قبل 12 عام تقريبًا لم يكن لأحد أن يتصور ما وصلنا إليه من تطور في منظومة المدفوعات الإلكترونية التي ساهمت وما زالت تساهم بشكل كبير في تخفيف الحمل على المؤسسات الحكومية أو الخاصة في التزاحم والطوابير لسداد المستحقات أو تحويل الأموال أو شحن الأرصدة، حتى أصبحت فكرة الذهاب إلى السنترال أو لشركة المياه والكهرباء والغاز لسداد الفواتير فكرة بعيدة عن المنطق، فهكذا تحولت الفكرة التي بدأتها شركة فوري في مصر منذ 12 عاما وكانت غريبة عن المنطق وقتها حتى أصبحت هي المنطق نفسه الذي نطبقه شهريًا من خلال المنافذ المختلفة عبر ماكينات الـ POS أو عبر تطبيقات فوري على الهواتف الذكية.
فوري التي بدأت غريبة أصبحت مؤسسة قيمتها تتجاوز 2 مليار دولار، وباتت تضم مجموعة من الشركات الرائدة في مجالات تتكامل مع منظومة التحول الرقمي التي تعمل الدولة على تطبيقها منذ سنوات، المهندس أشرف صبري مؤسس الشركة والرئيس التنفيذي لها منذ التأسيس لم يكن يحلم يومًا في وصول الشركة إلى هذا الحجم من النمو خلال تلك الفترة الزمنية، ولم يكن يدرك حين عرضها على المستثمرين في الشركة وهم مؤسسات ضخمة أن الشركة الوليدة في 2008 سوف تتجاوز قيمتها السوقية قيمة بعض الشركات المساهمة في التأسيس منذ البداية، وهم شركة (راية القابضة، وصندوق دعم التكنولوجيا، والبنك العربي الافريقي الدولي، وبنك اتش اس بي سي، وبنك الاسكندرية، والمؤسسة الدولية للتعاون).
المهندس أشرف صبري قدم رؤيته لإدخال الدفع الإلكتروني في السوق المصرية عام 2007 بهدف مواجهة الحاجة الملحة لتنفيذ عملية دفع الفواتير بطريقة سهلة ومريحة بعد أن أصبح الازدحام و العمليات والإجراءات اليومية المعقدة تحديات مرهقة للمستهلكين، ولم يكن يتخيل أن يفيق من نومه في يوم 17 أغسطس 2020 ليجد أن سعر سهم الشركة قفز الى 22.69 جنيه وأن القيمة السوقية لشركته تجاوزت مليار دولار، -بحسب وصفه- لتكون أول شركة مصرية ناشئة تنضم الى نادي المليار دولار في البورصة المصرية بعد عام واحد من طرحها وقفز سهمها أكثر من 300% خلال عام.
قصة الصعود السريع
أول من أمس قرر المهندس أشرف صبري، أن يتحدث عن قصة صعود الشركة، فقال إن هناك أسباب منطقية لصعود فوري في البورصة بهذا الشكل لأن الاستثمار في البورصة هو استثمار في المستقل، والمستقبل للتكنولوجيا في أي صناعة أيًا كان نوعها، مؤكدًا أن الشركات التي ستكون خارج المنظومة التكنولوجية سوف تختفي، مشيرًا إلى أن فرص الاستثمار في شركات التكنولوجيا في البورصة المصرية محدود لذلك راهن المستثمر من الخارج على فوري لأن لديها مستقبل وأهداف وطبيعة تمنحها قيمة كبيرة.
وأضاف قائلاً “فيما يخص تجاوز القيمة السوقية لشركة فوري مليار دولار، أنا صحيت الصبح لقيت الشركة تجاوزت مليار دولار وصحيت يوم تاني لقيتها ٢ مليار دولار، ولم أكن أتوقع الوصول لهذه القيمة في هذا التوقيت، ورغم توقعنا لصعود السهم لكنه لم يكن بهذه السرعة، فلقد تضاعفت قيمة فوري 20 مرة بسبب تسارع معدلات النمو الكبير”، موضحًا أن عدد العمليات اليومية التي تتم على شبكة فوري بلغ حوالي 3.5 مليون عملية من خلال 1000 خدمة توفرها الشركة.
