تشهد مصر في السنوات الأخيرة تحولاً رقمياً متسارعاً يهدف إلى تمكين المواطنين وخلق فرص عمل في الاقتصاد الرقمي وبناء بنية تحتية متطورة تدعم الجهود التنفيذية لرؤية مصر 2030 ، مع تركيز خاص من الحكومة والقطاع الخاص على تبني التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء لتعزيز الجاهزية الرقمية ومواكبة التطورات العالمية والإقليمية ، إلى جانب تطوير الكفاءات البشرية، وخلق بيئة داعمة للابتكار، في ظل مستهدفات القيادة السياسية بتحويل مصر مركزًا إقليميًا للتكنولوجيا المتقدمة.
وفي سبيل ذلك دشنت الدولة المصرية العديد من المبادرات والاستراتيجيات الشاملة لتحفيز النمو المستقبلي للقطاع، ومنها المحور الخاص بالبنية التحتية الرقمية ضمن مبادرة حياة كريمة، وتدشين وزارة الاتصالات استراتيجية مصر الرقمية التى تستهدف بناء مجتمع رقمى متكامل والعديد من المبادرات في هذا الشأن، إلى جانب تدشين استراتتيجية وطنية متكاملة للذكاء الاصطناعي، وتعزيز نظام عمل القطاع بالعديد من التشريعات والحوافز والرخص الجديدة وأخرها الجيل الخامس للاتصالات.
في حال عمل اختبار جاد للجاهزية الرقمية في مصر.. أشار الخبراء إلى أن الدولة تبنت العديد من الخطوات الهامة التي تدعم جاهزية تبني التقنيات الجديدة حيث استثمرت مبالغ كبيرة في تحسين البنية التحتية واكتساب الأفراد المهارات الرقمية، ولديها خطط للتطوير بصورة أكبر في ظل الشراكة المتنامية مع القطاع الخاص، إلي جانب نمو الطلب من جانب الأفراد والمؤسسات على التكنولوجيات المتقدمة كمسار رئيسي للتنمية وتحسين جودة الحياة على كافة المستويات المهنية والمجتمعية.
وأشاروا إلى أن الخطوات المستقبلية تتمثل في ضرورة إعادة تصميم حزم الحوافز لتعزيز الاستثمار الذكي في القطاع، وتعزيز التواصل مع المستثمرين والمواهب المحلية، ودعم نمو الشركات الناشئة، لضمان إنشاء بيئة عمل ملائمة للتوسع المستقبلي وتستوعب التغيرات العالمية سواءا على مستوى تطور التقنيات، أو التغيرات الجيوسياسية التي فرضت واقعا جديدا على مستقبل القطاع ومساراته التشغيلية وجذب الاستثمارات النوعية وتحركها من دولة لأخري في ظل المنافسة الطاحنة بين الولايات المتحدة والصين.
وأكدوا على أنه في ظل هذه التغيرات المتسارعة، تبرز الحاجة إلى فتح مساحة حوار مجتمعي مؤسسي بين القيادات الرقمية، وصناع القرار، والمجتمع الأكاديمي، والقطاع الخاص، بهدف مناقشة مستجدات التحول الرقمي، واستشراف مستقبل النماذج الرقمية، وبحث سبل تعزيز التكامل الرقمي لخدمة المجتمع، ودفع عجلة التنمية الوطنية نحو اقتصاد رقمي قوي ومستدام.
ووفقا للمؤشرات الدولية الراصدة لمدى الجاهزية الرقمية ، حصلت مصر على التصنيف A في مؤشر جاهزية الحكومة الرقمية الصادر عن البنك الدولي، وتقدمت مصر 6 مراكز في مؤشر جاهزية الشبكات عالميًا، لتحتل المركز 85 خلال عام 2024، مقارنة بالمركز الـ91 في عام 2014، كما تقدمت 46 مركزًا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي، لتحتل المركز 65 عام 2024، وفي مؤشر الأمن السيبراني العالمي، حصلت مصر على 100 نقطة خلال عام 2024، لتصبح ضمن أفضل 12 دولة أداءً على مستوى العالم، كما احتلت المركز الأول إفريقيًا في سرعة الإنترنت الثابت، والمركز السادس في سرعة تحميل الإنترنت عبر الهاتف المحمول في أبريل 2025.
