الدكتور زياد الأحول: «روش» توظّف الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول مبتكرة تعزز من كفاءة خدمات الرعاية الصحية بمصر
لم يعد الاعتماد على التكنولوجيا والبيانات في أي قطاع رفاهية، بل أصبح ذلك هو الواقع، وفي مجال الرعاية الصحية أصبح الاعتماد على البيانات لا غنى عنه من أجل الوصول إلى قرارات سليمة، فعلى سبيل المثال قُدِّر حجم سوق تحليلات الرعاية الصحية العالمية بنحو 43.1 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 167.0 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقا لدراسة Grand View Research، وفي مصر هناك شركات عالمية تسعى لدعم قطاع الرعاية الصحية اعتمادا على التكنولوجيا والابتكار، ومنها شركة “روش” (Roche).
يتحدث الدكتور زياد الأحول، رئيس قطاع الشؤون الحكومية والسياسات الصحية ودعم الأسواق في شركة روش Roche، في حواره مع منصة الاقتصاد الرقمي FollowICT، حول الدور الذي تلعبه الشركة في دعم خدمات الرعاية الصحية في مصر، اعتمادا على الابتكار والحلول التقنية، ودعم شركات التكنولوجيا الصحية.
في البداية حدثنا عن مشاركة شركة “روش” في النسخة الرابعة من معرض صحة أفريقيا وما الجديد الذي طرحته؟
يسعدنا في شركة “روش” أن نشارك في هذا المؤتمر هذا العام، وللسنة الرابعة على التوالي، وهو ما يعكس التزامنا المستمر تجاه دعم منظومة الرعاية الصحية في مصر وأفريقيا. ونُشيد بجهود الهيئة المصرية للشراء الموحد وكافة الكوادر الصحية، على ما بذلوه من عمل متميز أسهم في تنظيم مؤتمر بهذا المستوى المشرف.يُعد مؤتمر Africa Health ExCon منصة ممتازة لتبادل المعرفة والخبرات، نظرًا لتنوع الحضور من حيث التخصصات والجنسيات والخلفيات المهنية، مما يثري النقاشات ويوسّع آفاق التعاون.
وقد سعدنا بالمشاركة في جلستين حواريتين ضمن فعاليات المؤتمر: الأولى: في إطار محور “الابتكارات في الرعاية الصحية – التأثير المجتمعي والقيمة الاقتصادية”، حيث استعرضنا في هذه الجلسة؛ كيف أسهمت سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها مصر في مجال الابتكار الصحي في إحداث تطورات ملموسة على مستوى جودة الرعاية الصحية ونتائج المرضى. كما ناقشنا أهمية تقييم الأثر المجتمعي والاقتصادي لهذه الابتكارات، مؤكدين على ضرورة اعتبار الإنفاق على الصحة استثمارًا يعزز من فعالية التكلفة ويسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي على المدى البعيد. كذلك، تناولنا مسألة تحديد الأولويات في الابتكار الصحي بما يضمن مواءمة الاستثمارات مع الاحتياجات الصحية الوطنية لتحقيق أقصى فاعلية ممكنة.
الثانية، شاركنا في جلسة بعنوان “تحويل البيانات إلى قرارات سليمة في مجال الصحة”، وهو المجال الذي نرى فيه فرصة حقيقية لتعزيز الكفاءة وتحسين جودة القرارات العلاجية، ويُعد محورًا أساسيًا لتركيزنا في المرحلة المقبلة.
وما هو الدور الذي تقوم به الشركة لدعم قطاع الرعاية الصحية في مصر اعتمادا على البيانات والتكنولوجيا؟
تلعب شركتنا دورًا محوريًا في دعم التطور الصحي بمصر من خلال تعزيز نظام الرعاية الصحية، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة، حيث نركز على توزيع الحلول التكنولوجية وتقديم الدعم الفني لرفع كفاءة المستشفيات والمراكز الطبية، أيضا نساهم في بناء القدرات، وتطوير حلول مبتكرة تدعم القطاع الصحي بشكل شامل.
من الناحية التكنولوجية، نسعى لتقديم أحدث التقنيات المعلوماتية الصحية، والحلول الرقمية، بما في ذلك رفع كفاءات تحليل البيانات، كما نطور حلولاً مخصصة لمعالجة التحديات التي تواجه المرضى خلال رحلة العلاج، لذلك تركز شركة “روش” على ثلاث أولويات رئيسية: تعزيز البنية التحتية التكنولوجية، وتحسين تجربة المريض، ودعم الابتكار في مجال الرعاية الصحية.
