أليسون شراجر تكتب: وجهوا عيناً نحو فقاعة الذكاء الاصطناعي والأخرى لتباينات أسعار الائتمان
السؤال المطروح في الأسواق حالياً هو ما إذا كنا نعيش في فقاعة ذكاء اصطناعي حيث تبدو الأسهم باهظة الثمن وسط آمال بأن يحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً اقتصادياً. لكن هناك أمراً آخر مقلقاً أكثر هو ضيق تباينات أسعار الائتمان. هذا يشير إلى بيئة منخفضة المخاطر، وهو أمرٌ لا يصف بدقة حال هذه السوق.
فروق أسعار الائتمان هو مقياس للفرق في العائد بين السندات عالية ومنخفضة المخاطر. عادة ما تكون الديون الخطرة سندات شركات أو سندات أسواق ناشئة منخفضة التصنيف. وكلاهما يميل إلى التداول بمعدلات أعلى بكثير نظراً لارتفاع خطر التخلف عن السداد أو التقلبات المستقبلية. مع ذلك، فإن فروق أسعار ديون الشركات الخطرة منخفضة مقارنة بالمعايير التاريخية.
هذا يعني أحد أمرين: إما أن هذه السندات ليست بهذه الخطورة- أو أن الأسواق تقيّم المخاطر بأقل من قيمتها الحقيقية، والسيناريو الثاني لا ينتهي على خير.
لا شك أن هناك أسباباً تدعو للقلق، أو للقلق بسبب أمور أخرى. إن عوائد هذه السندات أعلى مما كانت عليه قبل عدة سنوات؛ لكن الفرق بينها وبين السندات منخفضة المخاطر هو الأصغر. ويرجع ذلك إلى أن عوائد السندات الخالية من المخاطر، مثل سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات، أعلى بكثير.
قد يعود ذلك إلى أن السندات الخالية من المخاطر لم تعد تبدو آمنة. فالحكومة الأميركية لا تتحمل ديوناً كثيرةً فحسب، بل إن مستقبل التجارة والتضخم والدولار يبدو غامضاً. كل ذلك يزيد من عوائد السندات. ومن المحتمل أيضاً أن الفرق بين السندات عالية المخاطر والسندات الخالية من المخاطر لم يعد ذا دلالة كما كان في السابق، وبالتالي فإن فرق الائتمان لم يعد مقياساً للمخاطر كما كان في السابق.
هناك تفسير محتمل آخر لانخفاض هامش الفائدة الائتمانية يتمثل في صعود الائتمان الخاص. وكما أشار خبير تمويل دورة الائتمان، إدوارد ألتمان، فإن تنامي حجم سوق الائتمان الخاص يعني أن مزيداً من رأس المال يتجه نحو السندات عالية المخاطر، وهو عامل في انخفاض فروق الفائدة.
قد يعود ذلك أيضاً إلى أن الشركات الأقل ملاءمةً للأسواق العامة قد تسعى للحصول على ائتمان من جهات إقراض خاصة، ما يترك مقترضين أقوى نسبياً. كما أدى التدفق الكبير للمشترين الأجانب للديون، سعياً وراء عوائد أعلى، إلى زيادة الطلب.
مع ذلك، لا شيء من هذا مطمئن تماماً. أولاً، على الرغم من أن فروق الفائدة قد تكون منخفضة، إلا أن الشركات تواجه تكلفة اقتراض أعلى، وكثير من المقترضين لم يضطروا بعد إلى إعادة التمويل.
عندما يحين موعد استحقاق ديونهم خلال العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة، سيواجهون أقساط ديون أعلى. وستواجه الشركات الأضعف صعوبةً أكبر في خدمة ديونها، وستواجه خطر الإفلاس.
في الواقع، ترتفع بالفعل معدلات الإفلاس والرافعة المالية. بعض الشركات التي لديها قروض خاصة لا تستطيع سداد أقساط ديونها، فتلجأ إلى ضمها إلى رأس مالها. سيتعين على السوق في نهاية المطاف أن يتقبّل حقيقة أن أسعار الفائدة التي كانت سائدة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين لن تعود، ما قد يحفّز مزيداً من حالات الإفلاس.
من المؤشرات الأخرى التباعد الطفيف حديثاً بين فروق أسعار الائتمان ومؤشر التقلبات (VIX)، وهو مقياس لمخاطر الأسهم، إذ يرتفع مؤشر التقلبات الآن أكثر من فروق الأسعار.
يشير كل هذا إلى أن المخاطر قد تكون مقَيَّمة بأقل من قيمتها الحقيقية- وبالنظر إلى جميع العوامل، فإن المخاطر المقَيَّمة بأقل من قيمتها الحقيقية في أسواق الدين أخطر من فقاعة سوق الأسهم. عندما تنهار الأسهم، يخسر الناس أموالهم. وفي أزمة الديون، لا تُسدّد المدفوعات، وتصبح الضمانات بلا قيمة، وتفلس الشركات.
من الأسباب الرئيسية لانخفاض فروق الأسعار إلى هذا الحد هو نفس السبب الذي أدى إلى ارتفاع سعر الذهب: هناك طلب كبير ومعروض محدود. وما دام هذا صحيحاً، فسيظل سعر المخاطرة غير منطقي، ما يشجّع على زيادة الاستدانة.
قد يستمر هذا لفترة لكن ليس إلى الأبد. في يوم من الأيام، سينخفض الطلب على السندات عالية المخاطر، ربما لأن الأصول المقومة بالدولار أصبحت أقل جاذبيةً، أو لأن موجة من الإفلاسات تخيف المستثمرين. وعندها ستزداد الأمور تعقيداً وبسرعة.
أليسون شراجر
كاتبة في قسم الرأي بلومبرج وهي زميلة بارزة في معهد مانهاتن
						




						