استراتيجية شاملة
تمتلك مصر استراتيجية وطنية متكاملة للذكاء الاصطناعي (2025-2030) تركز على ستة محاور رئيسية تشمل البنية التحتية الحوسبية، وحوكمة البيانات، وتطوير المنظومات الذكية، وتأهيل الكفاءات، والتشريعات، وتعزيز النظام البيئي للابتكار. كما أطلقت وزارة الاتصالات بالتعاون مع اليونسكو برنامجًا لتقييم الجاهزية الوطنية للذكاء الاصطناعي (RAM) لضمان تبني هذه التقنيات بشكل مسؤول ومستدام.
كما دشنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات “رؤية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022-2026″، بهدف دفع القطاع نحو مستويات نمو غير مسبوقة، وترتكز الاستراتيجية على تحقيق قفزة نوعية في عائدات التصدير، حيث تسعى إلى مضاعفة الإيرادات ثلاث مرات بمعدل نمو سنوي مُركب يصل إلى 19% خلال الفترة من 2022 إلى 2026. كما تهدف إلى خلق فرص عمل مستدامة عبر التركيز على الخدمات عالية القيمة، مع إضافة 215,000 وظيفة جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وبحسب استراتيجية “رؤية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022-2026″، تتحمل هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا” مسؤولية تطوير بيئة أعمال تعاونية تُحفّز النمو المستقبلي للقطاع، عبر ركيزتين رئيسيتين، هما تطوير بيئة الأعمال (النظام الأيكولوجي)، وتنمية القدرات البشرية.

أشار المهندس خالد نجم، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، إن الدولة اتخذت العديد من الخطوات الهامة التي تدعم جاهزية تبني التقنيات الجديدة من الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وغيرها على مستوى الحكومة والقطاع الخاص، فالدولة استثمرت مبالغ كبيرة في تحسين البنية التحتية، ولديها خطط للتطوير بصورة أكبر.
وأضاف أن إطلاق خدمات الجيل الخامس (5G) مؤخرا يعتبر من أهم الخطوات التي تدعم هذا الاتجاه، وتدعم استعدادات مصر للنماذج الرقمية المستقبلية، حيث سيتبع ذلك إطلاق الشركات والحكومة للعديد من التطبيقات القائمة على التقنيات المستقبلية للاستفادة من سرعات الإنترنت العالية والبنية التحتية التكنولوجية التي تسعى الدولة دائما إلى تحسينها، وأهمية تعزيز التكامل والتعاون الرقمي بين الحكومة والقطاع الخاص لتعزيز الجاهزية الرقمية، وجذب الشركات العالمية لإطلاق خدماتها في مصر، ولدينا العديد من المقومات التي تدعمنا في هذا التوجه.
وأكد خالد نجم أن الموارد البشرية هامة جدا للسير في هذا الاتجاه، من خلال التدريب وتأهيل الكوادر البشرية، حيث إن مصر تتمتع بأعلى نسبة من الشباب بالإضافة إلى توجههم إلى التكنولوجيا بصورة كبيرة، ويمكن الاستفادة من الطاقات البشرية الموجودة وتأهيلها، مضيفا أن التوعية جزء من الاستعدادات لتبني تلك التقنيات، فيجب العمل على توعية الناس بأهمية الاستفادة من هذه التقنيات لتحسين حياتهم، مؤكدا أن كل تلك الخطوات ستعزز من تسريع تبني وتطوير التكنولوجيا المتقدمة.
وتشير بيانات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى مضاعفة أعداد أبراج المحمول 5 أضعاف خلال الأعوام العشر الماضية؛ كذلك ارتفع عدد المواطنين المتصلين بالإنترنت خلال 20 عاما من 11% إلى 70%؛ ما أهل مصر لتكون ضمن مجموعة الدول الرائدة في الحكومة الرقمية بالتصنيف (A) في عام 2022 وهو يمثل أعلى فئة، وذلك في مؤشر جاهزية الحكومة الرقمية الصادر عن البنك الدولي، حيث كانت بالتصنيف (B) في 2020، والتصنيف (C) في 2018 كما تقدم ترتيب مصر 49 مركزا في مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعي.
