يُبنى التحوّل الرقمي للدولة المصرية على فرضية ثابتة تتعلق بـ”أسئلة المستقبل والإجابة الصحيحة عليها”، وهل يمكننا الارتكان للإجابة عليها من زاوية واحدة، أم نحتاج في هذا الإطار إلى زاويا متعددة تعزز قدرتنا على التنبؤ بالمستقبل وحشد المجتمع بشكل فعّال لقيادة وإدارة هذا التحوّل، في عالم يتشكل من جديد، وسياسات ترسمها الحروب الرقمية وسباق التكنولوجيا والاستثمار الذكي، وفي ظل تداعيات وباء كورونا التي ساهمت بشكل مباشر في تسريع عملية التحوّل الرقمي وزيادة الطلب على التكنولوجيا سواء من المؤسسات أو الأفراد بشكل غير مسبوق.
وأصبح الرهان على التحول الرقمي المخرج الآمن للدولة المصرية لإحداث تحول حقيقي في مستقبلها والذي تبحث فيه عن كافة الأفكار المتاحة للصعود واللحاق بركب الاقتصاديات الحديثة التي أصبحت فيها التكنولوجيا والرقمنة الركيزة الرئيسية ومصدر مستدام للعوائد المالية المجزية في ظل انحسار كافة الموارد التقليدية نتيجة جائحة كورونا، حيث شكّل الوباء وتداعياته السلبية درسا قاسيا على كافة الدول التي تأخرت في التأسيس لعملية التحول الرقمي لتجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، تحاول فيه بكامل قدرتها تدارك ما فات من أخطاء لكسب التحديات المستقبلية بتكلفة باهظة وبخطوات غير مضمونة.
والحقيقة أن الدولة المصرية لحقت إلى حد كبير بالتغيير الذي حدث خلال الفترة الماضية على مستوى عملية التحول الرقمي بجاهزية مقبولة بشكل كبير على مستوى التشريعات، واستعدادات مكثفة على مستوى البنية التحتية والمشروعات التكنولوجية من الحكومة والقطاع الخاص، وأيضا محاولات إنتاج “طليعة” من الموارد البشرية المطلوبة لتعزيز قدرات القطاع وتحقيق الأرقام المطلوبة على مستوى المؤشرات المالية والمجتمعية في ظل موجات من التكنولوجيات على كافة الأصعدة من إنترنت الأشياء إلى الذكاء الاصطناعي، ومن الحكومات الذكية إلى البلوك تشين، ومن البنوك المركزية إلى ظهور العملات الرقمية، ومن الجيل الرابع للخامس، وتقنيات تستثمر فيها مليارات الدولارات وأصبحت من أبرز أركان اقتصادات الدول.
وأصبح ما نحتاجه في هذا التوقيت هو تقييم المرحلة ودراسة خطوات المستقبل حتى نتوجه للتحول الرقمي الكامل، وهو ما نشير إليه في هذا التحليل الصحفي عبر اعتمادنا على نظرية الأداة “SWOT“الشهيرة وهي اختصارا لكلمات
(Strengths, weaknesses, opportunities, threats) وتعد إحدى أدوات التحليل الاستراتيجي وتستخدم لتحديد 4 نقاط أساسية وهي القوة والفرص والضعف والتهديدات، وترتكز على الواقعية في تحليل الوضع الراهن للتنبؤ بالوضع المستقبلي.
الوضع الراهن يقول أن الدولة المصرية أعادت بشكل كبير ترتيب المنظومة الاقتصادية عبر برنامجها الشامل للإصلاح الاقتصادي والنقدي الذى بدأته في 2016، وأعادت الثقة للقطاع الخاص في مستقبل الدولة وفقا للمؤشرات والأرقام، ونفذت الدولة مشروعات عملاقة وأعادت بناء البنية التحتية في كافة المجالات والتي شملت بنية الاتصالات والنقل والطرق وشبكات المياه والكهرباء، كما عززت من التوسع الجغرافي للدولة عبر إنشاء مدن جديدة ومناطق صناعية عملاقة.
وأصبح في الوقت الحالي مدى قدرتنا كدولة في إدارة العمليات الحكومية والبنى التحتية التي نفذت خلال المرحلة الماضية “رقميا”، وتوفير بيئة الأعمال المناسبة أحد أهم العوامل التي ستحدد شكل مستقبلنا، في ظل السعي إلى تحسين الكفاءات وتقليل الإنفاق وتطبيق الخدمات التكنولوجية الجديدة، وإحداث تغيير نوعي في خدمات المواطنين وحياتهم في كافة المجالات خاصة في قطاعي الصحة والتعليم، وأيضا تحسين تجارب المواطنين وإنتاجيتهم المتراجعة بما يتوافق مع رؤية مصر 2030.
ليس هذا فحسب، وإنما أيضا إحداث تحول تكنولوجي في أساليب العمل في العديد من القطاعات الاقتصادية والخدمية التي نراهن عليها، كقطاعات المصارف وأسواق المال والصناعة والتجارة والسياحة والصحة والتعليم مما يعني خلق فرص عمل نوعية والمساهمة في النمو الاقتصادي من خلال الابتكار.
عناصر قوة التحول الرقمي في مصر
– رؤية القيادة السياسية والحكومة
عندما نفكر كمستثمرين في مجال التحول الرقمي، ونقيّم التجربة من زواية لا تحمل مصالح أيديولوجية ولكن “كمقدمات تؤدي إلى نتائج”، نرى أن المستثمر الراغب للاستثمار في هذه الصناعة ينظر إلى مدى قوة استراتيجية دولة ما في الصناعة ومدى إيمان القيادة السياسية بها، وهو ما يتضح بشكل كبير في رؤية الدولة المصرية بتصدر التحول الرقمي أولويات سياستها التنموية، واتضح ذلك في مجموعة من الخطوات الملموسة التي تمت خلال الفترة الماضية، إدراكًا للفرص والتحديات التي يطرحها التحول الرقمي.
حيث أطلقت الدولة المصرية استراتيجية مصر الرقمية التي تضم ثلاثة محاور هي التحول الرقمي، وبناء القدرات، ورعاية الإبداع؛ ومعتمدة على ثلاثة ركائز هي بنية تحتية ذات كفاءة، وريادة دولية، وسياج تشريعي وحوكمي.
ووفرت هذه البيئة التمكينية الإعداد لعدد من مبادرات التحول الرقمي، سواء في الحكومة أو في القطاع الخاص، عبر التحول الرقمي للحكومة ويشمل (المواطنة في العالم الرقمي والكفاءة في تقديم الخدمات الحكومية)، والتحول الرقمي للاقتصاد ويشمل (اقتصاد قائم على البيانات، أجهزة متصلة، نماذج أعمال جديدة).
من جانبه قال الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن ما تشهده الدولة المصرية من جهود ومشروعات لدعم التحول الرقمي يعكس الإرادة السياسية والحكومية القوية لبناء مصر الرقمية، لافتا إلى أن كافة المؤشرات تشير إلى أن الدولة على الطريق الصحيح في تنفيذ استراتيجيتها الرقمية في إطار رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.
طلعت أشار إلى أن الدولة نفذت عدداً كبير من المبادرات التي تستهدف الاستفادة من تطبيق التقنيات الرقمية المتقدمة لخدمة المجتمع بشكل أفضل، وأيضا زيادة الإنتاجية ودعم الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن الدولة تتوسع حاليا في استخدام تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وإنترنت الأشياء لمواجهة التحديات الملحة في مجالات مثل التخطيط الحضري والرعاية الصحية والطب والزراعة والري وإدارة المياه والتعليم وتحسين الموارد بكافة أشكالها.