هدفنا الدائم من خلال هذه الجهود هو ضمان تقديم خدمات طبية أكثر كفاءة وسهولة، مما يسهم في تحسين نتائج المرضى وتعزيز النظام الصحي.
وماذا عن الأثر الإيجابي المتوقع لاعتماد القرارات المستندة إلى البيانات على قطاع الرعاية الصحية وجودة رعاية المرضى؟ ولماذا يُعد هذا النهج ضروريًا لشركات الأدوية؟
في ظل التسارع الكبير في وتيرة الابتكار في القطاع الصحي، أصبح الاعتماد على البيانات الواقعية أمرًا بالغ الأهمية عالمياً. وعلى مستوى المنظومة الصحية في مصر، يساهم هذا النهج في تحقيق قدر أكبر من الفاعلية والعدالة والاستدامة في الوصول إلى أفضل النتائج العلاجية، من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وتوجيهها بما يخدم احتياجات المرضى الفعلية.
من خلال حوكمة البيانات القوية، يمكن لصنّاع السياسات ومقدمي الرعاية الصحية وشركاء الصناعة اتخاذ قرارات مستنيرة تُحسن نتائج المرضى، وتُحسن استغلال الموارد، وتُعزز الاستراتيجيات الصحية الوطنية وهذا النهج ضروري لشركات الأدوية لأنه يضمن استدامة المنفعة على المريض أولاً، ومن ثم كل من يتعلق بالمنظومة بما في ذلك شركات الأدوية.
وكيف يمكن لشركات الأدوية أن تتعاون بفاعلية مع الجهات المعنية بالقطاع الصحي لتعزيز استخدام البيانات في عملية اتخاذ القرار؟
يمكن لشركات الأدوية أن تلعب دورًا محوريًا في تعزيز استخدام البيانات من خلال التعاون الوثيق مع مختلف الجهات المعنية في القطاع الصحي. ويشمل ذلك تبادل الخبرات وبناء جسور تواصل فعالة بين أصحاب القرار والخبراء المحليين والدوليين، بما يساهم في نقل المعرفة وتبادل أفضل الممارسات. كما يمكن أن تسهم الشركات في تنظيم ورش عمل استراتيجية تهدف إلى مساعدة الجهات المعنية في تحديد الفجوات وأولويات التطوير فيما يتعلق بجمع البيانات وتحليلها، ووضع خطط عملية لتحسين منظومة البيانات الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يُعد دعم الدراسات المستندة إلى الأدلة المستخلصة من الواقع العملي (Real-World Evidence) أحد المحاور الأساسية لتعزيز فعالية القرار الطبي وتحسين النتائج الصحية.
فعلى سبيل المثال شركة “روش” هي الشريك الأساسي في مشروع تحسين البيانات للمبادرات الرئاسية في مجال الأورام، والذي يهدف إلى بناء أنظمة أكثر قوة لتسجيل البيانات وإدارتها، بالإضافة إلى دعم بناء القدرات. يهدف المشروع الى تحسين جودة البيانات على المدى البعيد وتمكين اتخاذ القرارات القائمة على البيانات وتقليل عبء مرضى السرطان. كما يساهم في مساعدة الحكومة في إنشاء ثروة من البيانات وبناء بروتوكولات علاج أكثر فعالية، ويساهم هذا المشروع في تمكين المنظومة الصحية على التقاط بيانات العالم الحقيقي (RWD) التي تدعم البحث والتطوير نظرًا لعدد المرضى في مصر.
ما الدور الذي تلعبه البيانات الصحية الدقيقة والموثوقة في دعم الأبحاث السريرية وتحسين نتائج المرضى؟
تلعب البيانات الصحية الدقيقة والموثوقة دورًا محوريًا في دعم الأبحاث السريرية وتعزيز جودة القرارات الطبية. فالعمل على تنقيح البيانات وتحويلها من مجرد معلومات أولية إلى أدلة قابلة للاستخدام يُمكّن صناع القرار من الاعتماد عليها عند وضع السياسات وتطوير منظومة الرعاية الصحية.