وتتجاوز عدد نقاط البيع التابعة لشركة فوري حاليًا الـ 200 ألف نقطة بيع منتشرة في مختلف أنحاء الجمهورية، وباتت شبكة فوري مربوطة لـ 95 % مع المحافظ المالية التابعة لشركات المحمول والبنوك، ويصل عدد عملاء تطبيق My Fawry نحو 1.8 مليون عميل.
أذرع التكامل
تضم مؤسسة فوري حاليًا مجموعة من الشركات تعمل تحت مظلتها وتساعدها في تكامل الخدمات التي تقدمها للأفراد والشركات والمنشآت الصغيرة:
Fawry Digital
أول منصه إلكترونية فى مصر للتحول الرقمي لاصحاب المواقع والمتاجر الالكترونية وتعمل على مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة فى التحول للرقمنة بأقل تكاليف وبدون عوائق فنية كما تمنح الشركات الصغيرة آليات للترويج أونلاين ويمكن للعملاء إصدار التذاكر الإلكترونية للحفلات والاتوبيسات من خلالها.
Fawry Plus
باقة من الخدمات المالية الحديثة التى توفر التسجيل في المحافظ الإلكترونية الخاصة بالبنوك المختلفة، سداد أقساط القروض وحسابات بطاقات الائتمان وسداد الفواتير، وأيضاً إنهاء العديد من الإجراءات الحكومية والبنكية عبر 300 فرع فى جميع أنحاء الجمهورية.
Fawry Microfinance
امتداد للمنظومة المصرفية توفر تمويل متناهي الصغر لتنمية الأعمال عبر برامج تمويل بأنظمة سداد سهلة وميسرة وفوائد منخفضة تساعد على نمو الأعمال دون تحمل أعباءً إضافية.
Fawry FMCG
وهي تقدم حلول مدفوعات لشركات السلع الاستهلاكية والتجار وتوفر لهم منصة الكترونية تهدف الى خلق مجتمع غير نقدي لتجار وشركات السلع الاستهلاكية.
Fawry Insurance Brokerage
شركة تقدم خدمات وسائط التأمين الالكتروني للمنشآت الصغيرة ضد السرقات والحرائق مقابل أقساط بسيطة وتمكنت الشركة من توزيع 100 ألف وثيقة تأمين على مدار عام منذ التأسيس.
المهندس أشرف صبري يؤكد أن الوصول إلى مختلف طبقات الشعب والمنشآت الصغيرة والمتوسطة هما المحرك الرئيسي للتنمية، وأن الآلية الوحيدة لضم الاقتصاد غير الرسمي داخل الاقتصاد الرسمي المصري هي التكنولوجيا وبدونها لا يمكن الوصول إلى جميع طبقات الشعب والمنشآت الصغيرة والمتوسطة خاصة وأن التكنولوجيا تقلل من تكلفة المعاملة وقيمتها أصبحت واضحة للمجتمع الذي يضم ما يقرب من 50 مليون مستخدم للموبايل.
الصمت مسئولية
يرى أشرف صبري أن أكبر مسئولية تقع على عاتقه في الوقت الحالي بعدما أصبحت القيمة السوقية للشركة تتجاوز ملياري دولار، أن كلمته أصبحت محسوبة بخلاف السابق، لذلك يطالب وسائل الإعلام والمؤثرين بتحري الدقه في نشر الأخبار حول الشركات المدرجة في البورصة، وضرورة التأكد من البيانات قبل نشرها لأن ذلك يؤثر على البورصة بشكل سلبي في حال عدم ثبوت صحة المنشور ويعرض صاحبه للمخاطر.