كما يشمل مشروع تطوير البنية التحتية الرقمية في القرى ضمن “حياة كريمة” توصيل كابلات الألياف الضوئية إلى 9.3 مليون مبنى، وتطوير 1700 مكتب بريد، ونشر 3700 برج محمول، بالإضافة إلى تمكين أكثر من 500 ألف مواطن بالمهارات الرقمية، مما يعزز الشمول الرقمي في المناطق الريفية.
علاوة على ذلك، تحدد “رؤية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022-2026” ثماني قطاعات رئيسية مستهدفة خلال الفترة 2022-2026 لتحقيق أهدافها الطموحة، تتضمن مراكز الاتصال، والتصميم والتصنيع بمساعدة الحاسب الآلي (CADM)، والبرمجيات المدمجة، وخدمات الشركات، والاختبار، والخدمات المصرفية والتأمين والخدمات المالية (BFSI)، وخدمات التقنيات العالية (High-Tech).
وفي إطار دعم الاستراتيجية، تم وضع خطة تحفيزية جديدة مُحكمة الإدارة تستهدف استقطاب المستثمرين الأجانب وتعزيز ثقة السوق الدولي، وتمكين الشركات المحلية وإتاحة فرص توسعية قوية، وتشجيع تأسيس مشاريع ريادية تدعم النمو المستدام، وتعزيز التوسع في التقنيات عالية القيمة لتسريع التحول الرقمي، وزيادة فرص العمل للرجال والنساء، مع دعم التنوع والشمولية في سوق العمل.
أبرز الاتجاهات الاستراتيجية للتقنيات الناشئة
في إطار تعزيز مكانة مصر كمركز عالمي للخدمات والتقنيات الرقمية الناشئة، تسلط استراتيجية “رؤية مصر الرقمية للخدمات العابرة للحدود 2022-2026” الضوء على الترويج لمصر كوجهة جاذبة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، تحليلات البيانات المتقدمة، وتصميم الرقائق الإلكترونية والبرمجيات.
وبذلك، تحدد الاستراتيجية ثماني قطاعات رئيسية مستهدفة خلال الفترة 2022-2026 لتحقيق أهدافها الطموحة، هي مراكز الاتصال، والتصميم والتصنيع بمساعدة الحاسب الآلي (CADM)، والبرمجيات المدمجة، وخدمات الشركات، والاختبار، والخدمات المصرفية والتأمين والخدمات المالية (BFSI)، وخدمات التقنيات العالية (High-Tech).
ولا يمكن أن نغفل رؤية الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي لأهم المحاور والتقنيات الناشئة في مسيرة تنمية شركات الذكاء الاصطناعي، حيث تبنى الاستراتيجية على ركائز البنية التحتية الحوسبية، بهدف توفير قدرات حوسبية تلبى متطلبات القطاع الحكومي، وتوفير سعة للقطاع الخاص لاسيما الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة من خلال مركز الابتكار التطبيقي التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وكذلك البيانات، بهدف تنظيم وحوكمة إتاحة البيانات من خلال إطار حوكمي يتيح المزيد من البيانات للقطاع الخاص لاستخدامها فى بناء لوغاريتمات ومنظومات ذات صلة بالذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على خصوصية هذه البيانات.
يضاف إلى ذلك بناء المنظومات باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ وهو ما يتم من خلال مركز الابتكار التطبيقي والتعاون مع القطاع الخاص والشركات الناشئة في بناء منظومات تخدم مختلف قطاعات الدولة مثل الزراعة والصحة والتعليم وغيرها، ثم التركيز على الكفاءات والمهارات من خلال توسيع قاعدة الكوادر المدربة في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال مبادرات الوزارة والجهات التابعة لها لتلبية متطلبات الشركات الكبرى وكذلك الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة من الكفاءات المدربة.
وعبر وضع السياج التشريعي والحوكمي، يتم دراسة التجارب الدولية المختلفة في هذا المجال للاستفادة منها في وضع تشريع متوازن يعمل على توسيع مصفوفة الحلول التي يتم بنائها باستخدام الذكاء الاصطناعي مع حماية خصوصية البيانات؛ كما تركز الاستراتيجية على إنشاء نظام بيئي سليم للذكاء الاصطناعي من خلال دعم الشركات الناشئة المحلية وجهود الابتكار وتعزيز استثمار مؤسسات رأس المال المخاطر في مصر؛ حيث يعد من أبرز مستهدفات الاستراتيجية جذب المزيد من الاستثمارات لمصر في مجال الذكاء الاصطناعي وتنمية الشركات المحلية العاملة في هذا المجال، وتحفيز التفاعل بين الشركات العالمية والمحلية العاملة بهذا المجال.
