شكلت المدن الذكية، مرتكزا رئيسيا للنسخة الثانية عشر للمنتدى الحضري العالمي«WUF12»، التي انطلقت فعالياتها أمس بالقاهرة تحت رعاية وحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي يعد أهم منصة عالمية للأمم المتحدة معنية بالتنمية الحضرية المستدامة ومعالجة قضايا التحضر، في ظل الدور الرئيسي الذي تلعبه التقنيات الرقمية الحديثة والابتكارات التكنولوجية والاستخدمات المتقدمة للذكاء الاصطناعي في تشكيل المدن ومواجهة قضايا التغير المناخي وغير من التحديات التي تواجه تحقيق أهداف التنمية للدول الكبرى وأيضا الناشئة الباحثة عن فرصة لإنشاء مدن ذكية مستدامة.
فالدولة المصرية راهنت على التحول الرقمي، في خطتها للتنمية الحضرية المستدامة والتحول الكبير للمجتمعات الذكية المتكاملة، عبر تشييد البنية التحتية الذكية التي يمكن أن تقدم كل أنماط التكنولوجيا الحديثة في المشروعات العقارية كإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وأجهزة الطاقة المتجددة والتطبيقات الذكية وغيرها من صور التكنولوجيا، بالإضافة إلى الإطار الإداري والتنظيمي والذي يشمل أنظمة المرور والمخلفات والتشغيل، وتجميع وإدارة وتحليل البيانات الضخمة لمساعدة إدارات المدن لتكون أكثر كفاءة.
وعبّر المنتدى الحضري العالمي بقوة عن هذا التحول، حيث شهد العديد من التصريحات الدولية والمحلية، التي ارتكزت على التحولات الكبرى في مصر التي تمت على أرض الواقع بتأسيس وتنفيذ الدولة 22 مدينة ذكية وعلي رأسهم العاصمة الإدارية الجديدة ، والتي عززت من استثمار الدولة في البنية التحتية لاستدامة النمو العمراني والاقتصادي وتعزيز الثقة بين المستثمرين وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وأيضا تحقيق أهداف مستدامة، مثل تقليل انبعاثات الكربون وتأهيل الحياة اليومية لسكانها.
ووفقا للمشاركين في المنتدى ، فإن الدولة أتاحت للعديد من الشركات العالمية والمحلية تنفيذ مشروعات تكنولوجية كبرى متطورة ضمن خطة التنمية الحضرية، ترتكز بشكل رئيسي على تطويع التكنولوجيا بكل السُبل والأدوات الرقمية لمساعدة مؤسسات الأعمال والأشخاص ولجعل المدن أكثر ذكاءً وتواصلا عبر العديد من القنوات الإلكترونية، وهو ما دفعها للتوسع في ابتكار حلول متنوعة للعديد من أزمات الخدمات في المدن القديمة أيضا، بما في ذلك الطرق، وشبكات النقل، والمرافق العامة مثل المياه.
وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات، فإن قرار التوجه للمدن الحضرية الذكية لم يعد رفاهية، حيث أشار إلى أن تكدس أكثر من نصف سكان العالم في المدن ومسؤولياتها عن أكثر من 70% من انبعاثات الكربون واستحواذها على 60-80% من استهلاك الوقود.
وعدد الاتحاد الدولي للاتصالات نماذج عديدة يمكن أن تسهم خلالها المدن الذكية في تحسين جودة الحياة، أبرزها الشبكات الذكية التي تستخدم تكنولوجيا الاتصالات في إدارة شبكات الكهرباء، وتوفير معلومات عن أنماط استهلاك الطاقة ، كما أن التطبيقات الحديثة تساعد على توفير بيانات عن مناطق الاختناقات المرورية بهدف تفاديها، وتحسين حركة السيولة المرورية، واستخدام أجهزة لقياس نسب التلوث والتحكم فيه، إلى جانب تطوير حلول توفير الخدمات المالية إلكترونية، لا سيما عبر تقنية “البلوك تشين” الأكثر أمانا للحسابات المالية والمصرفية.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته بالمنتدى على أن مصر قامت بإنشاء جيل جديد من المدن التي تتتبنى معايير الاستدامة والذكاء الرقمى على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة إلى جانب تدشين مشروعات لتطوير العشوائيات، والمناطق غير المخططة وغير الآمنة.. فضلا عن تحديث وسائل النقل والمواصلات.