– مشروعات ومبادرات التحول الرقمي
شمل التحول الرقمي للحكومة خلال الفترة الماضية عددا من المشروعات الكبرى في إطار خطة استراتيجية صاحبت عملية الإصلاح الاقتصادي التي نفذتها الدولة المصرية عبر تطوير البنية التحتية التكنولوجية، وإنشاء العديد من المناطق التكنولوجية، بالإضافة إلى عملية التوسع في الشمول المالي اعتمادا على قوة القطاع المصرفي المصري ومبادرات البنك المركزي المصري والهيئة القومية للبريد، وإنشاء مجمعات الإبداع التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وإطلاق قمر الاتصالات الصناعي المصري “طيبة 1”.
كما شملت المنظومة إطلاق منصة مصر الرقمية، وإنشاء مركز المعلومات الحكومي، وتدشين تقنية وتصحيح البيانات، بالإضافة إلى ربط قواعد البيانات الحكومية، واستخدام التطبيقات الذكية، وإنشاء مجمع الإصدارات المؤمنة والذكية ومصاحبة هذه الخطوات إطلاق العديد من المبادرات الرئاسية لدعم وتنمية العنصر البشري، وشملت “مصر المستقبل” و”علماء مصر المستقبل” ، وبرنامج “مبرمجي المستقبل” و”أفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية” لتأمين العنصر البشري المطلوب لهذه المشروعات.
ونوضح في الانفوجراف التالي أحد أهم مشروعات التحول الرقمي للدولة المصرية – بوابة مصر الرقمية
وتعاونت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مع كافة أجهزة ومؤسسات الدولة من أجل إنشاء منظومة رقمية متكاملة مؤمنة لتحقيق نقلة نوعية فى الخدمات الحكومية للمواطنين؛ تمثلت أبرزها في انتهاء من ربط أكثر من 75 قاعدة بيانات حكومية ببعضها بالتعاون مع هيئة الرقابة الإدارية، تم إنشاء 75 خدمة عامة رقمية يتم تقديمها على الصعيد الوطني، مع خطط للوصول إلى 170 بحلول نهاية عام 2021، وذلك في إطار مشروع يتم تنفيذه باستثمارات ثلاثة مليار جنيه لرقمنة الخدمات الحكومية وإتاحتها من خلال منافذ متعددة.
وتم تطوير البنية التحتية للسلطة الجذرية للتوقيع الالكتروني باستثمارات 30 مليون جنيه، وتعديل اللائحة التنفيذية لقانون التوقيع الإلكتروني والتي تضمنت إضافة خدمة الختم الإلكتروني وإضفاء الحجية القانونية للتوقيت الزمني للمحررات الإلكترونية (أو ما يعرف بالبصمة الزمنية)؛ وذلك بهدف الاستفادة من تكنولوجيا التوقيع الإلكتروني في المعاملات الإلكترونية الحكومية والتجارية والإدارية.
ويجري العمل في تنفيذ عدد ضخم من المشروعات الخدمية بالتعاون مع قطاعات الدولة لتحقيق التحول الرقمي ومن أبرزها مشروعات مراكز الداتا سنتر العملاقة كمركز بيانات العاصمة الإدارية الجديدة، وعدالة مصر الرقمية، وتطوير منظومة الحيازة الزراعية وإصدار الكارت الذكي للفلاح، وميكنة المستشفيات الجامعية، والتحول الرقمي في منظومة إدارة أملاك الدولة، والرقم القومي للعقارات والتحول الرقمي في منظومة التعليم العالي.
وكشفت مصادر مطلعة لـFollowICT، أن وزارة الاتصالات تستهدف في خطتها شراء بين 100 ألف جهاز إلى 500 ألف جهاز بين حاسب آلي وملحقاته من الأجهزة الذكية الحديثة لتحقيق منظومة التحول الرقمي الجديدة، ضمن المبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ويوضح الإنفوجراف التالي ما حققته مصر من طفرة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في 7 سنوات.
وعلق الدكتور خالد العطار نائب وزير الاتصالات للتحول الرقمي، على أن الهدف من هذه المشروعات والمبادرات هو جودة الحياة بشكل مباشر للمواطن من خلال حزمة خدمات متطورة تمحي تماما التجارب السيئة الماضية في الحصول على الخدمات الحكومية وغيرها، وأيضا رفع عنصر التنافسية المصرية في الأسواق العالمية لجذب الاستثمار الأجنبي.
ولفت إلى أن الدولة ترتكز على هذه المشروعات لإجراء إصلاحات في مؤشر أنشطة الأعمال بهدف تعزيز النمو الاقتصادي المستدام ولجذب الاستثمار الأجنبي، وتشمل رقمنة كافة خطوات إنشاء الشركات في بدايتها حتى مرحلة التشغيل وحتى توقفها عن العمل “إن حدث” وتشمل بدء النشاط التجاري، واستخراج تراخيص البناء، وتوصيل الكهرباء، وتسجيل الملكية، والحصول على الائتمان، وحماية المساهمين أصحاب حصص الأقلية، ودفع الضرائب، والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار.
العطار نوه إلى أن هذه المشروعات والمبادرات ستمنح الدولة حجم كبير من البيانات التي ستمهد الحكومة والمجتمع للارتقاء في كافة أنماط الحياة المختلفة وأيضا ستساهم بشكل مباشر في صياغة سياستنا التشريعية والاقتصادية التى تتناسب مع معطيات المستقبل.
بينما ترى ريم أسعد نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في سيسكو، أن هذه التحولات والمشروعات الحكومية تعزز بقوة عملية التحول الرقمي للدولة المصرية كما تدفع لمزيد من الشراكات مع الشركات العالمية، لافتة إلى أن تقييمها بشكل صحيح يكشف مدى توافقها مع استراتيجيات شركات التكنولوجيا العالمية كسيسكو بما يشير إلى توافقها التام مع الخطط العالمية في هذا الشأن ويدفع بمزيد من الفرص الاستثمارية للعديد من الشركات.
وتشير إلى أن الشركات العالمية العاملة في مصر تركز جهودها في الفترة الحالية على ابتكار منتجات لمثل هذه الخدمات والمشروعات والتي لا تمثل مصر وإنما “تيار سائد” يغزو كافة الأسواق الباحثة عن التحول الرقمي.
– قاعدة الاستهلاك الرقمية
ووفقا لأحدث تقرير صادر عن أوكسفورد بيزنس جروب عن التحول الرقمي في مصر والذي حصلت FollowICT على نسخة كاملة منه، فإن العديد من العوامل غير الاقتصادية تدعم قوة التحول الرقمي في مصر وأبرزها عدد السكان المتزايد، والذي ارتفع من 90.2 مليون في السنة المالية 2015/2016 إلى 101.5 مليون في السنة المالية 2019/20، ومن المتوقع أن يصل إلى 120.8 مليون بحلول 2030 مما يجعلها قاعدة المستهلكين الأكبر بالمنطقة ومحفزة بشكل كبير للاستثمار، خاصة وأن السكان من الشباب “تحت سن 30” وذوي الخبرة التقنية يشكلون 60٪ من المصريين.
وبحسب التقرير ذاته، فإنه من المرجح أن يشتري الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و 39 عامًا، والذين يشكلون حوالي ثلث إجمالي السكان، منتجات جديدة معظمها إلكترونية، وهو ماسيساهم في زيادة الطلب على الخدمات الإلكترونية والمنتجات التكنولوجية كالهواتف.
