Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«البنوك الرقمية».. السوق المصري جاهز لاستقبالها رغم الشكوك وتحوط تقني لدخولها من الباب الكبير

تزامنًا مع بدء أول أيام الربع الأخير من العام الجاري، والذي من المفترض أن يشهد إطلاق شركة مصر للابتكار الرقمي التابعة لبنك مصر «وان بنك» أول بنك رقمي في البلاد، بحسب ما أكدت عليه الشركة في بيان لها مايو الماضي فور حصولها على الموافقة المبدئية من البنك المركزي المصري لإطلاق البنك الرقمي والتي شملت الفحص النافي للجهالة على البنية التحتية، وأنظمة البنك، والأمن الخاص بتلك الأنظمة، حتى يتأكد البنك المركزي من قدرة البنك على تقديم الخدمات المصرفية للعملاء بشكل مستقر وآمن.

ورغم اقتراب الموعد الذي حددته الشركة لإطلاق البنك الرقمي، إلا أن غموض ونقص البيانات الصادرة ، يشير إلى أنه تم تأجيل قرار الإطلاق ليصبح في عام 2025 بدلاً من الربع الجاري، وفقا لاعتبارات تشمل تدشين هذا النموذج من البنوك، لأول مرة في القطاع المصرفي المصري، وذلك بعد سنوات من الإعداد والتجهيز وبناء القدرات الرقمية وتأهيل الكوادر البشرية والبنية التحتية التكنولوجية اللازمة لإنشاء هذا الكيان الواعد، لضمان خروج منظومة مصرفية متطورة وآمنة وتواكب أحدث النظم المصرفية العالمية.

وفي تصريح له أول هذا الأسبوع، كشف رجل الأعمال نجيب ساويرس، رئيس شركة أوراسكوم للاستثمار مصر، أنه صرف النظر عن مشروعه لإطلاق بنك رقمي في مصر نظرًا لصعوبة الاشتراطات الموضوعة، وذلك بعد أن صرح العام الماضي عن اعتزامه إطلاق بنك رقمي في مصر، وذلك قبل إصدار البنك المركزي اللوائح والاشتراطات المنظمة لذلك.

وهو ما يطرح مزيد من التساؤلات حول جاهزية السوق المصرية لاستيعاب هذه البنوك في هذا التوقيت، وماهي الآليات التي تجذب الاستثمارات في هذا المجال الواعد والتحديات التي تواجه إطلاق هذه البنوك، فضلاً عن الحاجة إلى الاستثمارات الضخمة في البنية التكنولوجية والأمن السيبراني وتعاون البنوك مع شركات التكنولوجيا المالية لإطلاق نماذج واعدة.

وقبل الخوض في تفاصيل إطلاق أول بنك رقمي وأراء الخبراء حول أسباب التأخير ورؤيتهم لمدى احتياج السوق المصرية إليها، تستعرض منصة «Followict» -كونها المنصة الرقمية الأولى التي تركز بشكل أساسي على البنوك الرقمية- هذه النوعية من البنوك بشيء من التفصيل، مع التركيز على التغيرات التي ستحدث فى القطاع المصرفي المصري فور تدشين البنوك الرقمية، ومزايا هذه البنوك وما تقدمه من  خدمات ومنتجات، والتحولات الجديدة التي تقودها، فضلاً عن مزايا الاستثمار في هذه النوعية، مع الإسقاط على التجارب العالمية والعربية لهذا النوع من البنوك.

في البداية تُعرف البنوك الرقمية بأنها هي التي تُقدم الخدمات المصرفية عبر القنوات أو المنصات الرقمية باستخدام التقنيات الحديثة، كما يمكن أن يتم إدراج أي من البنوك التقليدية في قائمة البنوك الرقمية، إذا كانت تقوم بتقديم خدمة مالية واحدة على الأقل من الخدمات المالية الآتية بشكل مباشر وفعال إلكترونيًّا سواء للعملاء من القطاع العائلي أو القطاع الخاص، بما تتضمنه من تقديم الخدمات المصرفية الرقمية، والمدفوعات الرقمية، والإقراض الرقمي، وخدمات أو حلول تتعلق بالاستثمار، والإدارة المالية الشخصية، أو أدوات التعليم المالي.

