في مثل هذا اليوم، 12 نوفمبر من عام 1990، شهد العالم حدثا تاريخيا غير مسار تطوره بشكل جذري، حينما قدم العالم البريطاني تيم بيرنرز لي اقتراحا رسميا لمشروع طموح أطلق عليه اسم “شبكة الويب العالمية” (WorldWideWeb) إلى مؤسسة الأبحاث النووية الأوروبية “سيرن” (CERN).
لم يكن هذا الاقتراح مجرد فكرة، بل خارطة طريق واضحة لرؤية ثورية حول كيفية ربط وتبادل المعلومات في العالم، فقد كان اقتراح بيرنرز لي رؤية شاملة لشبكة عالمية تربط بين النصوص والصور والصوت والفيديو، مما يتيح للمستخدمين تصفح هذه المعلومات بسهولة وفعالية.
تضمن الاقتراح تصورات واضحة لنظام عناوين موحدة (URIs)، وهي عبارة عن سلسلة من الأحرف والأرقام التي تحدد موقع كل مورد على الويب بشكل فريد، ولغة ترميز النصوص التشعبية (HTML)، وهي اللغة المستخدمة لإنشاء صفحات الويب وتنسيق المحتوى، بالإضافة إلى بروتوكول نقل النص التشعبي (HTTP)، وهو البروتوكول الذي يستخدم لنقل البيانات بين خوادم الويب ومتصفحات الويب.
لم يقتصر بيرنرز لي على تقديم الاقتراح، بل عمل بجد لتطبيق رؤيته على أرض الواقع، ففي غضون أشهر قليلة، تمكن من تطوير النماذج الأولية لخادم الويب (Web Server)، وهو برنامج يعمل على جهاز كمبيوتر متصل بالإنترنت، ويقوم بتخزين صفحات الويب وتقديمها عند طلبها من قبل المتصفحات، وكذلك متصفح الويب (Web Browser)، وهو برنامج يعمل على جهاز المستخدم، ويقوم بطلب صفحات الويب من الخادم وعرضها على الشاشة.
في أغسطس من عام 1991، أعلن بيرنرز لي عن مشروعه علنا، مما فتح الباب أمام العالم لاكتشاف هذه التقنية الجديدة،ـ وفي نفس الوقت، أطلق أول خادم ويب عام مستضاف في سيرن، مما سمح للعلماء في جميع أنحاء العالم بالوصول إلى المعلومات وتبادلها.
لم يكن لظهور الويب العالمية تأثيرا محدودا، بل امتد إلى جميع جوانب الحياة، فقد أدى إلى ثورة المعلومات، التي جعلت المعلومات متاحة للجميع في أي وقت وفي أي مكان، مما ساهم في توسيع آفاق المعرفة والتعلم.
شكل الويب الأساس للاقتصاد الرقمي الحديث، حيث أصبحت التجارة الإلكترونية والتواصل الاجتماعي والخدمات الرقمية جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، كما ساهم في تقريب المسافات بين الناس، ومكنهم من التواصل والتفاعل مع بعضهم البعض بسهولة وسرعة، ولعب الويب دورا هاما في العديد من الثورات والتغيرات الاجتماعية والسياسية التي شهدها العالم في العقود الأخيرة.