Follow ICT
شعار الموقع الاساسى
جايزة 160
جايزة 160

«السيادة الرقمية هدف إستراتيجي».. مصر تحكم قبضتها على مظلتها السيبرانية لدعم التنمية الشاملة

أصبح ملف الأمن السيبراني قضية سيادية وتنموية لدى الدولة المصرية خلال السنوات القليلة الماضية، باعتباره حجر الأساس لبنية تحتية رقمية أمنة وقاعدة بيانات قوية في ظل تسارع عملية التحول الرقمي للدولة كمحور رئيسي للتنمية الشاملة، وبالتوزاي مع عصر التحولات التكنولوجية الكبرى التي تفرز العديد من الابتكارات والتقنيات، إلى جانب المتغيرات والتوترات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، التي تحتاج إلي استراتيجيات استباقية تواكب هذه المستجدات وتوظف الإمكانات المتاحة بالشكل الأمثل.

ووفقا لتقارير رسمية، تبلغ تكلفة خسائر الهجمات السيبرانية عالميًا نحو 10 تريليونات دولار سنويًا، ما يجعلها خامس أكبر تحدٍ عالمي بعد التغير المناخي، الأوبئة، الأمن الصحي، والتحديات الجيوسياسية، حيث تقع أكثر من 2328 هجمة يومياً، أي ما يعادل نحو 850 ألف هجمة إلكترونية سنوياً، بينما تشير شركة ماكينزي إلى أن تزايد الجرائم الإلكترونية ستؤدي إلى دفع الإنفاق العالمي على منتجات وخدمات الأمن السيبراني إلى 1.75 تريليون دولار بشكل تراكمي حتي نهاية 2025.

وكشف مؤتمر ومعرض CAISEC’25 الذي اختتمت فعالياته أمس الإثنين، عن العديد من التوجهات وأيضا التحديات في ملف الأمن السيراني على مستوى التشريعات والحلول المتوفرة إلى جانب تطور الحروب السيبرانية وأدواتها ودور الذكاء الاصطناعي المذدوج في الأمن الرقمي العالمي، مطالبا في جلساته الرئيسية على ضرورة توظيف الأنظمة الدفاعية المتقدمة وآليات التحليل والتنبؤ الذكية مع تزايد تعقيد المشهد الرقمي، حيث تواجه الحكومات والمؤسسات موجةً متصاعدةً من تهديدات الجرائم الإلكترونية، إلى جانب تحديات نقص الموارد البشرية الكفؤة، واستغلال مجرمو الإنترنت أحدث التقنيات لاختراق الأنظمة وسرقة البيانات وارتفاع الاستثمار في الأمن السيبراني.

واستطلعت FollowICT ، أراء العديد من الخبراء للوقوف على خطوات واضحة لتعزيز المقومات السيرانية للدولة المصرية كركيزة أساسية للتأسيس لمستقبل مستدام، حيث أشاروا إلي ضرورة تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الحكومة والشركات التقنية الرائدة لتطوير حلول مبتكرة لحماية البنية التحتية الحيوية والأصول الرقمية، وبناء القدرات الوطنية في مجال الأمن السيبراني من خلال تدريب وتأهيل الكوادر منوهين إلى أنه في ظل تطور التهديدات السيبرانية فإن التدابير الأمنية التقليدية غير كافية.

وأكدوا على ضرورة تعظيم قوة الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لإنشاء أنظمة دفاع تنبؤية قادرة على توقع التهديدات وتحييدها قبل وقوعها إلى جانب الاستثمار في التقنيات الناشئة وتحفيز الابتكار في هذا المجال ، وتوسيع نطاق برامجنا التوعوية لتشمل جميع فئات المجتمع وعقد ورش عمل مكثفة للتعريف الشركات والمؤسسات الحكومية بأحدث التهديدات والتدابير الأمنية العملية لمواجهتها.

