في مثل هذا اليوم، الثاني من أكتوبر من عام 1955، ودع العالم بأسره أحد أبرز رموزه في مجال الحوسبة، فبعد مسيرة حافلة بالإنجازات امتدت لأكثر من عقد من الزمن، تم إيقاف تشغيل الحاسوب العملاق “إنياك” ENIAC.
هذا الجهاز الضخم الذي كان بحجم غرفة كبيرة، والذي اعتُبر في عصره معجزة هندسية، قد يبدو بدائياً مقارنة بأجهزة الحاسوب المحمولة التي نستخدمها اليوم، إلا أنه كان بمثابة شرارة الانطلاق لعصر جديد.
ووقف فريق من العلماء والمهندسين الموهوبين وراء تطوير حاسوب “إنياك” ENIAC، وقد عملوا لسنوات طويلة في ظروف صعبة لتطويره. ففي ذلك الوقت، كانت تكنولوجيا الإلكترونيات لا تزال في بداياتها، وكانت مكونات الحاسوب ضخمة وهشة، وكانت تتطلب صيانة مستمرة.
كان على هؤلاء العلماء والمهندسين أن يتغلبوا على العديد من التحديات التقنية والهندسية، وأن يبتكروا حلولا مبتكرة للمشاكل التي واجهوها، وقد تطلب الأمر منهم سنوات من العمل الشاق والتفكير الإبداعي قبل أن يتمكنوا من بناء أول حاسوب إلكتروني عام الغرض في العالم.
قبل “إنياك” ENIAC، كانت الحسابات المعقدة تستغرق وقتا طويلا، وتعتمد على جهود بشرية كبيرة، أما مع ظهوره، فقد تمكن العلماء والمهندسون من إجراء ملايين الحسابات في ثوان معدودة، مما فتح آفاقا جديدة في مجالات العلوم والتكنولوجيا.
ولعب “إنياك” ENIAC دورا حاسما في تطوير الأسلحة النووية خلال الحرب العالمية الثانية، كما استخدم في العديد من التطبيقات العلمية الأخرى، مثل الأرصاد الجوية والفيزياء النووية.
ورغم أن “إنياك” قد تقاعد بعد 11 عاما من الخدمة، إلا أن إرثه لا يزال حيا حتى يومنا هذا، فقد مهد الطريق لتطوير أجيال جديدة من الحواسيب، وألهم العلماء والمهندسين على الاستمرار في دفع حدود المعرفة البشرية.
إن قصة “إنياك” ENIAC هي قصة عن التعاون والعمل الجماعي، وهي تظهر لنا أهمية الإصرار والعزيمة في تحقيق الأهداف، وقد كان هؤلاء العلماء والمهندسون روادا حقيقيين، مهدوا الطريق لأجيال لاحقة من العلماء والمبتكرين.