Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

بارمي أولسون تكتب: انخفاض تكلفة الذكاء الاصطناعي لن يحل جميع المشكلات

يعاني الذكاء الاصطناعي من مشكلة كبيرة، حيث يتسم بدرجة عالية من ارتفاع التكاليف بالنسبة إلى تكنولوجيا تعد بمساعدة الشركات على خفضها.

قوانين التوسع في الذكاء الاصطناعي، التي تؤكد على ضرورة زيادة قوة الحوسبة من أجل صنع نماذج أقوى، وضعت شركات التكنولوجيا في سباق لإنفاق مليارات الدولارات على بناء مراكز بيانات ضخمة وشراء رقائق إلكترونية قوية، وهي تكاليف لا تستطيع الشركات تحميلها على كاهل عملائها.

أداة “جوجل” التي تساعد موظفي المكاتب على إنشاء المستندات أو رسائل البريد الإلكتروني باستخدام الذكاء الاصطناعي ليست رخيصة الثمن. فهي تضيف 20 دولاراً إلى الفاتورة التي يتحملها صاحب العمل شهرياً، وتبلغ قيمتها 6 دولارات مقابل مجموعة مساحة العمل (Workspace) الخاصة بالشركة، لكل موظف. ويكلف مساعد الذكاء الاصطناعي “كوبايلوت” من شركة مايكروسوفت 30 دولاراً شهرياً لكل عامل.

وفي الوقت نفسه، يمكن أن يتكلف نشر الذكاء الاصطناعي مباشرةً في أنظمة الشركة ما بين 5 ملايين دولار و20 مليوناً، وفقاً لشركة الأبحاث “جارتنر”، التي تتوقع التخلي عن 30% من مشاريع الذكاء الاصطناعي التوليدي بحلول نهاية عام 2025 جزئياً بسبب كل هذه النفقات.

تتمثل الأخبار السارة لهؤلاء العملاء في أن تكاليف الذكاء الاصطناعي يبدو أنها آخذة في الانخفاض، ما يساعد على سد الفجوة بين العائد والاستثمار. أما الأخبار السيئة فهي أن ذلك لا يعالج المشكلة الأكبر المتمثلة في جدوى استخدامه، والتي يُتوقع حتى الآن أن يستغرق حلها بضع سنوات.

الرأي الحكيم السائد في وادي السيليكون هي الاستمرار في الإنفاق للحصول على موطئ قدم في المستقبل. يوم الثلاثاء، أعلنت شركة “مايكروسوفت” أن نفقاتها الرأسمالية بلغت رقماً قياسياً قدره 19 مليار دولار في الربع الأخير، أي أعلى بنسبة تزيد عن 80% عن العام الماضي.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة ساتيا نادالا إن كل هذا الاستثمار سيستمر “لاغتنام فرصة الذكاء الاصطناعي”.

كرر ساندار بيشاي، الرئيس التنفيذي لشركة “ألفابت” نفس الرأي في مؤتمر هاتفي عُقد مؤخراً حول نتائج أعمال “جوجل”، موضحاً أن: “خطر نقص الاستثمار أكبر بكثير من خطر الإفراط في الاستثمار بالنسبة لنا”.

لم يقتنع المستثمرون بذلك تماماً، حيث انخفضت أسهم “مايكروسوفت” بنحو 2% منذ إعلان أرباحها الأخيرة، وهبطت أسهم “جوجل” بنسبة 5%.

لكن حتى مع ارتفاع تكلفة تدريب الذكاء الاصطناعي على مر السنين، يبدو أن خدمات الذكاء الاصطناعي لكل من عملاقتي التكنولوجيا تسير في اتجاه أرخص. يقول متحدث باسم شركة “جوجل” إن أحدث نموذج لتطبيق “جميناي”، الذي يمكن للشركات استخدامه لأتمتة عمليات خدمة العملاء أو تلخيص المستندات الداخلية، أقوى من سابقه، رغم ذلك، فهو يقترب من نصف سعره.

