Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
سامسونج طولى
جايزة 160

بعد التصحيح العالمي.. من يفوز بسباق التمويل الجديد للشركات الناشئة في مصر 2026؟

مع اقتراب عام 2026، تتجه أنظار صناديق الاستثمار المخاطر والمستثمرين العالميين نحو إعادة رسم خريطة التمويل في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، بعدما شهد عام 2025 تصحيحًا واسعًا وإعادة تموضع في الأسواق، حيث يفرض هذا التحول على الشركات الناشئة معايير جديدة أكثر صرامة، ويعيد صياغة أولويات المستثمرين في البحث عن القيمة الحقيقية والابتكار القابل للتطبيق.

ويقود التغير في البيئة الاقتصادية العالمية، بما في ذلك التوقعات المتعلقة بنمو التجارة العالمية والتوترات الجيوسياسية وتعديل السياسات النقدية، إلى إعادة تشكيل استراتيجيات المستثمرين وشركات التكنولوجيا المتقدمة، وبذلك يدخل مشهد استثمار رأس المال الجريء (VC) في العام الجديد مرحلة جديدة من النضج والتحول الاستراتيجي، متأثرًا بعوامل اقتصادية كلية وإقليمية وتكنولوجية متشابكة، حيث يشهد الاقتصاد العالمي استقرارًا نسبيًا مع توقعات بنمو يبلغ 2.6% إلى 3.3%، وتخفيف تدريجي لسياسات البنوك المركزية، واستمرار زخم الاستثمار في الذكاء الاصطناعي كقاطرة رئيسية للنمو.

في المقابل، أدت تصحيحات السوق في 2025 وارتفاع تكاليف التمويل سابقًا إلى إعادة تموضع كبرى، حيث يتحول المستثمرون من النمو بأي ثمن إلى النمو الربحي المستدام، مع تنامي التركيز على جدوى النماذج التجارية والعوائد القابلة للتنفيذ، بدلاً من النمو العددي السريع.

وتبرز الأسواق الناشئة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنها مصر، كلاعب جذاب بفضل آفاق النمو القوية والسياسات الداعمة وتنوع الاقتصادات، بينما تشهد الأسواق الناضجة حالة من التصحيح والتكيف، حيث تؤكد تقاريرأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا شهدت نموًا قويًا في الاستثمار المخاطر، مدعومًا من صناديق سيادية ومبادرات حكومية، وبشكل خاص شهدت الشركات الناشئة في مصر نمواً غير مسبوق، فمنذ عام 2020، جذب القطاع استثمارات بقيمة 2.2 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الاستثمارات المُعلنة للشركات الناشئة في الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 254 مليون دولار، مع زيادة بنسبة 17% في إجمالي عدد الصفقات مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي.

وتؤكد تقارير مهنية أن عام 2025 شهد تراجعًا كبيرًا في حجم صفقات الاستثمار المخاطر، مع تحول التركيز نحو الشركات ذات الكفاءة والجدوى المالية، وأن المستثمرين أصبحوا أكثر انتقائية، يفضلون عددًا أقل من الصفقات لكن بتمويل أكبر للشركات ذات أساس مالي قوي ، ويشهد عام 2026 تحولًا استراتيجيًا عميقًا في معايير البحث عن الشركات الناشئة، حيث تتركز الأنظار صوب الربحية والمسار نحو تحقيق الإيرادات، وأصبحت القدرة على تحقيق أرباح حقيقية، أو رسم مسار واضح ومعقول نحو الربحية، معيارًا حاكمًا يفوق مجرد نمو حجم المستخدمين أو الإيرادات.

كما يبحث المستثمرون عن شركات تمتلك هامشًا ماليًا قويًا، وتدير نفقاتها بكفاءة عالية، وقادرة على الصمود في دورات السوق، بما يحقق الصلابة المالية وكفاءة رأس المال. ولأن الابتكارات التكنولوجية وحدها لم تعد كافية في تحقيق الميزة التنافسية المستدامة، فإنه من المتوقع أن يزداد التركيز على “الحواجز الدفاعية”، مثل شبكات التوزيع، وولاء العملاء، وحماية الملكية الفكرية، والقدرة على التوسع، ومن هنا تزداد أهمية المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات (ESG)، الذي أصبح معيارًا رئيسيًا في قرارات الاستثمار، وأداة لتقليل المخاطر ودعم النمو طويل الأمد.

وتشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي سيظل في صدارة الاهتمام، لكن مع تركيز أكبر على التطبيقات العملية في الصحة والطاقة والتعليم، بعيدًا عن المشاريع النظرية التي غذّت مخاوف الفقاعة، واستحوذ الذكاء الاصطناعي على أكثر من 40% من إجمالي تمويل رأس المال الجريء في عام 2025، مما يجعله القاطرة الأساسية للنمو.

وأشار خبراء إلى أن السوق المصري وفق هذه المعطيات، تتشكل توقعاته لعام 2026 ، حيث لاتنفصل مصر عن نسيجها الإقليمي كمركز ذو إمكانيات هائلة جاذبة للاستثمار، فهي تمثل قاعدة سوقية ضخمة تضم أكبر كثافة سكانية في المنطقة، مع شريحة شابة كبيرة، ومهارات تقنية متوفرة تضم كفاءات هندسية وتقنية عالية المستوى بتكاليف تنافسية، منوهين إلي ان هناك عددا من القطاعات الواعدة، في مقدمتها التكنولوجيا المالية، الذي يتسارع نموه مدفوعًا بالشمول المالي، والتجارة الإلكترونية، والخدمات اللوجستية، والحلول التعليمية والصحية القائمة على التكنولوجيا، إلى جانب مبادرات حكومية استراتيجية وبرامج لدعم ريادة الأعمال.

ونوهو إلي أنه من المتوقع أن يكون إجمالي التمويلات في 2026 في نطاق تقريبي يصل إلي 400 بشرط استمرار الإصلاحات، وتحسن نسبي في استقرار العملة وتفعيل حوافز ميثاق الشركات الناشئة.

بوصلة الاستثمار

يجذبنا الحديث حول القطاعات التكنولوجية الأكثر جذبًا للاستثمار في 2026 إلى تركيز الاستثمارات في القطاعات التي تقدم حلولاً عملية لمشكلات اقتصادية وتجارية آنية، وأهمها الذكاء الاصطناعي التطبيقي والعملي، والذي يشهد انتقالا من النماذج التجريبية إلى التطبيقات ذات القيمة الملموسة في قطاعات محددة، مثل حلول الذكاء الاصطناعي لتحسين سلاسل الإمداد، والتشخيص الطبي الدقيق، وأتمتة العمليات المالية والامتثال.

كما يبرز قطاع تكنولوجيا المناخ والطاقة النظيفة، مدفوعا بالطلب الهيكلي على المعادن الحرجة (مثل النحاس) للتحول الأخضر، وضغوط السياسات العالمية، وبذلك يتوقع أن نشهد المزيد من التركيز على تقنيات الطاقة المتجددة، وتخزين الطاقة، وإدارة النفايات، والمراقبة البيئية.

ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية واعتماد الاقتصاد على البنية التحتية الرقمية، يطل الأمن السيبراني والأمن القومي التكنولوجي كواحد من أبرز القطاعات التكنولوجية جذبا للاستثمار في العام الجديد، والذي يقدم حلولا لحماية البنى التحتية الحيوية، وأمن الذكاء الاصطناعي، ولا يمكن إغفال أهمية قطاع التكنولوجيا المالية (FinTech) المتخصصة، بما فيها حلول الدفع والتأمين والتخصيص المالي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة والتمويل البديل، مع التركيز على الربحية وملء الفجوات في الأسواق الناشئة والقطاعات غير المخدومة.

