في سوق ضخم ولاعبين مختلفين من جميع أنحاء العالم، قُدرت قيمة صناعة المدفوعات الرقمية عالميًا بأكثر من 54 تريليون دولار، وفقاً لبيانات «جي بي مورجان»، مع توقعات بمزيد من النمو خلال السنوات المقبلة، وهو ما جعل التكنولوجيا المالية أحد أهم الصناعات الواعدة على مستوى العالم، لقدرتها على استخدام الآليات والتقنيات التكنولوجية الحديثة والاستفادة منها في توسيع نطاق تقديم الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية.
ولم تكن مصر بمنأى عن هذه الصناعة وهذا التطور الهائل في مجال التكنولوجيا المالية، إذ أصبحت القنوات والتطبيقات التكنولوجية أحد أهم الأدوات المستخدمة في الحياة اليومية للمواطن المصري، وهو ما أكدته الأرقام الصادرة عن القطاع من أجهزة الدولة المختلفة وعلى رأسها البنك المركزي المصري ووزارة الاتصالات، وإعلان الحكومة الأخير ضمن تقرير التوجهات الاستراتيجية لاقتصاد مصر للفترة الرئاسية الجديدة، بتأسيس منطقة اقتصادية إقليمية للتكنولوجيا المالية.
هذا التطور في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أدى إلى ظهور العديد من الشركات المتخصصة وأيضا التطبيقات والحلول المالية والمصرفية المبتكرة في مصر، والتي ساعدت بشكل كبير في زيادة كفاءة الخدمات المالية وتوسيع انتشارها، وهو ما ترتب عليه تأثير إيجابي وملحوظ على الاقتصاد القومي رغم التحديات الهائلة.
ومن المتوقع حدوث طفرة في تأسيس ودخول الشركات الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية خلال العام الجاري، خاصة وأن القطاع في مصر ما زال بكرًا في ظل وجود أكثر من 100 مليون نسمة في حاجة إلى هذه الخدمات بشكل يومي وفقا لمحللين.
فانتشار تطبيق «إنستاباي» بهذا الشكل كنموذج رائد ، وإقبال العملاء عليه بالملايين خلال فترة وجيزة لا تتعدى عامين منذ إطلاقه رسميًا من قبل البنك المركزي في مارس 2022، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن سوق التكنولوجيا المالية واعد، وأن ما يحتاجه للنمو بشكل كبير يتمثل في فكرة جيدة وتنفيذ جيد فقط، خاصة مع تهيئة الدولة للبنية التحتية التكنولوجية والتشريعية ووضع مناخ مناسب لانطلاق هذه الشركات.
ومما يؤكد أيضًا أن الشركات الناشئة وخاصة العاملة في مجال التكنولوجيا المالية ينتظرها مستقبل واعد هذا العام، هو ثقة المستثمرين في هذه الشركات، وهو ما مكن الشركات الناشئة في مصر من جمع أكثر من 500 مليون دولار تمويلات خلال 2023، حيث استهدفت عشرات الشركات في العديد من القطاعات، والتي تصدرها بالطبع قطاع التكنولوجيا المالية، بحسب تقرير حديث لشركة انطلاق المتخصصة في دعم ريادة الأعمال في مصر.
لكن في ظل هذا المسار يوجد بعض التحديات وأيضا الفرص، مما يحتاج معه الوقوف على مستقبل القطاع والتعرف على الإمكانيات غير المستغلة للتكنولوجيا المالية، وأيضا أفاق الاستثمار المتوقعة؟
معدلات النمو
محمد إيهاب المدير التنفيذي لشركة “انطلاق”، قال إن الشركات الناشئة في مصر نجحت في الحفاظ على معدلات نمو تفوق 85% سنويًا على مدى الأعوام الخمسة الماضية، فضلاً عن جمع تمويلات بأكثر من 1.5 مليار دولار وتوفير نحو 60 ألف فرصة عمل، مؤكدًا أن قطاع التكنولوجيا المالية في مصر هو القطاع الأكثر جاذبية للاستثمار.