بناء القدرات البشرية بالتعاون مع القطاع الخاص
لعل من أبرز مستهدفات النسخة الثانية من الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030 في التنمية البشرية، هو بناء قدرات 30 ألف متخصص في الذكاء الاصطناعي، ورفع الوعي حول الذكاء الاصطناعي بين فئات المجتمع بهدف تمكين نحو 26% من القوى العاملة في مصر من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، وأن يستخدم حوالي 36% من المواطنين تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والوصول إلى أكثر من 250 شركة تعمل فى مجال الذكاء الاصطناعي، مع الاهتمام بالبحث والتطوير ودعم البحث العلمي في هذه التقنيات.
وعندما تستعرض الدكتورة هدى بركة، مستشار وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتنمية المهارات التكنولوجية، جهود الدولة في تبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي منذ عام 2019، فإنها تشير إلى التواصل مع كافة قطاعات الدولة بهدف تحليل الاحتياجات الفعلية لكل قطاع من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وبالتالي وضع قائمة بالقطاعات المستهدفة، وأبرز الاستخدامات ذات الأولوية ومن ثم وضع خطط تنفيذية لتطوير تطبيقات باستخدام الذكاء الاصطناعي تخدم هذه القطاعات، وعرضها على شركات القطاع الخاص للتعاون في تنفيذها.
كيف يمكن للدولة توفير الموارد المالية المطلوبة لتعزيز الجاهزية الرقمية؟
يأتي الجواب على لسان المهندس أحمد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا)، وفق تصريحات إعلامية، حيث يؤكد أن الهيئة تعمل على ربط جميع الأطراف الفاعلة في بيئة ريادة الأعمال، من جانب الحكومة وشركات ناشئة ومستثمرين، وشركات ومؤسسات كبرى لاستكشاف فرص التعاون والتعرف على تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي وفهم احتياجات السوق؛ مشيرا إلى دعم “إيتيدا” للشركات عبر بيئة أعمال متكاملة وبرامج تدريبية متخصصة، لافتًا إلى أن الهيئة طوّرت جميع برامجها المعنية ببناء القدرات وتطوير المهارات لتواكب المتطلبات حيث توفر من خلال مركز تقييم واعتماد هندسة البرمجيات (SECC) التابع لها، برامج تدريبية فى هندسة المتطلبات، وتطوير واختبار البرمجيات بأدوات الذكاء الاصطناعي، والاستخدام المسؤول له، إلى جانب شهادات احترافية معتمدة دوليًا.
وأضاف الظاهر أن الهيئة تواصلت مع 37 شركة ناشئة، حيث تمحورت التحديات حول نقص المهارات المتخصصة، وهو ما تعمل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وكافة الجهات التابعة على معالجته ببرامج تدريبية متقدمة، وتأتي هذه الجهود ضمن استراتيجية الهيئة لتعزيز بيئة الذكاء الاصطناعي، وسد فجوة المهارات محليًا وعالميًا، مما يعزز مكانة مصر كمركز للخدمات التكنولوجية عالية القيمة.
وبحسب، أمل عنان، الشريك الإداري لشركة 500 جلوبال، فإن الشركة المتخصصة في الاستثمار في رأس مال المخاطر استثمرت في مصر حتى الآن في أكثر من 65 شركة، ويتم العمل على التوسع فى استثماراتها في مصر بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، مشيرة إلى أنه يوجد حاليا نحو 157شركة مشاركة في البرامج المختلفة المقدمة من شركة 500 جلوبال لدعم وتنمية الشركات الناشئة فى مختلف مراحلها، مؤكدة اهتمام الشركة بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أنشطة الشركات الناشئة في ضوء تزايد الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي وما يوفره من فرص وما ينتج عنه من تحديات.