وتوقع الخبراء استمرار الهجمات التقليدية من جهة مثل التصيّد الاحتيالي، والهندسة الاجتماعية، وبرامج الفدية، إلى جانب حدوث قفزة نوعية في تركيبة هجمات سيبرانية حديثة تستخدم الذكاء الاصطناعي، تعد الأكثر تعقيدًا وصعوبة في رصدها إلا بتقنيات أكثر حداثة ، بما يتطلب  ضرورة امتثال جميع الجهات الحكومية والخاصة إلى معايير الأمن السيبراني، بما يضمن تفادي تعرضهم لمثل هذه الهجمات الإلكترونية الخبيثة.

فهل نحن جاهزون على مستوى البنية التحتية والموارد البشرية، وماهي التطورات الأخيرة التي يشهدها هذا الملف على مستوى التكنولوجيات وأليات التحقق والتنبؤ وأهم القطاعات المستهدفة؟

في تصريح للدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، اختصنا به، قال إننا أصبحنا نعيش في ظل منظومة تكنولوجية متكاملة تضم الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء (IoT) والجيل الخامس ، والتي تتضافر معا لخلق قيمة، وهو ما يظهر واضحا في معظم المشروعات والخدمات الحالية المعتمدة على الأتمتة، والتي يتم التحكم بها باستخدام إنترنت الأشياء والاتصال بشبكة الجيل الخامس، ويتم إدارتها بالذكاء الاصطناعي، وحمايتها بحلول الأمن السيبراني.

الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات
الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات

وأضاف الوزير: “نسعى لبناء كوادر بشرية مؤهلة في كل هذه المجالات، والجميع يتابع جهود وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عبر مبادرات التدريب التي تستهدف كل مواطن مصري على مختلف فئاتهم العمرية وثقافتهم ومستوى تعليمهم، كما نعمل مع الجامعات المصرية، والتي تزخر بكوادر وأساتذة وعلماء في العلوم التكنولوجية الأحدث عالميا، والتكامل بيننا وبين منظومة التعليم العالي على أعلى مستوى في مجال رفع القدرات وسد الفجوات المهارية، ونحن حريصون على أن تحقق مصر اكتفاء ذاتيا من الكوادر والخبرات في هذه القطاعات الحيوية.

وأكد وزير الاتصالات ، على أن المخاطر السيبرانية تتسارع وتتعاظم، في ظل الاعتماد المتزايد على البيانات، التي باتت تُعدّ من أهم ثروات الدول، والتي تمثل كذلك عنصراً رئيسياً في تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي موضحا  أن هذا الاعتماد المتنامي يحمل معه جانباً مظلماً يتطلب استعداداً وتحوطاً عالياً.

وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطوراً نوعياً في التهديدات، لا سيما مع بروز الحوسبة الكمية، التي باتت واقعاً يلوح في الأفق. وهي تقنية ذات قدرات هائلة قد تُستخدم في كسر الشيفرات والدروع السيبرانية التقليدية، مما يستدعي تطوير دفاعات “آمنة كمياً” قادرة على مواجهة هذا التهديد المستقبلي.

قال الدكتور عادل عبد المنعم، الخبير الدولي في الأمن السيبراني: “مصر لديها ميزة تنافسية في الموارد البشرية، وهذا رأي لا يوجد به شبهة تحيز، ليس فقط لتميزها وكفاءتها، ولكن لمشاركتها دون مبالغة في دعم العديد من الدول المحيطة بنا إقليميا في تطوير بنيتها التحتية وأنظمة الأمن السيبراني الخاصة بها، كما أن كثير من المصريين يرأسون مؤسسات ولهم مراكز مرموقة في شركات عالمية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وهذا إقرار لأمر واقع دون مبالغة.”

