في قلب السويد، تُشعل أكياس النيكوتين (السنوس) جدلاً واسعًا بين مؤيديها ومعارضيها، حيث تُعتبر هذه المنتجات بديلاً واعدًا للتدخين التقليدي، حيث يقف باتريك سترومر، الأمين العام لجمعية مصنعي السنوس السويدية، في مقدمة هذا الجدل، مدافعًا عن دور هذه الأكياس في تقليل مخاطر التدخين التقليدي.
ففي مقال نشره مؤخرًا بصحيفة “نورا هالاند”، أشار سترومر إلى أن السويد قد حققت نجاحًا ملحوظًا في خفض معدلات التدخين اليومية، حيث لا يتجاوز عدد المدخنين اليوميين 3% من السكان، وفقًا لأحدث الإحصائيات. وقال: “نحن نسير بخطى ثابتة نحو أن نصبح دولة خالية من الدخان، والسنوس جزء لا يتجزأ من هذه الاستراتيجية.”
تُظهر الدراسات أن أكياس النيكوتين تُعد بديلاً أقل ضررًا مقارنة بالسجائر التقليدية، حيث تخلو من عملية حرق التبغ التي تُسبب أمراضًا خطيرة مثل السرطان وأمراض الرئة. ومع أن النيكوتين يظل مادة تسبب الإدمان، إلا أن المخاطر الصحية المرتبطة بهذه المنتجات أقل بكثير من تلك المرتبطة بالتدخين التقليدي.
في هذا الصدد، يؤكد سترومر أن ربط السنوس بالتدخين التقليدي هو أمر غير دقيق، قائلاً: “أصبح السويديون أكثر وعيًا بأن السنوس ليس كالسجائر، والإحصائيات تُظهر أن استخدامه ساهم في خفض معدلات التدخين بشكل كبير.”
لكن المعركة لم تنتهِ بعد، حيث تحذر منظمات، مثل “جيل غير مدخن”، من أن منتجات النيكوتين البديلة قد تُسهم في انتشار الإدمان بين الأجيال الشابة، حتى لو كانت أقل ضررًا، وتستمر هذه المنظمات في الدعوة إلى التركيز على مخاطر النيكوتين، بغض النظر عن شكله. هذا الجدل يُظهر أن قضية النيكوتين ما زالت معقدة وتتطلب مزيدًا من البحث والتحليل العلمي.
ردًا على هذه الانتقادات، يؤكد سترومر أن السويد قد أثبتت نجاحها في تقليل معدلات التدخين التقليدي، قائلاً: “لا يمكن تجاهل هذه الإحصائيات. السنوس ليس بوابة للتدخين، بل هو خيار منخفض المخاطر ساعد في الحد من التدخين بشكل كبير.” ويشير إلى أن السنوس قد يكون جزءًا من الحل، وليس المشكلة.
على الرغم من أن السويد تُعتبر رائدة في هذا المجال، إلا أن الطريق نحو “دولة خالية من الدخان” ما زال طويلاً. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يُعتبر البلد خاليًا من الدخان إذا كانت نسبة المدخنين اليوميين أقل من 5%. وفي هذا السياق، تُعد السويد نموذجًا يُحتذى به، حيث يعتقد العديد من الخبراء أن تجربتها قد تكون بداية لتحول عالمي في سياسات مكافحة التدخين.
وفي تطور لافت، اعترفت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) مؤخرًا بأكياس النيكوتين كبديل منخفض المخاطر للتدخين التقليدي، وذلك بعد دراسات أظهرت انخفاضًا ملحوظًا في المخاطر الصحية لدى من تحولوا من السجائر إلى السنوس.
يُعد هذا القرار خطوة مهمة نحو تغيير النظرة العالمية تجاه بدائل التدخين الخالية من الدخان، مثل السجائر الإلكترونية والتبغ المسخن.
في النهاية، بينما تُشكل أكياس النيكوتين أداة واعدة في مكافحة التدخين، يظل الإقلاع التام عن النيكوتين هو الخيار الأفضل لصحتك. والسويد، بخطواتها الجريئة، قد تكون على أعتاب ثورة جديدة في عالم الصحة العامة.