وقد أدى هذا بدوره إلى زيادة أعداد مستخدمي الإنترنت الأرضي والمحمول في مصر، حيث وصلت أعداد المستخدمين إلى 65.25 مليون مستخدم نهاية ديسمبر 2020، مقابل 49.90 مليون مستخدم في نفس الفترة من عام 2019، بزيادة تقدر بنحو 15.35 مليون مستخدم جديد في عام فقط،وكشف التقرير الشهرى لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الصادر في يوليو، عن اقتراب حجم الإشتراكات بالهاتف المحمول إلى 100 مليون، حيث سجل حجم الإشتراكات نحو 99.82 مليون بنهاية مارس 2021 بمعدل انتشار بلغ 97.59% مقارنة بنحو 98.84 مليون اشتراك في فبراير 2021.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف تقرير لشركة «GoDaddy» الرائدة في خدمات الاستضافة والنطاقات للمواقع الالكترونية، أن عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر وصل إلى 59.19 مليون مستخدم بمعدل انتشار 57.3% حتى يناير 2021، كما بلغ متوسط الوقت اليومي المستغرق على الإنترنت 7 ساعات و36 دقيقة.
وبحسب التقرير فإن عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر وصل إلى 49 مليون مستخدم، وأن 31 % من اكتشاف العلامات التجارية الجديدة تحدث من خلال الانترنت )مقابل 27 % في التلفزيون و 28 % في البرامج(، كما يتواجد 45 مليون مستخدم على فيسبوك ، و14 مليون على إنستجرام، و 7.10مليون على سنابشات، و 5.30 مليون على لينكد إن.
ووفق إحصائيات صادرة عن we are social و Hotsuite بلغ متوسط عدد الساعات التي يقضيها المستخدم المصري يوميًا عبر شبكة الإنترنت خلال 2020 حوالي 7.36 ساعة مقارنة بمتوسط عالمي يصل لـ 6.54، وبمعدل انتشار لاشتراكات شبكة النطاق العريض حوالي 57.3% من السكان مقارنة بنسب انتشار عالمية 59.5%، وهو مايشير إلى أن تلك الأرقام تمثل أرضية حقيقية للتوسع في الخدمات المقدمة على الانترنت.
في ذات السياق يقول محمد عبد العزيز يوسف رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة «دي كود»، أن هذه المؤشرات الرقمية الإيجابية تعد من أهم عناصر القوة لمنظومة التحول الرقمي في السوق المصري ، لافتا إلى أن جائحة كورونا عززت قاعدة الاستهلاك الرقمية في مصر عبر الاعتماد على الأدوات الرقمية في عدد هائل من الاستخدامات اليومية، مثل استخدام الانترنت في تجارة التجزئة والتسوق عبر الانترنت، وأيضا في الخدمات الحكومية المتعلقة بدفع الضريبة وتحصيل الجمارك، وإطلاق صناديق متخصصة للاستثمار في التكنولوجيا المالية.
ولفت إلى أن استخدمات التكنولوجيا أصبحت أكثر ثراءا عند المستخدم المصري حيث لم تعد مقتصرة على الخدمات التقليدية بل أصبحت تشكل نوعيات حديثة من الخدمات كالتعليم عن بعد، والتسويق العقاري الالكتروني، بالإضافة إلى حجز تذاكر المتاحف وإجراء زيارات افتراضية في القطاع السياحي عبر شبكة الانترنت وغيرها من الخدمات المتطورة.
يوسف يؤكد بأن تلك التحولات انعكست على استخدام أدوات الدفع غير النقدية وهو ما يعزز دورة النقود داخل القنوات الرسمية حيث سيطرت المدفوعات الرقمية على 40% من الدفع مقابل التجارة الإلكترونية خلال 2020، متوقعًا أن تسجل التجارة الإلكترونية معدل نمو حوالي 33% على أساس سنوي حتى عام 2022 وبذلك تتمكن الدولة مع ارتفاع الإقبال على القنوات الإلكترونية من تحقيق الشمول المالي.
– الشركات الناشئة
وتراهن الدولة على رواد الأعمال المصريين لابتكار شركات وتطبيقات جديدة تعمل على قيادة عملية التحول الرقمي في الدولة المصرية، وساهم في تعزيز هذا التوجه جائحة كورونا التي عملت على تعزيز وتسارع عملية التحول الرقمي وخلق وعي جمعي لدى قطاع عريض من رواد الأعمال الباحثين عن النجاح، حيث أنه في النصف الأول من 2021 فقط حصلت الشركات المصرية الناشئة المعتمدة على ابتكار تطبيقات رقمية على جولات تمويلية ناجحة بأكثر من 190 مليون دولار، وذلك في 14 صفقة تم تنفيذها.
من جانبها قالت سيلينا بيبر، المدير التنفيذي لشركة «جو دادي» في الشرق الأوسط، أن شركتها أجرت استبيان لرواد الأعمال المصريين حول تواجدهم على الانترنت في عام 2020، والذي كشف عن أن 27% من الشركات الناشئة لديها تواجد على وسائل التواصل الاجتماعي، موضحة أن 24% من رواد الأعمال لديهم موقع على الانترنت عالميًا في حين تبلغ النسبة في مصر حوالي 25%.
وأشارت إلى أن الاستبيان كشف عن أن 66% من رواد الأعمال المصريين يعتقدون أن مصر مناخ جيد للشركات المتوسطة والصغيرة، في حين يرى 84% من رواد الأعمال المصريين أن شركاتهم يمكنها الصمود خلال جائحة كورونا.
ولفتت المدير التنفيذي لشركة «جو دادي» في الشرق الأوسط، إلى أن 60% ممن ليس لديهم موقعًا على الانترنت يخططون لإطلاق موقع خلال وقت قريب وأشار 51% منهم أنهم لا يمتلكون موقعًا إلكترونيًا لقلة الخبرة التقنية لذلك، كما كشف الاستبيان أن 71% من رواد الأعمال يركزون على تدشين موقع إلكتروني للوصول للعملاء، و48% منهم يركزون على عودة العميل مرة أخرى، و23% يهتم بوجود موقع لبيع المنتجات، و5% لتسويق العلامة التجارية.
ونوضح في الانفوجراف التالي التمويلات التي حصلت عليها الشركات الناشئة في النصف الأول من عام 2021
– المؤشرات المالية والاستثمارية
وتعد المؤشرات المالية والاستثمارية المقياس الحقيقي لقياس مدى نفاذ ونجاح السياسات المتبعة في قطاع الاتصالات وعملية التحول الرقمي التي تديرها الدولة وفقا لتقرير أكسفورد، وهو ما يتضح بشكل كبير في مؤشرات الأداء الاقتصادي للقطاع والتي أعلنت عنها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في وقت سابق، حيث نما القطاع من 10 % خلال 2014 إلى 16% خلال العام المالي الجاري ليكون من أعلى القطاعات نموا وذلك برغم جائحة كورونا.
وقفزت مساهمة القطاع في الناتج الإجمالي المحلي من 58.3 مليار جنيه أي ما نسبته 3.8% خلال العام 2014 لتصل إلى 125 مليار جنيه بنسبة مساهمة متوقعة 5% في الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2021، كما ارتفعت مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 3.2% إلى4.4% خلال الأعوام من 2017 إلى 2020، فيما متوقع أن تصل إلى 8% خلال الثلاثة سنوات المقبلة، وارتفعت الصادرات الرقمية من 1.6 مليار دولار إلى4.1 مليار دولار، فيما زاد عدد العاملين بالقطاع إلى 281 ألفا.