وأضاف: “لدينا بنية تحتية تحظى بتطور إيجابي ومستمر، لكننا لم نصل لما نتمناه أو نرجوه، وأعتقد أننا في حاجة إلى التركيز في المرحلة القادمة على وضع رؤية استراتيجية لتوطين صناعة الأمن السيبراني، حتى لو تم تنفيذها من خلال خطة طويلة الأجل لعشر سنوات مثلا، نبدأ من خلالها بداية جادة في مفهوم توطين صناعة الأمن السيبراني والمجالات ذات الصلة من تطبيقات وبنية تحتية، فالعالم بأكمله يعاني حاليا، ويضع في أولوياته مشاكل مثل مخاطر سلاسل الإمداد، فكلما اعتمدت على تقنيات أو برمجيات مستوردة، كلما كانت فرص الاختراق أعلى، وهذا لا يعني بالضرورة أن ما تعتمد عليه سئ، لكن كلما كانت مراحل سلاسل الإمداد أكثر كلما كانت عرضة للأخطار السيبرانية.”

الدكتور عادل عبد المنعم
الدكتور عادل عبد المنعم

وحول التطورات التي يشهدها قطاع الأمن السيبراني بفضل ثورة الذكاء الاصطناعي المتنامية حاليا، قال: “للذكاء الاصطناعي تأثير عظيم على الأمن السيبراني والهجمات على حد سواء، فكما تعتمد الهجمات السيبرانية المتقنة الصنع حاليا على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي، تعتمد أنظمة الكشف والاستجابة والتنبؤ بهذه الهجمات أيضا على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولدينا اليوم مراكز ذاتية التحكم (Autonomous SOC) للتنبؤ بالهجمات السيبراني لا تحتاج إلى تدخل بشري، تقوم على الذكاء الاصطناعي في اكتشاف والتنبؤ بالهجمات قبل حدوثها بناء على معطيات علمية معينة، كما تبدأ في تحديد مصادر الهجوم، ومحاولة منعها قبل وقوعها أو على الأقل الإبلاغ عنها لبدء اتخاذ إجراءات الحماية المناسبة. هذه المقدرة الهائلة على اكتشاف الهجمات ورصدها قبل حدوثها أو تفاقم تأثيرها تعود بصورة كبيرة إلى التقدم الهائل في تقنيات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي.”

وردا على أهم القطاعات المستهدفة من الهجمات السيبرانية، وهل يمكن أن تتحول مصر إلى مركز إقليمي للأمن السيبراني، قال: “أتصور أن مصر لديها مقومات لكي تصبح مركزا إقليميا للأمن السيبراني، خاصة فيما يتعلق بالعامل البشري، ولدينا تجارب مشابهة في دول شقيقة، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات، التي حققت طفرة كبيرة ونقلة نوعية في هذا القطاع، لذلك أرى أن الاستثمار في العامل البشري يمكننا من تصدير خدماتنا أو تقديمها بنظام الأوف شور لشركات عالمية خارج نطاق مصر. مع ذلك، يتطلب التحول إلى مركز إقليمي لحزمة من التحديثات التشريعية واللوائح التنظيمية والتسهيلات للمستثمرين وجميع النواحي المرتبطة بسوق العمل في هذا المجال الحرج شديد التسارع، ويجب أن تكون هذه التشريعات سريعة ومرنة، بالإضافة إلى تطوير الكفاءات.”

ويضيف: “تختلف القطاعات المستهدفة بحسب اختلاف طبيعة الهجمات، فالمخترقين أو الهاكرز المدعومين من دول غالبا ما يستهدفون البنية التحتية التي يؤدي الهجوم عليها إلى شلل على نطاق واسع، أو سرقة بيانات حساسة في قطاعات مؤثرة مثل القطاع المصرفي أو قطاع الطاقة أو المدن الذكية، والأخيرة على الرغم من مزاياها العظيمة، فإنها معرضة لمخاطر عالية للغاية يمكنها أن تصيبها بالشلل التام في حالة نجاح الهجمات السيبرانية على أنظمتها. وفي حالة المخترقين الأفراد أو المنظمات الإجرامية، يكون الهدف غالبا هو الابتزاز عبر هجمات الفدية الإلكترونية، والتي تقوم بتشفير البيانات على أجهزة الضحايا مقابل طلب مبالغ مالية، وقد حققت هذه الهجمات نموا كبيرا في تأثيرها وعائد الابتزاز الذي حققه المخترقين عالميا.