وترجع بداية البنوك الرقمية إلى عام 1980، رغم أن الخدمات المصرفية عبر الإنترنت لم تكن بهذه الكفاءة والتطور كما هي الآن، ولكنها كانت محاولات تجريبية أثبتت كفاءتها مع الوقت ومع التطور التكنولوجي واستخدام الهواتف الذكية، حيث تم تقديم أول خدمة مصرفية منزلية للعملاء في ديسمبر 1980 من قبل بنك يونايتد أمريكان في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي ذلك الوقت دخلت يونايتد أمريكان في شراكة مع راديو شاك لإنتاج مودم مخصص آمن لجهاز الكمبيوتر TRS-80، ما يسمح لعملاء البنك بالاتصال بالإنترنت، والوصول إلى معلومات حساباتهم بشكل آمن.

وبعدها بعام واحد تم تقديم الخدمات المالية المصرفية عن بُعد لعملاء أربعة بنوك كبرى في مدينة نيويورك، وهي: سيتي بنك، وتشيس مانهاتن، وبنك الكيماويات، ومُصنعو هانوفر، وفي عام 1983 أصبح بنك إسكتلندا أول بنك في المملكة المتحدة يتبنى التكنولوجيا المصرفية عن بُعد، حيث تم تزويد عملائهم بخدمة مصرفية عبر الإنترنت تسمى Homelink، إذ يقوم الأفراد بالاتصال بالإنترنت من خلال أجهزة التلفزيون والهواتف الخاصة بهم لدفع الفواتير وتحويل الأموال، وعلى الرغم من أن عملية الاتصال تتسم بالبُطْء وعدم موثوقيتها، فإنه تم التعرف على الإمكانات التجريبية لهذه الخدمة المصرفية لتطويرها فيما بعد.

أول بنك رقمي بالكامل

وفي عام 1994، كان اتحاد الائتمان الفيدرالي بجامعة ستانفورد أول مؤسسة مالية في أمريكا الشمالية تقدم خدمات مصرفية عبر الإنترنت لجميع عملائها، وكان في ذلك الوقت هناك اهتمام بالغ من قبل عمالقة البنوك في العالم لمتابعة التطور، وصولاً إلى عام 2006، حيث كان حوالي 80% من البنوك الأمريكية تقدم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، وفي عام 2009، تم تأسيس   Ally Bank، وهو أول بنك رقمي بالكامل في العالم.

البنوك الرقمية

​​​​​وفي الدول العربية، أطلق بنك ABC في البحرين، بنك “إلى” الرقمي في عام 2019، في خطوة أولى في مجال الخدمات المصرفية الرقمية المتوفرة عبر الهاتف المحمول فقط.

400 بنك رقمي في العالم

وفي تحليل لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، أشار إلى أنه في عام 2020، لعبت جائحة كوفيد-19 دورًا هامًا في زيادة التوجه نحو البنوك الرقمية، خاصة في ضوء عمليات إغلاق العديد من الأنشطة الاقتصادية بهدف منع التزاحم في المؤسسات المصرفية، ليصل عدد البنوك الرقمية إلى أكثر من 400 بنك رقمي حول العالم، ومن المتوقع أن تزداد أعداد هذه البنوك بقوة خلال الفترة القادمة، وبالتالي الأنشطة والخدمات التي تقوم عليها.

ومع تحقيق صافي دخل الفوائد للبنوك الرقمية 650.30 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بنحو 470.8 مليار دولار عام 2022، ونحو 201.3 مليار دولار عام 2020 أثناء جائحة كورونا، من المتوقع أن يبلغ معدل النمو السنوي لصافي دخل الفوائد نحو 13.4%، مما يؤدي إلى وصول حجم سوق البنوك الرقمية لنحو 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2028.

ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت من أوائل الدول التي اعتمدت على تقديم الخدمات المصرفية عن بُعد من خلال البنوك، فإن الهند في الوقت الراهن تأتي في المرتبة الأولى من حيث عدد مستخدمي الخدمات المصرفية الرقمية، حيث بلغ عدد المستخدمين في الهند حوالي 295.5 مليون مستخدم عام 2022، بزيادة بنحو 70 مليون مستخدم عن الولايات المتحدة الأمريكية التي تأتي في المرتبة الثانية بعد الهند.

الجدير بالذكر أن هناك فجوة كبيرة بين الهند والولايات المتحدة الأمريكية من جهة وبقية الدول من جهة أخرى، ففي أوروبا، تمتلك ألمانيا أكبر عدد من مستخدمي الخدمات المصرفية الرقمية، بواقع 51.4 مليونًا ثم المملكة المتحدة بواقع 44.2 مليون، ثم إيطاليا ثم فرنسا بواقع 35.6 مليون، و34.5 مليون، على الترتيب.

وفيما يتعلق بقيمة الودائع والقروض التي تقدمها البنوك الرقمية على المستوى العالمي، فقد سجلت قيمة الودائع في عام 2022 نحو 11.8 تريليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلى 30.2 تريليون دولار عام 2028، وفي المقابل بلغت قيمة القروض من البنوك الرقمية نحو 5.8 تريليونات دولار عام 2022، ومن المتوقع أن تبلغ نحو 15.6 تريليون دولار عام 2028، بحسب المركز.

البنوك الرقمية تتصدر المشهد

انخفاض تكلفة التشغيل

وبالنظر إلى مميزات البنوك الرقمية، فإن انخفاض تكلفة تشغيل البنوك الرقمية، مقارنة بالبنوك التقليدية هي الميزة الأكبر للقطاع البنكي، حيث يؤدي إلى تعظيم أرباح المساهمين، إضافة إلى انخفاض تكلفة تقديم الخدمات والمنتجات، ما يعود بالنفع على العملاء، وتبسيط الإجراءات وهو ما يعمل على توفير الوقت لكل من العملاء والعاملين في البنوك، وعدم التقيد بساعات عمل كما هو الحال في البنوك التقليدية، حيث يمكن من خلال البنوك الرقمية التعامل في أي وقت في اليوم خلال أيام الأسبوع.

ولأن كل شيء جديد يواجهه تحديات، فإن تطور أنظمة الاختراق والقرصنة، وانتشار الفيروسات قد تؤثر على البنوك الرقمية، فضلاً عن أن انتشار عمليات البنوك الرقمية وإمكانية تنفيذ أكثر من إجراء في ذات الوقت قد يترتب عليه صعوبة في تحديد السيولة النقدية بشكل دقيق، كما أن هناك عددًا من التهديدات التي تحول دون الاستفادة الكاملة من مزايا الخدمات المصرفية الرقمية، فعلى المستوى العالمي هناك نحو 3 مليارات فرد غير متصلين بشبكة الإنترنت، وذلك في عام 2022، وتكمن الغالبية العظمى منهم في الدول النامية.

ورغم أن هناك العديد من المناطق تغطيها خدمات النطاق العريض للهواتف المحمولة فإن هناك فجوة في استخدامها، حيث تُقدر نسبة السكان الذين لا يستخدمون الإنترنت المحمول بنحو 43%.

ولم تكن مصر بمعزل عن التطورات التكنولوجية والتحول الرقمي السريع الذي لحق بالقطاع المصرفي، فإلى جانب الجهود المبذولة لتعظيم الشمول المالي وزيادة عدد الأفراد الذين لديهم حسابات بنكية، وافق البنك المركزي المصري في يوليو 2023 على وضع قواعد ترخيص وتسجيل البنوك الرقمية والرقابة عليها، كما قام بوضع عدد من الاشتراطات لترخيص البنوك الرقمية.