وتوقع أن تستمر الشركات الناشئة وأصحاب المشروعات الريادية في تحقيق نمو لا يقل عن 50% سنويًا، وجمع استثمارات أجنبية بنحو 8 مليارات دولار بحلول عام 2030.
وأشار محمد إيهاب إلى ضرورة أن تعمل الشركات على الاستفادة من تجاربها خلال السنوات الماضية المتعلقة بعمليات التشغيل وأيضا الحصول على تمويلات ، لتفادي أية تأثيرات سلبية يمكن أن تحدث نتيجة التغيرات الاقتصادية الدولية وتداعياتها على السوق المحلي وأيضا لضمان استدامة اعمالها والحفاظ على القيمة التي تقدمها للمجتمع وأيضا المواهب البشرية التي تمتلكها والتي تشكل مرتكز رئيسي للشركات بجانب التكنولوجيا المستخدمة.
وأكد على أن الدولة تبنت العديد من المبادرات على كافة المستويات لدعم هذا القطاع خاصة الشركات الناشئة المتخصصة، بواقعية الإعتراف بأن الشمول المالي والاقتصاد الرقمي وكافة الخطوات المتعلقة بهذا التوجه تمثل مسار إجباري نحو التنمية المستدامة وضم الاقتصاد غير الرسمي إلى جانب ضبط حركة الأموال، وتوفير العديد من أدوات الدفع والتمويل التي تعد عنصر تنافسي رئيسي لأي اقتصاد في التوقيت الحالي.
وفي دراسة حديثة أعدها مركز المعلومات فى مجلس الوزراء، قالت إن التكنولوجيا المالية تلعب دورًا كبيرًا فى دعم تطور وتنافسية الاقتصاد المصرى، وكان من بين تصوراتها إطلاق عملة رقمية صادرة عن البنك المركزى المصرى ممثلة فى الجنيه الرقمى بحلول عام 2030.
الشمول المالي
وذكرت أن ذلك يدعم رفع نسبة الشمول المالى إلى 100%، وزيادة عدد المحافظ المالية الرقمية إلى نحو 80 مليون محفظة رقمية، كما يدعم استغلال الفرص التى يتيحها التحول الرقمى على صعيد مواصلة تطوير القطاع المالى المصرى وزيادة مستويات كفاءة السياسة النقدية، كما أوصت بوجود منطقة حرة للخدمات المالية وخاصة التكنولوجيا المالية.
أحمد وادي، المؤسس والرئيس التنفيذى لشركة “مونى فيلوز”، أكد إن الميزة التى قد ينتظرها العاملون فى القطاع من تدشين منطقة حرة للتكنولوجيا المالية هي توفير كل الجهات المرتبطة بالقطاع فى مكان واحد، موضحًا أن القطاع يحتاج رقابة ومتابعة إجرائية دورية ومنتظمة بشكل مُكثف مع جهات مثل البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية والقطاع المصرفى.
وأضاف أنه يجب التركيز على المناخ الاستثماري للقطاع والقوانين المنظمة له أكثر من التركيز على فكرة تواجد شركات القطاع فى مكان واحد، من خلال منحه تسهيلات ضريبية أو تمويلات ميسرة أو تسهيلات إجرائية من ناحية التراخيص، أسوة ببعض الدول الإقليمية مثل السعودية والإمارات.
وأشار وادي إلى أن مصر تمتلك كافة المقومات المطلوبة لتعزيز نجاحاتها في مجال التكنولوجيا المالية خلال العام الجاري والسنوات المقبلة، والتي تتمثل في توافر الكوادر البشرية المؤهلة وأيضا الأسعار المناسبة لتقديم الخدمات، إلى جانب الدراسات الفنية والمالية التي تتميز بالكفاءة كون السوق المصري من أكبر أسواق المنطقة في حركة التجارة والتي تتصل بها التكنولوجيا المالية وتستفيد من زخمها المتنامي حتى في ظل ارتفاع مستويات التضخم وتأثيرات الأزمات العالمية .