محمد شبل
محمد شبل

وفي رده على مدى جاهزية مصر، على مستوى البنية التحتية والموارد البشرية، للتطورات التي تحدث في الأمن السيبراني، قال المهندس محمد شبل، رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات في اورنچ مصر: “في ظل التطور المتواصل في سباق الأمن السيبراني، لا يمكن القول بأن دولة ما، ومن ضمنها مصر، جاهزة 100% أمام تحديات هذا القطاع، لكن التقييم الحقيقي للوضع في مصر يقول أننا وضعنا إمكانيات كبيرة جدا خلال السنوات الماضية في التحول الرقمي بشكل عام، ومن ضمنها خدمات الأمن السيبراني، ولا زلنا مستمرين في مسيرتنا بحيث نتطور مع كل تغيير قادم في المستقبل، والأمر أشبه بسباق لا ينتهي ما بين الهجمات السيبرانية المتنامية والحماية والوقاية منها والتصدي لها.”

وأضاف: “هناك كثير من التطورات التي طرأت على مجال الأمن السيبراني في مصر، ومنها جزء التدريب أو المهارات، والذي تهتم به شركة اورنچ بشكل خاص، وتهتم به الدولة المصرية بشكل عام، وكذلك خدمات التجمعات التي تتحدث عن مهام الأمن السيبراني، وكيف تحسن من الحماية والتصدي للهجمات السيبرانية، كما أن هناك الذكاء الاصطناعي بمشتملاته، والذي سيغير من وجه الأمن السيبراني تماما، وتعد اورنچ من الشركات الرائدة العاملة في هذا المجال من أجل توفير أفضل الممارسات في العالم كله، ونقل هذه الخبرات إلى مصر من خلال الشركة الأم.”

وحول أفضل الممارسات للتعامل مع الهجمات السيبرانية، قال شبل: “المعادلة الكاملة للأمن السيبراني تتكون من 3 أطراف، هي التحقق في مرحلة ما قبل الأزمة، وداخل الأزمة، وما بعد الأزمة. يجب التحقق أولا من العنصر البشري، وهل هو مدرب بشكل كافي على أحدث التقنيات، ثم التحقق من المنظومة الأمنية نفسها، ومسؤولية كل فرد من أفرادها، والحفاظ على عدم تعارض مهامهم، ثم تأتي مرحلة منتج الأمن السيبراني من الشركات المختلفة، الذي يتم الاعتماد عليه في الحماية وصد الهجمات. من أجل اكتمال أركان هذه المعادلة للأمن السيبراني، يجب الحفاظ على التدريب المستمر ورفع مستوى الكفاءات لمواكبة أي تطور في هذا القطاع، وعلى سبيل المثال، هناك تطور كبير في مجال الذكاء الاصطناعي وعلاقته بالأمن السيبراني، وهو ما نعمل عليه حاليا لكي نواكب هذا التطور الهائل في هذا القطاع الحيوي.”

وحول أبرز القطاعات المستهدفة للهجمات السيبرانية، قال شبل: “كل القطاعات تقريبا أصبحت عرضة للهجمات السيبرانية، بدءا من الصناعات العسكرية إلى القطاع المصرفي والسياحة وغيرها، فجميعها تمثل هدفا مغريا للمخترقين الذين يبحثون عن فدية إلكترونية أو سرقة معلومات أو تسريب بيانات، فلم يعد هناك أي قطاع تقريبا بمأمن من الهجمات السيبرانية.”

وأضاف: “تمثل فئة الشباب نسبة 70% تقريبا من التركيبة السكانية في مصر، ونحن نهتم بتدريب وتطوير هذه القدرات البشرية، التي يمكنها خدمة مصر والشرق الأوسط أيضا في كثير من القطاعات التكنولوجية الحيوية، وكثير منهم يقدمون خبراتهم بالفعل للعديد من الدول الأخرى بالمنطقة، وهذه القوة البشرية يمكنها أن تجعل مصر مركز إقليمي للأمن السيبراني

المهندس محمد عابدين
المهندس محمد عابدين

ويرى محمد عابدين، الشريك المؤسس لشركة كوربوريت ستاك والمدير الإقليمي، أن مصر حققت تقدمًا ملموسًا في تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز قدرات الشبكات ومراكز البيانات، إلا أن جاهزية الموارد البشرية ما زالت بحاجة إلى مزيد من الاستثمار في التدريب والتأهيل المتخصص لمواكبة تطورات الأمن السيبراني المتسارعة.

