تعتبر الشركات الناشئة أحد أهم عوامل التنمية في الاقتصاديات بشكل عام، حيث تساهم في حل العديد من المشاكل، وتفتح العديد من الفرص للعمل، ومع ازياد نطاق عمل الشركات بناء علي الثورة التكنولوجية التي نعشيها، أصبح الاقتصاد الرقمي هو اقتصاد القرن القادم لكل البلدان.
وبالنظر إلى طبيعة الشركات الناشئة وآليات نموها وتمويلها، نجدها تواجه تحديات كبيرة في تطبيق مفاهيم الحوكمة والامتثال والمخاطر، فعادة لا تتوافر للشركات الناشئة نفس الموارد التي توجد للشركات الكبيرة، فيصعب تطبيق هذه المفاهيم، ويركز الفريق المؤسس على نمو الشركة وتحقيق نصيب له في الأسواق التي تعمل بها، إلا أن تطبيق هذه المفاهيم بشكل جيد يعتبر من العوامل الحاسمة للحفاظ على استدامة نمو الشركات الناشئة، فضلاً عن تعزيز ثقة المستثمرين والعملاء في هذه الشركات.
وأستعرض في هذا المقال مفاهيم الحوكمة والامتثال والمخاطر في ضوء طبيعة الشركات الناشئة كما يلي:
يبدأ مفهوم الحوكمة في الشركات الناشئة من التركيز على مراقبة أداء الإدارة والمسؤولين، وتحديد مهام كل منهم بوضوح وشفافية.
ويشمل ذلك أيضاً تحديد معايير الأداء والنمو المستقبلي، وتحديد الآليات اللازمة لمتابعة تنفيذ هذه المعايير. كما يتضمن هذا المفهوم أيضًا الحفاظ على مصالح المساهمين وتطبيق القوانين واللوائح ذات الصلة.
وبالنسبة لتطبيق مفهوم الامتثال في الشركات الناشئة، فهو يشير إلى الالتزام بالقوانين واللوائح المنظمة لنشاط الشركة، وتطبيق أفضل الممارسات في هذا الصدد. ومن أهم مجالات التزام الشركات الناشئة بالقوانين واللوائح هي مجالات الضرائب والعمل، فضلاً عن قوانين الملكية الفكرية والحماية الأمنية.
أما مفهوم المخاطر في الشركات الناشئة، فهو يعني تحديد المخاطر المحتملة التي يمكن أن تؤثر على النمو والاستدامة العملية التجارية للشركة، وتحديد الآليات اللازمة للتعامل مع هذه المخاطر، ويشمل تقييم المخاطر المالية والقانونية والتشغيلية والسمعة التجارية، وتحديد الأجور وغيرها من المخاطر المحيطة بالشركة.
ومما لا شك فيه أن تطبيق مفاهيم الحوكمة والامتثال والمخاطر في الشركات الناشئة يوفر العديد من الفوائد التي تساعد على نمو الشركات وتعزيز استدامتها على المدى الطويل، منها ما يلي:
(1) زيادة الثقة والشفافية
يؤدي تطبيق مفاهيم الحوكمة والامتثال إلى زيادة الثقة بين المساهمين والعملاء والجهات الرقابية والمستثمرين. فعندما يكون لدى الشركة نظام حوكمة جيد، يعزز ذلك الثقة بأن المؤسسين والإدارة يتحكمون في عمل الشركة بما يخدم المصالح العامة. كما يحدث ذلك عندما تلتزم الشركة بالقوانين واللوائح المنظمة لنشاطها وتتبع أفضل الممارسات في هذا الصدد.
(2) جذب المستثمرين
يتمتع المستثمرون بثقة أكبر في الشركات التي تلتزم بمفاهيم الحوكمة والامتثال والمخاطر، حيث يعتبرون هذه الشركات أكثر جاذبية للاستثمارات. فالمستثمرون يبحثون دائمًا عن الشركات التي تتمتع بنظام حوكمة جيد، والتي تلتزم بالقوانين واللوائح، وتتبع أفضل الممارسات في التعامل مع المخاطر.
(3) تقليل المخاطر
يساعد تطبيق مفاهيم المخاطر على تحديد المخاطر المحتملة التي يمكن أن تؤثر على نمو الشركة واستدامتها على المدى الطويل، وتحديد الآليات اللازمة للتعامل مع هذه المخاطر. فعندما تتمكن الشركة من التعامل بفاعلية مع المخاطر، يتم تقليل الخسائر المحتملة في المدي القريب.
وبناء عليه، نجد أن من المفيد للشركات الناشئة البدء في تطبيق مفاهيم الحوكمة والامتثال والمخاطر لضمان الاستدامة والنمو، ولكنني أهمس لكل مؤسس أن هذا التطبيق هو عملية مستمرة تتطلب الكثير من المراجعة والمراقبة والتكييف مع الظروف المحيطة بشركته لتحقيق النمو المرجو.
تحليل كتبه: د/ فادي إسماعيل
استشاري الأعمال وحوكمة الشركات