ومن المهم التمييز بين “البيانات الواقعية” (Real World Data) و”الأدلة المستخلصة من الواقع” (Real World Evidence). فالأولى هي البيانات في شكلها المبدئي كما يتم جمعها من مصادر متعددة مثل السجلات الطبية أو أنظمة التأمين الصحي. أما الأدلة المستخلصة من الواقع، فهي ما ينتج عن معالجة هذه البيانات من خلال عمليات التنظيف والتحليل لتحويلها إلى صيغة مفهومة وقابلة للتفسير.
وعندما يتم تحليل هذه البيانات من قبل علماء البيانات، تُستخرج منها رؤى دقيقة تتعلق بمناطق مرضية محددة، يمكن مشاركتها مع أصحاب القرار في القطاع الصحي. ومن خلال هذه الرؤى، يمكن تطوير السياسات القائمة أو ابتكار حلول جديدة قائمة على المعرفة، وهو ما نعمل على توفيره بشكل أكثر تطوراً لتحقيق قرارات أكثر دقة وتأثيرًا في تحسين نتائج المرضى.
ما الجوانب التي تسعى شركات الأدوية إلى تحسينها فيما يتعلق بالوصول إلى البيانات الصحية، وتحليلها، وتوظيفها لدعم اتخاذ القرار وتحقيق نتائج أفضل للمرضى؟
أولاً يجب توضيح أن هدفنا كجزء من القطاع الخاص هو دعم منظومة الرعاية الصحية في ذلك الأمر وليس الوصول إلى البيانات، وذلك الدعم يأتي من خلال تعزيز الاستفادة من البيانات المتاحة. وفي إطار هذا المسعى المشترك، تبرز بعض الجوانب التي تتطلب المزيد من التعاون والجهد لتحقيق الاستفادة المُثلى من هذه البيانات لحل بعض التحديات.
من تلك الجوانب، يمكننا الإشارة إلى فرص تحسين جودة البيانات المتوفرة وشموليتها، إلى جانب أهمية تعزيز التحول الرقمي للابتعاد عن السجلات الورقية، مما سيسهم في تسهيل الوصول إلى المعلومات وتحليلها. كما أن توحيد البيانات المتعلقة بالأمراض بين مختلف الكيانات الصحية يمثل خطوة إيجابية نحو تحقيق اتساق أكبر.
إضافةً إلى ذلك، نرى أهمية في تطوير أطر واضحة لحوكمة البيانات الصحية، لتمكين استخلاص رؤى أكثر دقة من البيانات الواقعية. كما أن تعزيز التكامل بين أنظمة البيانات المختلفة في المؤسسات الصحية وتوحيد المعايير يُعدان عاملين أساسيين لضمان الاستفادة الشاملة من المعلومات.
كما نود التأكيد على أهمية بناء القدرات، سواء من خلال تنمية الكفاءات البشرية المتخصصة في إدارة البيانات وإدخالها، أو توفير الموارد البشرية المؤهلة، بما يدعم دقة جمع البيانات وتحليلها وتوظيفها بفعالية في دعم القرارات بالقطاع الصحي.
ما القيمة التي يمكن أن تضيفها الأدلة المستمدة من الواقع وسجلات المرضى في عمليات التخطيط الصحي واتخاذ القرارات الطبية؟
تُعد الأدلة المستمدة من الواقع وسجلات المرضى من أهم الأدوات التي يمكن توظيفها في تحسين جودة التخطيط الصحي ودقة القرارات الطبية. فمن خلال تحليل هذه البيانات، يمكن للجهات المعنية تقييم فعالية الأدوية والخدمات الطبية، وقياس مدى تحقيقها للنتائج المرجوة على أرض الواقع.
كما تُسهم هذه الأدلة في دعم أنظمة اتخاذ القرار السريري (Clinical Decision Support)، لا سيما عند دمجها مع تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، ما يتيح التنبؤ بالاحتياجات الطبية المستقبلية بشكل أكثر دقة، وتحسين توجيه الموارد.
وتكمن القيمة المضافة أيضًا في قدرة هذه البيانات على الإجابة عن أسئلة جوهرية في التخطيط مثل: “هل يتم توجيه الإنفاق في الاتجاه الصحيح؟ وهل تُقدَّم الأدوية المناسبة للفئات المستهدفة؟”، مما يُمكّن من تحسين كفاءة الإنفاق الطبي، وضمان تقديم رعاية صحية أكثر فعالية واستدامة.