أحدث النماذج لدى شركة “أوبن إيه آي”، والمعروف باسم “جي بي تي-40″، أسرع من النموذج السابق عليه “جي بي تي-4 تربو”  ولكنه أيضاً أرخص منه بنسبة 50%. وقد أخبرتني متحدثة باسم الشركة أن تكلفة الوصول إلى نماذجها، والتي تُقاس بمعالجة الرموز (وهي في الأساس كلمات من خلال نموذجها اللغوي)، قد انخفضت بنسبة 99% منذ عام 2022. وأضافت: “نحن ملتزمون بمواصلة هذا المسار”.

عند علماء الذكاء الاصطناعي، كان خفض التكاليف باستخدام تقنيات مثل “تصغير الحجم والبعثرة” و”التقسيم الكمي” محور تركيز رئيسي في المؤتمرات الأخيرة. وقد أخبرني نيراف كينجزلاند، وهو مسؤول تنفيذي في شركة “أنثروبيك” المنافسة لشركة “أوبن إيه آي”، أنه من المنطقي أن تنخفض تكاليف نماذجها إلى 25% من سعرها الحالي خلال العام أو العامين المقبلين، وأن الشركة التي جمعت 8.8 مليار دولار من مستثمرين من بينهم “غوغل” و”أمازون دوت كوم” قد خفضت بالفعل تكلفة تطوير نموذج حديث إلى النصف من خلال أساليب بحثية جديدة.

هناك دلائل أخرى على انخفاض التكاليف. ففي الصين، انخرطت شركات الذكاء الاصطناعي في حرب أسعار أدت إلى انخفاض أسعار استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويرجع الفضل في ذلك جزئياً إلى البيئة التنظيمية الأكثر تراخياً، وانخفاض تكاليف العمالة، والدعم الحكومي.

على سبيل المثال، تتقاضى شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي هناك تُدعى “ديب سيك”  0.14 دولار لكل مليون رمز من المستخدمين من رجال الأعمال، في حين أن نموذجاً مماثلاً من شركة “أوبن إيه آي” يكلف 10 دولارات.

تأتي كفاءة إدارة التكاليف من جانب موظفي الشركات الذين يستخدمون هذه التطبيقات أيضاً. فالكثير من الشركات تدرك أنها لا تحتاج إلى أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي لمنح موظفيها ميزة إنتاجية، لذا فهي تجرب نماذج مفتوحة من شركات مثل “ميتا بلاتفورمز”. قد يحتاج روبوت الدردشة الآلي لخدمة العملاء إلى أداة ذكاء اصطناعي متطورة يمكنها القيام بالاستدلال اللحظي، ولكن تحليل مكالمات العملاء لتحسين الخدمة يمكن القيام به باستخدام تكنولوجيا أقل تقدماً.

تخبرني شركة “مان جروب”، وهي شركة عالمية لإدارة الأصول، أن النماذج التي تستخدمها لتلخيص النصوص لمديري المحافظ الاستثمارية لديها، أو لتقليل العمل اليومي إلى 30 دقيقة للموظفين الآخرين، تنخفض تكلفتها بالفعل. ولكن هناك أسئلة عالقة حول مدى استدامة مسار الأسعار هذا في المستقبل.

لدى وادي السيليكون تاريخ من دعم الأسعار، حيث إن منصات البث وتطبيقات النقل التشاركي والخدمات السحابية جميعها تخسر جانباً من هامش الأرباح من أجل زيادة حصتها في السوق. والهدف من ذلك هو الانتصار في المنافسة ورفع الأسعار في نهاية المطاف، والتحول للربحية.

لكن هنا تكمن النقطة الشائكة بالنسبة للذكاء الاصطناعي التوليدي، فلا يزال هناك تساؤل واسع النطاق حول مدى فائدته بالنسبة لأرباح الشركات، وهو ما تقول مؤسسة “جارتنر” إنه السبب الرئيسي لتوقعاتها بأن 30% من المشاريع سيتم التخلي عنها بحلول نهاية العام المقبل.

إذا ظلت هذه التكنولوجيا عالقة في مجرد روبوتات الدردشة وتلخيص النصوص، فقد لا تستحق حتى الأسعار المنخفضة. هذه هي المشكلة التي يجب على شركات التكنولوجيا أن تتصدى لها أكثر من غيرها، حتى أكثر من المشكلة المتعلقة بالتكلفة.

بارمي أولسون
كاتبة في بلومبيرج في مجالات التكنولوجيا