ووصل إجمالي الاستثمارات الداعمة لصناعة تكنولوجيا المعلومات 180مليون دولار على مدار 4 أعوام، وتنفيذ ما يقرب من 70 اتفاقية تعاون مع أكثر من 45 مستثمرا ،إلى جانب توفير 40 ألف فرصة عمل مباشرة ، ودعم 4 الاف رائد أعمال، فضلا عن توفير 9 الاف فرصة عمل مباشرة للكوادر المصرية بالشركات التكنولوجية العالمية المتواجدة بالسوق المصرية.
وحلت مصر بين أفضل 9 مواقع عالمية تقدم خدمات تكنولوجيا المعلومات العابرة للحدود للأسواق الأوروبية وذلك طبقاً لتقرير(جارتنر) للعام الثالث على التوالي ، واحتلت المركز الأول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بمؤشر شركة الاستشارات العالمية “أيه تي كيرني” لمواقع الخدمات العالمية ، و شغلت المركز 14 عالمياً بنفس المؤشر والذي يرصد ويقيم أبرز 50 دولة تقدم تلك الخدمات عالميا، واحتلت مصر المركز الأول إقليميا وقاريا والمركز 15 عالميا فى تقديم خدمات التعهيد.
– موقع مصر الجغرافي
وباعتبارها بوابة لإفريقيا التي تمثل حوال 16% من معدل السكان العالمي تعد مصر منصة رئيسية لعدد كبير من الشركات العالمية العاملة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات حيث أنه بجانب السوق الضخم الذى تتمتع به مصر على مستوى الطلب على التكنولوجيات، تمتلك القارة الفرص الأكبر للنمو خلال السنوات الـ30 المقبلة بما يضع على عاتق صناع القرار دراسة هذه التحولات واستقطاب المذيد من الشركات العالمية وأيضا دعم الشركات المحلية للانتقال إلى القارة السمراء بما تملكه من فرص والاستفادة من تلك المعدلات من النمو المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
المهندس أحمد مكي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بنية القابضة، أكد أن هذا المحور يعد من الأدوات الفاعلة لتنمية التحول الرقمي في مصر بشكل كامل وليس مجرد شعار، ويجب أن نستفيد من هذا الوضع في تعظيم قيمة الاستثمارات الموجهة للتحول الرقمي من الشركات العالمية وأيضا المحلية، لافتا إلى أن القيادة السياسية للدولة وضعت خطة زمنية منذ 4 أعوام للتحول الرقمي، وتم ضخ مشاريع بمئات الآلاف من الدولارات لتطوير البنية التحتية لتنفيذ هذا التحول وسط إرادة سياسية.
وأشار إلى أن المعيار الأساسي لدعم موقع مصر الاستثماري والتسويقي في هذا المجال هو تطوير البنية التحتية، بشكل يتواكب مع التطور التكنولوجي الجديد والتطبيقات الحديثة، وهو مايحتاج لتعاون متكامل بين الحكومة وكافة اللاعبين الرئيسين في الصناعة مؤكدا على أن بناء كتلة متكاملة للتحول الرقمي تتعلق بشكل رئيسي بالوصول إلى البيانات والبنى التحتية للاتصالات والخدمات (مثل توصيل الألياف الضوئية والأبراج والطيف والكابلات الدولية) ، بما في ذلك شبكات اتصالات عريضة النطاق تتسم بالكفاءة والموثوقية ويمكن الوصول إليها على نطاق واسع.
– التوسع في إنشاء مدن الجيل الرابع
وتنفذ مصر الدولة المصرية حالياً نحو 16 مدينة ذكية، وتضم قائمة المدن الذكية كلاً من العاصمة الإدارية الجديدة، والعلمين الجديدة، والجلالة، وأكتوبر الجديدة، والمنصورة الجديدة، وشرق بورسعيد، وناصر (غرب أسيوط)، ومدينة غرب قنا، والإسماعيلية الجديدة، ورفح الجديدة، والفرافرة الجديدة، والعبور الجديدة، وتوشكى الجديدة، والفشن، وملاوي، وغرب أسوان ، وفي الأجمالي تخطط مصر حاليا لإقامة 30 مدينة ذكية بتكلفة 700 مليار جنيه لاستيعاب 30 مليون نسمة.
وهو ما جعل مصر تدخل ضمن «مؤشر المدن الذكية 2020» الصادر عن مركز التنافسية العالمي والذى أشار في تحديد عدد المدن الذكية في الوطن العربي أو التي المشاريع التي قطعت أشواطًا متقدمة في هذا الاتجاه، بين 5 مدن (وهي أبوظبي، القاهرة، الرباط، الرياض، دبي).
وقال المهندس حازم متولي الرئيس التنفيذي لشركة اتصالات مصر أن الحكومة أتاحت للعديد من الشركات العالمية والمحلية تنفيذ مشروعات تكنولوجية كبرى متطورة داخل المدن الجديدة وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، وترتكز هذه المشروعات بشكل رئيسي على تطويع التكنولوجيا بكل السُبل والأدوات الرقمية لمساعدة مؤسسات الأعمال والأشخاص ولجعل المدينة أكثر ذكاءً وتواصلا عبر العديد من القنوات الإلكترونية.
وأشار إلى أن هذه المدن تدفع عملية التحول الرقمي في الدولة المصرية كما يدفعها للتوسع في ابتكار حلول متنوعة للعديد من أزمات الخدمات في المدن القديمة، حيث تقوم فكرة تأسيس العاصمة الإدارية في مصر على تقنيات ذكية منذ الانطلاقة الأولي للمشروع منذ 4 سنوات، من أول تخطيط المدينة وأحيائها والبنية الأساسية وتخطيط الشوارع والمواصلات والخدمات بصورة مميكنة بالكامل ومترابطة.
ونوه أن العاصمة الإدارية والمدن الذكية المستهدف تنفيذها في مصر ستوفر العديد من الفرص الاستثمارية لشركات الاتصالات وستعزز من تطبيق الشركات لأحدث التقنيات المتواجدة بسبب تطبيقها لأحدث معايير التطور الخاص بالبنية التحتية للاتصالات والعمليات التشغيلية.
ونعرض في «الإنفوجراف» التالي أبرز الحلول الرقمية التي تم اعتمادها في العاصمة الإدارية الجديدة وأبرز الشركات ومقدمي الخدمات التي تنفذ خطط الدولة الرقمية في العاصمة الإدارية الجديدة.
6 قطاعات في مصر تمتلك فرص واعدة للتحول الرقمي
يعمل التحول الرقمي للاقتصاد والذي يقوم على “اقتصاد قائم على البيانات وأجهزة متصلة ونماذج أعمال جديدة”، على زيادة الإنتاجية في الشركات عبر جميع القطاعات الاقتصادية، حيث يمكن أن تساعد البيانات الضخمة وتحليلات البيانات الشركات على فهم عمليات الإنتاج بشكل أفضل، واحتياجات عملائها وشركائها، وبيئة الأعمال بشكل عام.
ويمكن للتقنيات الرقمية أيضًا تحسين وصول الشركات المصرية إلى المهارات والمواهب، على سبيل المثال من خلال تحسين مواقع التوظيف والاستعانة بمصادر خارجية لوظائف الأعمال الرئيسية، وكل ذلك يمكن أن يساعد في تحسين أدائها، ويمكن للتكنولوجيات الجديدة أيضًا أن تسهل الوصول إلى مجموعة من أدوات التمويل، كما يمكن أن تدعم المنصات عبر الإنترنت إنتاجية شركات الخدمات الأقل تقنية، على سبيل المثال من خلال تزويدها بمرافق الحجز وخوارزميات المطابقة الفعالة القائمة على أنظمة مراجعة وتقييم المستهلك.
