«استراتيجية بروتوكول الإنترنت السادس».. تحول نوعي يرسخ تفوق التحول الرقمي في مصر
تنفذ الدولة المصرية استراتيجية طموحة للتحول الرقمي الشامل وتلبية الطلب المتنامي على تقنيات الاتصالات من جانب المستخدمين وعلى رأسها الإنترنت، إلى جانب تعزيز بيئة العمل التشغيلية والتجارية لقطاع الإنترنت والشركات العاملة فيه، والمساهمة في ضمان استمرار دخول الأفراد للخدمات الرقمية المختلفة، وفي أحدث الخطوات أطلقت الاستراتيجية الوطنية لبروتوكول الإنترنت الإصدار السادس (IPv6)خلال مؤتمر إقليمي نظمه الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بالتعاون مع المنتدي الدولي لبرتوكول الإنترنت الإصدار السادس والمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات.
وتعمل الدولة المصرية على تهيئة الخطط واعتماد الاستراتيجيات المستقبلية اللازمة لتطبيق النسخة السادسة من بروتوكول الإنترنت، بما يتضمن معايير الأمان والتوسع وتلبية الطلب المتزايد على الاتصال في عصر البيانات المتدفقة في كل اتجاه، والاتصال بين الآلات، ويعد هذا التحول عنصراً مهماً لمواجهة التحديات المرتبطة بالجيل الرابع من بروتوكول الإنترنت IPv4، والنقص المتزايد بما فيه من تأثير كبير في استمرارية تقديم الخدمات والوصول إليها خاصة مع الاستخدام الموسع للتقنيات الناشئة المتزايدة بشكل كبير كالبيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، والخدمات السحابية وغيرها.
كما تمثل هذه الاستراتيجية خارطة طريق شاملة تهدف إلى تمكين البنية التحتية الرقمية في مصر من مواكبة التطورات التكنولوجية العالمية، وضمان استدامة خدمات الإنترنت، واستيعاب التوسع المتسارع في تطبيقات الجيل الخامس، وتستهدف الاستراتيجية تحقيق جاهزية كاملة للبنية التحتية الحكومية والخاصة لدعم بروتوكول IPv6 خلال السنوات الثلاث المقبلة، والوصول بنسبة الاعتماد الوطني على البروتوكول إلى أكثر من 80% بحلول عام 2030، بالإضافة إلى تمكين مزوّدي خدمات الإنترنت من تقديم دعم كامل للبروتوكول بنهاية عام 2026.
كما تتضمن الاستراتيجية تنفيذ برامج تدريبية متخصصة، وإطلاق حملات توعية شاملة تستهدف جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المستخدم النهائي، لضمان تطبيق سلس وآمن للبروتوكول الجديد على مستوى الجمهورية.
الخبراء أشارو لضرورة أن يعقد الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ورش عمل مكثفة لهذا الغرض بمشاركة عدد من الجهات الحكومية المعنية ومؤسسات من القطاع الخاص على المستويين المحلي والدولي لمناقشة الوضع الراهن والمتطلبات الأساسية لبناء منظومه متكاملة، إلى جانب التعامل مع مزودي خدمات الإنترنت الدولة للمساعدة في صياغة أفضل الاستراتيجيات والسياسات في التحول نحو الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت IPV6، وضمان مستقبل أفضل لقطاع الإنترنت والشركات في الدولة.
ولفتوا إلى ضرورة الوصول إلى نسبة معينة بحيث يكون المتوسط لاستخدام بروتوكول الإصدار السادس أكثر من 80% خلال السنوات المقبلة وفقا لما هو مخطط، مشيرين إلى ضرورة تنفيذ خطة مستقبلية لتطبيق هذا البروتوكول في كل أنحاء الدولة سواء المواقع الحكومية أو غيرها من الشبكات سواء الثابت أو المحمول إلى جانب ضرورة التركيز على الشمول المالى والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي حتى يمكن بناء منظومة متكاملة، بالإضافة إلى تحسين خدمة الإنترنت.
وتم استثمار 3.5 مليار دولار فى تطوير البنية التحتية الرقمية مما ساهم فى تضاعف متوسط سرعة الانترنت الثابت خلال 7 سنوات لترتفع من 5.4 ميجابت/ ثانية فى ديسمبر 2017 إلى 80.3 ميجابت/ ثانية فى يناير 2025 كما أثمرت هذه الجهود عن صدارة مصر لترتيب متوسط سرعة الإنترنت الثابت على مستوى القارة الأفريقية على مدار أكثر من 3 سنوات.

أكد المهندس محمد شمروخ الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لبروتوكول الإنترنت الإصدار السادس يساهم في تعزيز مسيرة التحول الرقمي بالدولة، مشيرًا أن هذه التقنية ستساعد على تمكين العديد من الخدمات الجديدة والمبتكرة بما في ذلك تطبيقات الجيل الخامس وخدمات أنترنت الأشياء والمنازل الذكية والأجهزة الشخصية القابلة للارتداء بالإضافة الي تحسين تجربة مستخدمي خدمات الاتصالات.