أبرز هذه الشروط تمثل في ألا يقل رأس المال المصدر والمدفوع عن 2 مليار جنيه في حالة ممارسة جميع أعمال البنوك، أما في حالة قيام البنوك بتمويل الشركات الكبرى، فإنه يشترط زيادة رأس المال إلى 4 مليارات جنيه، كما ينبغي أن يكون المساهم الأكبر مؤسسة مالية ذات سابقة أعمال في أنشطة مماثلة بنسبة لا تقل عن 30% من إجمالي قيمة رأس المال.

كما اشترط البنك المركزي تقديم دارسة جدوى مفصلة، يتم من خلالها تحديد الفئات المستهدفة والمنتجات المخطط إتاحتها، وأيضًا تحديد خطط تكنولوجيا المعلومات، وخطط واستراتيجيات الأمن السيبراني، مع الأخذ في الاعتبار أن البنوك الرقمية تخضع لذات القواعد والضوابط الخاصة بالرقابة والإشراف المطبقة على البنوك العاملة بمصر، وأيضًا القوانين والضوابط الخاصة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى بعض المتطلبات الأخرى بما يتسق مع طبيعة عملها.

البنك المركزي المصري
البنك المركزي المصري

ولهذا الغرض تأسست شركة مصر للابتكار الرقمي، في عام 2020 بهدف إنشاء أول بنك رقمي وفقًا للقواعد والتعليمات المنظمة والصادرة من البنك المركزي المصري، إذ يهدف onebank إلى تعزيز الشمول المالي من خلال تيسير الحصول على الخدمات والمنتجات المصرفية من خلال القنوات الرقمية للبنك.

كما يسعى إلى تقديم مجموعة متنوعة من الحلول التي تؤدي إلى تطور الخدمات البنكية في مصر، ومنتجات مخصصة متماشية مع نمط حياة العملاء من خلال استخدام التقنيات التكنولوجية المتطورة، وسيمثل onebank إضافة هامة حيث سيتم تقديم خدمات بنكية بأسلوب رقمي يلبي احتياجات كافة العملاء من خلال تحديد الشرائح المستهدفة والمنتجات المخطط إتاحتها عبر البنك الرقمي، بما في ذلك خطط تكنولوجيا المعلومات، واستراتيجيات الأمن السيبراني.

وتقتضي متطلبات السوق المالية في الوقت الحالي لوجود بنوك رقمية تقدم جميع الخدمات والمعاملات من خلال الإنترنت والتي أصبحت بحاجة إلى تطوير مستمر، وهذا ما يسعى onebank إلى تقديمه، حيث يقدم خدمات متسقة مع توجه الدولة للشمول المالي والتحول الرقمي، إضافة إلى كونه التطور الطبيعي للخدمات المصرفية.

إجراءات مطلوبة

من جانبه يرى طارق متولي، الخبير المصرفي ونائب رئيس بنك بلوم – مصر السابق، أنه ليس هناك تأخيرًا في إطلاق البنوك الرقمية في مصر، فالبنك المركزي بدوره فتح باب الحصول على رخصة البنوك الرقمية، وهذا أمر جيد، ولكننا بشكل عام تأخرنا في الخدمات الرقمية، ولكن الأهم أننا بدأنا.

لفت إلى أن البنوك الرقمية تحتاج لوقت حتى تظهر، فبنك مصر على سبيل المثال حصل على الرخصة، ولكن طبيعته كبنك رقمي ستختلف عن الخدمات الرقمية التي يقدمها حاليا، وسيكون بنك مستقل بمجلس إدارة مستقل ورأس مال مستقل، وتشكيل وتجهيز كل ذلك يحتاج إلى وقت، كما أن أي مجال جديد ندخله بطبيعة الحال يحتاج إلى دراسة السوق والعملاء، ولكن في النهاية ستظهر البنوك الرقمية وتنتشر في مصر، لأن هذا هو المستقبل.