وأعلن الرئيس خلال المنتدى عن إطلاق الإستراتيجية الوطنية للمدن الذكية والإستراتيجية الوطنية للتحضر الأخضر الهادفتين إلى تعزيز الجهود الوطنية القائمة، فى مجالات التحضراستنادا إلى المعايير الدولية للاستدامة والشراكة.
وأكد السيسي، أن المنتدى الحضرى العالمى يمثل منصة مثالية لتدشين حوار مثمر وفعال بين جميع الفاعلين المعنيين حول كيفية تحسين أوضاع التجمعات البشرية وتعزيز التنمية الحضرية.
وتابع، أن ذلك يتطلب مشاركة فعالة من كل الأطراف المعنية من المجتمعات المحلية، والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدنى، والجامعات لعقد شراكات وصياغة سياسات واستراتيجيات تعكس احتياجات وتطلعات الشعوب فى حياة كريمة ومستقبل أفضل.
وأعرب السيسي، عن تطلعه إلى أن يكون هذا المنتدى خطوة مهمة على طريق تنفيذ “الأجندة الحضرية الجديدة” وتعزيز الشراكات الدولية من أجل إيجاد حلول مبتكرة وتوصيات عملية تسهم فى مواجهة تحديات التنمية الحضرية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
من جانبه قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي موسع أن مصر لديها أحد أهم التجارب العالمية، وأفضل تجربة في تطوير وتنمية المدن على مستوى العالم، هذا مروراً بالنقل الحضري والمستدام، والبنية الأساسية، والمدن الجديدة الذكية والخضراء، مشيرا إلى أن اختيار القاهرة يأتي في إطار ما أقدمت عليه الدولة المصرية من تنفيذ لتجارب عملية متطورة على أرض الواقع تتوافق مع ترويج برنامج الأمم المتحدة لرفع مستوى المدن، وذلك بدءًا من مشروعات الإسكان التي تستهدف فئات محدودي الدخل والشباب، ومشروع الإسكان الاجتماعي، ومشروع سكن لكل المصريين، وتطوير المناطق العشوائية والمناطق غير الآمنة.
وأوضح رئيس الوزراء أن هناك العديد من التجارب المصرية التي لديها العديد من النجاحات، وايضاً لها تحديات ودروس يجب الاستفادة منها، مؤكداً أهمية استفادة مختلف المشاركين في المنتدي ليس فقط من الندوات والنقاشات الثرية شديدة التفاعل داخل الندوات، ولكن أيضا هناك فرصة لزيارة مشروعات على أرض الواقع ليشهدوا ترجمة لما يتم الترويج له من أسس واستراتيجيات لعمليات التنمية الحضرية.
من جابنها، قالت آنا كلوديا روسباخ، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، إن انطلاق فعاليات المنتدى الحضري العالمي في دورته الثانية عشرة بالقاهرة بمثابة ميثاق تأكيد على الخطوات الفعالة نحو مواجهة تحديات المناخ والسعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بإستراتيجية الدولة 2030.
وأشارت آنا كلوديا روسباخ، إلى أن الدولة المصرية تتميز بالتراث العريق والمدن العديدة التي يلزمها مواجهة التحديات المناخية لتكون مدنا مستقبلية ملائمة لحياة المواطنين، خاصة أن مصر تعتبر قوة الماضي والحاضر والمستقبل، مشيرة إلى أن عودة انطلاق المنتدى لأفريقيا بعد إقامته لأول مرة في نيروبي بقرار من الأمم المتحدة منذ أكثر من 20 عاما لمناقشة التطورات الحضرية بتلك القارة والخروج بتوصيات من شأنها تحقيق مستقبل أفضل للمواطنين.
ولفتت إلى أن ميثاق المستقبل الذي اعتمدته الأمم المتحدة يحتوي على تحالف كبير للتحول لمستقبل أفضل وخلق الرؤية للتغلب على مشاكل الإسكان بشكل عام وإيجاد حلول للتحديات مثل الفقر والصراعات وذلك بالتعاون بين أصحاب المصالح والانخراط في دفع وتطبيق خطط التنمية الحضرية المستدامة.