الشركات الناشئة

وفي استمرار لاتجاه الرقمنة بعد جائحة كورونا العالمية، والحاجة إلى كفاءة الأنظمة الصحية، يصبح قطاع الصحة الرقمية والتكنولوجيا الحيوية واحدا من أبرز القطاعات جذبا للاستثمار، لتتسارع عجلة تطوير تقنيات التطبيب عن بُعد المتقدم، والتشخيص الشخصي، ومنصات إدارة بيانات المرضى.

الفقاعة المحتملة في الذكاء الاصطناعي

وفقا لتقارير فإنه رغم الزخم الكبير، لا يزال هناك مخاوف من تضخم تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، وأن تدفع هذه الفقاعة المحتملة المستثمرين إلى إعادة تقييم استراتيجيات التمويل، والتركيز على الاستحواذات الانتقائية بدلًا من ضخ استثمارات ضخمة في جولات غير مدروسة، وإن كان من غير المتوقع أن يؤدي أي تصحيح في قطاع الذكاء الاصطناعي إلى انهيار، بل إلى هيكلة وترشيد للمشهد.

وبقليل من المتابعة والتدقيق، يمكننا اكتشاف توجه الاستثمارات نحو الشركات التي تمتلك بيانات حصرية، أو قنوات توزيع قوية، أو تطبيقات تحل مشكلات أعمال محددة، بعيدًا عن المشاريع التي تقدم نماذج عامة بدون تميز.

ومن بين أوجه التصحيح المتوقع أن يشهدها سوق الذكاء الاصطناعي، هو تسريع عمليات الدمج والاستحواذ، فقد تشهد بعض الشركات الناشئة في الذكاء الاصطناعي التي حصلت على تمويل كبير في السابق، ولكنها فشلت في تحقيق نمو عضوي، ضغوطًا للاندماج مع شركات أكبر تمتلك قاعدة عملاء أو تدفقات نقدية، وأن تصبح عمليات الاستحواذ الاستراتيجية من الشركات الكبرى مسارًا شائعًا للخروج.

في نفس الوقت، سيسمح هذا التصحيح للمستثمرين الأذكياء بالاستثمار في البنية التحتية الأساسية للذكاء الاصطناعي، مثل رقائق أشباه الموصلات المتخصصة ومراكز البيانات الفعالة، بأسعار أكثر معقولية، تمهيدًا للدورة التالية من النمو.

لماذا تتحول الأنظار إلى مصر والمنطقة؟

تشهد المنطقة تحولاً جذريًا يجعلها مقصدًا جذابًا لرأس المال الجريء العالمي، ويتوقع المنتدى الاقتصادي العالمي وصندوق النقد الدولي تتفوق اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على المتوسط العالمي، وتحقيق نمو يصل إلى 4.5% في 2026، مما يجعل المنطقة مركز جذب استثماري، مدفوعة بمشاريع التنمية الطموحة، مثل رؤية السعودية 2030، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية.

كما تشهد بعض بلدان المنطقة تحولات هيكلية عميقة، حيث يرتفع مساهمة القطاع غير النفطي والخاص في الناتج المحلي الإجمالي لدول مثل السعودية والإمارات، مما يخلق فرصًا تكنولوجية واسعة، إلى جانب إطلاق أنظمة مرنة للشركات الناشئة، واستقطاب المواهب، وإنشاء مناطق اقتصادية وحاضنات تكنولوجية متخصصة،ومقارنة بتقييمات السوق الأمريكية المرتفعة، تقدم الشركات الناشئة في المنطقة تقييمات أكثر اعتدالاً مع آفاق نمو عالية، مما يوفر معدلا جذابا على مستوى العوائد والمخاطر.

ولا تنفصل مصر عن نسيجها الإقليمي كمركز ذو إمكانيات هائلة جاذبة للاستثمار، فهي تمثل قاعدة سوقية ضخمة تضم أكبر كثافة سكانية في المنطقة، مع شريحة شابة كبيرة، ومهارات تقنية متوفرة تضم كفاءات هندسية وتقنية عالية المستوى بتكاليف تنافسية.

