Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

لماذا تراجعت «هواوي للشبكات» عن خطتها للتصنيع في مصر رغم المليارات التي تجنيها؟

يبدو أن عملاق الشبكات الصيني (هواوي) سيواجه المزيد من الأزمات الفترة المقبلة، وذلك بعد التقرير الأخير الصادر عن مفوضية الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة الماضي، والذي احتوى على تحذير شديد اللهجة بشأن ضرورة الاعتماد على موردين آخرين لمعدات شبكات الجيل الخامس بدلاً من الاعتماد على هواوي.
التقرير لم يذكر صراحة اسم “هواوي”، لكنه أشار إليها بوضوح حينما حذر من الاعتماد على شركة يتم حظر التعامل معها بين حين والآخر في بعض الدول.
ويأتي هذا التقرير بعد أيام قليلة من قرار حكومة بريطانيا بحظر الاعتماد على معدات هواوي لبناء شبكة الجيل الخامس، وهو ما يعتبر ضربة قوية للعملاق الصيني في ظل الحرب الكبيرة التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية ضد هواوي.
وبالانتقال إلى السوق المحلي، سنجد أن شركة هواوي الصينية تعمل في مصر منذ أكثر من 20 عاماً، وتتمتع بحصة سوقية قوية في مجال شبكات المحمول، حيث تقدم خدماتها للشبكات الأربعة (فودافون، اتصالات، أورنج، المصرية للاتصالات)، وعلى مدار فترة عملها في السوق المصري تنتهج سياسة تقديم تكنولوجيا حديثة بسعر تنافسي أمام شركات بحجم إريكسون، ونوكيا، وغيرها من الشركات الرائدة في مجال بناء شبكات المحمول.
وتبني شركة هواوي الصينية سياسة خفض أسعار منتجاتها أمام المنافسين وإن كانت سياسة عامة تتخذها دولة الصين في كافة صناعتها للسيطرة على الأسواق العالمية، إلا أنها كان تمثل ميزة هامة لكثير من المشغلين خاصة الوافدين إلى أسواق جديدة مثل مصر في بداية الألفية الحالية، ومع متوسط دخل منخفض للفرد، ما يجعل من الاعتماد على شركة هواوي في الشبكة أمر طبيعي، خاصة وأن الشركة كانت تتميز بتكنولوجيا حديثة ليس فقط بالتسعير.
وفي واقعة هي الأولى من نوعها، تجاهلت شركة هواوي دعوة أي من الصحفيين المصريين لحضور المؤتمر الصحفي الذي عقده تشارلز يانج رئيس شركة هواوي لمنطقة الشرق الأوسط، رغم أنه تم دعوة ممثلي الإعلام من داخل 10 دول بالمنطقة!
الأمر قد يبدو غريبا، ولكن من خلال متابعة تصريحات رئيس هواوي بالشرق الأوسط خلال المؤتمر، اتضح سبب تجاهل الإعلام المصري، بعدما تطرق في حديثه إلى أكثر الدول التي تشهد نموا في مجال الاتصالات والبنية التحتية ولم يذكر اسم مصر من بينها.
كما أنه تحدث عن تقنيات الجيل الخامس والدول العربية التي بدأت في الاستعداد، وبالتأكيد مصر ليست من بينها وليست على خريطة هواوي خلال الوقت الراهن.
ويبدو من تصريحات تشارلز يانج، أن هواوي العالمية تركز في الوقت الراهن على استغلال منطقة الشرق الأوسط من أجل تعويض أي خسائر محتملة في حجم أعمالها داخل أمريكا وأوروبا.
ولكن تجاهل شركة هواوي للسوق المصري يعد أمرا مريبًا، فمنذ أيام قليلة أيضا وجه المهندس وائل المنياوي رئيس القطاع التكنولوجي بشركة هواوي مصر، انتقادا حادا للبنية التحتية في مصر سواء الثابتة أو للمحمول، ووصفها بـ “الضعيفة”، وذلك في آخر مؤتمر صحفي له منذ بضعة أسابيع، ولوّح إلى أن الحيزات الترددية الحالية غير كافية لتوفير الخدمات بسرعات مناسبة، وأنها لا تغطي حجم المستخدمين الذين يصلون إلى أكثر من 100 مليون مستخدم.
السؤال الذي يدور في أذهان المتابعين لقطاع الاتصالات المصري هو: كيف تتعامل هواوي الآن مع السوق المصري باعتباره سوقا ضعيفا، في حين أن غالبية المشغلين يعتمدون على معدات الشركة في بنيتها التحتية، وهل وصلت هواوي لمرحلة التشبع داخل مصر وفقدان الأمل في جني أي أرباح جديدة ف المستقبل القريب؟.