ويشير متولي، إلى أن هناك العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها بجانب منح البنوك الرخص، ومنها الشمول المالي وأن نسير في خطوات أسرع في هذا الملف، إذ من المفترض أن يكون لدى جميع الأفراد حسابات بنكية، ويكون دفع الفواتير عبر الإنترنت بشكل أكبر، بجانب الاهتمام بالبنية التحتية وكفاءة الإنترنت وسرعته، والدولة تسير في هذا الاتجاه بشكل جيد، من خلال الفايبر، بجانب الخطوات التشريعية المطلوبة والقوانين التي يجب أن تسير في اتجاه الشمول المالي، فكلها خطوات يجب القيام بها في نفس التوقيت.

ويضيف متولي: “أكثر من 10 بنوك حصلت على الرخصة، ولا أرى أننا نحتاج لإطلاق نموذج لبنك رقمي للبناء على تجربته، ولكن البنوك مع الإطلاق ستعالج أي مشاكل تظهر مع الوقت”، مؤكدا أنه مع الوقت لن يكون هناك سوى البنوك الرقمية، لأن تكلفتها أقل وإجراءاتها أسرع.

طارق متولي
طارق متولي

جاهزية السوق

ومن جانبه قال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن تجربة البنوك الرقمية في مصر تواكب التطورات المتسارعة في الصناعة المصرفية على مستوى العالم ولم نتأخر في إطلاقها كثيرًا، إذ أن البنك المركزي أصدر ضوابطها ومنح شركة مصر للابتكار الرقمي الرخصة لتدشين أول بنك رقمي.

وأضاف أن البنوك الرقمية تمثل تطورًا هائلاً في القطاع المصرفي المصري، في ظل اعتمادها على التكنولوجيا المتقدمة مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي، تقنيات التشفير، والتحليل الضخم للبيانات وغيرها من التقنيات الحديثة التي تحسن تجربة العميل، مؤكدًا على أن السوق المصرية جاهزة لاستقبال وتشغيل هذا النوع من البنوك في إطار البنية التحتية الرقمية التي أسستها مصر خلال السنوات الأخيرة.

وأوضح أن منح رخصة لبنك رقمي أو إلكتروني يمثل خطوة نحو تطبيق هذه التقنيات الحديثة في القطاع المصرفي المصري، مما يسهم في تحسين الخدمات المالية المقدمة للعملاء وتعزيز الابتكار والتنافسية في هذا المجال.

وأكد على أن البنوك الرقمية تحقق الكثير من المزايا سواء للشركات والمؤسسات صاحبة تلك البنوك، أو العملاء، فتسمح البنوك الرقمية للأفراد بالوصول إلى حساباتهم المصرفية، وإجراء المعاملات في أي وقت، ومن أي مكان بفضل توافرها عبر الإنترنت على مدار الساعة.

ولفت إلى أن الخدمات المصرفية الذكية، التى تقدمها البنوك الرقمية، غيّرت من ثقافة وأساليب وكيفية التعامل المصرفي، فبدلاً من التوجه للبنك والتحدث مع موظفين حقيقيين، أصبح التعامل مع شاشات بمجرد اللمس، ويتم اعتماد المعاملات بالتوقيع إلكتروني.

ونوه عبد العال بأن البنوك الرقمية عادةً تكون أقل كلفة من البنوك التقليدية، حيث أنها لا تحتاج إلى هيكل تكاليف مرتفع أو مقار ذات أجور او أثمان عالية، وهو الأمر الذى يعكس في النهاية إمكانية تقديم خدمات ومنتجات بعوائد أفضل، أو تكاليف أقل، وبالتالى يكون هناك مجال لتعظيم مؤشرات وهوامش الربحية لمساهمي البنك وتعزيز المراكز التنافسية لتلك البنوك.

وأشاد بقدرة البنوك الرقمية على تنفيذ المعاملات بشكل فورى و بسرعة أعلى من البنوك التقليدية، فضلاً عن كونها مركزاً للابتكار والتطوير التقنى في صناعة وفنون الخدمات والمنتجات المصرفية، مشيرًا إلى أن عن طريق استخدام تطبيقات وآليات للتشفير المتقدمة لحماية بيانات العملاء وتأمين المعاملات المالية عبر الإنترنت، فإنها توفر قدر كبير من الأمان والحماية المصرفية.

