيئة ريادة الأعمال شهدت كفاءة رأسمالية أعلى (Capital Efficiency)، أي الابتعاد عن الإنفاق غير الضروري والمظاهر الشكلية، والتركيز بدلا من ذلك على تحسين المنتجات التقنية وتجربة المستخدم. كما نرى أن الشركات ذات المنتجات أو الخدمات خفيفة الأصول (Light-Asset) والتي يمكنها تصدير حلولها إلى أسواق إقليمية ودولية، تمثل الاتجاه الأنسب للنمو المستدام.
ويرى أن الأهم، أن الحفاظ على هيكل تكلفة بالجنيه المصري مقابل تحقيق إيرادات بالعملات الأجنبية يمنح الشركات قدرة أعلى على الصمود أمام تقلبات السوق، ويعزز من فرصها في التوسع الإقليمي والدولي، وهو ما يعتبره من العوامل الاستراتيجية لأي شركة تكنولوجية تسعى للنمو من مصر إلى العالم.

من جانبه قال تامر عازر، الشريك في شركة شروق بارتنرز للاستثمار الجريء: يعود تجدد اهتمام المستثمرين بالشركات الناشئة المصرية إلى عدة عوامل مترابطة، حيث يُمثل سكان مصر الكبار، والشباب، والمتمرسون في مجال التكنولوجيا، سوقًا محليًا كبيرًا متشوقًا للحلول المبتكرة. وقد أدت هذه الميزة الديموغرافية إلى ظهور شركات ناشئة تُعالج التحديات المحلية بأساليب قابلة للتطوير ومدعومة بالتكنولوجيا. علاوة على ذلك، أدى التزام الحكومة المصرية بالإصلاحات الاقتصادية ودعمها لبيئة ريادة الأعمال إلى تحسين مناخ الأعمال. وقد أدت المبادرات الهادفة إلى تبسيط تسجيل الأعمال، وتقديم حوافز ضريبية، وتعزيز فرص الحصول على التمويل، إلى خفض حواجز دخول الشركات الناشئة وزيادة جاذبيتها للمستثمرين.
ويشير عازر إلى أنه من التطورات المحورية اعتماد البنك المركزي المصري لسياسة سعر صرف مرن في مارس 2024. وقد ساعدت هذه الخطوة على استقرار العملة، وتقليص الفجوة بين أسعار السوق الرسمية والموازية، واستعادة ثقة المستثمرين من خلال السماح لقوى السوق بتحديد قيمة الجنيه المصري. لقد جعلت هذه الإصلاحات النقدية المشهد الاستثماري أكثر قابلية للتنبؤ وجاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.
وأضاف تامر عازر، شهدنا هذا التحول بشكل مباشر. استثمارنا في Breadfast، منصة البقالة الإلكترونية الرائدة في مصر، يُجسّد كيفية استفادة الشركات الناشئة المحلية من التكنولوجيا لتلبية احتياجات المستهلكين بفعالية. وبالمثل، يُبرز دعمنا لمنصة Settle Payments، وهي منصة دفع بين الشركات، إمكانات حلول التكنولوجيا المالية في تبسيط العمليات التجارية في مصر، منوها إلى أن هذه التطورات، إلى جانب العدد المتزايد من قصص النجاح وعمليات التخارج، عززت ثقة المستثمرين وسلطت الضوء على مصر كلاعب رئيسي في المشهد الإقليمي للشركات الناشئة.
وبسؤاله عن مدى إمكانية أن يُمثل الارتفاع الأخير في استثمارات الشركات الناشئة في مصر طفرة في استثمارات الشركات الناشئة، فقال عازر: يدل الارتفاع الأخير في استثمارات الشركات الناشئة في مصر على أكثر من مجرد طفرة مؤقتة؛ بل يعكس نضج بيئة الأعمال. فالأسس التي وُضعت على مدى العقد الماضي، من خلال تطوير البنية التحتية، والتحسينات التنظيمية، وتنمية المواهب، تُثمر الآن نتائج ملموسة.
تابع “تُظهر استثمارات شركة شروق بارتنرز الاستراتيجية في شركات ناشئة مصرية مثل بريد فاست، وسيتل بايمنتس، وبروتينيا، وغيرها، ثقتنا في النمو المستدام لبيئة الأعمال. فهذه الشركات لا تُلبي احتياجات السوق المُلحة فحسب، بل تُظهر أيضًا إمكانات قوية للتوسع الإقليمي وقابلية التوسع. وقد عزز تطبيق نظام سعر صرف مرن مناخ الاستثمار من خلال تعزيز الشفافية وتقليل الشكوك المتعلقة بالعملة. وقد كان لهذا التحول في السياسات دور أساسي في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع الشركات الناشئة على السعي وراء الفرص عبر الحدود.
وأشار إلى أنه في حين أن مستويات الاستثمار الحالية مُشجعة، إلا أنها تُمثل اتجاهًا أوسع نحو التنمية المُستدامة والاندماج في اقتصاد الشركات الناشئة العالمي، وليست طفرةً عابرة. وتشير مرونة النظام البيئي وقدرته على التكيف إلى مسار واعد للشركات الناشئة المصرية في السنوات القادمة.

ويرى عمرو العباسي، مدير عام EdVentures، أن جذب الشركات المصرية لهذه الاستثمارات جاء نتيجة أن المستثمرين يرون أنها تمتلك القدرة على التوسع بالأسواق المجاورة، وخصوصا أن معظم تلك الاستثمارات جاءت من الخليج، لافتا إلى أن تلك الشركات أثبتت كفاءتها وقدرتها على جذب الاستثمارات في الظروف المناسبة، فحصلت على ثقة المستثمرين.
وأضاف أن تلك الظروف المناسبة تتمثل في سهولة التأسيس والنمو والتوسع انطلاقا من سوق كبير مثل مصر، وكل ذلك كان يلزمه خدمات غير مالية وتسهيلات للتوسع في النشاط، وتسهيلات فى التأسيس، بجانب تطور التكنولوجيا وسرعة الإنترنت.
وأشار العباسي إلى أن اهتمام الدولة بريادة الأعمال ساهم أيضا في تهيئة الظروف لجذب الاستثمارات، فالمجموعة الوزارية تضم شخصيات من القطاع الخاص لمسوا المشاكل الموجودة ووضعوا أيديهم على الحلول، بجانب طرح العديد من المبادرات وتشكيل اللجان الوزارية كلها حركت الأمور إلى الأمام، فكل ذلك كان بمثابة رسالة تؤكد على وجود استقرار يعزز من ضخ المستثمرين لأموالهم في الشركات المصرية الناشئة.