في مثل هذا اليوم، 8 أغسطس من عام 1980، شهدت شركة “آي بي إم” (IBM) لحظة مفصلية غيّرت مسار صناعة التكنولوجيا إلى الأبد، ففي قاعة الاجتماعات، وقف فريق صغير يُعرف باسم “مشروع الشطرنج” (Project Chess) ليعرض نموذجًا أوليًا لحاسوب شخصي أمام الإدارة العليا.
لم يكن العرض مجرد تجربة تقنية، بل كان إعلانًا عن نية “آي بي إم” (IBM) دخول سوق الحواسيب الشخصية الذي كان يشهد آنذاك نموًا متسارعًا تقوده شركات ناشئة مثل آبل (Apple) وكومودور (Commodore).
قاد الفريق المهندس وليام لو، الذي اختار العمل بعيدًا عن بيروقراطية الشركة في وحدة مستقلة في فلوريدا، وحمل النموذج الذي قدّمه الفريق الاسم الرمزي “أكورن” (Acorn)، وتميّز بتصميم مفتوح يتيح التوسعة، واحتوى على ذاكرة داخلية (ROM) بسعة 32 كيلوبايت، وذاكرة وصول عشوائي “رام” (RAM) بسعة 16 كيلوبايت، إلى جانب خيارات متعددة للشاشة والطابعة والمعالجات المساعدة.
كان الهدف واضحًا: إنتاج حاسوب عملي خلال عام واحد فقط، قادر على منافسة المنتجات الرائجة في السوق، ووافقت إدارة “آي بي إم” (IBM) على المشروع، ومنحت الفريق الضوء الأخضر للانطلاق.
بعد عام وأربعة أيام فقط، وتحديدًا في 12 أغسطس 1981، كشفت الشركة عن أول حاسوب شخصي لها “آي بي إم 5150” (IBM 5150)، والمعروف باسم كمبيوتر آي بي إم الشخصي (IBM PC)، وصدر الحاسوب بسعر ابتدائي بلغ 1,565 دولارًا، ويعمل بمعالج إنتل (Intel 8088) بسرعة 4.77 ميجاهرتز، ويستخدم نظام تشغيل من تطوير شركة مايكروسوفت، والذي أصبح معيارًا صناعيًا، وأسس لما يُعرف اليوم بالحواسيب المتوافقة مع آي بي إم.
لم يكن ذلك العرض في أغسطس 1980 مجرد اجتماع تقني، بل كان لحظة ولادة لعصر جديد من الحوسبة الشخصية، ومن خلاله، أثبتت “آي بي إم” (IBM) أن الابتكار يمكن أن ينبثق من فرق صغيرة مستقلة، وأن الرهان على المستقبل يبدأ بفكرة جريئة ونموذج أولي.