أعداد شركات التكنولوجيا المالية
كريمة الحكيم، مديرة مركز بلج أند بلاي في مصر، أكدت على أن مصر وصلت لمستويات عالية من النمو في مجال التكنولوجيا المالية خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرة إلى أن أعداد شركات التكنولوجيا المالية المصرية ارتفع بشكل مطرد خلال السنوات الماضية مع تنوعهم في الخدمات المقدمة ، في ظل توافر المقومات المناسبة من الناحية التنظيمية والتشريعية وأيضا التغيرات التي فرضتها جائحة كورونا على مستوى الأعمال والتحول نحو التكنولوجيا وتسريع عملية التحول الرقمي.
وأضافت، أنه على الرغم من النمو الكبير في أعداد الشركات إلا أنها لم تصل بعد للمستوى المطلوب، مما يعطي مؤشرات بوجود فرص كبيرة لزيادة أعداد هذه الشركات سواءا باستثمارات محلية أو جذب استثمارات أجنبية، إلى جانب العمل أيضا على مزيدا من الدمج بين منظومة الاقتصاد والتكنولوجيا المالية، وأقرار المزيد من الحوافز والإجراءات المتعلقة بزمن تأسيس الشركات ومنح بعض الإعفاءات الضريبية والتسهيلات خاصة في ظل المنافسة المحمومة إقليميا ودوليا في جذب الاستثمارات في هذا المجال الحيوي.
ولفتت كريمة الحكيم ، أنه من بين المقومات الرئيسية التي تجعل السوق المصري جاذبًا لقطاع التكنولوجيا المالية، هو النمو السكاني الكبير، لاسيما ومصر البلد الأكثر اكتظاظًا بالسكان في المنطقة والثالث في أفريقيا، كما يعد المعدل المرتفع لاشتراكات الهاتف المحمول وتغلغل الإنترنت، إلى جانب متوسط العمر 24.7 عامًا، من العناصر الأخرى التي تلعب لصالح سوق قطاع التكنولوجيا المالية، حيث إن الشباب لعب دورًا رئيسيًا في تسهيل النظام البيئي لريادة الأعمال في مصر منذ عام 2019، نظرًا لأن السكان الآن من الشباب وكل شخص لديه هاتف محمول مزود بالإنترنت، أصبحت التكنولوجيا المالية أكثر صلة.
وأشارت، إلى أن الشركات لديها إمداد متزايد لتسهيل طريقها، من عوامل التمكين، مثل الحاضنات والمسرعات، إلى المواهب المهنية والبنية التحتية وتوافر التكنولوجيا حيث أصبح إنشاء شركة أسهل كثيرًا بمرور الوقت منوهة بأن التفكير في إنشاء منطقة حرة للخدمات المالية خطوة متميزة جدا لدعم هذا المجال وتعزيز تداخله في مسارات الاقتصاد المصري.
نماذج أعمال جديدة
من جانبه قال حسام أبو الدهب، مستشار التكنولوجيا المالية والشمول المالي، أنه على الرغم من الضمانات المتعلقة بنمو قطاع التكنولوجيا المالية، إلا أن السوق في حاجة لنماذج أعمال جديدة ومختلفة عن طبيعة الشركات المتواجدة في الوقت الحالي، مؤكدا على أن الشركات التي ستقدم نموذج عمل مختلف هي التي ستتمكن من اختراق السوق خلال السنوات المقبلة في ظل توافر كافة المقومات الصحية للنمو في هذا المجال والمتمثلة في حجم الطلب الكبير على الخدمات ووجود هيكل قوي لهذا القطاع في السوق المصري نتيجة مبادرات الدولة في هذا المجال خاصة البنك المركزي المصري.
البنك المركزي المصري قام في مارس 2019 بإطلاق استراتيجيته المتكاملة للنهوض بمنظومة التكنولوجيا المالية والابتكار والتي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة التكنولوجيا المالية، حيث ساهمت هذه الاستراتيجية في تضاعف عدد الشركات العاملة في الصناعة 5 مرات من 32 شركة عام 2017 إلى 177 شركة عام 2022 جذبت ما يقارب 800 مليون دولار عام 2022، كما خصص المركزي فصل كامل يختص بتشريعات نظم وخدمات الدفع الإلكترونية والتكنولوجيا المالية بقانون البنك المركزي والقطاع المصرفي رقم 194 لسنة 2020.