الاختراقات لن توقف قطار التكنولوجيا
تزايد الاعتماد على التكنولوجيا يرفع من معدل مخاطر الاختراق، هي قاعدة معلومة بالضرورة، وهنا يعقب أشرف صبري حول اختراق السيستم وتعرض المعاملات الالكترونية للخطر قائلاً، أي حد على الانترنت معرض للاختراق بما فيها أمازون وكبرى الشركات العالمية في التكنولوجيا، وسوف نتعايش مع هذه الاختراقات.
وأضاف قطار التكنولوجيا انطلق ولن يعود للخلف مرة أخرى ورغم المخاطر لن تتوقف المعاملات الإلكترونية التي تتزايد يوميًا ولكن الاستثمار المتواصل في حلول أمن المعلومات يقلل من تلك المخاطر.
اللي مالوش كبير بيشتريله كبير
وفيما يتعلق بإمكانية تكرار تجربة فوري مع شركة ناشئة مرة أخرى، يقول أشرف صبري، حالفنا التوفيق في مسيرتنا، وربنا أكرمنا بفريق عمل محترف، واختيار فريق العمل والتوفيق أهم عناصر النجاح، ولكن في مصر لا تزال منظومة التمويل التي تستهدف الشركات الصغيرة غير منتشرة، وكنا محظوظين بوجود مؤسسات كبيرة آمنت بفكرة تمويل فوري حين انطلاقها ومنحتنا تلك المؤسسات قدر كبير من المصداقية وقدرة على امتداد التمويل، فضلاً عن أن انطلاق فوري كان في وقت لم يكن فيه منافسين بخلاف الوقت الحالي الذي يحاول فيه الكثير تقليد النماذج الناجحة دون ابتكار أو ابداع.
وعن رؤيته للسوق المصري في الوقت الحالي في مجال خدمات المدفوعات المالية الالكترونية، أشار إلى أن السوق ينمو ومجال التحول الرقمي ما زال فيه فرص كبيرة للنمو خاصة في مجال المدفوعات الالكترونية، وأصبح لدى الشركات الناشئة مناخ مبشر بالخير وأفضل مما سبق، وعلى مؤسسات التمويل أن تتشجع أكثر، مضيفًا بقوله للشركات الناشئة، :” اللي مالوش كبير بيشتريله كبير، وبدل ما تكسرو في بعض اتجمعوا حوالين بعض وكملوا بعض علشان الممولين يتشجعوا على الاستثمار في شركاتكم”.
صفقة فودافون ستغير شكل السوق
أما فيما يتعلق بصفقة استحواذ شركة فودافون مصر على 20% من حصة شركتي بي ومصاري، قال أشرف صبري، الصفقة قد تغير شكل السوق لكنها لن تحدث مفاجآت درامية، وقد تخلق نوعية جديدة من المنافسة والتعاون في السوق، خاصة وأن فوري تجمعها الكثير من المصالح مع شركة فودافون، ولكن لا أحد يستطيع الجزم بماذا سيحدث.
تنافس أم تكامل
وما إذا كان يعتبر شركات المدفوعات الالكترونية وشركات المحمول منافس جديد للبنوك في السوق المصري، أكد أن المنظومة البنكية تعتمد بشكل أساسي على الإيداع والاقراض، ولايمكن للشركات الاستغناء عن البنوك في الخدمات التي تقدمها، لذلك شركات المدفوعات الالكترونية تعمل في منطقة لا تعمل فيها البنوك وأصبح هناك نوع من التكامل وليس التنافس وأصبحت تلك الشركات امتداد للبنوك.
الرهان على المستقبل
وحث الشباب ورواد الأعمال على الرهان على المستقبل، وقال” جاك ما مؤسس علي بابا راهن على منافسة ول مارت وربح رهانه، وهكذا إيلون ماسك مؤسس تيسلا الذي يقود تطور التكنولوجيا في الوقت الحالي، لهذه الأسباب تبحث شركة فوري دائمًا عن فرص الاستثمار التي تساهم في نمو منظومة التحول الرقمي والمدفوعات المالية الالكترونية بخدمات مبتكرة.
اقرأ أيضًا: حوار| أشرف صبري: «فوري» حققت نجاحا فاق توقعاتي.. والمستقبل للتكنولوجيا المالية