ومن المتوقع أن تحقق القطاعات الاقتصادية في السوق المصري نمواً قوياً في الاستثمارات الخاصة بالتحول الرقمي، ويأتي على رأس هذه القطاعات القطاع المالي الذي يُعد الأسرع نمواً في هذا النوع من الاستثمارات بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 20.4٪ بين عامي 2017 و 2022.
ونشير هنا إلى أبرز القطاعات المالية والاقتصادية التي تمتلك فرص استثنائية نحو التحول الرقمي:
– الخدمات المالية والمصرفية
يعد قطاع الخدمات المالية والمصرفية ضمن أكثر القطاعات زخماً في عملية التحول الرقمي في مصر خلال الفترة الأخيرة، حيث تصل نسبة نمو الاستثمار في التكنولوجيا الخاصة بهذا القطاع من 10 إلى 15 % سنويا وفقا لدراسة خاصة لبنك HSBC، ليعد من أبرز القطاعات في معدلات نمو الاستثمار في التحول الرقمي، ويمتلك القطاع فرصاً كبيرة للرقمنة خاصة مع تبني البنك المركزي المصري استراتيجية شاملة للتحول الرقمي، وتوسع الشركات المالية والتكنولوجية في تقديم الخدمات المالية الرقمية، وظهور شركات الدفع الإلكتروني ومنصات تحويل الأموال التابعة لشركات الاتصالات والتي تتكامل مع البنوك لتطوير المنظومة بشكل كامل.
ومن منطلق دوره الرئيسي كمحفز لعملية التطوير وداعم لصناعة التكنولوجيا المالية، فقد قام البنك المركزي المصري في مارس 2019 بإطلاق استراتيجيته المتكاملة للنهوض بمنظومة التكنولوجيا المالية والابتكار والتي تهدف إلى تحويل مصر إلى مركزا إقليميا لصناعة التكنولوجيا المالية كرؤية رئيسية وإطلاق العديد من المبادرات الاستراتيجية وانشاء صندوق ابتكار بقيمة مليار جنيه وإنشاء قسم للتكنولوجيا المالية والابتكار وتدشين لجنة لنفس الغرض وإنشاء مركز التكنولوجيا المالية.
من جانبه قال أشرف القاضي رئيس مجلس إدارة المصرف المتحد، أن مع بداية وباء كورونا في 2020، احتاجت كافة المؤسسات المالية إلى توفير الوصول إلى جميع الخدمات المالية تقريبًا عبر القنوات الرقمية، وحدث فى القطاع المصرفي ثورة تكنولوجيا كبيرة و توسع فى الخدمات الرقمية من خلال طرح منتجات خاصة بالموبايل والانترنت بجانب التوسع فى طرح الفروع الرقمية.
تابع “لم تتوقف خدمات البنوك عند الحد المشار إليه بل أعلن البنك المركزي المصري أيضا تقديم خدمتي الإقراض والادخار الرقمي عبر محفظة الهاتف المحمول الخاصة بالعملاء بشكل لحظي، وكذلك التشغيل البيني الكامل لتحويل الأموال بين حسابات محفظة الهاتف المحمول والحسابات البنكية المختلفة.
وأشار أشرف القاضي ، إلى إن تعزيز استخدام التحول الرقمي في القطاع المالي سيقلل من نطاق المعاملات النقدية ويساعد في الكشف عن الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ويمكن لنشر المدفوعات الفورية والطرق المبتكرة الأخرى أن يقلل من استخدام النقد حتى في المعاملات الصغيرة وبتكلفة ضئيلة للمستخدمين.
وأكد على ضرورة العمل على تحسين سرعة وبساطة المشاركة الرقمية، واستخدام البيانات والتحليلات لتقديم توصيات استباقية للعميل، وخلق طرق جديدة للمشاركة وخدمة العملاء واستكشاف طرق ذات قيمة مضافة لجعل حياة المستهلك أسهل – حتى خارج الخدمات المالية، بالإضافة إلى ضرورة الانتقال من منظور يركز على المنتج إلى كونه مرتكزًا على العميل.
وفقًا لمسح أجرتهAdvantEdge Digital ، وهي وحدة تابعة لمجموعة CUNA Mutual Group، وجدت أن 3 من كل 10 أشخاص سيتركون مزودي الخدمات المصرفية التقليديين إذا وجدوا تجربة مصرفية أفضل عبر الهاتف المحمول في مكان آخر، وهو ما يؤكد أن التغيير لن يحدث بعد 5 أو 10 سنوات، ولكنه يحدث الآن، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يقولون إنهم يخططون لتغيير مؤسستهم المالية التقليدية خلال عام أو عامين على الأكثر من 12% سنويًا إلى 22%.
من جانبه قال إبراهيم الشربينى، رئيس قطاع التحول الرقمى فى بنك مصر، أن الفترة المقبلة تحتاج من البنوك المصرية تبني التحول الرقمي بشكل كبير والتخطيط على المدى الطويل بالبيانات والتحليلات وأيضا الوظائف الرقمية ، لافتا إلى أن إدرات البنوك المصرية أدركت بشكل كبير أهمية التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية والدخول في شراكات معها من خلال توفير منتج معين للمستخدمين النهائيين أو استخدام واجهات التطبيقات البنكية المفتوحة التي تمكن مطورين خارجيين من إنشاء تطبيقات وخدمات مالية لتتحول البنوك إلى منصات للخدمات المالية.
– التعليم
تخوض مصر مرحلة غير مسبوقة في مجال التعليم، بإجراء تجارب جادة لتبني نظام يستهدف دمج التحول الرقمي والتعليم عن بعد مع طرق التعليم التقليدية، في سياق سرع من تنفيذه تداعيات جائحة فيرس كورونا، وقامت الدولة بتدشين نظم تعليمية جديدة بمناهج جديدة تعتمد على التعليم الإليكتروني من خلال الإنترنت والتابلت في المدارس (والذي تنفذه شركة سامسونج)، وتوجهت الجامعات إلى إقامة كليات خاصة بالذكاء الإصطناعي وتطوير كليات الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات لتستوعب عدد أكبر مع التطوير المستمر للمناهج.
“جميع هذه الخطوات تؤكد الفرص الهائلة التي يمتلكها قطاع التعليم في تحقيق التحول الرقمي”، وفقا لأحمد فتحي، مدير عام شركة ” HPE Aruba”، مشيرا إلى أن تحول الفصول الدراسية إلى بيئة مفتوحة رقمية ستعزز التعاون بين الطلاب والمعلمين سواء داخل الفصل الدراسي أو أثناء التعلم عن بعد، بالإضافة إلى قدرة التحول الرقمي على زيادة مشاركة الطلاب وتوفير ربط عالى الأداء يمكن الاعتماد عليه من أجل دعم تطبيقات التعليم عن بعد التي تتطلب نطاق ترددي عريض.
وأكد المهندس أيمن الجوهري، الرئيس التنفيذي والمدير العام لمنطقة شمال وغرب ووسط أفريقيا والمشرق العربي بشركة سيسكو، أن قطاع التعليم في مصر يتمتع بفرص استثمارية رقمية مع تنامي الاعتماد علي التكنولوجيا، منوها إلى أن التجارب في هذا الإطار أثبتت على مدار الشهور الماضية أهمية دمج منظومة وحلول التعليم عن بعد في التعليم بشكل عام.
من جانبها تقول داليا ابراهيم رئيس مجلس إدارة دار نهضة مصر، أن جائحة كورونا ساهمت بشكل كبير للغاية في تسريع عملية التحول الرقمي في العملية التعليمية بشكل عام حيث ماكنا نأمل أن نقوم به في منظومة التعليم الإلكتروني خلال 3 سنوات مثلا نجحنا في الوصول إليه خلال عام واحد فقط، مشيرة إلى أن الجميع يتجه نحو المنصات الإلكترونية المتنوعة التي تتيح للطالب التواصل مع المدرس، وارتفع الاعتماد على تطبيقات الدردشة بالفيديو وأبرزها زووم، بجانب الاعتماد على المنصات الرقمية التفاعلية التي تضمن آلية سهلة للتواصل بين المعلم والطالب.