وقال عابدين: “عالميًا، تطورت أدوات الأمن السيبراني لتشمل تقنيات الذكاء الاصطناعي، التحليل السلوكي، والأنظمة التنبؤية. أما محليًا، فتعتمد مصر بشكل رئيسي على الحلول التقليدية، مع بداية إدماج محدودة لأدوات ذكية في بعض المؤسسات، إضافة إلى تطور في استخدام آليات التحقق مثل المصادقة متعددة العوامل والهوية الرقمية.”

وحول أهم القطاعات المستهدفة بالهجمات السيبرانية، أكد عابدين أن القطاعات الحيوية مثل البنوك، والطاقة، والاتصالات، والرعاية الصحية، والجهات الحكومية تُعد الأكثر استهدافًا بسبب طبيعة بياناتها وتأثيرها المباشر على الأمن القومي والاقتصادي.

وعن وجود فرصة سانحة أمام مصر للتحول إلى مركز إقليمي للأمن السيبراني، قال عابدين: “نعم، مصر تمتلك مقومات واعدة مثل الموقع الجغرافي، الإمكانات البشرية، والدعم الحكومي. إلا أن التحول إلى مركز إقليمي يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة، واستثمارات طويلة الأجل في التكنولوجيا والتعليم والشراكات الإقليمية والدولية.”

مضيفا أن أبرز الاحتياجات الرئيسية لتحقيق هذا الهدف تتضمن “تأهيل المزيد من الكفاءات البشرية المتخصصة، وتطوير التشريعات والسياسات الداعمة للأمن السيبراني، وتعزيز البحث العلمي والابتكار في المجال، وإقامة مراكز استجابة متقدمة على مستوى إقليمي، إلى جانب تشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص.”

وينتقل عابدين إلى أبرز التحديات، فيقول: “نقص الكوادر المؤهلة، وتزايد تعقيد الهجمات السيبرانية، ومحدودية الوعي المؤسسي والمجتمعي، إلى جانب الحاجة إلى تحديث السياسات، والتأخر في تبني التقنيات الحديثة مقارنةً بالدول المتقدمة

من جانبه يقول المهندس محمود فرج، خبير تكنولوجيا وأمن المعلومات: هناك طفرات تكنولوجية حدثت في الفترة الأخيرة وخصوصا فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، وهناك تطورات كبيرة أيضا فيما يتعلق بالأمن السيبراني، ومن جانبنا فنحن نحاول أن نواكب التطورات التي تحدث ونكون على بداية الطريق، ولذلك بدأت الدولة تستعد وتطور من البنية التحتية الخاصة بالتكنولوجيا وأصبح هناك التحول الرقمي، وبدأنا نطلق الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، والتطورات التكنولوجية التي بدأت تظهر في الجانب الحكومي، وفي نفس الوقت لدينا كفاءات قوية في مجال الأمن السيبراني، ولذلك لم تتأثر مصر بعمليات الاختراق الأخيرة، ولكن مازلنا نحتاج إلى كفاءات أكبر، ولذلك تعمل الدولة على نشر هذا العلم بوجود تدريبات خاصة بالأمن السيبراني، وزادت درجة اهتمام الجامعات والمدارس بالذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات، مما يساعد في وجود شباب متخصص في تلك المجالات، والعمل على صد أي عمليات اختراق.