وأنشأ البنك المركزي، أيضا مركز التكنولوجيا المالية والابتكار، لتسهيل التواصل والتعاون بين كافة مرتادي المركز من المؤسسات المالية، والمستثمرين، وأصحاب الخبرات، ورواد أعمال التكنولوجيا المالية، والشركات الناشئة كما قام البنك المركزي بإطلاق خدمات المختبر التنظيمي لتطبيقات التكنولوجيا المالية، والذي يعد بمثابة بيئة اختبار تسمح لمطوري خدمات التكنولوجيا المالية المبتكرة من اختبار تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة في الواقع وعلى عملاء حقيقيين، والتي لا يمكنهم تقديمها حاليا في السوق المصري إما لوجود معوقات رقابية أو لغياب القواعد الرقابية المنظمة لها.
وذكر حسام أبو الدهب، أن الشركات التي ستقدم خدمات تقليدية لن تستطيع المنافسة في السوق خاصة مع سيطرة علامات تجارية كبرى في هذا المجال بنت سمعتها خلال سنوات طويلة، منوها إلى ضرورة التفكير في تقديم خدمات جديدة كتقديم خدمات الدفع من خلال الساعات الذكية على سبيل المثال، أو تقديم خدمات تأمينية للعاملين بشكل حر Freelancing، بجانب مجال الـ Open Banking، أو الشركات التي تضمّن الخدمات المالية ضمن خدماتها مثلما تفعل أوبر، فكلها مجالات بها فرص أمام الشركات الناشئة.
وأكد على أن منظومة التكنولوجيا المالية في مصر تمر حاليا بأفضل حالاتها من كافة النواحي سواء من حيث النمو المطرد في أعداد الشركات المقدمة لهذه النوعية من الخدمات، أو التكنولوجيا ومدى قوتها وتنوعها خلال الفترة الحالية سواءا من حيث البنية التحتية او التطبيقات المستخدمة والتقنيات المتطورة التي تعتمد عليها الشركات، وأيضا مستوى تمويل الشركات الناشئة في مجال المدفوعات الرقمية والتكنولوجيا المالية خلال الفترة الأخيرة حيث تأتي مصر على رأس قائمة جذب التمويلات في هذه النوعية من الشركات .
الدعم التمويلي
ويعد إطلاق صندوق “إنكلود” للتكنولوجيا المالية في مارس 2022،أحد أهم الخطوات التي إتخذت محليا في مجال تمويل الشركات الناشئة العاملة في المجال ، حيث ساهم في الصندوق عدد من البنوك العاملة بمصر وهي البنك الأهلي المصري؛ وبنك مصر؛ وبنك القاهرة، وكذا عدد من الشركات المتخصصة في هذا المجال ومنها شركة بنوك مصر، ومجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، وشركة ماستركارد بهدف تعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية وتحقيق معدلات أعلى من الشمول المالي، وبرؤية طموحة بأن يصبح “إنكلود” أكبر صندوق تمويلي في مجال التكنولوجيا المالية على المستوى الإقليمي، برأس مال مستهدف يصل إلى 150 مليون دولار.
وتتمثل أهداف الصندوق الرئيسية في؛ رعاية الكوادر الشابة، لكونها الاستثمار الواعد للمستقبل والقادر على تحقيق العديد من المكاسب للسوق المصري، وتوجيه الاستثمارات إلى الشركات الناشئة التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية، سواءً المحلية منها أو الدولية التي تعتزم إطلاق أعمالها داخل السوق المصري، وتوجيه الاستثمارات إلى كلٍ من مجال التكنولوجيا المالية والقطاعات المغذية لها، ودعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في مراحلها الأولى، وتعزيز منظومة التكنولوجيا المالية في مصر.