وأكدت المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، أن المنتدى الحضري العالمي هو الأكبر عالميا على مر العصور، ومن هنا تكمن أهمية المشاركة فيه والذي شهد خلال تلك الدورة تسجيل أكثر من 37 ألف مشارك من أكثر من 170 دولة منهم 96 محافظا وعمدة مدينة والعديد من ممثلي للقطاع الخاص والحكومات من كل الدول بتمثيل نحو 7% من المشاركين من المجتمعات المحلية ونحو 2% من الإعلام.
أضافت أن المجتمعات تواجه مشاكل المناخ والصراعات والفقر ولا بد من خلق حلول لها بالأخص فيما يتعلق بمشاكل الإسكان التي تستهدفها مصر خلال إستراتيجيتها للتنمية المستدامة 2030، موضحة أنه لا بد من التحالفات والشراكات بين الجهات المعنية للقطاعين الخاص والحكومي؛ لتحقيق الأهداف الإنمائية، خاصة أن المنتدى يستهدف تدشين أكثر من 600 حدث متنوع من خلال المناقشات والسياسات والإجراءات والتوصيات والتي من المقرر الخروح منها من جلسات المنتدى خاصة المتعلقة بسبل التمويل والتنمية الحضرية المستدامة.
وترى أن المنتدى يوفر منصة للتبادل والمشاركة في التجارب للوقوف على التحديات والفرص بين المشاركين من الحكومات والمحليين للخروج بتوصيات نهائية من شأنها التطوير والسير نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والنظر للثقافة والتراث لإلقاء الضوء على قضايا الاستدامة لتحقيق الشمولية.
وقالت إن المنتدى يستهدف الخروج بتوصيات سيتم إصدارها لتحقيق أهدافه، مشيرة إلى دور الإعلام الحيوي في التواصل ورفع الوعي ونشر الأهداف بين المواطنين.
وأكدت الدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية ، على تطلعها بأن يسهم المنتدى الحضرى العالمى في دورته الثانية عشر بالقاهرة في الوصول إلي حلول وسياسات فعالة يتوافق عليها لأزمة السكن المستمرة منذ عقود ، فضلاً عن التحدي العاجل لتغير المناخ والمدن وتعزيز الوصول إلي التمويل وكذا الخروج باستراتيجيات قابلة للتنفيذ لربط الأهداف العالمية بالواقع المحلي خاصة في ظل التوترات الإقليمية.
وأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى أن الوزارة ستشارك في عرض بعض السياسات والتجارب المتعلقة بالتنمية الحضرية المستدامة خلال فعاليات المنتدي ومنها حل مشكلات المدن التي تواجه أزمات المناخ والحلول المبتكرة لمواجهة التغيرات المناخية وكذلك توطين أهداف التنمية المستدامة والتمويل المحلي وكذلك دور الحكومات المحلية في التنمية والسياسات الحضرية ودور المرأة في المجتمع المحلي وسد الفجوات التنمية من خلال العديد من التدخلات وذلك عن طريق تطوير المناطق والمدن المهمشة في الصعيد وكذلك تطوير الريف المصري وربط الريف بالمدن وتطوير عواصم المحافظات وتطوير المدن القائمة وجعلها مدن مستدامة ورفع جودة حياة سكانها
وأضافت د.منال عوض أنه خلال المنتدي الحضرى العالمي سيتم إطلاق مبادرة تطوير الإدارة المحلية وتطبيق اللامركزية ومبادرة أطلس المدن المصرية ضمن مبادرة المدن المصرية القائمة المستدامة.
وقالت وزيرة التنمية المحلية أن استضافة بمدينة القاهرة للمنتدي الحضرى العالمى كثاني مدينة أفريقية تحمل مدلولات عدة تعكس أهمية القاهرة ويعزز من مكانتها كوجهة عالمية للنقاش حول قضايا التنمية الحضرية.
وأوضحت د.منال عوض أن موضوع المنتدى “الكل يبدأ من النطاق المحلي: من أجل مدن ومجتمعات مستدامة” يأتي لتسليط الضوء على الجهود المحلية في القاهرة لتعزيز التنمية المستدامة مما يمكن أن يُلهم مدنًا أخرى لتبني نماذج مماثلة.