هل هناك خطط معينة لدى الشركة لاستخدام التكنولوجيا وبالتحديد الذكاء الاصطناعي في عملياتها؟
لا شك أن الذكاء الاصطناعي بات يشكل توجّهًا محوريًا في مختلف القطاعات، ويُعد عنصرًا أساسيًا ضمن رؤيتنا المستقبلية. وفي إطار التوجهات الحالية لشركتنا، نركّز على توظيف التكنولوجيا، وتحديدًا الذكاء الاصطناعي، في تطوير حلول مبتكرة تعزز من كفاءة وجودة خدمات الرعاية الصحية.
وتشمل خططنا تتبّع رحلة المريض بشكل شامل، بدءًا من تحديد الفجوات والاحتياجات، مرورًا بمرحلة الوقاية والتشخيص ووصولًا إلى تصميم خطط العلاج. ويتم ذلك من خلال تطوير أو تبني حلول ذكية، سواء كانت داخلية أو من خلال شراكات استراتيجية مع الجهات المتخصصة في القطاع الصحي.
نقوم باختبار هذه الحلول بشكل منهجي لتقييم أثرها المحتمل، وقياس فعاليتها من حيث تحسين النتائج الصحية وتجربة المريض. وبناءً على النتائج، نُقيّم الحلول المناسبة ونمهد لتطبيقها على نطاق أوسع ضمن المنظومة الصحية.
هناك خطة حكومية مصرية لحوكمة بيانات التكنولوجيا الطبية والصحية للمساهمة في تحسين الخدمات العامة وضمان خصوصية البيانات والأمان وتخفيف المخاطر وضمان المساءلة.. فما هو الدور الذي تقوم به شركة “روش” في هذا الإطار؟
فيما يخص مسألة الحوكمة، فإن دورنا يتمثل في تسهيل النقاشات، لذلك نحن نشارك بخبرات متوفرة لدينا أو من البلدان التي نعمل فيها، كما نستعين بخبراء مختصين قادرين على تناول هذا الموضوع بعمق، إلى جانب دورنا في تسهيل الحوار بين مختلف الجهات المعنية. من خلال هذه الجهود، نهدف إلى دعم القطاع الصحي في تحسين الخدمات العامة وضمان خصوصية البيانات والأمان.
هل هناك خطط لدعم شركات التكنولوجيا الصحية أو مشاريع تعاون معها؟
هناك شراكات مع مختلف الشركات وخاصة الشركات التي تعمل في القطاع الصحي، أو مع الشركات التي تعمل على تقديم حلول لنفس التحديات، حيث ركزنا على جانب الابتكار، وكان لنا دور فعال داخل الشركة في هذا الجانب، وشاركنا في المنتديات والفعاليات التي تهدف إلى تطوير الابتكار في مجال التكنولوجيا الصحية.
كما ركزنا في شركة “روش” على ربط الشركات الناشئة بالقطاع الحكومي، حيث نعمل على الاستفادة من الحلول المبتكرة للشركات الناشئة ومن ثم نعمل على تقديمها وتسويقها، أعتقد أن دعمنا يأتي في إطار مساعدتهم على تحقيق أهدافهم ضمن منظومة التكنولوجيا، ونرى كيف يمكن لهم المساعدة في جوانبها المختلفة، كما نسعى إلى تسهيل تحقيق ذلك وضمان انسجامهم مع الحلول التي نقدمها.
وما هي أهداف الشركة في السوق المصري بشكل عام خلال الفترة القادمة؟
نحن نؤمن في شركة “روش” أن العمل مع المنظومة الصحية وتقديم ما تحتاجه من دعم طبقاً للرؤية المشتركة يتناسب مع الإستراتيجية الوطنية للصحة، التي تحث على تعزيز مشاركة القطاع الخاص باعتباره السبيل الأمثل لتحسين وصول الرعاية الصحية بالجودة والكفاءة المرجوة إلى جميع المصريين. لذا سنستمر بمشاركة المنظومة الصحية المصرية في الملفات الأكثر أهمية. على سبيل المثال: الأمراض المزمنة غير المعدية كالأورام ومضاعفات مرض السكري، وكذلك سنستمر في شراكتنا مع المنظومة الصحية المصرية في المبادرة الرئاسية لدعم صحة المرأة، وبرنامج متابعة مرضى التليف الكبدي، والكشف المبكر عن أورام الكبد السرطانية، وتقديم حلول مبتكرة في مجال أمراض العيون خاصة الناتج عن مضاعفات مرض السكري كما ذكرت مسبقاً، بالإضافة إلى مواصلة نقل تكنولوجيا توطين صناعة الأدوية الحيوية المتطورة وتطوير ذلك الملف.