وقال حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري في كلمته التي ألقاها نيابة عنه رامي أبو النجا، نائب المحافظ، خلال مؤتمر المدفوعات الرقمية والشمول المالي الرقمي العاشر PAFIXالأخير ، إن البنك المركزي نجح في قيادة منظومة الدفع الإلكتروني المصرية لتصبح الرائدة إفريقيًا، والأحدث تكنولوجيًا في منطقة الشرق الأوسط، مما انعكس على ارتفاع معدل الشمول المالي بصورة كبيرة ليصل إلى نحو 68% في يونيو 2023، وسيستمر البنك المركزي في جهوده لتطوير البنية الأساسية للتكنولوجيا المالية والمدفوعات الرقمية، باعتبارها حجر الأساس لتنفيذ رؤية الدولة للتحول الرقمي نحو مجتمع أقل اعتمادًا على أوراق النقد.
وأضاف أن البنك المركزي المصري يحرص على مواكبة كل ما هو جديد في التكنولوجيا المالية، باعتبارها ضرورة يفرضها التزام البنك بتحقيق أهدافه للحفاظ على الاستقرار النقدي وتعزيز الشمول المالي، وذلك عبر رؤية تقوم على دعم إطلاق المزيد من تطبيقات التكنولوجيا المالية المبتكرة وإتاحتها للعملاء للاستفادة منها، على النحو الذي يسهم في تحقيق التحول الرقمي المستهدف، والدفع بجهود الوصول للتنمية المستدامة.
وأشار إلى دور البنك المركزي في دعم وتحفيز التكنولوجيا المالية في القطاع المصرفي والمالي، حيث أطلق استراتيجية التكنولوجيا المالية والتي ساهمت في تضاعف عدد الشركات العاملة في الصناعة 5 مرات لتصل إلى 177 شركة عام 2022، إضافة إلى تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية لدعم وتحفيز التحول الرقمي.
وأوضح أن جهود البنك المركزي امتدت لتحفيز التحول إلى البنوك الرقمية، حيث أصدر قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة والإشراف عليها، والتي تمهد لظهور جيل جديد من الخدمات المصرفية الرقمية داخل السوق المصري، تقدمها البنوك لعملائها بشكل رقمي بالكامل دون الحاجة لوجود فروع، مما يعزز قدرة هذه البنوك على الوصول إلى المزيد من العملاء، كما عمل البنك المركزي على التعاون مع الهيئة العامة للرقابة المالية لإصدار قانون تنظيم أنشطة التمويل البديل.
الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية
وبالحديث عن تأثير الذكاء الاصطناعي على مجال التكنولوجيا المالية، نجد أن الفينتك قد يستفيد بشكل كبير من الذكاء الاصطناعي عبر استخدام الروبوتات وجمع كميات كبيرة من البيانات، إضافة إلى إدارة المخاطر، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بإعادة تعريف إدارة المخاطر بشكل كامل، فبحسب دراسة أجرتها شركة “كيه بي إم جي” حددت ثلاث قدرات رئيسية تمتلكها أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يتم دمجها من قبل المؤسسات المالية، يتضمن ذلك دقة تنبؤ فائقة وعمليات اختيار متغيرة محسنة، ودقة أعلى عند التقسيم.
ومن خلال الاستفادة من هذه القدرات، تستطيع المؤسسات المالية، على سبيل المثال، تكوين صورة أوضح لمخاطر الائتمان التي تتعرض لها وتعرضها للتخلف عن السداد، واتخاذ قرارات أفضل، كما يمكنهم أيضًا تحسين عمليات الكشف عن الاحتيال، والتي تكلف البنوك بالفعل نحو 4.3 دولار في النفقات مقابل كل دولار يخسرونه، كما يمكنهم أيضًا تحسين الامتثال لممارسات مثل مكافحة غسل الأموال.
كما يساعد الذكاء الاصطناعي، الشركات العاملة في مجال التكنولوجيا المالية في وضع توقعات قوية للتدفقات النقدية في عالم مليء بعدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي، فضلاً عن دوره في دمج التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي مع أنظمة الشركات، وإدارة علاقات العملاء، ويمكن للذكاء الاصطناعي دمج البيانات التاريخية وأنماط السوق وسلوك العملاء لتوفير تنبؤات أفضل للشركات، وهو ما من شأنه أن يحدث ثورة في مجال التكنولوجيا المالية في حال استخدامه بطريقة سليمة تراعي بشكل أساسي عوامل الأمان وخصوصية البيانات.