وأشارت وزيرة التنمية المحلية إلى إن المنتدى سيمكننا من استعراض التراث الثقافي والمعماري للقاهرة، مما يُظهر كيف يمكن للمدن أن تجمع بين الحداثة والهوية الثقافية ، حيث أن استضافة المنتدى الحضري العالمي في القاهرة تمثل فرصة تاريخية لإبراز دور المدينة كمحور للنقاش حول قضايا التنمية الحضرية، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
وأضافت د.منال عوض أن المنتدي سيتناول عدد كبير من الفعاليات والنقاشات التي سوف تسهم في تقديم حلولاً مبتكرة للقضايا الحالية ذات الصلة بالتحضر.. وسوف تتضمن مناقشات مع جميع أصحاب المصلحة والجمهور حول كيفية تنفيذ الأجندة الحضرية الجديدة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة..انطلاقاً من أن الشراكات والتوطين هما أساس لدفع الحلول المحلية وتعزيز التنمية الشاملة.
وقالت وزيرة التنمية المحلية أن الحكومة المصرية ترى أن استضافة المنتدى في القاهرة يعد فرصة ذهبية لزيارة الوفود الأجنبية المشاركة في فعاليات المنتدى للمناطق السياحية والتراثية من جهة وكذا المشروعات التنموية الحضرية العملاقة التي تم تشييدها خلال العقد الماضي لاسيما العاصمة الإدارية الجديدة باعتبارها نموذجاً هاماً لمدن الجيل الرابع في مصر.
وأكدت د.منال عوض أنه الحكومة المصرية سوف تعظم الاستفادة من هذا المنتدى الهام من خلال إبراز التجربة المصرية الفريدة لتحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة وقادرة على تلبية احتياجات الحاضر والمستقبل ، فضلاً عن تعزيز سياسات اللامركزية وتمكين الإدارات المحلية لتكون قادرة على تحقيق أهداف الأجندة الحضرية وإشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في عملية التنمية المستدامة..
وأضافت وزيرة التنمية المحلية أن المنتدى الحضرى العالمى سوف يناقش موضوعات هامة حيث أن الموضوع الرئيسي للنسخة الثانية عشرة هو “كل شيء يبدأ من النطاق المحلي: العمل المحلي من أجل مدن ومجتمعات مستدامة” كما سيتم مناقشة 6 موضوعات أساسية خلال تلك المنتدي ومعرفة أهم السياسات الحضرية الوطنية والدولية في التعامل مع تلك الموضوعات وهي: (السكن للمستقبل) و(المدن وأزمة المناخ ) و (معاً أقوى) و(تمويل توطين أهداف التنمية المستدامة) و( العصر الرقمي المرتكز على الإنسان) و( فقدان السكن).
واشارت الي ان المنتدي فرصة كذلك لاستعراض جهود وزارة التنمية المحلية في تقليل الفجوات التنموية بين الريف والحضر عن طريق تنفيذ المبادرة الرئاسية ” حياة كريمة ” وكذا سد الفجوة بين الوجه البحري والقبلي عن طريق برنامج التنمية المحلية بصعيد مصر .
وأكد المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، أن مصر حققت مكتسبات قوية في ملف التنمية العمرانية على مدار الـ10 سنوات السابقة في ضوء توجيهات فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أصبحت مصر تمتلك قصص نجاح متنوعة وقوية في ملف التنمية الشاملة.
وأشار إلى أن المنتدى الحضري العالمي في نسخته الـ12 يعتبر فرصة قوية لتبادل الخبرات مع جميع شركاء التنمية من دول العالم كافة، موضحا أن الدولة المصرية ممثلة في وزارة الإسكان، تستهدف تعظيم الاستفادة من استضافة المنتدى الحضرى العالمى، لعرض التجربة العمرانية، ومشاركتها مع مختلف دول العالم، إضافة إلى توفير فرصة جيدة لتصدير العقار المصري، وفتح آفاق وأسواق جديدة لشركات المقاولات المصرية والمكاتب الاستشارية والمطورين العقاريين، للانطلاق نحو الأسواق العربية والأفريقية والعالمية.
وأضاف أن الشركات المصرية أصبحت تمتلك حجم خبرات قويا ومعدات ضخمة تجعل أمامها فرصة للتوسع الخارجي خلال الفترة المقبلة.