– الصناعة
توجه الصناعة المصرية نحو التحول الرقمي أصبح عنصرا رئيسيا لتحديثها ومواكبة مستجدات الثورة الصناعية الرابعة والتي تجمع بين التحول الرقمي والتكامل في المنظومة الرقمية فيما يسمي “سلاسل القيمة”، ولايقتصر هذا التحول على تطبيق التحول الرقمي داخل المؤسسات الصناعية فقط، بل أصبح نظام متكامل يشمل التعليم والابتكار وتطوير المهارات والسياسات الاستثمارية.
من جانبة قال خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة أنه يمكن للتكنولوجيات الرقمية إحداث تغييرات جذرية فى قطاع الصناعة في مصر وإتاحة الفرص للابتكار وزيادة الإنتاج، بالإضافة إلى تسريع دورات تطوير المنتجات.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يحقق مايطلق عليه تطبيق «التصنيع الذكى» قيمة تتراوح بين 1.2 إلى 3.7 تريليون دولار فى جميع أنحاء العالم بحلول عام 2025 من خلال الكفاءة التشغيلية والصيانة التنبؤية والوقائية، وإدارة سلسلة الإمدادات، وإدارة المخزون واللوجيستيات،وهو ماتحتاج الصناعة المصرية لدمجه داخل منظومتها ويجعلها عنصر جذب لمزيد من الاستثمارات حول العالم في الرقمنة.
ولفت إلى أن التحول الرقمي في الصناعة سيجعل مراحل عملية الإنتاج بالشكل الذى يحد من إهدار مدخلات الإنتاج مما يعظم من الإيرادات ويخفض من تكاليف الإنتاج تحقيق الربط الفعلي بين الصناعة والمؤسسات التعليمية ومراكز البحث العلمي لتقديم حلول وابتكارات ومبادرات لتطوير الصناعة المصرية.
– تجارة التجزئة
أطلقت الدولة الاستراتيجية الوطنية للتجارة الإلكترونية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الانكتاد” والعديد من المنظمات الدولية مثل البنك الدولى وشركة ماستر كارد العالمية في ديسمبر 2017 ، وتستهدف الاستراتيجية بناء الثقة في المدفوعات عبر الانترنت، وتشجيع الموظفين الحكومين على استخدام المشتريات الإلكترونية ، ودعم الإطار القانوني والتنظيمي للتجارة الإلكترونية ، وتعزيز التدريب المهني في مجالات إدارة المتاجر عبر الانترنت والتسويق الرقمي وتحليلات البيانات ، وتحسين توفير انترنت عالي السرعة وتحديث هيئة البريد المصري.
يأتي ذلك في الوقت الذي يرى فيه هشام صفوت مدير عام جوميا مصر أنه مع إزدهار حركة التجارة الإلكترونية مؤخراً، وبالتزامن مع مساهمة قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنحو 5.5% فى إجمالى الناتج العالمى، فإن الشركات المصرية وجدت من التحول الرقمي في مجال التجارة والاعتماد في تسويق منتجاتها على التجارة الإلكترونية مكاسب كبيرة بإمكانها تضاعف الكميات المباعة ووصولها إلى عدد أكبر من المستهلكين بأقل تكلفة وأسرع وقت، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض التكاليف وبالتالي تراجع أسعار السلع والخدمات ، ومن ثم تحسين الكفاءة والفاعلية لهذه الشركات.
من جانبه قال مصطفى هنداوي مدير عام نون مصر، أن مصر لم تكن نسبة نمو قطاع التجارة الإلكترونية فيها تتجاوز الـ 30% سنويا ولكن تعدت نسبة النمو في هذا القطاع الـ 50% خلال أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد ، وهو الأمر الذي شجع فئات جديدة من المجتمع لم تكن معتادة على الشراء من منصات التجارة الإلكترونية على الاعتماد على هذه المنصات وكسر حاجز عدم الثقة الذي كان يحول بينهم وبين استخدامها.
ووفقا لمؤشر المدفوعات الجديدة من ماستركارد والصادر في مايو الماضي، فإن 94% من المستهلكين في مصر يفكرون في استخدام المدفوعات الناشئة مثل المصادقة الحيوية والمحافظ الرقمية وتحويلات الأموال ورموز الاستجابة السريعة إلى جانب المدفوعات اللاتلامسية، بينما قال 68% بأنهم سيكونون أكثر ولاء للتجار الذي يقدمون خيارات دفع متعدد كما أن 83 % من المستهلكين في مصر توفرت لهم طرق دفع أكثر مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي ،و 3 من كل 4 مستهلكين مصريين يقولون بأن أساليب الدفع الرقمية تساعدهم في أساليب التوفير.
وترصد شركة hootsuite في تقرير لها أن 41.4 مليون شخص في مصر قامو بشراء سلع استهلاكية عبر الانترنت بإجمالي قيمة سوقية لشراء السلع تصل إلى 3.3 مليار دولار بزيادة 63.5 % على أساس سنوي.
وأشار محمد عبد العزيز يوسف، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة دي كود، إلى أن حجم التجارة الإلكترونية في مصر سجل خلال عام 2020 أو «عام الجائحة» حوالي 40 مليار جنيه.
– الرعاية الصحية
مع تدشين الحكومة المصرية لنظام التأمين الصحي الشامل الذي يعتمد على استخدام التكنولوجيا، بجانب انتشار تطبيقات حجز مواعيد الأطباء من خلال الإنترنت وأحياناً الكشف من خلال التطبيقات ذاتها، فمن المؤكد أن هذا القطاع لدية المزيد ليقدمة في التحول الرقمي والاعتماد على التكنولوجيا التي من شأنها أن تعزز فاعليته.
وقال يمكن أن يسمح استخدام الأدوات الرقمية والبيانات الضخمة بتوجيه الإنفاق الاجتماعي بشكل أفضل لمن هم في أمسّ الحاجة إليه. يمكنهم أيضًا المساعدة في فرض الشروط المرتبطة ببعض البرامج الاجتماعية، كما يمكن للتقنيات الرقمية ، مثل السجلات الصحية الإلكترونية والوصفات الطبية الإلكترونية والرعاية الصحية عن بُعد، أن تساعد مصر على تحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية وجودتها ، لا سيما في المناطق النائية
وتُقدر قيمة صناعة “الصحة الرقمية” بـ80 مليار دولار على مستوى العالم في عام 2017، والتي تمكنت من خفض تكاليف الرعاية الصحية بنحو 7 مليارات دولار سنوياً فى الولايات المتحدة وحدها.
– السياحة
تتجه وزارة السياحة والآثار المصرية للاعتماد بقوة على التكنولوجيا الحديثة للترويج للمناطق السياحية والأثرية في مصر، وهي وسائل الترويج والدعاية الأسرع والأكثر انتشارا والأدق استهدافا للعملاء والأنجح والأقل تكلفة كذلك حاليا.
وبفضل الترويج للسياحة المصرية أونلاين، جذبت مصر نصف مليون سائح تقريبا خلال الفترة بين مارس ويونيو الماضي، لذا فقد تعاقدت الوزارة مع تحالف دولي للترويج السياحي لمصر لمدة 3 سنوات.