كما أفاد إلى أن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات بدأ بالفعل اتخاذ خطوات عملية لدعم هذا التوجه، من خلال تقديم حوافز لتحديث البنية التحتية، وتطوير برامج لبناء القدرات الوطنية، والتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين.
والجدير بالذكر أن إطلاق تلك الاستراتيجية تأتي استكمالًا لسلسلة الإنجازات التي حققتها الدولة المصرية في قطاع الاتصالات، ضمن رؤية وطنية واضحة تهدف إلى بناء بنية تحتية رقمية قوية وآمنة وقادرة على مواكبة متطلبات المستقل شملت منح تراخيص الجيل الخامس لشركات المحمول، وإطلاق خدمات WiFi Calling لتحسين جودة الاتصال داخل المباني والمناطق المغلقة، وتوفير خدمات الـ eSIM التي تمثل نقلة نوعية في تجربة المستخدم، وطرح تراخيص مراكز الاتصالات (Call Centers) لدعم صناعة التعهيد، إلى جانب طرح تراخيص لشركات الأمن السيبراني بهدف تعزيز حماية البنية التحتية الرقمية وتأمين خدمات الاتصالات.
ويُعتبر بروتوكول IPv6 هو النسخة الأحدث من بروتوكولات الإنترنت، ويتميز بأنه يتيح عددًا غير محدود تقريبًا من عناوين الإنترنت مقارنة بالبروتوكولات السابقة، مما يسمح بربط عدد أكبر من الأجهزة بسهولة، مع تحسين سرعة وأمان نقل البيانات. لذلك، يُعد IPv6 أساسًا مهمًا لتطوير الاقتصاد الرقمي وتشغيل تطبيقات المدن الذكية وخدمات أنترنت الأشياء.

وصف هشام العلايلي، الرئيس التنفيذي الأسبق للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، هذه النسخة من الاستراتيجية الوطنية لبروتوكول الإنترنت الإصدار السادس (IPv6)، بأنها أكثر أمانًا، موضحًا أن بروتوكول الإنترنت إلى حد ما بروتوكول مفتوح.
وأضاف أن من ضمن التخوفات الرئيسية وسائل الأمان والقدرة على الاختراق، إلا أن هذه النسخة تقضي على التخوفات فهي تعطي حماية لطريقة نقل البيانات مقارنة بالنسخ السابقة، ولا يعني ذلك أن هذه النسخة مؤمنة 100%.
وأشار إلى أنه ففي الماضي كان المنافسة بين بروتوكول atm و ip فكان الأول أكثر أمانًا لكن الأخير انتشاره أكبر وأصبح السائد لذا تم التركيز على تحسين مستوى أمان ip، وهذا ما حدث مع فيرجين 6.
وتابع أن الاستراتيجية الجديدة تحتاج إلى توعية وتوضيح المزايا التي تنطوي عليها حتى نسرع من التحول الرقمي وإدخال تقنيات، موضحاً أنه من ضمن مشاكل التحول الرقمي أن القاعدة العريضة من الشعب لا تعرف ما هو التحول الرقمي والمزايا التي ستعود عليهم حال تطبيقه، وهنا يأتي دور التوعية والحوار الوطني.
وشدد العلايلي على ضرورة التركيز على الشمول المالى والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي حتى يمكن بناء منظومة متكاملة، كما تطرق إلى ضرورة العمل على تحسين خدمة الإنترنت
قال الدكتور حمدي الليثي، خبير الاتصالات ورئيس شعبة الاتصالات باتحاد الصناعات،أن المستقبل هو شبكة الإنترنت حيث تعد في الوقت الحالي العمود الفقري لعصر الذكاء الاصطناعي، والثورة الصناعية الرابعة، والبيانات الضخمة، وعليه وجب علينا اتخاذ الإجراءات كافة التي تؤمن للمستثمرين والشركات والمؤسسات حاجتها من بروتوكولات الإنترنت وتعمل على استيعاب تبادل البيانات بين ملايين الأجهزة، وهذا مايمكن تحقيقه من خلال التحول إلى الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت /IPv6/ .
وأضاف إن مصر تأخرت بعض الشىء في تبني «استراتيجية بروتوكول الإنترنت السادس» مقارنة ببعض الدول، إلا أن إطلاقها في هذا التوقيت الحيوي يعكس مدى جدية الدولة في سد هذه الفجوة، والاستعداد للتحولات الرقمية القادمة، منوها إلى أن الجهات المعنية مدركة حجم الاعتماد على الإنترنت في المستقبل وحريصين على تلبية الحاجة المتزايدة من بروتوكولات الإنترنت لخدمة الأهداف الاستراتيجية واستمرار التنمية المستدامة”.