وتملك مصر عددا من القطاعات الواعدة، في مقدمتها التكنولوجيا المالية (FinTech)، الذي يتسارع نموه مدفوعًا بالشمول المالي، والتجارة الإلكترونية، والخدمات اللوجستية، والحلول التعليمية والصحية القائمة على التكنولوجيا، إلى جانب مبادرات حكومية استراتيجية وبرامج لدعم ريادة الأعمال.

الدكتور أحمد خطاب
الدكتور أحمد خطاب

وفي هذا الصدد، يقول الدكتور أحمد خطاب، خبير الاقتصاد والاستثمار: “يشهد عام 2026 تحسنا كبيرا في ملف الاستثمار في العديد من المجالات، ومنها الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بعد قيام الحكومة بالعديد من الإصلاحات والعمل على سرعة الإنجاز في العديد من الملفات التي تخص هذا القطاع، ودعم هذا المجال بالعديد من الإجراءات ومنها تأسيس المجموعة الوزارية لريادة الأعمال، وإطلاق العديد من المبادرات والقوانين التي تدعم الشركات والمستثمرين لضخ أموالهم في تلك الشركات سواء من الداخل أو الخارج، فكل ذلك سيحسن من مؤشرات الاستثمارات، وستتلقى الشركات الناشئة دعما كبيرا خلال الفترة القادمة، وقد شهدت الفترة الماضية بوادر لذلك”.

ويضيف خطاب أن هناك عوامل خارجية أيضا ستؤثر بالإيجاب على إطلاق صناديق استثمار المخاطر في قطاعات التكنولوجيا سواء في مصر أو المنطقة أو العالم، ومنها انتهاء الحرب في غزة، والاستقرار في المنطقة بشكل عام سينعكس بالإيجاب على المناخ الاستثماري، ولو تحدثنا في مصر سنجد اهتماما كبيرا من القيادة بهذا الملف، وهو ما انعكس في العديد من الصور، ونرى أن العديد من الوزارات تعمل على دعم هذا القطاع ومنها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووزارة التخطيط، وغيرها من الوزارات والكيانات الداعمة لبيئة ريادة الأعمال في مصر.

تهيئة مناخ الاستثمار

ويشير إلى أن ملف التكنولوجيا فرص نفسه على لغة العصر، وأصبح هناك تحول رقمي كبير في مصر، وتطور كبير في البنية التحتية الرقمية، بالإضافة إلى تهيئة مناخ الاستثمار وطرح العديد من التسهيلات سواء في الملف الضريبي أو حتى قرار تواجد الشركات الناشئة في المناطق الحرة، مع منحها العديد من التسهيلات والاستفادة من قوانين المناطق الحرة مثل الإعفاءات الضريبية وتمكينها من تصدير منتجاتها بسهولة، كما تجذب المناطق الحرة شركات رأس المال الاستثماري ومصادر الدعم المالي الأخرى، مما يوفر للشركات الناشئة رأس المال اللازم لازدهارها هذا بالإضافة إلى أن تلك الخطوة تتسق مع هدف الدولة في زيادة الإعفاءات الضريبية، مما يخفض التكاليف التشغيلية ويعزز من عمل ونمو الشركات الناشئة، فكل ذلك يرسل رسائل تطمئن المستثمرين بالخارج لضخ أموالهم في شركاتنا الناشئة وإطلاق صناديق، ولذلك يتوقع خطاب أن نشهد العديد من الصناديق الاستثمارية في مصر خلال العام المقبل.

تامر عازر
تامر عازر

من جانبه قال تامر عازر، الشريك في Shorooq Ventures: ، أن المقومات الحقيقية لسوق الشركات الناشئة في مصر قوية، ومازال هناك كثيرون يحاولون بناء شركات ناشئة، وحاليا الاقتصاد المصري مفتوح ومليء بالفرص وهناك فرص تكون أكثر جاذبية مثل التكنولوجيا المالية، وحاليا التكنولوجيا الحيوية التي بدأت تنمو بشكل كبير في مصر، بعد وجود خريجين كثيرين.