ونشير في الانفوجراف المقبل عملية التحول الرقمي التي تسيطر على قطاع السياحة المصري لمزيد من التوضيح:
5 مكاسب رئيسية يحققها الاقتصاد المصري من التحول الرقمي
– انفتاح السوق
تعمل التقنيات الرقمية على تغيير البيئة التي تتنافس فيها الشركات وتتاجر وتستثمر فيها، و تلعب سياسات انفتاح الأسواق المتعلقة بالتجارة والاستثمار والأسواق المالية والمنافسة والضرائب دورًا مهمًا في ضمان وجود الظروف المواتية لازدهار التحول الرقمي، ويؤثر التحول الرقمي أيضًا على مجالات سياسة انفتاح السوق، مما يزيد من الفرص ويطرح التحديات، ويمكن للحكومة المصرية الاستفادة من المراجعة الدورية لسياسات انفتاح السوق واستراتجيات الاستثمار، وتحديثها للتأكد من أنها مناسبة تمامًا لجعل التحول الرقمي يعمل من أجل النمو والرفاهية.
– تخفيض الإنفاق
يساعد التحول الرقمي بشكل مباشر في خفض تكاليف الأعمال من كافة الأوجه، من خلال استخدامات الحوسبة السحابية والبلوك تشين والبيج داتا وغيرها من التقنيات الحديثة، حيث أنها تمكن الشركات من تخفيض تكاليف التشغيل والتوظيف، وإدارة الأعمال التشغيلية بالشكل الأمثل وزيادة قدرة الشركات على انجاز مستهدفاتها بجودة أعلى وتكلفة أقل.
– زيادة الكفاءة والإنتاجية
يساهم التحول الرقمي في زيادة كفاءة وإنتاجية شركات القطاع الخاص من خلال توفير الوقت المبذول في إدخال البيانات بشكل يدوي، واستبداله بعمليات الكترونية سريعة، فضلاً عن استخدام أدوات التحول الرقمي الحديثة مثل الـ BIG Data والتي تسمح للشركات بتحليل بيانات عملائها وتلبية متطلباتهم، مما ينعكس إيجابًا على زيادة عدد عملاء الشركة وبالتالي زيادة الإنتاجية ومن ثم ارتفاع الأرباح.
– زيادة رضا العملاء
يعد رضا العملاء أحد الأسباب الأساسية للتحول “رقمياً”، نظرًا لأن رضا العملاء يعتمد بشكل أساسي على وصول الخدمات إليهم بسهولة ويسر ودون بذل مجهود أو وقت كبيرين، وهذا هو أحد المحاور التي يوفرها التحول الرقمي للشركات، حيث تتيح التكنولوجيا لعملاء الشركات الاقتراب من العلامات التجارية وإقامة علاقة ولاء أقوى من خلال استخدام الشبكات الاجتماعية، بالإضافة إلى إمكانية تحليل بيانات الأفراد من خلال مواقع التواصل وتفضيلات كل عميل وهو ما تعتمد عليه الشركات في تركيز انتاجها لخدمات مخصصة لعملاءها وإرسال العروض الخاصة عن طريق الرسائل القصيرة والبريد الإلكتروني، مما يجعل العميل يشعر بخصوصية.
– فرصة للابتكار
عندما تقوم الشركة بتنفيذ استراتيجية التحول الرقمي في أعمالها، فإنها تكون قادرة على إدراج تحسينات في عملياتها، وبالتالي تشجيع الابتكار، كما أن ادخال تقنيات جديدة في أنظمة الشركات يوفر لديهم مجال أوسع لتطوير منتجاتهم وخدماتهم، مما ينعكس على زيادة قاعدة العملاء وزيادة الانتاجية والأرباح.
9 تحديات رئيسية تعرقل التحول الرقمي في مصر
من خلال أكثر من 10 مقابلات تلفونية منظمة قام بها فريق عمل “FollowICT”، مع العديد من قيادات الشركات وخبراء الصناعة، وجدنا أنه على الرغم من تحقيق تحسن ملحوظ في مؤشرات الحكومة الإلكترونية، مع التركيز بشكل كبير على التقدم التكنولوجي، إلا أن هناك العديد من المعوقات والفجوات في التحول نحو التحول الرقمي الكامل.
– العنصر البشري غير المؤهل
رغم الجهود الحكومية في هذا الإطار وطرح العديد من المبادرات التدريبة والتأهيلية في كافة محافظات الجمهورية لايزال شريحة واسعة من المجتمع المصري غير مؤهلة بشكل كبير لمتطلبات الرقمنة وندرة المواهب التكنولوجية، وهو ما يتطلب مزيد من الدعم المقدم من كافة الجهات الفاعلة في حركة الاقتصاد المصري سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، خاصة في ظل حالة التوسع التي تشهدها الأنشطة الاقتصادية في عملية التحول الرقمي.
وهو ما يشار إليه في قراءة تصريحات الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أمام مجلس النواب، فإن الدولة تستهدف خلق كوادر تكنولوجية في كافة المجالات حيث يتم العمل على تدريب 115 ألف متدرب بتكلفة 400 مليون جنيه في العام المالي الجاري وفقا لمنهج هرمي يتدرج في مستوياته بدءا بإتاحة برامج تدريب أولية، ثم برامج تدريب تكنولوجى متوسط من خلال مدارس التكنولوجيا التطبيقية، يليها برامج تدريب تكنولوجي متقدم ومنها برنامج تدريب متخصص في الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع كلية علوم الحاسب بفرنسا ومبادرة مستقبلنا رقمي.
ويتم التدرج في المنهج الهرمي حتى الوصول إلى إتاحة تعليم جامعي متخصص في التكنولوجيات الحديثة من خلال جامعة مصر المعلوماتية وهي أول جامعة معلوماتية متخصصة في أفريقيا والشرق الأوسط ويتم إنشاؤها في مدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة باستثمارات 8 مليار جنيه، ثم التدرج وصولا إلى قمة الهرم من خلال تنفيذ مبادرة بناة مصر الرقمية التي تستهدف منح ماجستير عملي متخصص لألف دارس سنويا.
– التهديدات الأمنية
كشف مؤشر «الأمن السيبراني GCI» الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات «ITU» عن احتلال مصر خلال العام الماضي المركز 23 عالميا بين 182 دولة بـ 95.45 درجة، وهو مايشير إلى نجاح كبير في عملية التوسع في تطبيق التحول الرقمي وضخ الشركات مزيد من الاستثمارات في تأمين بينتها المعلوماتية.
إلا أن الدولة المصرية لم يواجهها اختبارات حقيقية في الهجمات الإلكترونية بعد وإن كان يحدث ذلك من حين لأخر، إلا أنه سيظل عنصرا مهددا لعملية التحول الرقمي مع تنامي الهجمات الإلكترونية ونجاحها في اجتياز العديد من الدول المتقدمة حول العالم سواء على مستوى الأفراد او الشركات أو حتى المؤسسات السيادية والحكومية، حيث أصبحت المجتمعات مكشوفة بشكل كامل أمام المؤسسات الاقتصادية والسياسية وشركات تحليل البيانات، والتي تمكنت خلال الآونة الأخيرة من استخدام بيانات المواطنين الموجودة على مواقع التواصل الإجتماعي لتحقيق أغراض اقتصادية وسياسية.
– البنية التحتية التكنولوجية
على الرغم من استثمار مليارات الجنيهات والتي تصل لـ 30 مليار جنيه خلال العام 2019- 2020 في البنية التحتية الرقمية لمصر وتقدم رتيب مصر 5 مراكز في مؤشر الإنترنت الشامل 2021، لتصبح في المركز 73 بين 120 دولة مقارنة بالمركز 78 عن العام السابق، إلا أن المواطنين ما زالوا يواجهون مشاكل كبيرة في العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة، حيث تسيطر جملة “السيستم واقع” في العديد من الحالات، وهو ما يضعف الثقة في عملية التحول الرقمي بشكل كامل ويشير بقوة إلى حاجتنا لمذيد من الاستثمار في هذا الاتجاه لكي بتناسب مع أهداف الدولة المصرية في عملية التحول الرقمي.