واحتل الحديث عن التمويل جزءا رئيسيا من مؤتمر “كايسك للأمن السيبراني” (CAISEC 2025)، والذي عقد مؤخرا بالقاهرة، حيث صرح الدكتور محمد أيمن عاشور، وزير التعليم العالي، برصد 500 مليون جنيه لدعم الابتكار في الأمن الرقمي، وأن 20% من استثمارات التحول الرقمي مخصصة لتأمين البنية التحتية للجامعات، ما يشير إلى اهتمام حكومي يلبي التوقعات في هذه المجالات التقنية شديدة الأهمية.

وأكد الدكتور محمد الحارثي، المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، أن توطين الصناعة الرقمية وتصنيع الحلول التقنية محليًا أحد أهم الركائز الاستراتيجية لتعزيز السيادة الرقمية وتوفير حلول تكنولوجية تتماشى مع خصوصية السوق المحلي، وتلبّي في الوقت ذاته معايير المنافسة العالمية.
وسلط الضوء في هذا السياق، على أهمية الاعتماد شبه الكامل على الشركات المصرية المتخصصة، وتقديم حوافز تشجيعية للقطاع الخاص، لتمكينه من قيادة جهود الابتكار وتطوير الحلول الذكية، بما يساهم في خلق قيمة اقتصادية مضافة ويعزز من القدرة التصديرية الرقمية للدولة.
كما شدد على أهمية توفير آليات تمويل مرنة ومبتكرة، سواء عبر صناديق استثمار وطنية أو من خلال شراكات دولية، قائلاً إنها تشكّل عنصرًا حاسمًا في تسريع تبني التكنولوجيا المتقدمة، لافتاً إلى أن الجامعات ومراكز البحوث تلعبان دورًا محوريًا في هذا المشهد، من خلال التحول من أدوارها التقليدية إلى شريك بحثي وتطبيقي يساهم في إنتاج المعرفة وتطوير النماذج التقنية محليًا.
هل نحتاج لحوار مجتمعي حول مستجدات ومستقبل التحول الرقمي؟
لا تدخر وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جهدا لعقد نقاشات مطولة مع الخبراء التقنيين وشركات القطاع الخاص حول مستجدات ومستقبل التحول الرقمي، ومن أبرزها فعاليات ملتقى “تشكيل آفاق الذكاء الاصطناعي فى مصر”، الذي نظمته هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا” بالتعاون مع شركة 500 Global فى مركز إبداع مصر الرقمية الجيزة.
ومثل الملتقى جزءا من حرص وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على مناقشة محاور الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (2025-2030) مع القطاع الخاص وكافة الجهات المعنية، وتسليط الضوء على أهمية الاستراتيجية في دعم ريادة الأعمال والاستثمار في هذه التقنيات.
وبحسب تصريحات رسمية للدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فإن الوزارة حريصة على عقد لقاءات دورية مع مختلف عناصر قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للتعرف على متطلباتها، مشيرا الى تعاظم الدور الحيوي للذكاء الاصطناعي فى مختلف القطاعات بشكل مستمر.
وبحسب الوزير، فإن الوزارة تستهدف دوما خلق حوار بين عناصر منظومة الذكاء الاصطناعي في مصر، بما في ذلك القطاع الحكومي والشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة والمجتمع المدني وشركات القطاع الخاص المعنية برعاية والاستثمار في الشركات الناشئة، بالإضافة إلى ممثلي أبرز القطاعات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهى قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والصحة القطاع المصرفي، بهدف تمكين الشركات الناشئة من التعرف على متطلبات هذه القطاعات وتصميم حلول لها ترتكز على الذكاء الاصطناعي، وبالتالي دعم الشركات الناشئة العاملة بهذا المجال.
وكما يقول الدكتور محمد الحارثي، المتخصص في تكنولوجيا المعلومات، فإنه في ظل هذه التغيرات المتسارعة، تبرز الحاجة إلى فتح مساحة حوار مجتمعي مؤسسي بين القيادات الرقمية، وصناع القرار، والمجتمع الأكاديمي، والقطاع الخاص، بهدف مناقشة مستجدات التحول الرقمي، واستشراف مستقبل النماذج الرقمية، وبحث سبل تعزيز التكامل الرقمي لخدمة المجتمع، ودفع عجلة التنمية الوطنية نحو اقتصاد رقمي قوي ومستدام.