ونوه إلي أن أهم نقطة بالنسبة للمستثمرين وصناديق رأس مال المخاطر هو إتاحة البيانات والصورة الكاملة، فعندما يكون لديّ مفهوم عن مقومات الاقتصاد واعلم كيف يسير الاقتصاد ومعلومات أكثر عن الشركات استطيع أفهم ما هي المجالات التي يمكن أن استثمر فيها، والتي تنمو بشكل سريع، وبالتالي نفتح المجال لمستثمرين أكثر للاستثمار في قطاعات لم يكن يعلمون عنها أي شئ، فأساس قرار الاستثمار هي المعلومات ونحن كمستثمرين نرى أن مثل هذه التقرير يمنحنا الفرصة الكافية لأخذ قرارات صحيحة .

وأشار عازر إلى أن تجدد اهتمام المستثمرين بالشركات الناشئة المصرية يعود إلى عدة عوامل مترابطة، حيث يُمثل سكان مصر الكبار، والشباب، والمتمرسون في مجال التكنولوجيا، سوقًا محليًا كبيرًا متشوقًا للحلول المبتكرة. وقد أدت هذه الميزة الديموغرافية إلى ظهور شركات ناشئة تُعالج التحديات المحلية بأساليب قابلة للتطوير ومدعومة بالتكنولوجيا. علاوة على ذلك، أدى التزام الحكومة المصرية بالإصلاحات الاقتصادية ودعمها لبيئة ريادة الأعمال إلى تحسين مناخ الأعمال. وقد أدت المبادرات الهادفة إلى تبسيط تسجيل الأعمال، وتقديم حوافز ضريبية، وتعزيز فرص الحصول على التمويل، إلى خفض حواجز دخول الشركات الناشئة وزيادة جاذبيتها للمستثمرين.

وأضاف  أنه من التطورات المحورية اعتماد البنك المركزي المصري لسياسة سعر صرف مرن في مارس 2024. وقد ساعدت هذه الخطوة على استقرار العملة، وتقليص الفجوة بين أسعار السوق الرسمية والموازية، واستعادة ثقة المستثمرين من خلال السماح لقوى السوق بتحديد قيمة الجنيه المصري. لقد جعلت هذه الإصلاحات النقدية المشهد الاستثماري أكثر قابلية للتنبؤ وجاذبية للمستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، ويدل الارتفاع الأخير في استثمارات الشركات الناشئة في مصر على أكثر من مجرد طفرة مؤقتة؛ بل يعكس نضج بيئة الأعمال. فالأسس التي وُضعت على مدى العقد الماضي، من خلال تطوير البنية التحتية، والتحسينات التنظيمية، وتنمية المواهب، تُثمر الآن نتائج ملموسة.

النظام البيئي

ولفت تامر عازر، إلى أنه في حين أن مستويات الاستثمار الحالية مُشجعة، إلا أنها تُمثل اتجاهًا أوسع نحو التنمية المُستدامة والاندماج في اقتصاد الشركات الناشئة العالمي، وليست طفرةً عابرة. وتشير مرونة النظام البيئي وقدرته على التكيف إلى مسار واعد للشركات الناشئة المصرية في السنوات القادمة وكما يبدو، فإن هناك عددا من الميزات التنافسية التي تستطيع أن تقدمها مصر خصوصاً لصناديق الاستثمار العالمي في 2026، فمن ناحية، تمثل أسواقنا الإقليمية مختبرا لتطبيقات “العالم الحقيقي”، حيث بيئة مثالية لاختبار وتطوير حلول تلائم احتياجات الأسواق الصاعدة، مثل كفاءة الطاقة، والخدمات المالية الشاملة، والرعاية الصحية عن بعد.