وتسيطر هواوي على قطاع كبير من البنية التحتية لشبكات المحمول في السوق المصري، وليس فقط المحمول، بل إنها مع الوقت بدأت التوسع في تقديم الخدمات الثابتة للشركة المصرية للاتصالات، وعلى سبيل المثال كانت هواوي المنفذة لمشروع نشر كبائن الـ MSAN على مستوى الجمهورية، والتي تجاوزت تكلفتها 4 مليار جنيه قبل عام 2014، بهدف إحلال الكبائن القديمة المتهالكة التي كانت تملكها الشركة المصرية للاتصالات وحتى تتماشى مع التطور القادم لسرعات الإنترنت المتزايدة.
وكان المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات السابق، قد التقى قيادات شركة هواوي العالمية خلال زيارته للصين في عام 2015، وأبدى الوزير وقتها ضرورة قيام هواوي بمزيد من الدعم والإنفاق داخل السوق المصري خاصة بعد المليارات التي حصلت عليها من مشروع الـ MSAN، ولا ننسى وقتها تصريحات قيادات حكومية بارزة أكدوا خلالها أن صفقة MSAN مع هواوي “مريبة للغاية” خاصة وأنه تم توريد أجهزة ومعدات “متأخرة تقنيا” ولا تناسب دولة لديها ما يقرب من 100 مليون مشترك للاتصالات، ولكن تم التراجع عن تلك الاتهامات وقتها مع الإشارة إلى أن الخطأ كان من قيادات سابقة بالشركة المصرية للاتصالات التي طلبت وقتها مواصفات فنية معينة من أجل التضييق على منافسيها.
الوزير ياسر القاضي أيضا خلال إحدى لقاءاته مع مسؤولي هواوي الصينية، حصل على وعد من الشركة بأنها بصدد إقامة مصنع للشركة في مصر يختص بتصنيع كبائن الـ MSAN، وهو ما كان يأتي في ذلك التوقيت متماشيًا مع خطة الدولة بتعظيم دور صناعة الإلكترونيات، إلا أن هواوي لم تلتزم بتنفيذ المصنع!.
وأبدى عدد من الخبراء المتخصصين في قطاع الاتصالات، استغرابهم من حجم الأعمال التي تحققها شركة هواوي بالمليارات داخل السوق المصري من مشغلي الاتصالات الأربعة، وذلك دون أي قيمة مضافة حقيقية تنعكس على المواطن المصري بالشكل المباشر، سواء من خلال التصنيع، أو من خلال المسئولية المجتمعية، أو حتى من خلال التوظيف للعمالة المصرية، حيث أكد عدد من العاملين داخل الشركة بأن بيئة العمل داخل هواوي مصر لا تشجع على ترقية المصريين بالشكل الاحترافي، وأن مطالب الصينيين في كثير من الأوقات تكون غير منطقية، والهدف منها تحقيق أعلى معدل أرباح بصرف النظر عما يمكن تحقيقه للسوق من قيمة مضافة حقيقية.
وأكد الخبراء أن هواوي كان ينبغي عليها النظر للسوق المصري كوجهة استثمار على المدى البعيد، حيث أن العائدات التي تحققها من قطاع الشبكات وحدها كفيلة بأن تحقق لها أرباح كبيرة، وتجعلها قادرة على بناء أكثر من مقر للتصنيع في ظل الحوافز التي تقدمها الدولة للمستثمرين الأجانب للتصنيع في مصر، مشيرين إلى أن شركة بحجم سامسونج مصر الكورية وإن كان حجم أعمالها أقل من هواوي الصينية في مصر ومع ذلك حققوا قصة نجاح كبيرة بمصنع الشاشات في بني سويف الذي وثق علامة (صنع في مصر).
وتابع الخبراء، أن الأزمة التي تعاني منها هواوي في الوقت الحالي عالميًا، والاتهامات الموجهة إليها بشبهة التجسس على بعض الدول، تجعلها أكثر حرصًا على التمسك بأسواق مثل مصر باعتبارها سوق واعدة، ولديها مستقبل قريب لبناء شبكات الجيل الخامس.
وتسعى هواوي في الوقت الحالي للتعاقد مع شركات المحمول للحصول على عقود تركيب محطات تشغيل الجيل الخامس، المقرر أن يتم الاعتماد عليها بعد سنوات قليلة.