ويضيف أن التطورات الحديثة التي حدثت مثل دخول الـ 5G، وزيادة سرعة نقل البيانات مما سيجعل لدى المخترقين القدرة على سرعة نقل البيانات الحساسة الخاصة بالأشخاص أو الجهات الحكومية في وقت قصير، ولذلك يجب أن نكون مستعدين لحماية تلك البيانات، فيمكن أن تحدث عمليات اختراق قوية على مستوى القطاع الحكومي، وعلى مستوى الشعب تحدث عمليات نصب أكثر من الاختراقات، وبالتالي يتم سحب بياناتهم المالية، ومن الممكن أن يكون الموظف سببا في اختراق أنظمة أي جهة حكومية أو الشركة التي يعمل بها، وبالتالي يجب أن نستمر في عمليات التوعية لتطوير العقل البشري ليواكب التطور التكنولوجي.

ويشير فرج إلى أنه على مستوى التطورات الخاصة بالهجمات السيبرانية فقد أصبح يتدخل الذكاء الاصطناعي لاكتشاف التهديدات بشكل سريع، وتحليل سلوك حركة البيانات، وأصبح هناك أدوات جديدة تمكن من اكتشاف التهديدات سريعا أو محاولات الاختراق، ويمكن التحقق بأكثر من طريقة قبل الدخول على أي نظام، وأصبح هناك اعتماد كبير على عمليات التشفير والبلوك تشين في قطاعات كبيرة

أما عن أهم القطاعات المستهدفة فيقول إن هناك العديد من القطاعات المستهدفة مثل القطاع الحكومي والمالي والمصرفي وقطاع الطاقة والصحة والتعليم، بجانب الجهات الخاصة بالأمن والأنظمة الدفاعية، ويكون وراءها أجهزة استخبراتية تحاول اختراق تلك الجهات للحصول على معلومات تفيدهم، وهذا رأيناه في أمريكا على سبيل المثال حيث تم اختراق البنتاجون وقطاعات الجيش.

وعن تحول مصر إلى مركز إقليمي للأمن السيبراني فيشير إلى أنه من الإحصائيات الأخيرة فمصر من أكثر الدول التي لديها نسبة وعي كبيرة بعمليات الاختراق وكفاءات قوية يمكن استخدامهم للكشف عن عمليات الاختراق أو العمليات الاستباقية للاختراق، ولكن لكي يكون لدينا مركز إقليمي للأمن السيبراني فهناك أماكن تحاول أن تحتكر تلك العلوم مثل أمريكا أو الصين، ولكن علاقتنا بالصين قوية، ويمكننا أن يكون لدينا مركز إقليمي ولكن نحتاج إلى جذب هذه العلوم ويكون لدينا كفاءات أكبر على دراية بتلك العلوم المتقدمة، فالعنصر البشري مهم للإعداد لهذا المركز، ويمكن أن يحدث ذلك في وقت من الأوقات، بجانب أهمية اجتذاب التكنولوجيا لدينا مثلما يحدث في دول الخليج التي تصرف على التكنولوجيا بصورة كبيرة، ونحتاج إلى الاهتمام بذلك في مصر، فبترول العصر هو البيانات ونحن نحتاج إلى الحفاظ على البيانات.

ويضيف أننا نحتاج إلى إطار تشريعي وتنظيمي مرن وحديث يواكب التغيرات التي تحدث، ويكون هناك قوانين تنظم الأمور بشكل كبير، ونحتاج إلى قانون قوي ورادع ينظر هذه العملية، بالإضافة إلى وجود شركات دولية في مصر لنشر هذه التكنولوجيا، وتساعد على تطوير الشركات الموجودة في مصر، ويكون لدينا مراكز متخصصة في أبحاث الأمن السيبراني، ويكون هناك استثمار كبير ورأس مال كبير في العامل البشري، وتوفير بنية تحتية متقدمة لنكون مركز إقليمي، وقد أصبح لدينا مدن ذكية بجانب العاصمة الإدارية، فكلها محاولات هامة ليكون لدينا بنية تحتية قوية، ونحتاج إلى الاهتمام بالمحافظات الأخرى لتطوير البنية بشكل أوسع.

The short URL of the present article is: https://followict.news/8nvy