وتوقع أن يستمر نمو البنوك الرقمية في مصر ويزداد الطلب عليها في المستقبل نظرًا للتطور التكنولوجي المستمر وتزايد استخدام الإنترنت والهواتف الذكية ، وسيكون الطلب عليها من قبل البنوك التقليدية القائمة التي ترغب في تطوير مجالات خدماتها، أو من الطلب من مؤسسات أو من شركات جديدة محلية أو من فروع بنوك رقمية أجنبيه من الخارج.

وأضاف أن البنوك الرقمية، هى لا محال بنوك المستقبل، وهى البنوك التى ستفرض السبق فى الشمول المالى، وتوفير الخدمات المصرفية العصرية، إلى كافة العملاء من الأجيال القديمة وليس الأجيال الشابة الجديدة فحسب، حيث سيعيش الجميع فى عالم افتراضي يحكمه الذكاء الاصطناعي.

محمد عبد العال
محمد عبد العال

حماية البيانات من التهديدات السيبرانية

في السياق نفسه، يقول هاني حافظ الخبير المصرفي، إن البنوك الرقمية تعد فرصة لتوسيع نطاق العملاء والوصول إلى شرائح جديدة من السوق، بما في ذلك الشباب والمجتمعات النائية التي قد لا تكون لها سهولة في الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية، وهو ما ينعكس بالطبع على تعزيز مؤشرات الشمول المالي في مصر.

وشدد على ضرورة الانتباه للتحدي الذي يواجه البنوك الرقمية في مصر وضرورة حماية بيانات العملاء وتأمين عملياتها المالية ضد التهديدات السيبرانية، إذ تعتبر البنوك الرقمية هدفًا مغرًيا للمهاجمين السيبرانيين نظرًا لحجم البيانات المالية التي يتم تخزينها ونقلها عبر الإنترنت.

وذكر أن الحلول تكمن في ضرورة تبني استراتيجيات أمنية قوية، حيث يجب على البنوك الرقمية وضع سياسات وإجراءات أمنية صارمة تشمل تحليل المخاطر، وتقييم الضعف، وإعداد خطط للتصدي للتهديدات السيبرانية بشكل فعال، مع توعية الموظفين والعملاء وتدريبهم على كيفية التعرف على التهديدات السيبرانية والتصرف بحكمة عند التعامل مع البيانات المالية عبر الإنترنت.

أشار إلى أن التطور التكنولوجي الهائل في مصر يبرز دور البنوك الرقمية كأحد المحركات الرئيسية لتحول القطاع المصرفي نحو المستقبل، مع تزايد استخدام الهواتف الذكية وتطور التكنولوجيا المالية، موضحًا أن إطلاق البنوك الرقمية في مصر يعتبر خطوة استراتيجية تعكس التزام البلاد بتحقيق التحول الرقمي وتعزيز الخدمات المالية للمواطنين.

تابع بأن البنوك الرقمية تقدم فرصة للوصول إلى خدمات مالية مبتكرة ومرنة دون الحاجة لزيارة الفرع، مما يوفر على المستخدمين الوقت والجهد ويزيد من مستوى الراحة والتحكم في حساباتهم المالية.

أضاف أن البنوك الرقمية توفر مجموعة واسعة من الخدمات المالية والبنكية التي تشمل فتح الحسابات الجارية والتوفير عبر الإنترنت، وإصدار البطاقات المصرفية، وتحويل الأموال، ودفع الفواتير، وإدارة الميزانيات الشخصية، والاستثمار عبر الهاتف المحمول، وغيرها من الخدمات، مع ميزات تقنية متطورة مثل الحماية البيومترية، والتعرف على الوجه، والتحقق الثنائي العامل، مما يضمن سلامة وأمان المعاملات المالية عبر الإنترنت.