وذكر تامر عازر إن بوصلة صناديق رأس المال الجريء في 2026 تتجه نحو الذكاء العملي والربحية والقيمة الجوهرية، وسوف يشهد العام مرحلة تطهير وتركيز تعيد تعريف معنى النجاح للشركات الناشئة، كما ستكون الاستثمارات الأكثر نجاحًا هي تلك التي تتعامل مع التكنولوجيا كوسيلة لحل مشكلة اقتصادية أو اجتماعية حقيقية، وليس كغاية بحد ذاتها وعالميًا، سيمثل الذكاء الاصطناعي التطبيقي وتكنولوجيا المناخ قلب الاستثمارات، وإقليميًا، ستكون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى رأسها السعودية والإمارات ومصر، نقطة الجذب الأبرز لرأس المال العالمي الباحث عن النمو في بيئة اقتصادية كلية إيجابية ومبادرات تحولية طموحة.

ووفقا لتقرير حديث لشركة انطلاق، فإن في مصر لا تزال ديناميكية المرحلة المبكرة تتركز حول مسرعات الأعمال مثل Flat6Labs و AUC Venture Lab، مع تحديد رأس المال عادة عند جولات التمويل الأولي وما قبل السلسلة A، ومع ذلك، لا يزال خط تدفق التوسع يتضاءل بسرعة متجاوزا عتبة المليون دولار. في المقابل، أنشأت شركة Jada السعودية ومبادلة الإماراتية هياكل رأس مال مدعومة سيادية تمكن من الاستمرارية من المرحلة المبكرة إلى المرحلة المتأخرة، وتجذب شركاء محدودين أجانب ومكاتب عائلية إقليمية ومديري صناديق عالميين.

ووفقا للتقرير أدى افتقار مصر إلى مؤسسات داعمة أو أدوات تمويلية مماثلة في مراحل النمو، بالإضافة إلى صعوبات في سوق الصرف الأجنبي وإعادة الأموال إلى الوطن إلى تجزئة رأس مالها وترك شركاتها الناشئة الواعدة تعاني من نقص هيكلي في رأس المال. وما لم يُعالج هذا التفاوت، فإنه يهدد بإدامة دورة يتم فيها الاحتفاء بالمشاريع في مراحلها المبكرة، بينما ينجو القليل منها من طريق الانحدار نحو التنافسية الإقليمية.

توجهات المستقبل

من جانبه قال طارق رشدي، المستثمر ومؤسس شركة “ui-investments” للاستثمار، أن مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة والميتافيرس، سيكون فيها توجهات للمستقبل، وتدريجيا سيزيد الاهتمام بها، مشيرا إلي أن هناك صناديق استثمار تتشكل حاليا لتمويل شركات التكنولوجيا العميقة في مصر، ولذلك سيكون هناك تركيز على تلك المجالات الفترة القادمة، وهذا ما نحتاجه.

طارق رشدي
طارق رشدي

وأضاف أن هناك نمو متوقع أيضا في القطاعات التي تحل مشاكل حقيقية في المجتمع، مثل التكنولوجيا الزراعية وتكنولوجيا التعليم والخدمات اللوجستية، فهي مجالات تغطي فجوات حقيقية موجودة في المجتمع، وسيكون لها فرص للنمو، والدولة ستركز عليها لأنها أحد المحاور التي تستطيع أن تتعامل بها مع مشاكل المجتمع، وأرى أن الحكومة ترى أهمية الشركات الناشئة، وما تفعله من تحقيق أكثر من نصف مليار دولار استثمارات، وهو رقم ليس قليلا ولكن يمكن أن يزيد، وعلى الأرض هناك توجه لمساندتها والوقوف معها ليزيد الاستثمار في الفترة القادمة.

حول الحوافز التي تحتاجها تلك الشركات من الدولة، نوه طارق رشدي، إلى أنها تحتاج إلى بيئة تشريعية أكثر مرونة لطبيعة عملها، وبدأ بالفعل حركة على الأرض من أجل تعديل تلك البيئة، ونتمنى السرعة من أجل مواكبة النمو الذي يحدث حولنا سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا، فالإسراع في ذلك مهم جدا، وكل ذلك ينعكس على سهولة تأسيس الشركات الناشئة وحل المنازعات أو تغيير النشاط، فكل ذلك حوافز تدفع الشركات الناشئة للأمام.

 

The short URL of the present article is: https://followict.news/c2av