ونحتاج في هذا الإطار إلى ما يسمى بكتلة “البناء المتكاملة للتحول الرقمي”، والتي تعني الاستفادة من الفوائد ومعالجة تحديات التحول الرقمي ودعم البنية التحتية وخدمات الاتصالات، وتسهل التفاعلات بين الأشخاص والمؤسسات والآلات.
ونظرًا لأن البنى التحتية والخدمات للاتصالات الموثوقة ضرورية للتحول الرقمي ، فإن أول كتلة بناء متكاملة تتعلق بالوصول إلى البيانات والبنى التحتية للاتصالات والخدمات (مثل توصيل الألياف الضوئية والأبراج والطيف والكابلات الدولية)، بما في ذلك شبكات اتصالات عريضة النطاق تتسم بالكفاءة والموثوقية ويمكن الوصول إليها على نطاق واسع والخدمات والعوامل التمكينية الرئيسية التكميلية (مثل النظام المنسق لأسماء النطاقات الدولية، وزيادة الإقبال على عناوين الإنترنت IPv6، ونقاط تبادل الإنترنت)، والبيانات، والبرمجيات، والأجهزة.
– الوضع الثقافي والتعليمي
قامت الدولة المصرية خلال الفترة الأخيرة بتطبيق الرقمنة في العديد من القطاعات والخدمات سواء في المدفوعات الحكومية أو منظومة صرف المرتبات والمعاشات والخدمات الاجتماعية والصحية الهامة، إلا أننا مازلنا نواجة فجوة هائلة بين الوعي الرقمي لفئات كثيرة من المواطنين وآليات التحول الرقمي التي تسعى الدولة لتطبيقها في المستقبل القريب، ونرصد ذلك من خلال العديد من الممارسات في تفضيل الأشخاص الحصول على الكاش، أو حتي التعامل مع ماكينات الصراف الألي بشكل خاطئ مما يعمل على كثرة أعطالها في كثير من الأحيان، ومحدودية استخدام المحافظ الإلكترونية وغيرها من الخدمات الرقمية.
وقام الرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا الشأن بتدشين خطة تهدف لنشر الوعي بأهمية التحول الرقمي، والتعرف على آليات وطرق تنفيذه، وقيام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالشراكة مع وزارة التعليم وشركات القطاع الخاص في تعزيز مناهج التعليم في المراحل المختلفة للتوعية بالاستخدام الآمن للإنترنت والتعامل مع العالم الرقمي، فلكي يعمل التحول الرقمي من أجل النمو والرفاهية، من الضروري أن تدعم السياسات العامة مجتمعًا رقميًا إيجابيًا وشاملًا، ويجب النظر في مجالات السياسة المتعددة: السياساات الاجتماعية (مثل الإسكان والرعاية الاجتماعية) ، والتعليم والمهارات، وسياسات الضرائب والمزايا، والبيئة، والصحة، والحكومة الرقمية.
– غياب الاستثمارات المحلية القوية في قطاع التكنولوجيا
على المستوى العالمي تصدر قطاع الاتصالات والتكنولوجيا قائمة الاستثمار عالميا خلال الـ 10 سنوات الماضية، لتحتل شركاته قائمة الأكبر في العلامات التجارية على مستوى العالم، إلا أن اتجاه الاستثمار بالقطاع في السوق المصري أخذ منحى آخر بسبب غياب رؤوس الأموال الكبيرة من الاستثمار في القطاع سواء من رجال الأعمال المصريين والمصنفين دوليا، أو حتى من صناديق استثمارية كبرى.
والنتيجة تواجد العديد من الشركات العالمية في السوق المصري التي تحقق أرباحا وتستحوذ على معظم أعمال مشروعات التحول الرقمي وغيرها، وتمثيل يمكن وصفه بالمشرف لبعض الشركات المصرية التي لا تملك القدرة على المنافسة أو تتمتع بالملائة المالية أو الفنية، باستثناء عدد محدود جدا من الشركات، ومن حكم المستحيل أن يحظى اقتصاد دولة ما باهتمام عالمي إذا لم تتقاطع أهدافه وخططه مع قطاع التكنولوجيا الذي سيطر على جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ووفقًا لدراسات عدد من بنوك الاستثمار، فإن الاستثمارات المحلية في الاقتصاد الرقمي في العالم العربي ومنها مصر أقل من الهند بـ10 أضعاف، وأضعف من الصين بـ15 مرة، وتزداد الفجوة اتساعًا وعمقًا عند مقارنتها مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تسبقها بـ200 ضعف.
– ضعف الثقة
الثقة أمر أساسي للتحول الرقمي وبدونها لن يستخدم الأفراد والشركات التقنيات الرقمية بالكامل، مما يترك مصدرًا مهمًا للنمو المحتمل والتقدم الاجتماعي غير المستغل، وهو ما نفقده في قطاعات عريضة في السوق المصرية نتيجة ضعف الوعي في العديد من المحافظات.
وهو ما يستدعي زيادة التعاون بين اللاعبين الرئيسيين في عملية التحول الرقمي وزيادة الحوافز في هذا الإطار عبر استراتيجيات شاملة ومتماسكة للأمن والخصوصية الرقمية لمعالجة قضايا مثل حماية البيانات الشخصية، ومرونة الخدمات الأساسية (مثل المياه والطاقة والتمويل والصحة العامة و السلامة)، وإنشاء الحوافز(مثل التأمين الإلكتروني،والمشتريات العامة)، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة،وتنمية المهارات ذات الصلة، بالتشاور مع جميع أصحاب المصلحة المعنيين في الوقت نفسه.
ومن المهم الاستمرار في تعزيز الحماية الفعالة للمستهلكين المشاركين في التجارة الإلكترونية وغيرها من الأنشطة عبر الإنترنت، حيث سيساعد ذلك الاقتصاد الرقمي على الازدهار وأن يكون أكثر شمولية.
– التكلفة المرتفعة لتمويل التحول الرقمي
تعد التكلفة المرتفعة لعملية التحول الرقمي من أبرز التحديات التي تواجه القطاع على مستوى الحكومة أو القطاع الخاص، فعلى المستوى الحكومي تعاني بعض الهيئات من ضعف المخصصات المالية لهذا التوجه، وقد تتوافق الأموال المطلوبة لتنفيذ إجراء استراتيجي واحد مع الميزانية المخصصة لأكثر من مشروع أو وزارة في الفرع التنفيذي.
– الفجوات في البيانات
تعاني الدولة حتي الآن من تواجد فجوات في البيانات الخاصة بعملية التحول الرقمي وفقا لتصريحات عدد من المسئولين، حيث أن البيانات تحتاج لكثير من المحددات لقراءتها بطريقة سليمة، وتكوين طبقة من علماء البيانات.
– الاقتصاد غير الرسمي
الكثير من الشركات المصرية تتأخر كثيرا عن ركب التحول الرقمي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انخفاض استيعاب الشركات الصغيرة والمتوسطة “SMEs” والتي تمثل أكثر من 70 % من الاقتصاد المصري، لاستخدامات الإنترنت والتقنيات الرقمية وأساليب العمل المتقدمة والتي تحتاج لمزيج من التقنيات الرقمية والروبوتات وإنترنت الأشياء وتحليلات البيانات لتحسين عمليات الإنتاج وجودة المنتج.