وأوضح الدكتور حمدي الليثي، أن الحكومة تعمل على تهيئة الخطط واعتماد الاستراتيجيات المستقبلية اللازمة لتطبيق الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت، بما يتضمن معايير الأمان والتوسع وتلبية الطلب المتزايد على الاتصال في عصر البيانات المتدفقة وإنترنت الأشياء لافتا إلى أن بروتوكول IPv6 لا يقتصر على توفير عدد من العناوين، بل يعد نقلة استثنائية في ألية تعامل الشبكات مع البيانات، عبر تقنيات متطورة في التوجيه، إلى جانب تقليل الاعتماد على تقنيات وسيطة مايعزز من سرعة وأداء الشبكات بشكل كامل.

وأشار إلى أن العديد من قطاعات الأعمال في مصر ستستفيد بشكل مباشر من الانتقال إلى الاستراتيجية الوطنية لبروتوكول الإنترنت الإصدار السادس، حيث يتيح إطلاق خدمات وتطبيقات تعتمد على الاتصال المباشر، ويمنح مزايا متطورة في تأمين الشبكات وتوسيع النطاق التشغيلي والتجاري للأعمال على كافة الأوجه، مؤكدا على أهمية التعاون بين جهاز تنظيم الاتصالات ومزودي خدمات الإنترنت بالدولة في صياغة أفضل الاستراتيجيات والسياسات نحو التحول إلى الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت IPv6 وضمان مستقبل أفضل لقطاع الإنترنت، بما يضمن الارتقاء بكفاءة العمليات التشغيلية للشبكة.
قال محمد إبراهيم، رئيس قطاع أول التفاعل المجتمعي بـ«القومي للاتصالات»، إنّ البروتوكول الحالي المستخدم للإنترنت هو الإصدار الرابع، لكن يُشكّل مشكلة كبيرة بسبب النقص في عدد العناوين المتاحة، وبالتالي نتحدث اليوم عن خدمات الجيل الخامس الذي يضم عددًا كبيرًا من الأجهزة المستخدمة، لذا كان من المهم إصدار بروتوكول للإنترنت يسمح لعدد كبير من العناوين، إلى جانب تحسينات في الأمان والدعم، مع ضمان الكفاءة الاقتصادية، ومن هنا بدأ ظهور الإصدار السادس.
وأضاف، أنّ الدولة المصرية أطلقت أمس الاستراتيجية الوطنية لبروتوكول الإنترنت الإصدار السادس «ipv6»، مشيرًا إلى أنّ هناك خطة مستقبلية لتطبيق هذا البروتوكول في كل أنحاء الدولة سواء المواقع الحكومية أو غيرها من الشبكات سواء الثابت أو المحمول.
وتابع: «نحاول الوصول إلى نسبة معينة كل عامين، بحيث يكون المتوسط لاستخدام بروتوكول الإصدار السادس أكثر من 80% في 2030، كما أنه بالنسبة للمواقع الحكومية وشبكات الحكومة التي تعتبر مهمة للتحول الرقمي، سنصل في 2030 إلى 100%، إذ أن كل المواقع والشبكات الحكومية ستستخدم الإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت، بالتالي سنصل إلى نسبة كبيرة من التقدم باعتباره أمر مهم جدا بالنسبة لكل المواطنين».
من جانبها أكدت النائبة مرثا محروس، عضو مجلس النواب ووكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، أن إطلاق الاستراتيجية الوطنية لبروتوكول الإنترنت الإصدار السادس (IPv6) يعكس التزام الدولة المصرية بمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية وتعزيز جاهزيتها لمستقبل رقمي يعتمد على تقنيات أكثر تطورًا وأمانًا.

وأوضحت أن البروتوكول الجديد يمثل بنية أساسية حيوية لتمكين الخدمات الذكية، مثل المدن المتصلة، وإنترنت الأشياء، وخدمات الجيل الخامس، مؤكدة أن التحول إليه ضرورة لمواكبة الزيادة الهائلة في استخدام الإنترنت والأجهزة الذكية.
وأضافت أن المستهدفات الطموحة التي وضعتها الاستراتيجية، وعلى رأسها الوصول إلى نسبة اعتماد تفوق 80% بحلول 2030، تعكس رؤية جادة لتعزيز البنية التحتية الرقمية وضمان تقديم خدمات اتصالات بجودة وكفاءة أعلى للمواطنين.
فيما دعت وكيل لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تنفيذ هذه الرؤية بنجاح، مع التركيز على تأهيل الكوادر الشابة ونشر الوعي بأهمية التحول إلى IPv6 في مختلف القطاعات.
وأكدت عضو مجلس النواب، على أن هذه الخطوة تمثل بداية مرحلة جديدة من التحديث التقني، ستنعكس إيجابيًا على الاقتصاد الرقمي وجودة الحياة والخدمات المقدمة للمواطن المصري.