كشفت تقارير أن موظفين في شركة فودافون حذّروا عدداً من كبار التنفيذيين، بمن فيهم المديرة التنفيذية الحالية “مارجريتا ديلا فالي”، من الأوضاع المالية المتدهورة التي يواجهها أصحاب المتاجر الحاصلة على امتياز العلامة التجارية، وذلك قبل نحو عامين من رفع دعوى قضائية تتهم الشركة بـ«الإثراء غير العادل» على حساب هؤلاء الشركاء.
وبحسب تصريحات موظفين حاليين وسابقين في فودافون ببريطانيا، تم تقديم شكاوى متكررة للإدارة العليا بشأن خفض العمولات المدفوعة لأصحاب المتاجر الصغيرة التي تدير شبكة التجزئة الخاصة بفودافون، وهو ما أدى إلى أزمة مالية حادة للعديد من هؤلاء الشركاء، وفق صحيفة “ذا جارديان” البريطانية.
وقد بلغ هذا النزاع ذروته عندما رفع 62 من أصل 150 من أصحاب المتاجر دعوى قضائية جماعية أمام المحكمة العليا البريطانية في ديسمبر الماضي للمطالبة بتعويضات تتجاوز 120 مليون جنيه إسترليني.
شكاوى من ديون ضخمة وأوضاع نفسية صعبة
أدت التخفيضات الكبيرة في معدلات العمولات، والتي فُرضت مع خروج البلاد من إغلاق جائحة كورونا في عام 2020، إلى تراكم ديون شخصية ضخمة على أصحاب المتاجر وصلت في بعض الحالات إلى أكثر من 100 ألف جنيه إسترليني، مع تقارير عن معاناة نفسية شديدة وصلت إلى التفكير في الانتحار لدى بعضهم.
وردت فودافون على هذه الاتهامات بتأكيدها أنها تعتذر بلا تحفظ لأي شخص تأثرت صحته النفسية بسبب تجربته في إدارة المتجر، مشيرة إلى أنها سعت لمعالجة القضايا عند إثارتها، وتعتقد أنها عاملت أصحاب الامتيازات بعدل.
فودافون ترفض التهم وتؤكد التزامها بالوساطة
أوضحت فودافون في بيانها أنها ترفض الادعاءات لكنها ستشارك بالكامل في عملية الوساطة مع المدعين، معربة عن أملها في التوصل إلى حل يناسب الطرفين، وأكدت الشركة أن العديد من أصحاب المتاجر الحاليين لا يشاركون في هذه الدعوى، إذ إن من بين 83 شريك امتياز حالي، اختار 68 منهم الاستمرار في إدارة أعمالهم دون اللجوء إلى القضاء.
وقالت فودافون إنها دفعت تعويضات بلغت 4.9 مليون جنيه إسترليني، شاملة الضريبة، إلى أصحاب الامتيازات الحاليين والسابقين «دون أي التزام قانوني»، وقد تم توزيع هذه المبالغ بشكل موحد عبر جميع المتاجر.
تضارب في الروايات وتاريخ من الأزمات
أكدت مصادر أن مديرة فودافون التنفيذية “ديلا فالي” كانت على علم بالأوضاع في فترة توليها منصب المديرة المالية منذ عام 2018، وأنها تلقت رسائل بريد إلكتروني مباشرة حول معاناة أصحاب المتاجر.
وتشير الاتهامات إلى أن مديرين كباراً آخرين في الشركة، من بينهم ماكس تايلور الرئيس التنفيذي الحالي لفودافون بريطانيا وجون شو مدير العمليات التجارية، كانوا على علم بالوضع.
في المقابل، أكدت فودافون أن لديها آلية شفافة ومفتوحة للتعامل مع الشكاوى عبر ما يسمى بـ«عملية التحدث»، والتي تتيح لأي موظف الإبلاغ عن المشكلات بشكل مجهول.
وقالت إن هذه الآلية استخدمت بالفعل من قبل موظف واحد بخصوص برنامج الامتياز، وتم إجراء تحقيق فوري وشامل.
اتهامات بفرض غرامات وقروض لإنقاذ المتاجر
تضمنت أوراق الدعوى القضائية اتهامات لفودافون بأنها خفضت الرسوم بشكل أحادي، وفرضت غرامات كبيرة على أصحاب المتاجر بسبب أخطاء إدارية بسيطة، ثم دفعتهم للحصول على قروض ومنح حكومية لإبقاء متاجرهم قائمة.
تظهر هذه القضية حجم التوترات بين الشركات الكبرى وشركائها الصغار، في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة بعد الجائحة، وحملات التقشف التي تطول سلسلة الإمدادات التجارية